الرئيس الأوكراني بحث خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الهولندي، مارك روتي، الاحتياجات الدفاعية الإضافية لكييف والبنية التحتية والموانئ، تزامَن ذلك مع توجيه ضربة لمنظومة الدفاع الجوي الروسي في شبه جزيرة القرم، لتأتي بمثابة رد على رسالة أميركية للأوكرانيين بأنه حان الوقت لتُصبح كييف أكثر اكتفاءً ذاتيا في إنتاج الأسلحة والذخيرة.
متخصّصون، أحدهما روسي، تحدّثوا لموقع “سكاي نيوز عربية” عن أهمية الضربة التي تعدّ الأولى لشبه جزيرة القرم بواسط صواريخ ATACMS، التي انطلقت من أوديسا وآتشاكوفا، فضلا عن الرسائل الأوكرانية من وراء الضربة وأهميتها في ظل تراجع مستوى الإمدادات وتزايُد الاحتياجات الأوكرانية الدفاعية في حرب روسيا.
نقص القذائف
علّق مكتب الرئيس الروسي فلوديمير زيلينسكي، على مسألة نقص القذائف (من عيار 155 ملم) لدى القوات الأوكرانية، بأن الكونغرس الأميركي يقول إن إسرائيل بحاجة إليها، ما يُشعر الرئيس الأوكراني “بالخيانة” من قِبل داعميه الغربيين، الذين حرموه من الدعم والاهتمام الذي اعتاده، حسب ما قال مساعدوه لمجلة “تايم” الأميركية.
كان زيلينسكي استقبل، الإثنين، وفدا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي من مجلس النواب الأميركي في كييف، ويتألّف الوفد من جيمس فرينش جيل وستيفن لينش ومايكل كويغلي، ووسط محادثات الوفد مع زيلينسكي، أكد كويغلي أنهم على علم بالاحتياجات الدفاعية للجيش الأوكراني، لكن الجيش الإسرائيلي في حاجة ماسّة للقذائف أيضا.
يقول الباحث الروسي مدير مركز “جي سي إم” للدراسات ومقره موسكو: “في صباح 30 أكتوبر، بين الساعة 03:00 و03:30، تمكّنت القوات الأوكرانية، مستخدمة صواريخ أتاكمز ATACMS أميركية الصنع، من قصف منشأة دفاع جوي استراتيجية (من نوع إس-300) على الشواطئ الغربية لشبه جزيرة القرم، وتحديدا بالقرب من قرية أولينوفكا”.
تؤكد بعض المصادر المحلية في سيفاستبول أنه تم تدمير 5 وحدات دفاع جوي، كما أن القصف خلّف 17 جريحا بين الجنود العاملين في المنشأة.
وأضاف آصف ملحم، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”: “يبدو أن أوكرانيا بخلاف روسيا لا تعاني من فكرة الرمزية لمكان ما في المناطق التي ضمّتها؛ لذلك بدأت أوكرانيا تكثّف هجماتها على شبه جزيرة القرم، وقد تحاول تدمير جسر القرم أيضا خلال الأسابيع المقبلة نظرا لرمزيتها بالنسبة إلى روسيا، كما أن هذا يرفع من أسهم أوكرانيا أمام العالم الغربي”.
وفق تقدير ملحم، فإنّ الرسالة السياسية مٍن وراء هذه الضربة هي أنه لا مفاوضات مع روسيا، والحرب مستمرّة، وهذه رسالة من الولايات المتحدة نفسها.
استهداف القرم ورسائل زيلينسكي
ويرى الباحث في العلاقات الدولية لدى معهد البحوث والدراسات العربية، يسري عبيد، أن الجيش الأوكراني والرئيس زيلينسكي، يحاولان بضرب القرم لفت نظر الولايات المتحدة والقوى الغربية إليهما مرة أخرى بعد أن تزايدت الاهتمامات بوتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، وتحويل معظم الدعم الغربي المقرّر لكييف صوب تل أبيب دون اهتمام واسع بحرب أوكرانيا كما كانت الأمور قبل 7 أكتوبر.
وقال عبيد، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الجيش الأوكراني بات في حاجة ماسّة إلى قذائف المدفعية والدبابات في مواجهة نظيره الروسي على خطوط المواجهة، لذا يحاول القادة الأوكران دفع الغرب لمعاودة ضخ الدعم اللامتناهي صوب بلادهم لضمان استمرار العمليات العسكرية.
واستعرض عبيد عددا من الرسائل، يود أن يبعث بها زيلينسكي إلى القوى الغربية:
- التأكيد على دعم بوتين لفلسطين كيدا في قوى الغرب بزعامة الولايات المتحدة وضرورة التصدي له بورقة الدعم.
- محاولة الرئيس الأوكراني الضغط على أميركا المنهمكة في دعم حليفتها الأولى إسرائيل ودفعها إلى معاودة الدعم بصورة مكثّفة.
- إدراك زيلينسكي أولويات الدعم لدى الغرب صوب تل أبيب يدفعها لتوريط قوى الغرب وواشنطن المُتأثّرتين بفاتورة الدعم، مستغلا ضربه على غرار “القرم”.
- الترويج الأوكراني لضربة القرم إعلاميا لفْتُ انتباه قوي للغرب بضرورة استمرار الدعم الذي قلّصته أميركا بموجب قانون الإنفاق.