قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن “الإرهاب” الذي ولد مع الثورة الفرنسية في ظل الخوف من الدولة لم يلق حتى اليوم تعريفا دقيقا ومقبولا عند الجميع، لا من قبل الأمم المتحدة ولا المحكمة الجنائية الدولية، ومع ذلك يستلزم وصف “الإرهابي” تطبيق نظام قانوني محدد لا يتقيد بالقانون العام.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم مارك سيمو- أن الإرهاب ليس واحدا، بل إرهاب مختلف في أساليب عمله وفي أهدافه، إذ قد يكون الإرهاب عملا فرديا أو فعل مقاومة للمستعمر، وقد يكون من أقصى اليمين أو أقصى اليسار.
ويرى رئيس مختبر أبحاث الدفاع في المعهد الدولي لبحوث الحرب إيلي تينينباوم أن “الإرهاب ليس أيديولوجية، ولكنه أسلوب عمل يمكن أن يخدم الأيديولوجيات على تنوعها”.
سلاح الضعفاء
يرتبط الإرهاب ارتباطا وثيقا بالعنف الثوري الذي يدمر العالم القديم وممثليه، وقد تبنته بهذا المفهوم طوال القرن الـ19 مجموعة من الفوضويين الذين فضلوا “الدعاية بالأفعال”، إضافة إلى الشعبويين الروس، لكن الكلمة قد اتخذت الآن معنى عكسيا لترتبط بإستراتيجية الاحتجاج العنيف ضد الدولة باسم الطبقات المستغلَّة ثم باسم الشعوب المضطهدة في نضالها ضد الاستعمار، ولذلك يطرح الإرهاب نفسه باعتباره سلاح الضعفاء حتى لو استغلته بعد الأنظمة لمصالحها، وهذا ما يمكن أن يسمى إرهاب الدولة.
وتفسر أوجه الغموض هذه إلى حد كبير استحالة التوصل إلى تعريف دولي مشترك، إذ تنتقد الأنظمة الاستبدادية مفهوم الأمم المتحدة الذي يضيق مجال الإرهاب، لأنها ترغب في أن تكون قادرة على وصف أي شكل من أشكال الاحتجاج الداخلي بأنه “إرهاب”، في حين أن منظمات حقوق الإنسان وكذلك حركات التحرر الوطني تشعر بالقلق من المعنى الواسع للإرهاب.
ولأن “الإرهاب” وصم يراد به دائما نزع الشرعية عن معركة صاحبه فإنه لم يكن من الممكن الاتفاق على تعريفه بدقة، وبالتالي تبناه رؤساء الدول والحكومات لما له من طابع سياسي، خاصة أنه يستلزم تطبيق نظام تشريعي محدد لا يتقيد بالقانون العام.
وكانت السلطات الفرنسية أول من أدخل تعريفا قانونيا للإرهاب عام 1986، حيث وصفته بأنه “عمل فردي أو جماعي يهدف للإخلال الخطير بالنظام العام من خلال التهديد أو الترويع”، ليصبح هذا المفهوم أساسا لتصنيف منظمة معينة “إرهابية” بعد أن تبنته بعض الدول الأوروبية، وعلى هذا الأساس تضم القائمة الأوروبية الفرع العسكري لحزب الله اللبناني وحزب العمال الكردستاني التركي وتنظيم الدولة الإسلامية وغيرها.