دخلت نيكاراغوا في سجال مع ألمانيا أمام محكمة العدل الدولية، أعلى محاكم الأمم المتحدة، الاثنين، إذ اعتبرت أن برلين تساعد في جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة من خلال بيع أسلحة لإسرائيل، ما يسلط الضوء على الإجراءات القانونية المتزايدة لدعم الفلسطينيين.
وفي دعواها، طلبت نيكاراغوا من المحكمة اتخاذ خمسة إجراءات مؤقتة تشمل “تعليق (ألمانيا) فورا مساعداتها إلى إسرائيل، خصوصا العسكرية منها بما في ذلك المعدات العسكرية”، بحسب فرانس برس.
ودعت المحكمة إلى أن تصدر أمرا لألمانيا بـ”التراجع عن قرارها تعليق تمويل الأونروا”، بعد أن قررت برلين، في يناير الماضي، تعليق تمويل المنظمة الأممية بانتظار نتائج تحقيق في الاتهامات الإسرائيلية بأن عددا من موظفيها شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر.
وشدد محامو نيكاراغوا على أن ألمانيا “تنتهك” اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، الموقّعة عام 1948، والتي أُبرمت غداة المحرقة النازية، عبر تزويدها إسرائيل بالأسلحة حتى بعدما أدركت وجود خطر ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.
وقال المحامي عن نيكاراغوا، دانيال مولر، أمام المحكمة “إنه فعلا تبرير مؤسف للأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين بأن تقدّم مساعدات إنسانية، بما في ذلك عبر إلقائها من الجو، من جهة، وتمدّ (الجيش الإسرائيلي) بالمعدات العسكرية المستخدمة في قتلهم والقضاء عليهم.. من جهة أخرى”.
وقال سفير نيكاراغوا لدى هولندا، كارلوس خوسيه أرغويلو غوميز، أمام المحكمة إن “ألمانيا غير قادرة على ما يبدو على تحديد الفرق بين الدفاع عن النفس والإبادة”.
وطلبت نيكاراغوا من محكمة العدل الدولية اتّخاذ قرار بفرض “تدابير مؤقتة”، وهي أوامر طارئة تفرض ريثما تنظر المحكمة في القضية بشكل أوسع.
وتعد ألمانيا أحد أقوى حلفاء إسرائيل منذ هجمات السابع من أكتوبر التي شنها مسلحو حركة حماس، والهجوم الذي أعقب ذلك على قطاع غزة. وهي واحدة من أكبر موردي الأسلحة لإسرائيل، إذ أرسلت معدات عسكرية وأسلحة بقيمة 326.5 مليون يورو (353.70 مليون دولار) في عام 2023، بحسب وكالة رويترز نقلا عن بيانات لوزارة الاقتصاد.
كيف ردت ألمانيا؟
والثلاثاء، قالت مفوضة القانون الدولي بوزارة الخارجية الألمانية، المحامية تانيا فون أوسلار-غلايشن، لقضاة محكمة العدل الدولية إن قضية نيكاراغوا “متسرعة واستندت إلى أدلة واهية” ويجب رفضها بسبب عدم الاختصاص القضائي.
وتابعت قائلة “ألمانيا تبذل قصارى جهدها للوفاء بمسؤوليتها تجاه الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني”، وتعد أكبر مانح فردي للمساعدات الإنسانية للفلسطينيين، بحسب رويترز.
واعتبرت أن أمن إسرائيل يمثل أولوية بالنسبة لألمانيا بسبب تاريخ الإبادة النازية لليهود في المحرقة. وأضافت: “تعلمت ألمانيا من ماضيها، الماضي الذي يتضمن المسؤولية عن واحدة من أفظع الجرائم في تاريخ البشرية، المحرقة”. واستخدمت الكلمة العبرية التي ترادف المحرقة.
وقال كريستيان تامس، محامي ألمانيا للمحكمة إنه منذ السابع من أكتوبر، فإن 98 في المئة من صادرات الأسلحة إلى إسرائيل عبارة عن معدات عامة مثل السترات والخوذ والمناظير. وأضاف أنه من بين أربع حالات تمت فيها الموافقة على تصدير الأسلحة الحربية، كانت ثلاث تتعلق بأسلحة غير صالحة للاستخدام في القتال مثل ذخيرة التدريب.
تأسست محكمة العدل الدولية لإصدار أحكامها بشأن النزاعات بين الدول، وباتت لاعبا رئيسيا في الحرب بين إسرائيل وحماس التي اندلعت بعد هجمات السابع من أكتوبر.
ومن المتوقع أن تصدر المحكمة إجراءات مؤقتة بشأن قضية نيكاراغوا في غضون أسابيع، لكن الحكم النهائي قد يستغرق سنوات. وعلى الرغم من أن الأحكام من المفترض أن تكون ملزمة قانونا، إلا أن المحكمة ليس لديها آلية لتنفيذها.
وفي يناير الماضي، قضت محكمة العدل الدولية، ردا على اتهام من جنوب أفريقيا، بأن المزاعم بانتهاك إسرائيل بعض الحقوق المكفولة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية مقبولة، وأمرت باتخاذ إجراءات طارئة بما في ذلك دعوتها إلى وقف أي أعمال إبادة جماعية محتملة.
ورغم أن قرارات المحكمة ملزمة، إلا أنها لا تملك آلية لفرض تطبيقها. فعلى سبيل المثال، أمرت روسيا بوقف غزو أوكرانيا لكن دون نتيجة على الأرض.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر بعد شن حركة حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أوقع 1170 قتيلا غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا مازال 129 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.
وردّت إسرائيل متوعدة بـ”القضاء” على حماس، وتشن منذ ذلك الحين حملة قصف مكثف وهجوما بريا واسع النطاق، ما تسبب بمقتل 33207 أشخاص، معظمهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة في حكومة حماس، وخلّف دمارا هائلا بينما تحذر الأمم المتحدة من جوع “كارثي”.