يروي لنا التاريخ، أن العام 1765 لم يشأ المغادرة دون أن يترك بصمته الدائمة، ففي تلك الأجواء العالمية المشحونة بالحروب والنزاعات الاستعمارية، نجح العالِم الأسكتلندي “جيمس واط” في تسيير المحركات بقوة البخار، ومنذ ذلك الحين انطلقت الشرارة الأولى للثورة الصناعية.
هذا ما تخبرنا به الأنباء المتواترة.. أما ما توارى في البعد، فهو الآثار الجانبية لهذه القوى الناشئة، والتي يتكدس محتواها وينمو باطراد كلما توغل مسار الزمن، وازداد تشعب سنواته المتلاحقة، فالمؤشرات العلمية تشير إلى حلول غاز ثاني أكسيد الكربون، ضيفا ثقيل المعشر على الغلاف الجوي، ومن ثم أصبح رداء للسماء، عامرا بالثقوب الأوزونية، التي تحتاج بلا شك، إلى عملية إنقاذ عاجلة، فمن يكون هذا العدو؟ وكيف تمكن من إحراز انتصاراته المتوالية على رقعة كوكبنا الأرضي؟
تكمن الإجابة عن الأسئلة السابق ذكرها بين ثنايا الفيلم الوثائقي “إزالة الكربون.. سباق مع الزمن”، الذي عرضته قناة الجزيرة الوثائقية.
حيث تخبرنا الأبحاث والدراسات العلمية الراسخة في هذا الشأن، بأن التطور الصناعي والرفاهيات التكنولوجية التي يحيا الإنسان بين خيراتها، تملك وجها مغايرا عما ندركه، ساهم -بدأب يبعث على الدهشة- في إصابة العنصر الأبرز من عوامل الحياة بالعطب، فقد تلوث الهواء، وأصبح مثقلا بما لا يعد ولا يحصى بأطنان من غاز الكربون، الذي سيلعب دوره المأساوي، في تدمير ما تبقى من قوى طبيعية، لا تزال قيد معركتها الوجودية.
فالفيلم يبدو مهموما باقتحام عالم الصراعات البيئية، والتي تدور رحاها، من أجل الحفاظ على سلامة وديمومة الحياة البشرية، عبر إزاحة الستار عن التأثيرات المباشرة الناتجة عن تنامي معدلات الكربون، وما يوازي هذه التكتلات الهوائية الملوثة، من استعدادات بشرية للوقوف أمام هذا الغزو المحتمل، هذا ما يدور في الطبقة المباشرة من الطرح الفكري للفيلم.
أما ما يُغزل على مهل بين سطور السرد، فيقع بين قوسي التساؤلات المؤرقة عن الجانب الخفي للحضارة الإنسانية، التي تشكل أولويات التطور الصناعي صدارة الاهتمام في صفحاتها الممتدة، غير عابئة بصرخات باقي الموجودات الطبيعية، المهددة بالتجاهل والإهمال المتعمد.
ترى هل سيتمكن الإنسان من عقد مصالحة توافقية مع الطبيعة؟ وإذا جرت وقائع هذه المعاهدة؟ ما هي بنودها؟ وما هي الالتزامات الواجبة من جانب هذا الطرف الإنساني؟
حلقة نقاشية.. الحكم بعد المداولة
لقطات مقربة لكوكب الأرض، تتداخل مع أخرى ترصد المظاهر الطبيعية، ثم ينطلق التعليق الصوتي ينذرنا بالمخاطر الموشكة على حصار الإنسان في عقر داره الأرضي، والسبب ليس إلا التغيرات المناخية، التي ستدفع الجليد المتراكم في القطب الشمالي، إلى مصيره الذوباني، والذي سيرافقه ارتفاع ملحوظ لمنسوب البحار، حينها ستفصح الأرض عن غضبها المكلوم. لكن التعليق لا يتركنا فريسة لهذه الأفكار التشاؤمية، فلا يزال في الوقت متسع للهروب من هذا الكارثة المنتظرة.
وهكذا يبدأ الفيلم مشاهده الأولى، دون سابق تمهيد، وبما يتوافق بطريقة أو بأخرى مع عنوانه وموضوعه، فالرغبة المتسارعة في إنقاذ معالم الحياة الإنسانية، تلقي بظلالها على أسلوب السرد، الذي جاء هو الآخر لاهث الإيقاع، فلا وقت للتقديم المبدئي، فالمعلومات ستتوالى تباعا، وفق بناء محكمة أوصاله، مطعم بالتساؤلات المشروعة عن كيفية مجابهة هذه التحديات.
لجأ الفيلم إلى حيلة شكلية مبتكرة، للتعبير عن مضمونه وأفكاره، فالبناء العام يقوم على الاستعانة بثلاث شخصيات، لكل منها تاريخه المهني المرموق والمعني بهذه المعضلة البيئية، ترافقهم الكاميرا خلال وقائع الاجتماع، للبحث في سبل مواجهة هذا الانحراف الطبيعي، نتابع بصحبتهم، أحدث الأفكار المعنية، بمواجهة سلطان الكربون المنتشر في الأجواء الهوائية، ننطلق في رحلة علمية من هذا البلد إلى ذاك، فنكتشف معهم الأسلحة العلمية المتاحة، الحديث منها، أو المبعوث من القدم، فالمعركة محتدمة بين عناصر الطبيعة وبعضها البعض، والإنسان في المنتصف، يبحث عن منفذ آمن يلوذ به.
ومن ثم اعتمد البناء السردي على الاندماج بين المشاهد الأرشيفية للتجارب المعملية المصورة، وما يرافقها من مشاهد ثلاثية الأبعاد، سعيا لتدعيم أواصر الفهم مع المتفرج، ثم تلتقي هذه المواد مع المشاهد الحية لاجتماع العلماء الثلاثة، كل منهم يقيم وفق المحددات والمعطيات العلمية التجارب السابق عرضها، وكأننا أمام قاعة مداولة، يبحث فيها عن حكم ناجع لهذه القضية، التي تترامي حدودها بعيدا.
رحلات مكوكية.. أبحاث وتجارب
بعد أن يجتمع العلماء الثلاثة داخل قاعة المداولة، يكشف الفيلم تدريجيا عن هويتهم ومنجزهم العلمي، فمن حق المشاهد أن يدرك لمن سينصت، وهنا نلتقي على منصة الحكم مع الدكتورة “جينفر ويلكوكس” المهندسة الكيميائية ووزيرة الكربون في الحكومة الأمريكية، ثم تتجه الكاميرا إلى البروفيسورة “يوليا بونغراتز” الباحثة في علوم المناخ، أما عضو لجنة الحكم الثالث، فهو البروفيسور “يان مينكس” الباحث في معهد “ميركاتور” للتغير المناخي، ولكل منهم رؤيته المدججة بما سبق من دراسات وأبحاث علمية.
ويبدأ العلماء الثلاثة مباشرة في ممارسة حقهم الديمقراطي، عبر متابعة التجارب الضالع محتواها، في الحد من انبعاث الغازات الكربونية، والتي ستؤثر حتما على الوجود الإنساني. وتصحبنا الكاميرا في هذه الأجواء الحماسية، نحو المحطة الأولى في هذه الرحلة، إذ ستحط رحالها في مدينة “فورت” في ألمانيا.
وهنا تكشف المشاهد المتوالية عن المساحات الأرضية المغطاة بالأحجار والصخور المطحونة فوقها، والتي ستتلامس طفيفا مع المياه، حينها ستتمكن هذه الصخور من حجز القدر الأكبر من الانبعاثات الكربونية، فكرة قد تبدو جديدة المنشأ، لكن ما هي إلا إعادة إحياء لأساليب الطبيعة المتوارثة، في التخلص من الغازات الضارة، وهنا يطرأ سؤال جوهري، ما هي فاعلية هذه التجربة الوليدة؟
ثم تعود الكاميرا لغرفة المناقشة، حيث ستتباين الآراء الواردة عن جدوى ما شاهدناه، منهم من يؤكد فعاليتها، بينما الجانب الآخر يتبنى الوجهة المعاكسة، والتي ترى أن هذه المساحة المغطاة بالصخور، لا تكفي سوى لاحتواء الانبعاثات الكربونية لبضع مئات من الأفراد، ومن ثم تبدو الحاجة لمساحات أكثر براحا، رهينة عوامل أخرى، تصبح عندها التجربة مقيدة التنفيذ، لكن هذه الفكرة قد جرى تطويرها في بقعة أخرى.
بعدها نتنقل إلى أيسلندا، حيث نذهب في زيارة سريعة إلى منشأة تفريغ الغازات الكربونية، والتي تعد الأكبر من نوعها عالميا، فنحن أمام تجربة فريدة، حيث يجذب الهواء المحمل بالكربون عبر فوهات هائلة الحجم، ثم يعاد ضخ هذه الكتل الهوائية عبر الأنابيب الداخلية، حينها ستقوم المصفاة الداخلية، بالأعمال الموكلة إليها من تنقية وفرز، والتي سينطلق جزؤها الكربوني الأهم، عبر سراديب أرضية عميقة الأطوال، هنالك ستندمج هذه المكونات الكربونية، مع زميلاتها من باقي الغازات المطمورة في باطن التربة، والتي سينشأ عنها فيما بعد ما يطلق عليه كربونات الصوديوم.
وهكذا يستكمل الفيلم استعراض قبسات من هذه التجارب الثرية، والتي إن كانت تكشف في جانب منها، عن سعي الإنسان لمعاودة أواصر الصداقة مع الطبيعة، إلا أن الاقتباس من الوسائل الدفاعية الطبيعية، يعد سمة مشتركة في هذه الإجراءات.
اكتفاء ذاتي.. الطبيعة تجدد روحها
يواصل السرد إزاحة الستار عما خفي من تجارب وأبحاث، إلا أن ما يثير الدهشة حقا، هو أن هذه المحاولات التي لا تخلو من جهد صادق، تعود أصولها إلى الطبيعة، التي تمارس حقها الكامل في تجديد هويتها، ومن ثم يعاد بعثها مجددة الرونق، يخبرنا الحكي، بأن الحمم والشظايا البركانية، تحوي بين طياتها المستعرة تلك الصخور البازلتية الصلدة، والتي ستنطلق نحو حيزها الأرضي الجديد، في انتظار قطرات الأمطار، التي ستتلقفها الصخور بلهفة، حينها سيحجز الغاز الكربوني بين هذه المساحات الشاسعة.
ليس هذا فحسب، فالمساحات الخضراء الممثلة في الغابات، تملك هي الأخرى سلاحا فتاكا لمواجهة الأخطار الكربونية، وعندها يمكن إدراك سر التوسعات الزراعية المترامية الأطراف، بحثا عن إعانات طبيعية لمواجهة غزوات الكربون المحتملة، ولا تقف هذه القدرة عند الغابات الجافة فقط، لكن أثرها يمتد إلى الأراضي الرطبة، التي تحوي هي الأخرى قوة داخلية تأسر الانبعاثات الكربونية بين حدودها الخضراء المغلفة بالمياه الراكدة.
وهنا ترافقنا الكاميرا في رحلة إلى المحيطات الشاسعة الامتداد، والمتضمن بين أعماقها الدفينة، العديد من النباتات المتباينة أنواعها، والتي تعد حصونا دفاعية عن الكوكب الأرضي، ومن ثم يبدو التنسيق اللا مقصود بين المسطحات الطبيعية وبعضها البعض، واضحا وجليا، ويعمل وفق إطار غير محسوس، وقد لا نقف على تفاصيله المعقدة، لكن ما يطفو على نطاق رؤيتنا، هو قدرة الطبيعة لا على التكامل بين أعضائها، بما يسمح بتكوين خلايا دفاعية ذاتية المنشأ فحسب، لكن رغبة القوى الطبيعية الدائمة في التجديد، وإعادة البناء.
وإزاء المحاولات الإنسانية المشروعة نحو العمران والتطور الصناعي، أصبحت الطبيعة في مرمى الخطر، وبالتالي أصبحت قوتها المضادة مهددة بالهزيمة أمام تلك الهجمات المباغتة، فانبعاثات الكربون، يزداد منسوبها المتنامي خطره طرديا، كلما تعاظمت القوة الاقتصادية.
لغة الأرقام.. درب الثراء المكلل بالدماء
يستعرض الفيلم التجارب الدولية والفردية، في مجال مكافحة الانبعاثات الكربونية، فتصحبنا الكاميرا من الغرب الأوروبي إلي شماله، كاشفة عن مساع حسنة النوايا، إلا أنها ما تزال مبتورة الأثر، فالمحاولات المعروضة، بالتأكيد تملك قدرتها الفياضة على المقاومة، لكنها تفتقد -وهذا الأهم- إلى الإرادة السياسية، التي تكفي فاعلية قرارتها المؤثرة، في تقديم ما يلزم من مساعدات حاسمة، يمكن من خلالها إعادة بث الأمل في الحياة مجددا.
وهنا يشق السرد دون مواربة العلاقة بين السلطة والعلماء، والتي تتوالى معالمها في ديمومة مكررة، من زمن لآخر، إذ يخبرنا التعليق الصوتي المرافق، أن الأزمة المناخية التي تهدد المصير الإنساني، يمكن بمنتهى السهولة واليسر، أن تجد طريقها إلى الانتفاء الفوري، لكن القرار السياسي دوما ما يفقد بوصلة اتجاهه، بين تلال المناقشات والقرارات، الباحثة عن شجاعة التوقيع.
وعند هذه النقطة ننتقل إلى آسيا، وتحديدا في الحيز الجغرافي الواقع بين الحدود الهندية البنغالية؛ “سونداربانس”، تلك المدينة الحائزة على تصنيف التراث العالمي، بأشجار غاباتها المائية النادرة، والتي تعد بيئة ملائمة لمزارع الروبيان (الجمبري)، بما يهدد إرث المنطقة الطبيعي، الأشبه بحائط دفاع مجاني، لا يستهان بقدرته في مواجهة حجافل الكربون السوداء، عندئذ تطفو على السطح، العلاقة الحساسة بين رأس المال والقوى الطبيعية.
تقتحم الكاميرا الحياة في هذه المدينة، التي وصلت معدلات الفقر فيها درجات غير مسبوقة، ومن ثم تصبح الرغبة في تحسين الوضع المادي، هي المسيطرة، وكلما أصيب الوضع الاقتصادي بالتراخي، تداعت أنياب الاستغلال حول مقدرات الطبيعة، تنهش فيها بشراهة، ولا تقف حدود السرد عند هذه الرقعة، للتعبير عن سطوة رأس المال، لكنه ينطلق إلى آفاق أكثر رحابة، حيث الغابات الأوروبية، التي تواجه بمفردها ماكينات هدم الأشجار، ومن ثم يصبح الإنسان مدفوعا بجشع لا يضاهي، عاريا أمام هجوم القوات الكربونية، في صراع يعاني نقصا ملحوظا في المعدات الدفاعية.
البحث عن منفذ آمن.. صراع وجودي
يطلعنا التعليق الصوتي على أبرز الطرق والوسائل، المستعان بها في عمليات تقليص الانبعاثات الكربونية، لكن ما يثير بواعث الصدمة، هو أن هذه الطرق وحدها لا يزال تأثيرها محدود القيمة، بينما خريطة الزمن تواصل التقدم للأمام، بما يشكل تهديدا مستمر التواجد، فالإنسان في هذه المعادلة، يبدو محصورا بين جدران معركة وجودية، فالتزايد المطرد للغاز الكربوني يشكل قوة مضادة للوجود الإنساني، ستدفع لا محالة حافة الحياة نحو الانهيار المحقق.
وعليه، فلا بد من تكثيف الجهود المشتركة في هذا المجال، وهذا ما يشير إليه العلماء الثلاثة في معرض حديثهم المتشعب الزوايا والاتجاهات، والذي يكشف في جانب منه، عن الخفايا المستترة لهذا التوغل الكربوني، إذ يمكن تحويله عبر عمليات معقدة وباهظة التكلفة، إلى خامات وسلع صناعية، وعندها يمكن تدعيم تلك المعارك الدائمة بالوسائل السلمية.
فدائرة الصراع بين الإنسان ومقدرات الطبيعة، لا تهدأ وتيرة دورانها، الإنسان الباحث عن سبل متجددة للاستغلال الأمثل للهبات الإلهية، بينما تقبع الطبيعة في شرنقتها الذاتية، خشية أن تتلامس تضاريسها وثرواتها بما يهدد عرش سلطانها، لكن ما يرغب الفيلم في قوله والتعبير عنه، هو تبدل زاوية الرؤية، فإذا كان الماضي محملا بصورة تقليدية عن الصراع البشري الطبيعي، فالواقع اليوم يخبرنا بأن كلا من هذا الطرف وذاك، تلاقت أهدافهما سويا، فالرغبة في الاحتفاظ بقدر ملائم من الأمان المعيشي، يشكل دافعا مثاليا نحو مواصلة الاتحاد والاندماج التلقائي بين الأطراف المتنازعة، في تلك المعركة متعددة الاتجاهات.
ثغور دفاعية.. تعددت الأمكنة والهدف واحد
تنتقل الكاميرا بحيوية ورشاقة على الخريطة العالمية، فقد تباينت الأمكنة وتعددت أبحاثها العلمية، إذ نلتقي على رقعة السرد البالغ الممتد على ما يزيد على الخمسين دقيقة، بنحو تسعة أمكنة، لكل منها رصيدها المناسب من التجربة والخطأ، في مجال مواجهة الاحتباس الحراري، كما أن لكل من هذه المدن رؤيتها الذاتية في المواجهة، والتي تستند في جوهرها إلى كنوزها الطبيعية المستترة، والتي يعاد تدويرها مرة أخرى في نسيج هذه المعركة.
المثال الأبرز يقع في ألمانيا، ففي “هامبورج” تجرى التجارب الوليدة للبناء بالأخشاب، القادرة خلاياه الدفينة، على امتصاص القدر الأكبر من الكربون، وفيما بعد سيتم تطويع هذه التجربة على نطاق أكثر اتساعا، في مدينة “سكسونيا” في الشرق الألماني، حيث اللجوء إلى النشارة الخشبية التي تغطي المساحات الممتدة للأراضي الرطبة، حينها تتعزز القدرة الذاتية للمياه الراكدة، على اصطياد النسبة الأكبر من هذا الغاز الكربوني.
من هذا المكان إلى ذاك، يواصل السرد تقديم أوراقه الثبوتية، وفي توازي أضلاعه، تتضح عناصر المشهد الحالي، عن احتلال الغازات الكربونية للمسطحات الجوية، كاشفا عن تلك الوسائل الدفاعية، التي يبدو بعضها مدعوما بسجل كثيف للنجاحات السابقة، والبعض الآخر لا يزال قيد التطوير. ومن بين طيات هذا النظريات المتشعبة، تنبعث الأسئلة الواحد تلو الآخر، ترى ما هي فاعلية هذه المواد الدفاعية للحماية من الهجمات المتكررة للغاز الكربوني؟ وهل لايزال في السياق الزمني ما يكفي ويفيض للمواجهة؟
كل هذه الأسئلة وأكثر تترى بين نسيج الفيلم، الذي يبعث مضمونه على التفكير والتأمل، لا في المصير المنتظر للبشرية، لكن نحو ما هو أعمق، إلى الآثار المستترة للحضارة الإنسانية، التي تتناسب منجزاتها الإبداعية عكسيا مع عمر كوكبنا الأرضي.
فالواقع الذي يبث مضمونه بين طيات الفيلم، أن الطبيعة تخفي بين بنيان جمالها البراق، وجها غاضبا، يطفو عبوسه حينما يصل منسوب التجاهل إلى الدرجات القصوى، ومن ثم تحتاج هي الأخرى إلى من يربت بحنو عليها، ويهدهد مخاوفها، فيا ترى هل هنالك من ينصت لأنين كوكبنا؟