خلال معرض الأمن والدفاع السنوي في بغداد، الذي جرى على مدى أربعة أيام الأسبوع الماضي، لفتت الطائرة الصينية من دون طيار CH-5 الأنظار، وسط مساعي بكين استغلال القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على الصادرات العسكرية لبعض دول الشرق الأوسط، لتسويق ترسانتها من أنظمة مماثلة.
وأقيم المعرض العسكري في بغداد في الفترة من 20 إلى 23 أبريل، حسبما أفادت منصة الشؤون العسكرية “جاينز غروب” في 24 أبريل.
تحت رعاية رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة المهندس @mohamedshia، وبحضور وزير الدفاع السيد @modministeriq، ممثلا عن القائد العام للقوات المسلحة، والنائب الأول لمجلس النواب السيد @mu_almandalawii، والسكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة إلى جانب عدد من السفراء… pic.twitter.com/62OP42a0zp
— وزارة الدفاع العراقية (@modmiliq) April 20, 2024
قدرات “سي إتش-5”
تم تطوير هذه المسيّرة (Cai Hong-5 باللغة الصينية أو Rainbow-5 باللغة الإنكليزية) من قبل شركة الصين لعلوم وتكنولوجيا الفضاء المملوكة للدولة.
ويمكن لهذه المسيرة الطيران لمدة تصل إلى 60 ساعة على مدى يصل إلى 6213 ميلاً.
تعتمد “سي أتش-5” على نظام الطائرات بدون طيار متوسط الارتفاع وطويل التحمل المسمى (MALE).
يمكن لهذا النظام دمج وظائف الاستطلاع والمراقبة والاستهداف، وفق موقع “ميليتاري درونز”.
ويمكن لهذه المسيرة حمل أنواع مختلفة من الحمولات في وقت واحد لإجراء عمليات الاستكشاف والمراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية وتحديد المواقع المستهدفة.
علاوة على ذلك، يمكنها أيضًا حمل أنواع من الأسلحة الموجهة بدقة لتنفيذ عمليات معقدة، ودوريات منطقة حظر الطيران وغيرها من المهام العسكرية.
يمكنها ضرب الأهداف الأرضية الثابتة والمتحركة بسرعة منخفضة وبدقة. وفي الوقت نفسه، يمكن استخدامها أيضًا في الحالات المدنية، مثل اتصالات الطوارئ والتنقيب الجيوفيزيائي.
أُجريت الرحلة الأولى لطائرة CH-5 في مطار لم يُكشف عنه في مقاطعة قانسو بالصين في أغسطس 2015. واستغرقت الرحلة حوالي 20 دقيقة.
وتم عرض نموذج أولي لهذه الطائرة بدون طيار لأول مرة في نوفمبر 2016.
بعدها بنحو سنة، أعلنت شركة “CASC” الصينية أن الطائرة بدون طيار جاهزة للإنتاج.
ومثل النماذج السابقة من سلسلة Rainbow UAV، تم تصميم CH-5 للتصدير.
صادرات الصين العسكرية للدول العربية
قال جان لوب سمعان، زميل أبحاث أول في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية، لمجلة “نيوزويك” إن الصين تستجيب للاحتياجات الدفاعية لبعض دول الشرق الأوسط، في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة قيودًا على الصادرات العسكرية إلى بعض دول المنطقة.
وأشار المتحدث إلى أن المنتجات العسكرية الصينية أصبحت أكثر تداولا لدى بعض دول الشرق الأوسط “لأنها أرخص وليس لها أية قيود”، بينما تجد نفس الدول صعوبات كبيرة في الوصول إلى أنظمة مماثلة في الولايات المتحدة، “غالبًا بسبب القيود المفروضة على الصادرات”.
وأضاف أن عملية البيع الأخيرة للعراق تتّبع نمطا شائعا للبصمة المتنامية للصين في أسواق الأسلحة في الشرق الأوسط، خاصة في القدرات المتخصصة مثل الأنظمة غير المأهولة أو الصواريخ، ومع الدول التي يُنظر إليها تقليديًا على أنها شريكة مع الولايات المتحدة في نفقاتها العسكرية .
فهل يشكل ذلك تهديدا للتعاون الأميركي مع الدول العربية؟
في نظر المحلل العسكري الأميركي، مارك كيميت، فإن الصين أصبحت بالفعل منافسا للولايات المتحدة في مجال الصادرات العسكرية.
وفي اتصال مع موقع “الحرة”، أوضح كيميت أن تزايد الصفقات العسكرية بين بكين وبعض الدول العربية “لا يشير بالضرورة إلى تراجع التعاون بين تلك الدول والولايات المتحدة.
أما بخصوص تعاون بكين والعراق فقال كيميت “كل ما يمكن أن يعزز قدرة قوات الأمن العراقية هو أمر إيجابي طالما أن المعدات لا تشكل تهديدا للولايات المتحدة”.
وبدأت الصادرات العسكرية الصينية إلى الشرق الأوسط في عام 1975، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2018، بلغ المبلغ الإجمالي، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI، 12.84 مليار دولار .
وتمت غالبية المبيعات – 8.8 مليار دولار – في الثمانينيات، عندما صدرت الصين كميات كبيرة من الأسلحة إلى كلا الجانبين في الحرب الإيرانية العراقية.
وخلال التسعينيات، بعد نهاية الحرب الباردة، انخفضت الصادرات إلى الشرق الأوسط إلى 1.8 مليار دولار فقط، معظمها إلى إيران.
واستمر الانخفاض في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مع الصادرات بقيمة 1.4 مليار دولار، ذهبت في المقام الأول إلى إيران ومصر، وفق وثيقة أصدرها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي.
وخلال السنوات الأخيرة، كثفت الصين جهودها لتعزيز وجودها في الشرق الأوسط.
وبين عام 2008 إلى عام 2018، باعت الصين 181 طائرة بدون طيار إلى 13 دولة، تم تصدير 22.1 في المئة منها إلى الإمارات المتحدة، و19.3 في المائة إلى السعودية، و15.5 في المائة إلى مصر وفق مجلة “نيوزويك”.
الصين قوة عالمية لتصدير المعدات العسكرية؟
في أكتوبر 2017، خلال مداخلته في المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ أنه بحلول عام 2035 ستصبح الصين قوة بيع عسكرية عالمية وذلك عن طريق تنويع قدرات الجيش ولا سيما تحديث قطاع التصنيع العسكري. وقال “سنصل إلى مستوى عالمي بحلول عام 2049”.
وتصادف تلك السنة الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
واعتبارًا من عام 2018، تم تصنيف الصين على أنها من بين أكبر مصدري الأسلحة في العالم، على الرغم من أنها تحتل المرتبة الخامسة بعيدا خلف الولايات المتحدة وروسيا .
وخلال الأعوام 2014-2018، حققت صادرات الأسلحة الصينية زيادة قدرها 5.2% من إجمالي صادرات الأسلحة العالمية، مما يشكل زيادة 2.7 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية.
هذه المعطيات “لا تجعل من الصين قوة عسكرية عالمية أو قوة تصدير للأنظمة والمعدات العسكرية بشكل شامل”، وفق الخبير العسكري الأميركي، ريتشارد وايتز، من معهد هدسون، ومقره واشنطن.
وايتز قال في حديث لموقع “الحرة” إن تنامي قدرات بكين للتصدير العسكري تجعل منها منافسا للولايات المتحدة في مجالات محددة فقط مثل الطائرات بدون طيار “هي ليست كذلك في مجالات أخرى”، وفق تعبيره.
وأضاف “ربما سيكمن التنافس بينها وبين واشنطن في الأسعار فقط، وليس في شيء آخر، في إشارة إلى ريادة الولايات المتحدة في تقنيات التصنيع العسكري مقارنة بالصين التي تسعى لبناء صناعة خاصة بها وتصدير أنظمتها للعالم.
وأوضح أنه لا يوجد أي خطر على التعاون العربي- الأميركي بالنظر إلى تنامي التعامل التجاري بين دول الشرق الأوسط والصين، وقال إن تلك الدول تعتمد في كثير من معداتها وترساناتها على التقنية الأميركية “بل وحتى التدريب”.
كيميت قال من جانبه إن الصين حتى وإن أصبحت منافسًا للولايات المتحدة في مجال الصادرات العسكرية، لن تكون منافسا قويا “طالما أن الولايات المتحدة تقدم معدات قتالية ذات جودة أفضل وهو ما لا تستطيع الصين القيام به، أعتقد أن الولايات المتحدة ستبقى الخيار الأول لتلك الدول.
ويرى بأن منافسة الصين للولايات المتحدة لن تكون بتلك القوة التي يمكن أن يتصورها البعض، إذ “يمكنهم بالتأكيد التنافس في أسعار بيع الأسلحة، وليس جودتها”، وفقه.
وأضاف “سيبيعون أسلحتهم بنصف السعر ودون مراجعات حقوق الإنسان، هذا مضمار منافستهم لواشنطن”.