أثارت عملية خطف منسق قضاء جبيل في حزب القوات اللبنانية، باسكال سليمان، أثناء عودته من تقديم واجب عزاء، في بلدة الخاربة، مساء الأحد، ضجة في لبنان.
وأظهرت كاميرات المراقبة سيارة سليمان في بلدة ترتج – جبيل متجهة نحو جرد البترون قبل أن تجري عملية الخطف عند مفترق يربط بلدة لحفد بطريق ميفوق وحاقل، من قبل مسلحين يستقلون سيارة “سوبارو” بيضاء اللون، حيث انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع يظهر كيف تقدمت سيارة الخاطفين مركبة منسق القوات.
وانتشر على مواقع التواصل تسجيل صوتي لشخص كان يجري مكالمة هاتفية مع سليمان حين حصلت عملية الخطف، حيث كشف أنه سمعه يناشد الخاطفين قائلاً: “لا ما تقتلوني عندي ولاد”، ليعثر بعدها على هاتف سليمان في بلدة ميفوق.
وفور ذيوع الخبر، سادت حالة من الغضب مناصرو القوات، وتجمع حشد من المتضامنين في مركز “القوات” في مستيتا جبيل، للتعبير عن استنكارهم للحادثة والمطالبة بإطلاق سراح سليمان فوراً، كما حضر رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع وعدد من النواب إلى المركز.
وقطع بعض المحتجين أوتوستراد جبيل بالاتجاهين منذ ليل أمس، ما تسبّب بزحمة سير خانقة لاسيما في ساعات الصباح الأولى، وحذر نائب القوات رازي الحاج، صباح اليوم، من أن الأمور تتجه نجو التصعيد في حال عدم إطلاق سليمان حيث أعلن في حديث صحفي “ما حدا يجربنا ومن بعد الساعة الخامسة لنا حديث آخر وتصعيد”.
توقيفات أمنية
تابع رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، عملية الخطف، وطلب في سلسلة اتصالات مع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي وقائد الجيش العماد جوزيف عون ومع القادة الأمنيين تكثيف التحقيقات والتنسيق في ما بين الأجهزة الأمنية لكشف ملابسات القضية في أسرع وقت وإعادة سليمان سالما إلى عائلته.
وأجرى وزير الداخلية، بسام مولوي، اتصالا بعائلة المختطف مؤكدا أن “الأجهزة العسكرية والأمنية تقوم بكل ما يلزم لكشف ملابسات عملية الخطف”.
وصباح الاثنين، أعلن الجيش اللبناني عبر صفحته على موقع “أكس” أن مديرية المخابرات تمكّنت بعد متابعة أمنية من توقيف عدد من السوريين المشاركين في عملية الخطف، وتجري المتابعة لتحديد مكان المخطوف ودوافع العملية.
وتتضارب المعلومات حول خلفية اختطاف سليمان، حيث يشير بعض الأشخاص إلى حزب الله كمشتبه به نتيجة التوترات الطائفية في منطقة جبيل لأسباب عقارية، وبين من يشيرون الى أن خلف عملية الخطف أسباب مالية لاسيما وأن سليمان موظف المعلوماتية في بنك بيبلوس.
وفي آخر المعلومات الصحفية، أورد موقع “mtv ” أن التحقيقات تشير حتى الآن الى أن “الخاطفين يشكّلون عصابة لسرقة السيارات”، وأن “مخابرات الجيش عثرت في طرابلس على السيارة التي استخدمت من قبل خاطفي سليمان، وكشفت التحقيقات الأولية أن اللوحة التي استخدمت على السيارة أجنبية، بينما السيّارة مسروقة”.
كما أشار الموقع الإلكتروني إلى أن “سليمان أصبح داخل الأراضي السورية أو قريبا منها وأن قوة من الجيش تتمركز في عكار لتحريره”.
تصويب على اللاجئين
وبعد الكشف عن أن سوريين شاركوا في عملية الخطف، سارع البعض إلى اتهام اللاجئين السوريين في لبنان، منهم وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال، النائب جورج بوشكيان، الذي قال في بيان إن “إسراع مخابرات الجيش اللبناني في القبض على منفذي عملية اختطاف المسؤول في القوات اللبنانية باسكال سليمان يتطلّب أيضا الاسراع في الكشف عن مكان اختطافه وتحريره واعادته سالماً إلى عائلته وأهله ومحبّيه”
وأضاف “تستدعي المتابعة التنسيق بين الأجهزة الأمنية وتقاطع معلوماتها وتبادلها حتى تنتهي العملية بسلام، كما يريد جميع اللبنانيين الذين يستنكرون ما حصل، ويتطلّعون إلى استتباب الأمن وفرضه على جميع المواطنين وعلى النازحين السوريين الذين بدل عودتهم إلى المناطق الآمنة في بلدهم سوريا، يفتعلون المشاكل في لبنان من دون سبب إلا لإيقاع التفرقة بين اللبنانيين وبينهم وبين السوريين، وتنفيذ جرائم الخطف والسرقة والتهريب وتعاطي الممنوعات وغيرها”.
ردود فعل منددة
بعد عملية الخطف، دعت الدائرة الإعلامية في “القوات اللبنانية” “جمعيات تجار جبيل ووجهائها وبلدياتها ومخاتيرها إلى إقفال جميع المحال في جبيل ومنطقة جبيل ساحلاً ووسطاً وجرداً، الاثنين، استنكاراً لخطف ابن جبيل” كما دعت الأحزاب والشخصيات الحليفة والمستقلة إلى الوقوف صفاً واحداً استنكاراً وصداً لأي اعتداء على الحريات العامة والخاصة في لبنان”.
وأثارت القضية مواقف سياسية وحزبية وشعبية مندّدة ومؤكدة أن “هناك جهات تلعب بالنار وتخطط جاهدة لاستجرار فتنة في هذا التوقيت الحساس الذي تمر به البلاد”، وطالبت الأجهزة الأمنية بـ”العمل السريع و الجدي لكشف هذه الجريمة وانزال أشد العقوبات بالخاطفين ومحاسبتهم، قبل أن تنحدر الأمور الى الأسوأ وتتخذ منحاً خطيراً”.
ودان الحزب التقدمي الاشتراكي ما حصل، مطالباً “الأجهزة الأمنية بذل كل الجهود لكشف ملابسات هذه الحادثة وخلفياتها، وتأمين عودته سالماً، وأن تتم محاسبة المرتكبين والمتورطين، وإحقاق القانون درءا لمزيد من الاحتقان والتوترات”.
ودانت “الكتلة الوطنيّة” ما حصل مع سليمان في بيان، معتبرة أن “سبب هذا التسيّب الأمني يعود إلى تغييب الدولة وضرب هيبتها وانتشار السلاح غير الشرعي الذي ترافق أخيراً مع بروز التشكيلات المسلّحة لدى أحزاب لبنانية عدّة بحجج مختلفة”.
وبعد أن استنكرت عملية الخطف، دعت هيئة قضاء جبيل في “التيار الوطني الحر” في بيان “الجهات المعنية للتحرك سريعاً والكشف عن ملابسات العملية وإطلاق سراح سليمان في أسرع وقت”.
وفي المواقف أيضا، استنكرت مصلحة الأساتذة الجامعيين في “القوات اللبنانية” عملية الاختطاف “الآثمة والمجرمة لمنسق منطقة جبيل باسكال سليمان، يوم الأحد”، طالبة من “الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الجيش اللبناني ملاحقة الخاطفين المجرمين وتحريره، كما سوق هؤلاء إلى القضاء المختص بعد توقيفهم من أجل إنزال أشد العقوبات بهم حرصاً على أمن البلاد وصوناً للقانون والمؤسسات”.
ودعت “جميع الجامعات في قضاء جبيل إلى التوقف عن التدريس، الاثنين”، مؤكدة على “تضامنها مع الدكتورة ميشلين وهبة زوجة باسكال ومع الدكتور جيلبير سليمان شقيق باسكال”.
ودعا نقيب صيادلة لبنان، الدكتور جو سلوم، في بيان، “صيدليات قضاء جبيل إلى مشاركة أهالي المنطقة وقفتهم التضامنية بالطريقة التي يرونها الأمثل”.
وأكد أن “الصيادلة كانوا إلى جانب الأهالي في كل الاستحقاقات، لاسيّما الأوقات العصيبة من كورونا إلى التدهور في الواقع الاقتصادي والصحي”، داعيا “القوى الأمنية إلى كشف ملابسات الحادث المؤلم واجراء كل ما يلزم حفاظاً على لبنان الدولة والقانون والعيش المشترك”.