في ظل الحرب المدمرة التي تشهدها السودان منذ أكثر من عام ونصف، وتسارع أبعاد الكارثة الإنسانية بصورة مرعبة، حذرت الأمم المتحدة من بلوغ عدد اللاجئين بسبب الحرب المدمرة رقمًا قياسيًّا عام 2024 تخطى عتبة الثلاثة ملايين شخص؛ ففي الأسبوع الأول فقط من شهر أكتوبر “تشرين الأول” الجاري تدفق على تشاد 25 ألف لاجئ من السودان، جلهم من الأطفال والنساء.
وأوضح منسق الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المنطقة “مامادو ديا بالده” خلال مقابلة في جنيف؛ أن عتبة الثلاثة ملايين لاجئ الفارين من السودان سيتم تجاوزها في الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع المقبلة، لافتًا إلى أنها كارثة تعود إلى اشتداد عنف النزاع.
وفي مؤشر إلى تفاقم النزاع في منطقة دارفور الواقعة في غرب السودان، وصل نحو 25 ألف شخص، 80 في المئة منهم، من النساء والأطفال إلى شرق تشاد في الفترة من 1 إلى 7 أكتوبر، في أعلى رقم مسجل هذا العام؛ وفقًا لـ”بالده”.
وتجاوز هذا العدد إلى حد كبير عدد النازحين المسجل في شهر سبتمبر “أيلول” بأكمله؛ إذ فرّ خلاله حوالى 20 ألفًا و270 شخصًا إلى تشاد، ويستقبل هذا البلد، وهو من بين أفقر الدول في العالم، أكبر عدد من اللاجئين السودانيين “681944”، لكن “بالده” أكّد أن الخدمات الأساسية لاستقبالهم فيه غير متوافرة، مثنيًا على السخاء الذي يظهره التشاديون؛ بحسب “فرانس برس”.
ودعا “بالده” المجتمع الدولي إلى زيادة الدعم المُقدّم، في حين تمّ تمويل خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين لعام 2024 المقدرة قيمتها بـ1,51 مليار دولار، بنسبة 27 في المئة فقط، وهذا ليس كافيًا؛ لأن عدد اللاجئين مستمرّ في الارتفاع.
وتوقّع المنسق أن يكون هناك المزيد من اللاجئين في تشاد في الأسابيع المقبلة؛ بسبب تصاعد حدة النزاع في دارفور، وأيضًا انحسار المياه الناجمة عن الأمطار، ومع انتهاء موسم الأمطار، تأمل الأمم المتحدة أن تتمكّن من إيصال المزيد من المساعدات إلى السودان في حال سمح طرفا النزاع بذلك.
وفشلت عدة جولات من المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب، وفي أعقاب مناقشات نظمتها الولايات المتحدة في سويسرا، التزم الطرفان المتحاربان في نهاية شهر أغسطس “آب”، ضمان وصول آمن ومن دون عوائق للمساعدات الإنسانية عبر ممرّين رئيسيين.
وقال “بالده”: “هذا ساعدنا على إنقاذ حياة بشر، ولكن لم تُحترم كل الالتزامات التي تم التعهد بها، وما زال وصول المساعدات محدودًا، معربًا عن أسفه لاستمرار وجود حواجز على المستوى الإداري.
وطالب بتحرُّك الجهات الفاعلة في مجال التنمية لتكمّل المساعدات الإنسانية، مع التأكيد على الحاجة إلى السلام في السودان، ورأى أن الاعتقاد بأن نزوح السكان سيقتصر على السودان والمنطقة خطأ كبير، فالمزيد من المهاجرين السودانيين يتجهون نحو إيطاليا، ونحو أوروبا، ونحو الجنوب الإفريقي، وهناك من يذهب إلى دول الخليج أيضًا.
ويشهد السودانُ منذ أبريل “نيسان” 2023 حربًا بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وهو أيضًا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو، واتُّهم كلٌّ من الجيش وقوات الدعم السريع بارتكاب فظاعات بشكل متكرر خلال الحرب، بما فيها استهداف المدنيين والقصف العشوائي للمناطق السكنية ونهب المساعدات أو منع إيصالها.
وقتل عشرات الآلاف منذ اندلاع الحرب ويواجه نحو 26 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد أو ما يقرب من نصف السكان؛ بحسب منظمة “أطباء بلا حدود”.
وأُعلنت المجاعة في مخيم زمزم في دارفور، ونزح نحو 11,3 مليون شخص، بينهم مليونان و947 ألفًا و27 شخصًا فروا من السودان، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.