أغلقت مراكز الاقتراع بالكويت أبوابها، مساء الخميس، لتبدأ عمليات الفرز تمهيدا لإعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت الخميس، وهي الرابعة منذ ديسمبر 2020، والأولى بعد تولي الشيخ، مشعل الأحمد الصباح، مقاليد الحكم أميرا للبلاد في نهاية العام الماضي.
وقالت وزارة الإعلام أن نسبة الإقبال بلغت 58.36 بالمئة بحلول الساعة الحادية عشرة مساء بالتوقيت المحلي (الثامنة بتوقيت غرينتش).
وقال المستشار، طارق خالد النصف، رئيس اللجنة الأصلية 61 في الدائرة الأولى بمنطقة سلوى قبيل الإغلاق إن نسبة التصويت في لجنته بلغت 58 بالمئة، واصفا الاقبال بأنه “طيب جدا”.
وأضاف “لاحظنا تعاون جميع السادة الناخبين مع أعضاء السلطة القضائية مما انعكس على العملية الانتخابية وأدى لنجاحها… السلطة القضائية على مسافة واحدة من جميع المرشحين، وواجبنا هو الحفاظ على شفافية وصحة العملية الانتخابية”.
وأكد أنه وبعد التأكد من إدلاء آخر ناخب بصوته، ستبدأ عملية فرز الأصوات مباشرة بحضور مندوبي المرشحين.
وتوقع نصار الخالدي، رئيس شركة مجموعة قياس للاستشارات السياسية والاستراتيجية، أن تتجاوز نسبة المشاركة 65 بالمئة بنهاية التصويت.
وقال الخالدي “المواطنون مؤمنون بالديمقراطية رغم العثرات. كل عائق أمام الديمقراطية وكل حل للمجلس يزيد نسبة الاقبال” مشيدا بإجراءات تنظيم التصويت وبالإقبال الكبير من الناخبين.
ويتنافس 200 مرشح، وهو أقل عدد منذ أكثر من خمسة عقود، على أصوات الناخبين البالغ عددهم نحو 835 ألفا لاختيار 50 عضوا.
وتجرى الانتخابات تحت إشراف القضاء ووفقا لنظام الصوت الواحد الذي يعني أن لكل ناخب الحق في منح صوته لمرشح واحد فقط، وتتم عملية الاقتراع في يوم واحد من الساعة 12 ظهرا وحتى 12 بعد منتصف الليل.
وتتكون الكويت من خمس دوائر انتخابية، لكل دائرة عشرة نواب، حيث يفوز المرشحون الذين يحصلون على المراكز العشرة الأولى في كل دائرة بعضوية البرلمان.
وقام رئيس الوزراء الشيخ محمد صباح السالم الصباح بجولة على بعض اللجان الانتخابية.
وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلام محلية إشادته بمشاركة المواطنين ومصافحته لرجال الأمن المشاركين في تأمين العملية الانتخابية.
وقال تلفزيون الكويت إن رئيس الوزراء أشاد بالسير المحكم والتنظيم الجيد لعملية الاقتراع.
ويتوقع المحللون ألا يشهد المجلس تغييرا كبيرا في ظل توالي الانتخابات، الأمر الذي لا يتيح للناخبين مراقبة واختبار مرشحيهم.
وتوقع المحلل السياسي الدكتور صالح السعيدي أن تتراوح نسبة التغيير في البرلمان الجديد بين عشرين وثلاثين في المئة أي بين عشرة إلى 15 نائبا جديدا.
وقال السعيدي لرويترز إن توالي الانتخابات “يقلص نسبة التغيير ولا يعطي فرصة أكبر للوجوه الجديدة”.
مقدمة الأولويات
تشير التوقعات إلى أن الإصلاحات الاقتصادية ستكون في مقدمة الأولويات بعد تعطل كثير من القرارات في الدولة المنتجة للنفط بسبب الخلافات طويلة الأمد بين الحكومات المعينة والبرلمانات المنتخبة.
وانتقد أمير الكويت بقوة مجلس الأمة والحكومة في أول خطاب له أمام البرلمان بعد أدائه اليمين الدستورية في 20 ديسمبر كانون الأول لما قال إنه “إضرار بمصالح البلاد والعباد”.
ويبدو أن هذا النهج الذي يركز على الإصلاح مع قليل من التسامح مع الخلافات السياسية يهدف إلى دفع الدولة الخليجية الصغيرة عضو أوبك، التي تأخرت في قطار التنمية عن جيرانها الإقليميين، إلى تحقيق إصلاحات طموحة لتخليص اقتصادها من الاعتماد على النفط.
وأعاقت التوترات، التي دامت عقودا بين الحكومات المعينة والبرلمانات المنتخبة، الإصلاح المالي في الكويت، بما في ذلك تمرير قانون الدين الذي يسمح للكويت بالوصول إلى الأسواق الدولية والتخفيف من اعتمادها الكبير على عائدات النفط.
وتسعى الكويت إلى المضي قدما في خطط للإصلاح الاقتصادي تتضمن تنويع الاقتصاد وجذب المستثمرين الأجانب وتشجيع القطاع الخاص.
وخلف الشيخ مشعل، البالغ من العمر 83 عاما، شقيقه الراحل الشيخ نواف الأحمد في ديسمبر كانون الأول وحل البرلمان في 15 فبراير شباط، بعد أقل من شهرين من توليه السلطة.
واستند المرسوم الأميري بحل المجلس إلى “ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة”.
ورغم أن الأمير له الكلمة العليا في السياسة الكويتية يتمتع المجلس التشريعي بتأثير كبير مقارنة بالمجالس المماثلة في الدول الخليجية المجاورة، لكن الجمود السياسي أدى إلى تغييرات مستمرة في التشكيلات الوزارية وحل البرلمانات.
واستقالت حكومة الشيخ أحمد النواف بعد ساعات من خطاب الأمير في 20 ديسمبر كانون الأول، وشكل الشيخ محمد صباح السالم الصباح حكومة جديدة تضم وزراء جددا للنفط والمالية والشؤون الخارجية والداخلية والدفاع.
وحول توقعاته للمرحلة المقبلة قال نصار الخالدي “لابد أن تتكيف الحكومة مع مخرجات الانتخابات، كما أن الرأي العام يطالب النواب بالتكيف مع الحكومة وإعادة تجربة التنسيق والتفاهم التي سادت” بين حكومة الشيخ أحمد النواف مع غالبية النواب في البرلمان السابق.
توصيل الرسالة
قالت الناخبة، دانة النصف، وهي تدلي بصوتها في لجنة بمنطقة ضاحية عبد الله السالم قرب مدينة الكويت “من المهم أن الواحد يصوت علشان يقدر يوصل الرسالة اللي يبيها (يريدها) إلى المجلس ويختار الشخص الصح اللي يمثله بالمجلس”.
وقالت، هدى المضف، إنها تعتبر “اليوم يوم عيد… هذا بالنسبة لي وايد مهم (مهم جدا). يهمني أن المرشح يسمع صوتي ويوصله حق الحكومة، يوصل شنو الأشياء اللي نحن نحتاجها كامرأة إلى الحكومة”.
وقالت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية بالوكالة، الشيخ فهد اليوسف الصباح، قام بجولة تفقدية في اللجان الانتخابية للتأكد من ضمان سير العملية الانتخابية بأفضل وجه ممكن.
وأضافت أن الوزير وجه “بضرورة توفير كل سبل التسهيلات وتذليل العوائق للناخبين قدر الإمكان للوصول للجان الانتخابية”.
كانت الكويت في مركز الاهتمام العالمي عندما احتلها الرئيس العراقي السابق صدام حسين في أغسطس آب 1990 قبل أن يتم تحريرها من خلال تحالف عسكري قادته الولايات المتحدة.
ومنذ التدخل الأميركي في العراق في 2003 ودعوات واشنطن للتغيير في الشرق الأوسط، تعرضت الأسرة الحاكمة لضغوط من الإسلاميين والليبراليين لتخفيف قبضتها وتوسيع المشاركة في السلطة.
وتحظر الكويت الأحزاب السياسية، ويخوض المرشحون الانتخابات مستقلين لكن البرلمان يتمتع بصلاحيات كبيرة منها الحق في استجواب رئيس الوزراء والوزراء وإقرار القوانين ورفضها وإلغاؤها.
ورغم أن الصلاحيات تمنح البلاد قدرا من الديمقراطية فهي تفتح الباب للجمود السياسي وتعطل القرارات.