ترحيب وتريث.. ما انعكاسات فوز ترامب على الدول المغاربية؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 11 دقيقة للقراءة

بعد نحو أسبوع من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، ما تزال مواقف حكومات الدول المغاربية متباينة بشأن اعلان فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية، فبينما رحبت حكومات بانتخابه ورأت فيه دعما لعلاقاتها مع واشنطن، فضلت أخرى الصمت وعدم إبداء أي موقف رسمي حتى الآن.

وتتابع المنطقة المغاربية بترقب واهتمام كبيرين شأنها شأن باقي مناطق العالم العد التنازلي لتولي ترامب سدة الحكم في يناير المقبل وإعلانه تشكيل طاقمه الحكومي، وذلك وسط تساؤلات حول ملامح توجهاته بخصوص قضايا المنطقة.

المغرب

هنأ العاهل المغربي محمد السادس، الأربعاء الماضي، الرئيس المنتخب دونالد ترامب على فوزه،  عبرا عن امتنانه لاعترافه في ولايته الأولى بسيادة المملكة على إقليم الصحراء الغربية.

وقال ملك المغرب في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية “إنني لأستحضر فترة ولايتكم السابقة التي بلغت علاقاتنا خلالها مستويات غير مسبوقة تميزت باعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الكاملة للمملكة المغربية على كامل ترابها في الصحراء”.

وأضاف “هذا الموقف التاريخي، الذي سيظل الشعب المغربي ممتنا لكم به، يمثل حدثا هاما ولحظة حاسمة”، و”يعد بآفاق أرحب لشراكتنا الإستراتيجية”.

وشكل إعلان ترامب دعم ترامب لسيادة المغرب على الصحراء الغربية عام 2020 مقابل تطبيع الرباط علاقاتها مع إسرائيل منعطفا تاريخيا وتحولا سياسيا في هذا النزاع المستمر مع جبهة البوليساريو منذ عام 1975.

وتسيطر الرباط على نحو 80 بالمئة من هذه المنطقة وتقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها، فيما تدعو بوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب)، التي تساندها الجزائر إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1991.

وتعول الرباط على وصول ترامب إلى البيض الأبيض لحشد المزيد من الدعم الدولي لموقف المغربي، خاصة وأن إدارة الرئيس بايدن لم تصدر أي موقف جديد يدعم الرباط بالوضوح نفسه الذي ميز فترة إدارة الرئيس دونالد ترامب.

وإلى جانب الملف السياسي، تجمع واشنطن والرباط شراكة استراتيجية أيضا تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ومكافحة التهديدات المشتركة، ودعم المبادرات الإقليمية والدولية لحفظ السلام، وفق مسؤولي البلدين.

وتعد مناورات الأسد الأفريقي، التي توصف بالأضخم في القارة الأفريقي، أيضا من بين ركائز التعاون العسكري والأمني بين البلدين، وتنظم هذه المناورات سنويا بالمغرب بمشاركة عدد من حلفاء الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب.

اقتصاديا، مكنت اتفاقية التبادل الحر الموقعة بين البلدين عام 2006 من رفع إجمالي التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب بأكثر من أربعة أضعاف، حيث انتقلت من حوالي 1.3 مليار دولار عام 2006 إلى 5.5 مليار دولار عام 2023.

الجزائر

هنأت الجزائر بدورها الرئيس المنتخب دونالد ترامب، مؤكدة عزمها مواصلة العمل من أجل “ترقية الديناميكية الإيجابية التي تشهدها الشراكة الثنائية بين البلدين إلى آفاق أرحب”.

وقال الرئيس عبد المجيد تبون في تهنئة نشرتها الوكالة الجزائرية الرسمية “وأغتنم هذه المناسبة لأذكر بعمق علاقات الصداقة التاريخية التي تجمع الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية ولأشيد بالديناميكية الإيجابية التي تشهدها الشراكة الثنائية في شتى المجالات، معربا في نفس الوقت عن عزمي العمل معكم من أجل ترقيتها إلى آفاق أرحب بما يخدم مصالحنا المشتركة”.

وعلى خلاف الترحيب الرسمي والشعبي في المغرب بإعادة انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، لم يلاحظ نفس الحماس في الجزائر لعدة اعتبارات.

رفضت الجزائر عام 2020 اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية ورأت في القرار “تقويضا” للجهود المبذولة لحل النزاع.

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية حينها إن القرار الأميركي “ليس له أي أثر قانوني لأنه يتعارض مع جميع قرارات الأمم المتحدة وخاصة قرارات مجلس الأمن بشأن مسألة الصحراء الغربية”.

وإلى جانب ذلك، تسبب تطبيع الرباط علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل في توتر علاقتها من جهة أخرى بجارتها الشرقية الجزائر، حتى وصلت إلى القطيعة الدبلوماسية عام 2021.

ولم تشهد العلاقات السياسية بين الجزائر وواشنطن أي تطور لافت بعد الاعتراف بمغربية الصحراء، وبقيت في نفس المستوى حتى بعد صعود باين للسلطة.

ورجح تقرير لصحيفة “جون أفريك” الفرنسية أن تبقى العلاقات الثنائية بين البلدين على المنوال نفسه خلال ولاية ترامب الثانية، وأن يبقى مستوى التعاون بين الدولتين محصورا في الجانب الأمني والعسكري.

وتوقعت المجلة أن “يفضل ترامب بقوة” الرباط على الجزائر في السنوات الأربعة المقبلة لقلة “نقاط الالتقاء” بين واشنطن والجزائر.

إلى جانب ذلك، يُتوقع أن يشكل اختيار ترامب لماركو روبيو لتولي وزارة الخارجية في إدارته الجديدة تحديا أيضا للجزائر، خاصة وأنه سبق لهذا السيناتور عن ولاية فلوريدا أن وجه خلال شغله منصب نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي عام 2022 رسالة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن يدعوه للتحرك لفرض عقوبات على الجزائر بسبب صفقاتها العسكرية مع روسيا.

وتحتل الجزائر المركز الـ15 في قائمة الشركاء التجاريين لروسيا، لكنها تحتل في الوقت نفسه، المركز الثالث عالميا في قائمة أكبر مستوردي العتاد العسكري الروسي، وفق المجلس الروسي للشؤون الدولية.

لكن التعاون الأمني في مجال محاربة الإرهاب سيبقى “حجر الزاوية” في علاقات واشنطن بالجزائر، ولا يتوقع أن يتأثر أو أن يتراجع خلال الفترة الرئاسية الثانية لدونالد ترامب.

وتعليقا على هذا التعاون، قالت سفيرة واشنطن لدى الجزائر عام 2022 إن “الجزائر والولايات المتحدة تسعيان إلى الاستقرار والازدهار في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل”، مؤكدة أن “التعاون الأمني وحرينا المشتركة ضد الإرهاب ستظل حجر الزاوية في علاقانا الثنائية”.

موريتانيا

هنأ الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بدوره ترامب على فوزه في الانتخابات الرئاسية وقال في منشور بحسابه على منصة “إكس” إنه يتطلع إلى تعزيز التعاون بين نواكشوط وواشنطن.

وفي جاء في نص التهنئة “تهانينا الخالصة لرئيس دولة الولايات المتحدة الأمريكية، المنتخب، السيد دونالد ترامب على نيله ثقة الشعب الأميركي في الانتخابات”.

وتابع “أتمنى له التوفيق. وهي مناسبة أيضا لتأكيد تطلعنا نحو تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين بلدينا الصديقين”.

وتطمح موريتانيا، التي ترأس الاتحاد الإفريقي، إلى توطيد تعاونها الثنائي مع واشنطن، سيما في مجالات التنمية الاقتصادية والمجال الأمني بالنظر إلى التوترات التي تشهدها منطقة الساحل.

شعبيا، يبدو أن صعود ترامب إلى السلطة أقلق الكثير من الموريتانيين خاصة بعد أن تزامنت فترة الانتخابات مع تورط مواطن موريتاني غير نظامي في حادث إطلاق نار استهدف رجلا يهوديا بشيكاغو.

وأثارت تدوينة لصفحة تابعة للحملة الانتخابية لترامب، على منصة “إكس” الجدل في موريتانيا بطرحها سؤال: هل سمعتهم يوما بدولة اسمها موريتانيا؟.

ثم أوضح الحساب أن هذه الدولة الواقعة في شمال غرب إفريقيا هي موطن شاب وصل الولايات المتحدة عام 2023 بشكل غير نظامي عبر الحدود الأميركية المكسيكية من جهة سان دييغو، وأُطلق سراحه، في انتقاد لسياسة كامالا هاريس في مجال الهجرة.

لذلك أقلق صعود ترامب الكثير من المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين في الولايات المتحدة، كما أقلق الكثير من أسرهم التي باتت تعول على تحويلاتهم المالية في السنوات الأخيرة، بعد أن وضع ترامب ملف ترحيل المهاجرين على قمة أولوياته.

وفي العام الماضي، تصدر الموريتانيون أعداد المهاجرين غير النظاميين الأفارقة الذين عبروا الحدود الأميركية المكسيكية عام 2023، حيث بلغ عددهم 15 ألفا بينما لم يتجاوز مجموع المهاجرين الأفارقة الذين نجحوا في تخطي الحدود 13 ألفا عام 2022 بحسب أرقام رسمية.

تونس

على خلاف الدول المغاربية الثلاثة السابقة، لم تصدر تونس حتى الآن أي بيان رسمي يرحب بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية.

وفي غياب تفسير رسمي للأسباب التي حالت دون تهنئة الرئيس قيس سعيد للرئيس الأميركي المنتخب، قد يكون هذا البلد المغاربي فضل تأخير التهنئة إلى يوم تنصيب ترامب في 20 يناير المقبل.

وتعود العلاقات الدبلوماسية بين تونس وأميركا إلى سنة 1799، أي قبل أزيد من 200 سنة، بعد إبرام أول اتفاقية للصداقة والتبادل التجاري بين البلدين.

اقتصاديا، فاق حجم المبادلات التجارية بين واشنطن وتونس أزيد من مليار و300 مليون دولار عام 2023، وتحتل الولايات المتحدة المركز الخامس في قائمة المستمرين الأجانب في هذا البلد المغاربي.

عسكريا، تعد تونس من بين الشركاء الاستراتيجيين للواشنطن في المنطقة، كما مُنحت صفة “حليف أساسي خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)” منذ عام 2015.

ومع توالي السنوات يستمر البلدان في تعزيز هذا التعاون الأمني من خلال شراكات جديدة وتداريب عسكرية تجمع قوات البلدين في مناورات الأسد الإفريقي أو في التمرين البحري “فينكيس إكسبرس 24” تستضيف تونس مؤخرا.

وقال الخبير الأمني التونسي في تصريح سابق لموقع “الحرة” إن “تغير القيادة الأميركية في أعقاب الانتخابات الرئاسية لن يغير من سياستها الخارجية تجاه تونس بمواصلة دعمها في مجابهة الكثير من التحديات من بينها مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الحدودي ومقاومة الهجرة غير النظامية إلى جانب تبادل الخبرات في مجال الأمن السيبراني”.

ليبيا

بدورها، لم يصدر عن السلطات الليبية أن رد فعل حتى الآن على فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية.

ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، تعاني ليبيا من انقسامات ونزاعات مسلحة وصراعات سياسية، تتنافس حاليا فيها حكومتان على السلطة: واحدة مقرها طرابلس (غرب) برئاسة عبد الحميد الدبيبة منذ مطلع عام 2021، وأخرى برئاسة أسامة حماد عينّها مجلس النواب في فبراير 2022 ويدعمها الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر.

ويصعب التنبؤ بموقف الرئيس المنتخب من هذا الانقسام المستمر، وما إن كان سيدعم أحد الطرفين دون آخر أو يضغط عليهما معا لتسريع تنظيم الانتخابات المؤجلة منذ ديسمبر 2021.

وكان مواطنو ليبيا من بين مواطني دول ذات أغلبية مسلمة شملها قرار أصدره ترامب في بدايات ولايته الأولى تم بموجبه وقف دخولهم إلى الولايات المتحدة.

المصدر: الحرة

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *