رحلة البحث عن سد الرمق في مدينة تحولت إلى كومة ركام

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

“تعبتُ وأنا أبحث تحت القصف وبين ركام البيوت المدمرة وخاطرت بنفسي من أجل أن أجد أي شيء قد يسد جوع أهل البيت وخاصة ابنتي الصغيرة، وفي النهاية لم أجد إلا 3 حبات من البسكويت”.

بهذه الكلمات، وصف الشاب حسونة إسكافي رحلة البحث عن الطعام في غزة، حيث يكافح المدنيون للحصول على المياه والطعام في مهمة باتت شبه مستحيلة مع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع.

وحتى الحين، أدى العدوان على غزة إلى سقوط نحو 19 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال.

ويتزامن العدوان مع تشديد الحصار على القطاع حيث يمنع إدخال المساعدات عبر معبر رفح الحدودي مع مصر.

ويقول إسكافي إن رحلة البحث عن الطعام والمياه في غزة أصبحت مهمة شبه مستحيلة، بعدما قطعت إسرائيل كافة إمدادات الغذاء والماء والكهرباء والوقود عن القطاع مع بداية العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وكان هذا الشاب يقطن في حي الشجاعية شرق مدينة غزة مع عائلته المكونة من زوجته وابنته الرضيعة ووالدته وشقيقيه وعمته وعمه المقعد.

رحلة شاقة

وفي البداية، رفض إسكافي وعائلته النزوح من حي الشجاعية وفضّلوا البقاء في منزلهم، حتى أُجبروا على المغادرة.

ويقول “خرجنا من المنزل تحت وابل من القصف الجوي العنيف سيرًا على الأقدام، حتى وصلنا إلى إحدى المدارس التي تؤوي آلاف النازحين من غزة والشمال”.

ويتابع بصوت حزين “جلسنا في الشارع على باب المدرسة لنلتقط أنفاسنا بعد رحلة عذاب شاقة، قبل أن ننتقل إلى منزل لأحد الأصدقاء في حي الصبرة جنوب المدينة”.

ويقضي إسكافي وشقيقاه وقتا طويلا بحثا عن الطعام والمياه في المدينة المحاصرة التي عزلها جيش الاحتلال عن باقي مدن القطاع، واستهدف أسواقها الشعبية ومراكزها التجارية وآبار المياه فيها والمصانع ومخازن البضائع، لتضييق الخناق على ساكنيها ودفعهم إلى النزوح.

ويشير إلى أنه يضطر إلى السير لمسافات طويلة وصولا إلى بئر مياه تستطيع البلدية تشغيلها لساعات محدودة، حتى يتمكن من تعبئة 20 لترا، ويشاركه في هذه المعاناة الكثير من المواطنين الذين لا يزالون في غزة والشمال.

أما رائد النجار من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، فيقول “لم نعد نبحث عن الطحين، فالمهمة أصبحت مستحيلة وإن توفر الطحين فلا غاز ولا حطب لطهيه أو خبزه”.

ويوضح الشاب الثلاثيني أن الجيش الإسرائيلي يحاصر مدرسة عوني الحرثاني التي نزح إليها مع عائلته المكونة من 7 أفراد.

ويضيف “الوضع خطير جدا، ونحن محاصرون داخل المدرسة منذ عدة أيام ولا نتمكن من الدخول أو الخروج بسبب كثافة النيران”.

ويؤكد وجود نقص في المياه والطعام داخل المدرسة وخارجها بسبب العزلة التي فرضها الجيش الإسرائيلي على شمال غزة ومنعه وصول المساعدات إليها إلا بكميات محدودة جدا، محذرا من ارتقاء شهداء في شمال غزة جوعا وعطشا.

ويبين النجار أن مهمة الحصول على المياه شاقة وكانت تتطلب السير لمسافة طويلة للتعبئة، وقد تتكرر أكثر من مرة يوميا لجمع أكبر كمية ممكنة للاستخدامات المختلفة للعائلة.

قصف الأسواق الشعبية

المتحدث اسم بلدية غزة حسني مهنا، يقول إن تعداد سكان المدينة الأصليين والنازحين إليها من شمال القطاع، يقدر بـ500 ألف نسمة يعيشون في ظروف إنسانية وصحية وبيئية كارثية، نظرا لعدم توفر أبسط مقومات الحياة، وسط غارات متواصلة على مدار الساعة تمنع المواطنين من الحركة.

ويؤكد أن المدينة تعاني من نقص حاد في المواد الغذائية، خاصة أن المساعدات التي وصلت إلى غزة والشمال لا تلبي الاحتياجات الدنيا للمواطنين والنازحين في المدينة وغالبيتها تفتقر إلى الاحتياجات الأساسية من الدقيق والأرز والمعلبات.

ويوضح أن الاحتلال استهدف الأسواق الشعبية والمراكز التجارية الكبرى في المدينة، حتى أصبح كل شيء في غزة كومة ركام، والشلل أصاب كل مفاصل الحياة بسبب العدوان والحصار.

وفيما يتعلق بأزمة نقص المياه، يؤكد أن البلدية لم تستلم منذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أي لتر من الوقود، الأمر الذي فاقم الأزمات الإنسانية، ما اضطرها إلى وقف خدمات جمع النفايات وتشغيل محطات الصرف الصحي، وذلك لتوفير كمية الوقود المحدودة لضمان استمرار عمل آبار المياه.

ويشير إلى تدمير الجيش الإسرائيلي عددا من آبار المياه في مدينة غزة، وتوقف عدد آخر منها نتيجة نفاد الوقود، ولم يتبق حاليا سوى 3 آبار فقط تعمل لـ3 ساعات يوميا لضمان وصول المياه لسكان المدينة والنازحين إليها من شمال القطاع.

ويحذر المسؤول الفلسطيني من تفاقم أزمة العطش والغذاء في غزة حال إصرار الجيش الإسرائيلي على عدم إدخال المساعدات الإغاثية والمواد الغذائية إلى غزة والشمال، وعدم تزويد البلديات بالوقود اللازم لتشغيل آبار المياه ومحطات الصرف الصحي وتشغيل الآليات لفتح الشوارع المغلقة بفعل القصف الإسرائيلي.

ويقول إن “المواطنين في غزة يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة وسط المخاطر المحدقة من نقص المياه والغذاء، ودخول فصل الشتاء والمنخفضات الجوية، وحاجة المواطنين إلى أغطية وملابس ووسائل تدفئة وغيرها الكثير”.

ويختم مهنّا حديثه مطالبا بتدفق المساعدات ومحذرا من أن “المساعدات التي وصلت نقطة في بحر احتياجات المواطنين”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *