وقالت النقابة في بيان، يوم الاثنين، إن الإصابة بحمى الضنك استفحلت لدرجة جعلت التقصي عن عدد المصابين أمرا صعباَ؛ مشيرة إلى ان مستشفيات منطقة القضارف في شرق السودان تكتظ بالمرضى وبعضهم لا يجد حتى مكانا لتلقي العلاج، اذ أن المستشفيات ومراكز العلاج العامة والخاصة تستقبل أعدادا مضطردة من المرضى الجدد على مدار الساعة.
ونقلت تقارير إعلامية عن وزارة الصحة الاتحادية وفاة 15 شخصا في ولاية الجزيرة المتاخمة للخرطوم؛ فيما أكد ناشطون مجتمعيون وفاة نحو 80 شخص في منطقة القضارف.
ورجحت مصادر لموقع سكاي نيوز عربية أن يكون عدد الحالات أكبر بكثير من الرقم المعلن؛ نظرا لأن الكثير من المرضى يواجهون صعوبات في إجراء الفحوص المعملية اللازمة ويلجأون مباشرة لأخذ جرعات الملاريا المنتشرة بكثرة في السودان والتي تتشابه أعراضها إلى حد ما مع أعراض حمى الضنك.
وحمى الضنك هي مرض فيروسي؛ ينتقل إلى الإنسان بواسطة لسعات إناث بعوض من فصيلة “الزاعجة المصرية”؛ الحاملة للعدوى.
أعراض المرض
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإنه ورغم أن معظم حالات الإصابة بحمى الضنك لا تكون مصحوبة بأعراض، أو قد تكون مصحوبة بأعراض خفيفة؛ فإنها تظهر كمرض شبيه بالأنفلونزا يصيب الرضع وصغار الأطفال والبالغين.
وإلى جانب حمى الضنك، لا تزال الإصابة بمرض الملاريا تشكل ضغطا كبيرا على النظام الصحي في السودان؛ إذ تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى إصابة نحو 2.7 مليون نسمة أي قرابة 5 في المئة من سكان البلاد بالملاريا خلال العام 2022.
تداعيات الحرب
يعزو مختصون تزايد انتشار الحميات خلال الفترة الأخيرة إلى التدهور البيئي الناجم عن الحرب والذي تسبب في إهمال إداري واسع، وتراكم كبير للنفايات، وانتشار المياه الراكدة والملوثة التي تشكل بيئة خصبة لتكاثر البعوض والذباب ونواقل الأمراض الأخرى.
ووفقا لعبد الماجد أحمد اختصاصي الصحة العامة في وزارة الصحة السودانية، فإن تراكم النفايات يشكل أكبر حاضنة لنواقل الحميات في السودان.
وقال أحمد لموقع سكاي نيوز عربية إن التدهور الإداري أدى إلى عدم القدرة على التعامل الصحيح مع مشكلة النفايات التي أشار إلى أنها تتسبب في كوارث صحية قد تتفاقم أكثر مما يكلف الدولة أموالا طائلة.
وتشهد العديد من مناطق السودان تدهورا كبيرا في صحة البيئة في ظل توقف معظم الهيئات والمنظمات العاملة في مجال إصحاح البيئة بسبب الحرب.
ونظرا لأن البعوض هو الناقل الرئيسي للمرض؛ فإن قرب مواقع تكاثر البعوض الناقل من سكن الإنسان يعد واحداً من أخطر وأهم عوامل الإصابة بحمى الضنك.
وتعاني العديد من مدن البلاد من تراكم المياه في الشوارع والأحياء السكنية بسبب تداعيات الحرب وتقادم شبكات توزيع مياه الشرب وسط مخاوف من اختلاطها بمياه الصرف الصحي.
ويشير الكاتب الصحفي مصعب برير المهتم بالجوانب البيئية والصحية إلى أن تصاعد إصابات الحميات يسلط الضوء عل النظام الصحي المتهالك في السودان والذي أقرت منظمة الصحة العالمية بافتقاده للبنية التحتية اللازمة لمراقبة الأمراض.
انهيار صحي
تتفاقم المخاوف من موجة الحميات الحالية في ظل استمرار انهيار القطاع الصحي وعدم قدرة المرضى على دفع فاتورة العلاج التي تضاعفت خلال الأشهر الماضية بنحو 10 مرات في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية التي تشير تقارير إلى خروج أكثر من 80 في المئة منها من الخدمة كليا أو جزئيا خلال الأشهر الماضية.
ويتوقع الخبراء أن يزداد الوضع الصحي تأزما نظرا للظروف الصعبة الناجمة عن الحرب ولارتفاع معدلات الفقر في السودان والتي تصل إلى أكثر من 50 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة.
وتتزايد hعداد الموتى في أوساط المصابين بالأمراض المزمنة والمعدية بشكل مقلق في السودان؛ حيث تجسد مأساة انعدام الأدوية المنقذة للحياة واحدة من أقبح اوجه الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم منذ أكثر من 5 أشهر.
وحذرت منظمات وهيئات محلية ودولية من كارثة إنسانية كبيرة بسبب نقص الدواء.
وتعيش المستشفيات في عدد من مدن البلاد hوضاعا صعبة للغاية في ظل النقص الهائل في الكوادر الصحية، وعدم انتظام دفع الأجور والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي؛ وسط مخاوف من انهيار كامل للنظام الصحي في ظل تفشي الوبائيات.
وفي الواقع يموت يوميا المئات من السودانيين بسبب نقص الدواء، أو عدم القدرة على الوصول للمستشفيات. وبحسب مصادر طبية، فإن عدد الذين فقدوا حياتهم بسبل عدم تلقي العلاج ونقص الدواء يفوق عدد قتلى الحرب البالغ نحو 5 آلاف حتى الآن.
ويواجه الكثير من السكان أيضا صعوبات في توفير المال اللازم لتغطية تكاليف العلاج والدواء خصوصا مع انخفاض دخل الأسر بنحو 60 في المائة بعد اندلاع الحرب.
بيانات مقلقة
- توقفت 41 من شركات الأدوية وأكثر من 90 في المئة من مصانع الأدوية عن العمل تماما منذ اندلاع الحرب في السودان في منتصف أبريل.
- 80 في المئة من الأمراض المسجلة في المستشفيات السودانية ترتبط بعوامل بيئية، أو بسبب المشاكل الناجمة عن تلوث المياه.
- تأتي موجة حمى الضنك الحالية في ظل مخاوف كبيرة من انهيار القطاع الصحي، وعدم قدرة المرضى على دفع فاتورة العلاج التي تضاعفت أكثر من 10 مرات في المستشفيات الحكومية.