هل يرتد طوفان غزة حرباً على إيران؟ سؤالٌ تردده المنطقة الخائفة من مواجهة إسرائيلية إيرانية قد تكون حتمية، خاصةً بعدما أطلقت إيران صواريخها البالستية على إسرائيل. واشنطن ملتزمة بأمن إسرائيل، وبمنع انجرار المنطقة إلى حرب واسعة لن تترك خلفها إلا القتل والدمار. لكن منع الحرب قد يبدو مستحيلاً مع أطراف اختارت النار طريقاً للحوار.
يدين الرئيس الأميركي، جو بايدن، بشكل لا لبس فيه الهجوم الإيراني ضد إسرائيل بالصواريخ الباليستية. ويعارض بايدن أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النفطية والنووية والإيرانية. وقد حذّر من ذلك علانيةً، وخلال اتصاله برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وشدد الرئيس الأميركي على أن يكون ردّ إسرائيل “متوازنا”.
“لا يمكن السماح لنتانياهو بجرنا إلى حرب”
نقاشٌ حيويٌ يدور في الكونغرس الأميركي بشأن الحرب بين إسرائيل وإيران، وحول فرص السلام في المنطقة. تقول النائبة الجمهورية، إليز ستيفانيك، إن “إسرائيل تقوم بالقضاء على الإرهابيين المدعومين من إيران، ما يجعل العالم أكثر أمنا لإسرائيل والولايات المتحدة”. ويضيف زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، أن إصدار إدارة بايدن بيانات إدانة لإيران ليس كافياً، فالمطلوب أكثر من ذلك، “لقد هددت إدارة بايدن إيران مراراً وتكراراً بعواقب وخيمة لحملتها الإرهابية ضد إسرائيل والولايات المتحدة، لكنها فشلت في فرضها. كما تعهدت بتقديم دعم قوي لإسرائيل، فقط لتؤخر وتمنع المساعدات الأمنية التي من شأنها أن تعطي هذا التعهد أي وزن”.
ويقدم النائب الديمقراطي، آدم شيف، نصيحة لنتانياهو “بضرب منشآت تصنيع وتخزين الأسلحة البالستية الإيرانية، بحيث يكون الهجوم مدروساً، لكنه سيضعف قدرات إيران”. وتدين السناتورة الديمقراطية، إليزابيث وارين، هجوم إيران على إسرائيل. وتؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وتضيف: “لكن لا يمكن السماح لنتانياهو بجرنا إلى حرب في الشرق الأوسط. دوامة العنف هذه لن تُعيد الرهائن إلى منازلهم، ولن تجعل أي أحد أكثر أمنا. نحن بحاجة إلى خفض التصعيد ووقف إطلاق النار وإنهاء هذا الصراع”.
إسرائيل – إيران.. توتر قديم يتجدد
التوتر الإسرائيلي الإيراني الراهن ليس جديداً، فقد سبقته عمليات خاصة من جانب تل أبيب، عمقّت العداء المشترك بين الطرفين، والشعور بأن كلاهما يمثل خطراً وجودياً على الآخر. في الجانب الإسرائيلي تنوعت العمليات التي شنتها أجهزة الجيش والاستخبارات الإسرائيلية، بين اغتيالات طالت شخصيات عسكرية ومدنية وخبراء نوويين، وهجمات سيبرانية وعمليات تخريبية داخل منشآت حيوية إيرانية. ورغم أن إسرائيل لم تتبن دائماً ما تقوم به ضد إيران، إلّا أن أصابع الاتهام كانت في كل مرة تتوجه إليها. ومن أبرز تلك العمليات: استيلاء الموساد الإسرائيلي في عملية سرّية على وثائق خاصة بالبرنامج النووي الإيراني في يناير عام 2018. بعد هذه العملية بثلاثة أشهر، صرّح نتانياهو أن بلاده حصلت على مئة ألف ملف سري يكشف كذب طهران بشأن برنامجها النووي.
ما بين عامي 2010 و2020 اتهمت طهران تل أبيب بالضلوع في عمليات اغتيال خمسة علماء إيرانيين بارزين في برنامج إيران النووي، أبرزهم، محسن فخري زاده، الذي وصف بكونه الأب الروحي للبرنامج السري لتطوير أسلحة نووية. ولقي فخري زاده مصرعه في السابع والعشرين من نوفمبر سنة 2020 حيث تم اغتياله داخل سيارته في إيران.
في الحادي عشر من أبريل سنة 2021 وقع انفجار كبير داخل منشأة نطنز النووية الإيرانية، أدى إلى تدمير شبكة الكهرباء الداخلية للمنشأة التي تزود أجهزة الطرد المركزي بالطاقة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية حينها أن الموساد كان مسؤولاً عن هجوم سيبراني أدى إلى التفجير، كما أكدت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر استخباراتية أميركية ضلوع إسرائيل في الهجوم.
وفي الأول من أبريل من العام الحالي، شنت إسرائيل هجوماً استهدف قنصلية إيران في دمشق أثناء تواجد قادة عسكريين إيرانيين داخلها. وأودى الهجوم بحياة ثلاثة من كبار الجنرالات.
وفي الشهر ذاته، ورداً على أول وابل من الصواريخ الإيرانية على إسرائيل، ألحقت غارة جوية إسرائيلية أضرارا بنظام S-300 المضاد للطائرات بالقرب من نطنز، وهي مدينة في وسط إيران حيوية للبرنامج النووي الإيراني.
السياسة الأميركية الداخلية في وجه الأمن القومي الإسرائيلي؟
وفيما تتابع الإدارة الأميركية نقاشها اليومي مع الحكومة الإسرائيلية حول حجم ومدى الرد على هجمات إيران، توقف مراقبون عند تصريح لنائبة الرئيس، كامالا هاريس، بشأن اعتبار نتانياهو حليفا حقيقيا قريبا للولايات المتحدة، حيث قالت هاريس: “أعتقد أن السؤال الأفضل هو: هل لدينا تحالف مهم بين الشعبين الأميركي والإسرائيلي؟ والجواب هو نعم”. وأضافت أن “لدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن طريقة القيام بذلك مهمة أيضا. لقد قتل الكثير من الفلسطينيين الأبرياء. يجب أن تنتهي هذه الحرب”.
ويناقش خبراء أميركيون حجم الضربة الإسرائيلية لإيران ومداها، وإن كانت الولايات المتحدة ستساهم فيها، وكيف يمكن للولايات المتحدة حماية إسرائيل ومنع اندلاع حرب إقليمية، وعن ذلك يقول العميد المتقاعد، مارك كيميت، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون السياسية والعسكرية، لبرنامج “عاصمة القرار” في قناة “الحرّة”: أعتقد أن “الرئيس بايدن يرفض أن توجه إسرائيل ضربة للمنشآت النووية والنفطية الإيرانية”.
وأوضح كيميت أن “الرفض لسببين: الأول هو أن استهداف منشآت إيران النووية يمكن أن يؤدي إلى عدد كبير من التأثيرات (…) فقد يتسرّب إشعاع من هناك (…) ولا تعتقد الولايات المتحدة أن ذلك يشكل رداً متناسباً على الهجمات التي شنتها إيران على إسرائيل. والثاني يتعلق بالمنشآت النفطية والبنية التحتية (…) فإذا تم تدمير تلك البنية التحتية، فستنخفض كمية النفط في الأسواق العالمية. وقد يتسبب ذلك في ارتفاع أسعار النفط”.
وتابع “يواجه الرئيس بايدن حاليا مشكلة التضخم في أميركا التي قد تؤدي إلى بعض المشاكل أمام انتخاب المرشحة هاريس. لذلك أعتقد أن الرئيس الأميركي يريد تجنب حدوث زيادة مفاجئة في نسبة التضخم في أميركا يمكن أن تنجم عن هجوم على البنية التحتية النفطية لإيران”.
بالمقابل، يعتقد، غابريال نورونها، المستشار الخاص السابق بشؤون إيران في الخارجية الأميركية أن “من مصلحة إسرائيل استهداف منشآت تصدير النفط الإيرانية، لأنها شريان الحياة للنظام الإيراني وآلته الحربية، وذلك في مصلحة الولايات المتحدة التكتيكية لنفس السبب، لكنه ليس في مصلحة الرئيس بايدن السياسية الآن، لسبب واحد، وهو سعر البنزين مع اقتراب موعد الانتخابات. إن الناخبين الأميركيين قلقون بعض الشيء بشأن ارتفاع أسعار البنزين، وإذا خرج مليون برميل (يوميا) من النفط الإيراني من السوق فجأة، فقد يؤدي ذلك إلى تأثير كبير على الأسعار وعلى الانتخابات الأميركية. لذا فإن هذا هو السبب الرئيسي وراء محاولة الرئيس بايدن كبح جماح إسرائيل”.
وتابع نورونها “نفس الشيء ينطبق على ضرب المنشآت النووية الإيرانية، فالرئيس بايدن يريد إظهار أن هناك استقرار قبل الانتخابات، ولا يريد أن يحدث شيء كبير. لذا فإن هذا تعبير عن وقوف الاعتبارات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة في وجه الأمن القومي الإسرائيلي”.
وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الذي ألغيت زيارته إلى واشنطن في اللحظات الاخيرة بقرار من نتانياهو، بقي على تواصل وثيق مع نظيره الأميركي بشأن هذا الملف إلى جانب الحرب في غزة ولبنان.
وشدد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، بات رايدر، على تأكيد الوزير أوستن لغالانت التزام الولايات المتحدة بدعم إسرائيل، وقال “تحافظ الولايات المتحدة على قدرات عسكرية معتبرة في المنطقة للدفاع عن جنودها والمنشآت الأميركية، وتوفير دعم إضافي لدفاع إسرائيل عن نفسها وردع المزيد من التصعيد. والتزام الولايات المتحدة الثابت بأمن إسرائيل، ووقف إطلاق النار في غزة، وحل سياسي يمكن من عودة آمنة للسكان إلى منازلهم على طرفي الحدود بين إسرائيل ولبنان”.
ردع إسرائيل أَم إيران؟
هل يحاول الرئيس بايدن حماية البرنامج النووي الإيراني من إسرائيل؟، كما تتهمه بعض الصحف الأميركية، أم أن الرئيس الأميركي يسعى للسلام في الشرق الأوسط دون إلزام نتانياهو به كما يقول بعض مؤيدي بايدن؟
في افتتاحيتها، تنتقد صحيفة وول ستريت جورنال، سياسة الرئيس بايدن بـ”حماية البرنامج النووي الإيراني، رغم استهداف إيران لإسرائيل بوابل من الصواريخ البالستية”.
وتضيف الصحيفة: “هذا هو التفكير الذي أدى إلى انهيار الردع الأميركي في عهد بايدن. فالأعداء يعتمدون عليه في الدفاع عن أنفسهم من خلال منع الحلفاء من الرد على العدوان. والسؤال هو لماذا يريد السيد بايدن ردع إسرائيل، وليس إيران؟. ربما يخشى المزيد من المواجهات العسكرية قبل الانتخابات الأميركية، لكن هذا يترك السيطرة على قرار التصعيد في أيدي العدو. لم يمنع هذا التفكير الهجمات التي تشنها إيران ووكلاؤها. لقد حققت إسرائيل أكبر مكاسبها العسكرية والاستراتيجية عندما تجاهلت مثل هذه النصيحة الأميركية، كما فعلت بمهاجمة حزب الله في لبنان”.
ولم تسلم سياسىة الرئيس بايدن من انتقاد أكثر مؤيديه. ففي مقاله في نيويورك تايمز، يقول، نيكولاس كريستوف، إن الرئيس بايدن يسعى إلى السلام لكنه يُسهّل الحرب في الشرق الأوسط، خاصة في السنة الأخيرة، التي شهدت حرباً كبيرة في غزة.
ويضيف كريستوف: “لقد همّش الرئيس بايدن نفسه من خلال توفير الأسلحة لإسرائيل، ما سمح بتجاهل نداءاته. لقد شجع ذلك نتانياهو على تجاهل بايدن والإفلات من العقاب. والنتيجة هي أن بايدن لم يرعَ السلام الإقليمي الذي يريده، بل على ما يبدو حرباً إقليمية، مع تعرض أميركا لخطر الانجرار إليها”.
وتابع “لم يكن ذلك فشلاً في الرؤية أو العمل الجاد، فقد أعدَّ بايدن خطة كبرى لاتفاق متعدد الأجزاء من شأنه أن يؤدي إلى وقف إطلاق النار في غزة، وتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، ويمهد المسار إلى دولة فلسطينية وعلاقة سعودية أميركية أقوى. لكن بايدن لم يكن على استعداد لاستخدام نفوذه بالقوة للوصول إلى هناك، لذلك أدار نتانياهو اللعبة وأفشل سياسة بايدن في الشرق الأوسط بعد مرور عام على الهجمات الإرهابية في السابع من أكتوبر”.
أهداف إسرائيل في إيران.. النفط والنووي
ومن واشنطن إلى المنطقة الملتهبة، يبدو أن الرد الإسرائيلي على إيران حتمي، بعد اطلاقها أكثر من مئتي صاروخ بالستي على إسرائيل، رداً على اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله، أمين عام حزب الله في لبنان، وقادة عسكريين إيرانيين، واتهام إيران لها بقتل زعيم حماس، إسماعيل هنية، في طهران. ويبدو أن لائحة الأهداف الإسرائيلية طويلة، فقد تختار إسرائيل تدمير القواعد التي أطلقت منها إيران الصواريخ الباليستية عليها، ويشمل ذلك منصات الإطلاق، مراكز القيادة والتحكم بالصواريخ، وخزانات الوقود، ومستودعات التخزين، ومعامل تصنيع الصواريخ الباليستية الإيرانية. وأيضا، قد تستهدف إسرائيل قواعد عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني، من دفاعات جوية وبطاريات صواريخ أخرى. ويمكن أن يشمل الرد اغتيال شخصيات رئيسية في برنامج إيران للصواريخ الباليستية.
وقد تستهدف إسرائيل أصولاً اقتصادية وأهمها البنية التحتية لإنتاج النفط. ولدى إيران العديد من المنشآت النفطية، كالحقول والمصافي والموانئ التي تستخدم في التصدير. أيضاً مصانع البتروكيماويات، ومحطات توليد الطاقة، وقطاع الشحن البحري. وكل هذه أهداف تؤئر سلباً على حياة الإيرانيين اليومية أكثر من الأهداف العسكرية. مما يجعل المواطنين المستائين من نظام الملالي ينتفضون عليه لتوريطهم في حروب لا يريدونها.
وترى إسرائيل في برنامج إيران النووي تهديدا لوجودها. لذلك قد تقرر تدمير منشآت نووية إيرانية، لتعطيل قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي. ومن هذه المواقع ما هو موجود تحت الأرض، وأشهرها مفاعل بوشهر ومحطة نطنز، بالإضافة إلى المنشآت الرئيسية في أصفهان وفوردو. وهذا هو الأمر الأهم بالنسبة لإسرائيل. خاصة بعدما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تخصِّب اليورانيوم بنسبة تتجاوز بكثير الـ 20% المطلوبة للطاقة النووية المدنية. فهدف إسرائيل هو منع إيران من الوصول إلى “نقطة الانطلاق” التي تكون فيها قريبة جداً زمنياً من صنع قنبلة نووية. وسيكون استهداف المواقع النووية، وكثير منها تحت الأرض، صعباً من دون مساعدة من الولايات المتحدة.
لكن إسرائيل قد لا تضطر إلى الاعتماد على قواتها الجوية وحدها في الهجوم على إيران. فوفقا لخبراء استراتيجيين أميركيين، فإن لدى إسرائيل خيارات أخرى أهمها: صواريخ أريحا 2 الباليستية متوسطة المدى، التي يصل مداها إلى حوالي 2000 ميل. وصواريخ أريحا 3 الباليستية متوسطة المدى التي يمكن أن تصل إلى أهداف تبعد أكثر من 4000 ميل.
أهداف إسرائيلية في مرمى إيران؟
في الذكرى السنوية الأولى لهجوم حماس الإرهابي على إسرائيل، نشرت وكالة تسنيم الممولة من الحرس الثوري الإيراني، لائحة أهداف إيران المتعددة لمهاجمة المراكز والبنية التحتية النووية الإسرائيلية. وعنونت لائحتها بتهديد: “إذا ضربت إسرائيل، فإن إيران ستضرب بقوة أكبر”.
ويقول الباحث الأميركي – الإيراني، سينا طوسي، بشأن تصريحات مسؤولين إيرانيين، حول الهجوم الإيراني المتوقع إن انتقمت إسرائيل من إيران: “لقد أشار المسؤولون الإيرانيون ووسائل الإعلام والمحللون المقربون من الحكومة إلى ردود فعل محتملة في حال شنّت إسرائيل هجوماً على إيران. وهم يركزون بشدة على صغر حجم إسرائيل وبنيتها الأساسية الحساسة، مثل حقول النفط والغاز، ومحطات الطاقة، ومصافي النفط، ومرافق تحلية المياه، ومفاعل ديمونة النووي”.
وأضاف طوسي “الرسالة التي يعتزمون إيصالها واضحة: إذا استهدفت إسرائيل البنية الأساسية الإيرانية مثل منشآتها النفطية، فإن إيران سوف ترد بالمثل، الأمر الذي قد يؤدي إلى شلل الاقتصاد الإسرائيلي. ولكن، إذا كان رد إسرائيل أكثر تحفظاً وأقل قوّةً إلى حد كبير ــ وتم تضخيمه في وسائل الإعلام للتحكم في التصور العام الإسرائيلي ــ فقد يكون من الممكن تجنب التصعيد، مؤقتًا على الأقل”.
هل تقع إيران أو إسرائيل في “سوء التقدير”؟
من جهته، حذر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، من أن “سوء التقدير قد يعرقل الجهود الرامية إلى تخفيف التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وقال إن إيران قد تحتاج لأسبوع واحد لإنتاج قنبلة نووية، رغم أننا لم نرصد أي دليل على ذلك”.
وأضاف بيرنز:” النظام الإيراني نظام معقّد جدا وفتاك جداً ويصعب التعامل معه. أعتقد أنه نظام يكرس جهده لمحاربة إسرائيل والولايات المتحدة من نواحِ عدة، ولا أعني بذلك الجانب العسكري فقط. لقد وظف النظام الإيراني الوكلاء لعقود، لكن واقع الحال خلال الأسابيع الماضية، هو أن الإسرائيليين ألحقوا أضرارا كبيرة بأقوى وكلاء إيران في المنطقة”.
كيف يفهم بايدن ونتانياهو “الردّ المتناسب”؟
هل ستلتزم إسرائيل بتحذيرات إدارة بايدن حول رد متناسب على هجمات إيران؟ وكيف يتوقع خبراء أميركيون تطور الأوضاع الميدانية؟
يقول نورونها إن “أي ردٍّ إسرائيلي متناسب يتمثل في إطلاق 181 صاروخاً باتجاه الأراضي الإيرانية، وبصورة اساسية إلى كل الأهداف الاستراتيجية الإيرانية. ولكنني أعتقد أن ما تريده الولايات المتحدة في واقع الأمر هو رد أضعف كثيراً من جانب إسرائيل على إيران. كما أنهم هددوا إسرائيل بعواقب إذا لم تتعاون، وهددوها ابضاً بإلغاء مبيعات الأسلحة، ووقف الدعم الدبلوماسي، بل وحتى الدعم الأمني. وهددوها أيضاً بعدم دعم مهام الدفاع الجوي الإسرائيلي”.
وأضاف “إسرائيل في موقف صعب للغاية هنا وهي تحاول إظهار العزم. ولكن في ظل كبح جماح الولايات المتحدة لها، أعتقد أننا سنرى شيئاً ما في المنتصف، حيث ستمتنع إسرائيل عن ضرب أي مواقع نووية إيرانية، وسوف ترد بشكل أقل حدة مما كانت تقوم به عادة. ولكن إسرائيل، مع ذلك، سوف ترد بقوة شديدة في محاولة لإرسال إشارة إلى النظام الإيراني مفادها أنه لا يستطيع إرسال مئات الصواريخ إلى المجال الجوّي الإسرائيلي دون عقاب”.
لكن كيف يمكن لإسرائيل استعادة الردع مع التقيد بالرد المتناسب على إيران، والذي يُشدد عليه الرئيس بايدن؟. من الناحية الاستراتيجية، يقول كيميت إن “بايدن ونتانياهو لا يتفقان على ماهية الرد المتناسب. بالنسبة للرئيس بايدن، الرد المناسب هو الرد بمئة صاروخ على المئة صاروخ التي أطلقت عليك. هكذا يفكر الرئيس بايدن وإدارته في ذلك. لكن لدى نتانياهو هدف مختلف، إنه يريد التأكد من جعل هجومه قوياً وساحقاً للغاية بحيث يعيد تأسيس الردع حتى لا تفعل إيران ذلك مرة أخرى”.
وتابع كيميت “هناك اختلاف كبير بين التكتيكات العسكرية للرد المتناسب والهجوم الذي يعيد تأسيس الردع، الذي هو أكبر بكثير من الأّول. سيكون هجوم استعادة الردع أكثر أهمية بكثير. أعتقد أن هذه هي الطريقة التي يرى بها نتانياهو الوضع، لكن هذه ليست الطريقة التي يرى بها الرئيس بايدن الوضع”.
يعتقد مودي سعد، عضو حزب الليكود، أن الرد الإسرائيلي على إيران “سيكون قوياً وحازماً، كما سيكون منسقاً مع الولايات المتحدة الأميركية”.
أزمة تحبس الأنفاس في منطقة مشتعلة، فهل يستدعي الردُّ الإسرائيليُ القوي ردّاً إيرانياً مشابهاً وتدخل المنطقة في حرب من الردود المتبادلة؟.