كشفت صحيفة “غارديان” البريطانية، أن الولايات المتحدة “أعطت الضوء الأخضر – غير الرسمي – للسعودية، لمحاولة إحياء اتفاق سلام مع الحوثيين في اليمن”.
وقالت الصحيفة إن ذلك يرجع إلى “حرص واشنطن على إبقاء الرياض منخرطة في عملية سلام مرتقبة مع إسرائيل”، في إشارة إلى المحادثات الجارية بقيادة الولايات المتحدة، لتطبيع العلاقات بين الرياض وإسرائيل.
وأضافت “غارديان” أن “واشنطن تبدو أكثر تقبلا لتعجل السعوديين للتوصل إلى اتفاق في اليمن، كما أنها تحتاج إلى دعم سعودي لإنهاء الصراع في غزة، مما يفتح مجالا دبلوماسيا لها لإقناع السعوديين بالموافقة على اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهي خطوات قد تضعف نفوذ إيران في المنطقة”.
وحسب الصحيفة، فإنه “في المقابل، طرحت واشنطن حوافز لإقناع الحوثيين بوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، بما في ذلك تسريع محادثات خارطة الطريق ورفع القيود المفروضة على تجارتهم”.
في ظل التوترات الإقليمية.. ما مصير فرص السلام في اليمن؟
“فرص معدومة” هكذا وصف محللون “فرص السلام في اليمين” بسبب التوترات الإقليمية التي تحدث في المنطقة، حيث يصعد الحوثيون من ضرباتهم على السفن في البحر الأحمر.
ماذا يريد الحوثيون؟
وتم الاتفاق على خارطة طريق الأمم المتحدة المقترحة لليمن في مراحلها الأولية مطلع ديسمبر الماضي، لكن وفق “غارديان”، تعطل التقدم في تنفيذها مع تصعيد الحوثيين لحملتهم في الهجوم على السفن بالبحر الأحمر، والتي يعتبروها بمثابة “تضامن مع الفلسطينيين”.
ووفق الصحيفة، فإن “خارطة طريق الأمم المتحدة تعكس إلى حد كبير محادثات السلام الثنائية السرية السابقة بين السعوديين والحوثيين، لكن هذه الصفقة لم تُعرض قط على الحكومة (اليمنية) المدعومة من الأمم المتحدة والتي تتخذ من عدن مقرا لها”.
وفي ديسمبر الماضي، رحبت وزارة الخارجية السعودية بالبيان الصادر عن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، “بشأن التوصل إلى خارطة طريق لدعم مسار السلام”.
وقالت “غارديان” إنه “يبدو أن الحوثيين يريدون أيضا توقيع الصفقة، سواء مع الأمم المتحدة أو ثنائيا مع السعوديين”.
وأضافت الصحيفة: “السعودية، بدعم من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، تريد المضي قدما بخارطة الطريق، على الرغم من أنها قد تؤدي إلى تسليم مبالغ كبيرة من المال للحوثيين، الذين سيحصلون أيضا في النهاية على مكان دائم في حكومة وحدة وطنية مقترحة”.
وفي اجتماع، الإثنين، أبلغ غروندبرغ الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في عدن والمناهضة للحوثيين، بأن محادثات السلام “يجب أن تمضي قدما”.
كما قال إنه “أخبر الحوثيين بأنه لا يستطيع تصور توقيع خارطة الطريق إذا استمرت هجمات البحر الأحمر”.
مسؤول أميركي: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تقوض السلام باليمن
صرح المبعوث الأميركي الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، بأن الضربات العسكرية الأميركية ضد جماعة أنصار الله الحوثيين، المدرجة على اللائحة الأميركية للمنظمات الإرهابية، تعيقهم لكن الحل يجب أن يكون دبلوماسيا.
وبسبب حملة الهجمات التي شنها الحوثيون، والتي قدّرتها قيادتهم بـ 112 هجوما قبل أسبوع، شهدت التجارة البحرية عبر البحر الأحمر انخفاضا حادا، مع ارتفاع تكاليف التأمين بشكل ملحوظ، وفق “غارديان”.
ولم يكن الكثير من السفن التي هاجموها إسرائيلية أو متجهة إلى إسرائيل.
وتحاول الولايات المتحدة وبريطانيا تقليص القدرات الصاروخية للحوثيين، من خلال شن ضربات على أهداف عسكرية تابعة للجماعة اليمنية المعومة من إيران.
موقف الحكومة المعترف بها
في المقابل، أبدى قادة الحكومة التي تتخذ من عدن مقرا مؤقتا لها، قلقهم من أي اتفاق، الثلاثاء، قائلين إن “أية خارطة طريق يجب أن يعاد تقييمها” حتى تكون مقبولة لديهم.
وفي إفادة صحفية، حدد عمرو البيض، وهو مسؤول كبير في المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي يعتبر جزءا رئيسيا من الحكومة في عدن، “شرطان رئيسيان للموافقة على خارطة الطريق”.
وطالب البيض وفق “غارديان”، بـ”مزيد من الشفافية حول خارطة الطريق نفسها، إلى جانب وقف إطلاق نار تحت إشراف الأمم المتحدة داخل اليمن، ووقف هجمات الحوثيين على طريق الشحن العالمي”.
واندلع النزاع في اليمن عام 2014، حين سيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق شاسعة في شمال البلاد، من بينها العاصمة صنعاء. وفي العام التالي، تدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعما للحكومة الشرعية، مما فاقم النزاع الذي خلف آلاف القتلى.
وأدى اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة والذي دخل حيز التنفيذ في أبريل 2022، إلى انخفاض ملحوظ في الأعمال العدائية. وانتهت الهدنة في أكتوبر من العام الماضي، غير أن القتال لا يزال معلّقا إلى حد كبير.
بين الردع أو مواصلة الدفاع.. ما خيارات الغرب أمام هجمات الحوثيين؟
مع تصاعد التوتر على طريق الشحن البحري الأسرع والأقل كلفة بين آسيا وأوروبا، تبدو خيارات الغرب للرد على هجمات المتمردين اليمنيين في البحر الأحمر، محدودة، وفق خبراء يؤكدون أن خيارا عسكريا ضد الحوثيين في اليمن قد لا يُفضي إلى النتائج المرجوّة.