على متن المدمرة الأميركية “يو أس أس ماسون” في البحر الأحمر، يجلس بعض الضباط داخل غرفة تحكم بلا نوافذ لساعات متواصلة، ويحدقون في شاشات الرادار بحثا عن أي علامة على وجود تهديد وارد.
وفي لحظة مفاجئة يظهر على الشاشة ما ينبئ بوجود تهديد، فيكون لدى الضباط الموجودين على متن هذه السفينة الحربية أقل من 15 ثانية فقط لتقييم الوضع وإسقاط التهديد سواء كان صاروخا أو مسيرة قادمة.
والسفينة ماسون هي جزء من مجموعة هجومية تابعة للبحرية الأميركية تم نشرها في المنطقة في الأيام التي أعقبت هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر على تجمعات سكنية إسرائيلية على الحدود مع غزة.
ويقول القائد العسكري المسؤول على متن المدمرة الحربية جاستن سميث “لدي حوالي 10 إلى 15 ثانية من وقت اتخاذ القرار للتأكد من أن لدي القدرة على الدفاع بنجاح عن ماسون و330 من أفراد الطاقم والبحارة الموجودين على متن السفينة”.
ومنذ أكتوبر، شنت جماعة الحوثي في اليمن التي تصنفها واشنطن إرهابية، أكثر من 40 هجوما بطائرات بدون طيار وصواريخ ضد السفن في الممر المائي الحيوي الذي يفصل بين أفريقيا وآسيا.
وأدت هذه الضربات إلى تعطيل التجارة العالمية وزيادة التوترات في المنطقة وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة بأنها منظمة إرهابية.
دفعت المخاوف الأمنية شركات الشحن وبعض شركات الطاقة إلى إعادة توجيه السفن حول الطرف الجنوبي لأفريقيا بدلا من المرور عبر قناة السويس في الطرف الشمالي للبحر الأحمر. وهذا يؤدي إلى إطالة الرحلة إلى أوروبا من الموردين في الشرق الأوسط، لمدة أسبوع أو أكثر وزيادة التكاليف.
ولطالما دافعت السفن الحربية البحرية مثل ماسون ضد طوربيدات وصواريخ سطحية، لكنها تواجه الآن تهديدا جديدا، يتمثل في الصواريخ الباليستية المضادة للسفن.
وتسافر هذه الصواريخ الباليستية مئات الأميال وتهبط من السماء بسرعات غير عادية.
تنقل شبكة أن بي سي نيوز عن قائد المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات 2 مارك ميغويز: “ربما يكون هذا أحد أكثر التهديدات فتكا التي نواجهها يوميا هنا. إنها المرة الأولى في التاريخ الحديث، على ما أعتقد، أن لدينا جهة غير حكومية أو دولة تستخدم الصواريخ الباليستية لاستهداف الشحن”.
وقال الجيش الأميركي، الأربعاء، إن المتمردين الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، شنوا “عدة هجمات صاروخية”، الثلاثاء، ضد سفينتين في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، مشيرا إلى أنه أسقط صاروخا باليستيا بنجاح ووقع آخر بالقرب من سفينة “أم في ستار ناسيا” مما تسبب في أضرار طفيفة دون وقوع إصابات، في حين أن أربعة صواريخ أخرى سقطت في المياه القريبة من السفينتين.
ولمحاولة ردع الوحثيين، شنّت القوات الأميركية والبريطانية 3 موجات ضربات على مواقع تابعة لهم في اليمن منذ 12 يناير الماضي. وينفذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات على صواريخ يقول إنها معدة للإطلاق.
وإثر الضربات الغربية، بدأ الحوثيون استهداف السفن الأميركية والبريطانية في المنطقة.
وأصدر المسلحون الحوثيون بيانات متحدية بعد الضربات، وتعهدوا بمواصلة هجماتهم في البحر الأحمر حتى توقف إسرائيل حملتها العسكرية في قطاع غزة.
وفي الوقت نفسه، يظل الضباط والطاقم على متن السفينة ماسون في حالة تأهب قصوى، بحسب الشبكة.
وقال ديفيد كولز الذي يقود تحالف “حارس الازدهار” لحماية الملاحة البحرية: “إنها بيئة مكثفة وسريعة الوتيرة هنا، لكن البحارة وطاقمي مجهزون تماما ليكونوا قادرين على التعامل مع هذا النشاط العالي والبيئة الديناميكية للغاية هنا”.