“ثاد” و”باتريوت”.. تعزيزات أميركية في الشرق الأوسط “تحسبا لأي طارئ”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

عندما أشرقت شمس يوم الجمعة، وأحرقت حرارة الخريف الأنقاض التي تفترش في شوارع غزة، خرج محمد عليان من فتحة منزله الجديد المصنوع من القماش.

احتشد محمد ومئات غيره من الفلسطينيين الذين نزحوا بسبب الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس في تجمع للخيام في جنوب غزة، وهي الصورة التي أعادت إلى الأذهان ذكريات الصدمة الكبرى التي تعرضوا لها، وفق ما ذكروه لوكالة “أسوشيتد برس”.

في الأسبوع الماضي، بعد أن أمر الجيش الإسرائيلي عائلة عليان، إلى جانب أكثر من مليون فلسطيني آخر، بإخلاء الشمال، انتهى الأمر بمصمم الغرافيك، البالغ من العمر 35 عاما من مدينة غزة، أن يصبح بلا مأوى في مدينة خان يونس، مع القليل من وسائل الراحة، لا تتعدى مراتب رقيقة وشواحن هواتف تعمل بالطاقة الشمسية وأي ملابس وأوان تمكّن من وضعها في سيارة صديقه.

مع عدم توفر مكان آخر، وصل عليان وزوجته وأطفالهما الأربعة إلى مخيم مترامي الأطراف، والذي نشأ هذا الأسبوع بالأخص مع الفائض الذي شهدته ملاجئ الأمم المتحدة في قطاع غزة، الذي يعتبر معظم سكانه أصلا لاجئين منذ عام 1948 التي شكلت خلالها دولة إسرائيل.

قال عليان من مستشفى قريب حيث كان يبحث عن الماء ليعيده إلى أطفاله، الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و10 أعوام: “لقد تركنا كل شيء وراءنا، ولسنا حتى آمنين”. وكان من الممكن سماع هدير الغارات الجوية عبر الهاتف خلال حديثه لأسوشيتد برس.

مخيم وفره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في خانيونس

فقد عشرات الفلسطينيين منازلهم أو فروا منها خلال القصف الإسرائيلي المكثف الذي نجم عن هجوم دموي عبر الحدود شنه مسلحو حماس قبل أسبوعين تقريبا. أثار البناء المرتجل لما وصفته أسوشيتد برس بـ “مدينة الخيام” في خان يونس للمساعدة في إيوائهم الغضب وعدم التصديق والحزن في جميع الدول العربية بحسب الوكالة.

صف تلو الآخر من الخيام البيضاء يرتفع من موقف السيارات المغبر. يجلس الأطفال في الظل ويلعبون بهدوء بالحجارة. يقوم الرجال بقص شعر بعضهم البعض. الجيران الذين تعرفوا حديثا على بعضهم ينتظرون في الخارج لتلقي وجبتهم المشتركة من موظفي الأمم المتحدة، زوجان من أرغفة الخبز وعلب التونة أو الفاصوليا.

مخيم وفره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في خانيونس

قال داود قطب، وهو صحفي فلسطيني في الأردن لأسوشيتد برس: “هذه الصور أمر لا يمكن للعالم العربي أن يقبله”.

مشاهد الفلسطينيين وهم ينصبون خيام الأمم المتحدة على عجل تثير ذكريات مؤلمة عن الهجرة الجماعية التي يشير إليها الفلسطينيون باسم “النكبة”. ففي الأشهر التي سبقت حرب عام 1948 وأثناءها، فر ما يقدر بنحو 700 ألف فلسطيني أو طُردوا من مواقع أصبحت الآن إسرائيل، وكان الكثيرون يتوقعون العودة عندما تنتهي الحرب.

مخيم وفره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في خانيونس

وبعد مرور خمسة وسبعين عاما، أصبحت تلك الخيام المؤقتة في الضفة الغربية وغزة والدول العربية المجاورة منازل دائمة من الطوب.

قال رشيد الخالدي، أستاذ الدراسات العربية في جامعة كولومبيا، للوكالة: “إن عام 1948 يتبادر إلى ذهني على الفور عندما يُطلب من الفلسطينيين في غزة الفرار، يتبادر إلى ذهني على الفور عندما ترى تلك الصور (للخيام). لقد حفر الكتاب الفلسطينيون هذا في الوعي العربي”.

قالت وكالة اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة إن المخيم ليس دائما. وقالت إن الوكالة وزعت الخيام والبطانيات على عشرات الأسر النازحة في خان يونس الذين لم يتمكنوا من الإقامة في مرافق أخرى تابعة للأمم المتحدة “لحمايتهم من المطر وتوفير الكرامة والخصوصية”. وتضم غزة بالفعل ثمانية مخيمات دائمة، تحولت على مر السنين إلى أحياء حضرية متهالكة ومزدحمة.

لكن القلق الإقليمي بشأن الخيام في خان يونس والتحذيرات الإسرائيلية بشأن الإخلاء تزايد، مما زاد من حدة الاحتجاجات الغاضبة الضخمة التي تتصاعد في عواصم الشرق الأوسط بسبب الحرب في غزة التي بدأت في 7 أكتوبر.

في الجانب الإسرائيلي، قُتل أكثر من 1400 شخص معظمهم مدنيون في اليوم الأول للهجوم وفق السلطات الإسرائيلية.

كما قتل 4385 شخصا في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة عقب الهجوم منهم 1756 طفلا و967 امرأة، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

كان عليان متوترا للغاية بشأن مكان النوم والحصول على الطعام، وحاول هو وعائلته الاحتماء بإحدى مدارس الأمم المتحدة المزدحمة، لكن الظروف كانت “مروعة”، على حد قوله، فلا مكان للنوم ولا خصوصية. على الأقل هنا يستطيع أن يغلق غطاء خيمته.

قال: “نحن نعيش من لحظة إلى أخرى. نحاول ألا نفكر فيما سيأتي بعد ذلك، كيف أو متى سنعود إلى ديارنا”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *