بعدما ضربت الفيضانات عالمنا.. كيف صارت الأرض أكثر رطوبة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

لم تكن الأمطار الغزيرة التي تسببت بفيضانات قاتلة في جميع أنحاء العالم خلال الأسابيع الأخيرة “متوقعة”، سواء من حيث موقعها، أو قوتها، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

فمن شرق أفريقيا إلى جنوب شرق أستراليا، واجهت أجزاء واسعة من عالمنا أجواء صعبة بعد هطول أمطار غزيرة على غير العادة في مناطق غير متوقعة.

وتسببت الأمطار الغزيرة، إلى جانب البنية التحتية غير المجهزة لمثل هذه الفيضانات، في حدوث وفيات ودمار وعمليات إجلاء جماعية في عدة قارات.

وطبقا للصحيفة الأميركية، فإن الأمطار الغزيرة القوية هي نتيجة لأنماط الطقس الناجمة بشكل كبير عن ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي العام الماضي.

ويفسر العلم هذه الأنماط القاسية من الطقس، بأنه كلما زادت سخونة الكرة الأرضية، أصبحت أكثر رطوبة أيضا.  

وببساطة، كلما كان الهواء أكثر دفئا، كلما زادت كمية بخار الماء الموجودة في الهواء.

ورغم أن التساؤلات لا تزال قائمة بشأن ما إذا كان ارتفاع درجات الحرارة العالمية سيستمر، فإن الأمر المؤكد أن الغلاف الجوي الأكثر دفئا يحمل المزيد من الرطوبة التي تهطل لاحقا على شكل أمطار، بينما تبخر المحيطات الأكثر دفئا المزيد من الماء إلى الهواء، حسبما قالت سارة كابنيك، وهي كبيرة العلماء في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالولايات المتحدة.

وأضافت كابنيك أن “هذه الأحداث تحدث بشكل متكرر الآن على نطاق هطول الأمطار الشديد. إنها تحدث في أماكن لا نعتقد أنها ممطرة مثل دبي، لذلك هو أمر مدهش”.

38 تريليون دولار.. دراسة تكشف عن تبعات اقتصادية صادمة لتغير المناخ

كشفت دراسة حديثة نشرتها مجلة “نيتشر” العلمية البريطانية أن من المرجح أن تتسبب التغيرات المناخية في خسائر سنوية للاقتصاد العالمي بنحو 38 تريليون دولار بحلول عام 2049.

في كل من فيضانات شهر أبريل الماضي، اجتمعت مجموعة معينة من الظروف الجوية القاسية معا لتسبب العواصف، وفقا لما ذكره خبراء الأرصاد الجوية وعلماء المناخ.

ويقول الخبراء إن كمية الأمطار التي هطلت خلال هذه العواصف الربيعية كانت غير عادية. 

على سبيل المثال، هطلت أمطار في بلدان شرق أفريقيا بكميات تتراوح من 4 إلى 20 بوصة خلال شهر أبريل، أي ما يصل إلى 6 أضعاف الكمية الطبيعية، وفقا لبيانات مركز التنبؤ المناخي التابع لهيئة الأرصاد الجوية الأميركية.

وتعرضت العاصمة الكينية نيروبي لما يقرب من 12 بوصة على مدى 7 أيام، مما أدى إلى تفجير سدود ودفن بلدات في الوحل، وتحويل شوارع بالمدينة إلى أنهار قاتلة.

وسقطت أمطال بمعدل أكثر من 10 بوصات خلال يوم واحد في دبي، وهي نسب تعادل ما لا يقل عن عام عادي من الأمطار.

وغمرت الأمطار القياسية التي بلغ إجماليها 17 بوصة خلال الشهر مقاطعة قوانغدونغ بجنوب الصين، حيث انهار جزء من الطريق السريع في منطقة جبلية، مما أسفر عن مقتل 48 شخصا. 

وتضم المقاطعة 127 مليون نسمة والعديد من عمالقة التكنولوجيا والتصنيع في الصين، التي يقع معظمها على طول ساحلها الجنوبي.

البرازيل نشرت قواتها المسلحة بولاية ريو غراندي دو سول بعد الفيضانات

ونشرت البرازيل قواتها المسلحة بولاية ريو غراندي دو سول بجنوب البلاد بعد هطول أمطار بلغ منسوبها 6 بوصات خلال 24 ساعة، مما تسبب في فيضانات جماعية خلال الأسبوع الماضي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 55 شخصا، وفقدان حوالي 70 شخصا وتشريد أكثر من 80 ألف آخرين.

ومع وصول أحد الأنهار الرئيسية في المنطقة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، دمرت الطرق والجسور، مما أدى إلى تعطيل المحاصيل في ثاني أكبر ولاية منتجة لفول الصويا في البلاد. 

وتُرك نحو نصف مليون شخص دون إمكانية الحصول على المياه النظيفة و300 ألف شخص دون كهرباء بعد انهيار سد صغير لتوليد الطاقة الكهرومائية، مما أدى إلى موجة من المياه الموحلة بارتفاع مترين اجتاحت القرى المحلية.

وأكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة في شهر مارس الماضي أن عام 2023 الأكثر حرا على الإطلاق مع بلوغ متوسط درجة حرارة سطح الكوكب 1.45 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الثورة الصناعية.

وحذرت الأمم المتحدة من أن هناك “احتمالا كبيرا” بأن يشهد عام 2024 درجات حرارة غير مسبوقة بعدما اختتم العام الماضي عقدا كان الأكثر حرا على الإطلاق، بحسب التقرير الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة لها.

ويمكن أن تكون أضرار الأمطار أسوأ في المناطق الحضرية مثل دبي، حيث لا يمكن للمياه أن تتسرب إلى الأرض، أو في المناطق الريفية حيث تم قطع النباتات من أجل الغذاء أو الوقود، وفقا لجوستين مانكين، أستاذ الجغرافيا المساعد بكلية دارتموث.

فيضانات “جزيرة العرب”.. ما أسباب الأمطار القياسية؟

غمرت مياه السيول عددا كبيرا من الطرق في السعودية في موجة جديدة من الأمطار الغزيرة التي تضرب منطقة الخليج الصحراوية، وهزت قبل ذلك الجارة الإمارات بعد أن عطلت السيول القياسية الحياة أبريل الماضي في عدد من المناطق في دبي وأبوظبي.

وقال مانكين: “يحتوي سطح الأرض على كمية محدودة من الماء يمكنه امتصاصها. تشكل البيئة كيفية توجيه هطول الأمطار وتشكل خطرا على الناس في شكل فيضانات”.

وتابع: “هذا هو الحال في جميع هذه الأماكن سواء كنت تتحدث عن شرق أستراليا أو دبي أو شرق الصين”.

وهطلت أمطار غزيرة على أستراليا خلال شهر مارس، الذي أصبح ثالث أكثر شهر مارس على الإطلاق في معدلات سقوط الأمطار، حيث تجاوز معدل هطول الأمطار حوالي 86 بالمئة المتوسط على المدى الطويل، وفقا لمكتب الأرصاد الجوية في البلاد. 

وضرب إعصار استوائي الجزء الشمالي النائي من البلاد في ذلك الشهر، مما دفع السلطات إلى إغلاق الطرق بسبب الفيضانات وتعليق شركات التعدين عملياتها.

وبحسب تقرير “وول ستريت جورنال”، فإن تلك الكوارث الناجمة عن الظواهر الجوية غير الطبيعية “هي نتيجة لارتفاع درجات الحرارة العالمية”. 

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *