دعا قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الجمعة، الأمين العام إلى تعيين منسق خاص للمساعدات لمساعدة الفلسطينيين المحاصرين في غزة، وإنشاء آلية لتسريع تسليم المساعدات، بالتشاور مع جميع الأطراف المعنية.
ولا ينص القرار على “وقف إطلاق النار”، وبدلا من ذلك، يطالب الأطراف المتحاربة بـ”السماح وتسهيل وتمكين توصيل المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون عوائق” للمدنيين في غزة و”تهيئة الظروف لوقف مستدام للأعمال العدائية”.
وجرى التفاوض بشأن هذا القرار بـ”دقة” لتجنب اعتراضات الولايات المتحدة، التي وقفت إلى جانب إسرائيل في معارضة قرار سابقة تطالب إسرائيل بالموافقة على وقف كامل لإطلاق النار، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
ويبقى تأثيره على الأرض موضع تساؤل، إذ إن المساعدات التي تدخل قطاع غزة بكميات محدودة لا تقارن بالحاجات المتعاظمة لسكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة نزحت غالبيتهم العظمى في ظل الحرب والدمار.
ومع استمرار الحرب دون توقف، يبقى من غير الواضح متى سيتم تعيين المنسق الخاص للمساعدات لغزة ومدى نجاح جهود هذا المسؤول. وقالت منظمات الإغاثة، إنه بدون وقف كامل للقتال، سيكون من المستحيل تقريباً توزيع ما يكفي من المساعدات في غزة.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة بـ”العقبات الكبرى” أمام توزيع المساعدات نتيجة الطريقة التي تنفذ بها إسرائيل “هجومها” في غزة، مشددا على أن وقف إطلاق النار “هو السبيل الوحيد لتلبية الحاجات الماسة للسكان في غزة ووضع حد لكابوسهم المستمر”.
كما أن القرار لم يحل على الفور أيا من المأزق الذي أدى إلى تقييد دخول المساعدات إلى غزة، بما في ذلك نظام التفتيش الصارم الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية، التي تقول إنها تريد منع دخول الأسلحة أو غيرها من السلع التي قد تفيد العمليات العسكرية التي تشنها حماس.
وقال مسؤولون إسرائيليون، بعد التصويت، إنهم سيواصلون تفتيش جميع البضائع التي تدخل غزة،، وهي عملية انتقدها مسؤولون في الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة ووصفتها بأنها مرهقة وبطيئة.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، بعد التصويت: “إن القرار يحافظ على سلطة إسرائيل الأمنية لمراقبة وتفتيش المساعدات التي تدخل غزة”.
ووصفت مصر، التي يعد معبر رفح الحدودي مع غزة نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات، القرار بأنه “خطوة إيجابية مهمة نحو تخفيف المعاناة الإنسانية التي تؤثر على المدنيين الفلسطينيين”.
واعتبرت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها أيضا، أن هذا الإجراء “غير كاف” لأنه لا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وهو ما قالت الوزارة إنه “الوسيلة الوحيدة لوقف إراقة الدماء في غزة”.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق من ناحية النطاق والشدة نفذه مقاتلون من حماس بعد اقتحامهم الحدود بين غزة وجنوب إسرائيل، وأدى إلى مقتل نحو 1140 إسرائيلي وخطف 250 شخصا لا يزال 129 منهم محتجزين في القطاع وفق سلطات الدولة العبرية.
وأدى القصف الإسرائيلي الانتقامي بآلاف القنابل برا وبحرا وجوا، إلى مقتل 20258 شخصا في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 53 ألفا آخرين، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وفي الأسبوع الماضي، وبعد ضغوط دولية كبيرة، فتحت إسرائيل معبر “كرم أبو سالم” الرئيسي لنقل البضائع إلى غزة، وبدأت في السماح بدخول المساعدات، عبره للمرة الأولى منذ بدء الحرب.
وكان معظم الوقود والسلع التجارية في غزة يأتي من إسرائيل قبل الحرب، لكن إسرائيل أغلقت معابرها مع غزة بعد هجوم السابع من أكتوبر.
واضطرت شاحنات المساعدات إلى السفر من مصر إلى معبر كرم أبو سالم للتفتيش من قبل الجيش الإسرائيلي، ثم العودة إلى مصر لدخول غزة من هناك، مما يؤدي إلى إبطاء العملية وتعقيدها.
وفي ظل الوضع الإنساني الكارثي في غزة، أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أن “الطلب الأكثر إلحاحا هو وقف فوري لإطلاق النار”.
وأشار إلى أن القطاع الذي تبلغ مساحته 362 كيلومترا مربعا وحيث يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين في مخيمات مؤقتة، تهدّده إلى حد كبير “الجوع والمجاعة وانتشار الأمراض”.
بدوره، قال مدير وكالة الأونروا في غزة، توماس وايت، عبر منصة إكس “لا يوجد مكان آمن، (ليس هناك) مكان نذهب إليه”، مضيفا “الناس في غزة بشر وليسوا أحجارا على رقعة شطرنج”.