في مشهد يجسد الانفتاح الثقافي، استقبلت حديقة السويدي في الرياض فعاليّات “أيام الفلبين”، ضمن مبادرة “تعزيز التواصل مع المقيمين”، التي أطلقتها وزارة الإعلام بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه تحت شعار “انسجام عالمي”، إذ استطاعت هذه المبادرة أن تجمع بين ثقافات متباينة وأناس من خلفيات متعددة، في أجواء احتفالية عالمية ترمز إلى التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه المملكة على أراضيها.
حكايات ثقافية على المسرح الرئيسي
المشهد في حديقة السويدي كان أشبه بمهرجان ثقافي عالمي، حيث زينت ألوان الثقافة الفلبينية المكان بأكمله، وأخذ الزوار جولة من نوع خاص في رحلة بين التقاليد والحداثة.
وعلى خشبة المسرح الرئيسي، تناوبت الفرق الفنية الفلبينية على تقديم عروض ساحرة مزجت بين الرقصات التقليدية والموسيقى الحية التي أسرَت الحضور، فكل رقصة كانت بمثابة لوحة بصرية تعكس تنوع الثقافة الفلبينية التي تمتد لآلاف السنين، مفعمة بالألوان والتقاليد التي تحكي قصصًا من الملاحم القديمة.
وكانت إيقاعات الطبول الفلبينية تملأ الأجواء، والرقصات التي استوحيت من أساطير فلبينية خالدة تجذب الأنظار وتثير الإعجاب، مما خلق حالة من الانسجام الثقافي والتفاعل بين الحاضرين، فالأطفال والكبار على حد سواء وجدوا في العروض الفنية فرصة فريدة للتعرف على ملامح جديدة من ثقافة الفلبين، وكأن المسرح الرئيسي تحول إلى جسر يربط بين الشرق والغرب، بين الجذور العميقة للحضارة الفلبينية وروح العاصمة الرياض النابضة بالحياة.
“مسرح الطفل” ينبض بالحيوية والإبداع
لم تكن الفعاليّات مجرد تجربة للكبار فقط، فقد احتضن “مسرح الطفل” فعاليّات تفاعلية مبهجة ضمت عروضًا فنية وألعابًا مرحة جمعت بين التعلم والترفيه، وكانت هذه الفعاليّات بمثابة مساحة آمنة ومليئة بالإبداع، حيث استمتع الأطفال بالعروض المتنوعة وورش العمل التفاعلية التي أتاحت لهم فرصة المشاركة الفعّالة من الفقرات التعليمية إلى الفقرات الترفيهية، وكان هناك تناغم كبير بين الأطفال والعروض المقدمة التي جعلتهم يعيشون تجربة تفاعلية فريدة.
زاوية الحِرف اليدوية.. حكايات تنسجها الأيدي الماهرة
ومن بين العديد من الزوايا التي زينت حديقة السويدي، كانت زاوية الحِرف اليدوية وجهة لافتة لزوار الفعاليّات، إذ تفاعلت الأيادي الماهرة مع الجمهور في عرض حي لصناعة المنتجات اليدوية التقليدية، كما كانت الأنامل تصوغ إبداعات فنية تجمع بين الأصالة الفلبينية واللمسات العصرية، من النسيج المطرز بعناية إلى المصوغات المصنوعة يدويًا.
واستمتع الحضور بمشاهدة الحرفيين وهم يستعرضون مواهبهم الفريدة، ولم تكن هذه الزاوية مجرد عرض للحِرف، بل كانت تجربة تتجاوز البيع والشراء لتروي حكايات حية عن تاريخ وثقافة الفلبينية، فالمنسوجات التقليدية، والأقمشة الحريري ، كلها كانت جزءًا من هذا العرض الفني الذي جذب الزوار.
رحلة بين نكهات المأكولات الفلبينية
ولم يكن المشهد الثقافي مكتملاً دون الانغماس في تجربة الطعام، التي شكلت جزءًا رئيسيًا من الحدث، فبين رائحة الأطعمة الفلبينية التي تفوح في الأجواء، وأصوات الزوار التي تصدح على أكشاكهم، كانت منطقة الأطعمة وجهة استثنائية لعشاق المأكولات الفلبينية، إذ تنوعت الأطباق حيث عاش الحضور تجربة تذوق غنية بالأطباق التقليدية والحلوى الفلبينية المذهلة.
ردود أفعال إيجابية
فريال عبدالرحمن، مقيمة مغربية في المملكة، عبّرت عن إعجابها بتنوع الفعاليّات قائلة: “لم أتوقع هذا الكم من التنوع، لقد استمتع أطفالي كثيرًا في مسرح الطفل، وقضينا وقتًا رائعًا في التعرف على ثقافة الفلبين، فعاليّة تجمع بين التعليم والترفيه، وهذا هو الشيء الجميل فيها”.
من جهة أخرى، أبدى آندريه كريستيان، مقيم من الفلبين، فخره برؤية بلاده ممثلة في الفعاليّة، حيث قال: “كان من الرائع رؤية الثقافة الفلبينية تُعرض بهذا الجمال والتنظيم، وأضاف “العروض كانت مذهلة، وشعرت بالفخر لمشاركة ثقافتنا مع أصدقائنا السعوديين والمقيمين من جنسيات أخرى، وكان الحدث بمثابة جسر يجمعنا معًا”.
فاطمة العمر، زائرة سعودية للفعاليّات، علقت قائلة: “أحببت الحِرف اليدوية جدًا وأحببت الأجواء المتنوعة من الثقافة الفلبينية، وكان من الرائع عيش تجربة هذه التفاصيل الجميلة، إنه لأمر رائع أن نكتشف ثقافات أخرى في قلب الرياض”.
الختام.. مزيج من الانسجام الثقافي والعالمي
ختامًا.. لم تكن هذه الفعاليّات مجرد حدث ثقافي عابر، بل كانت انعكاسًا حيًا لروح الانفتاح التي تتبناها المملكة في رؤيتها 2030، فالزوار من السعوديين والمقيمين على حد سواء، وجدوا أنفسهم في وسط مزيج من التناغم الثقافي، حيث تداخلت التقاليد الفلبينية مع الحداثة السعودية في مشهد يعكس التآخي بين الشعوب.