أبقى البنك المركزي التونسي على سعر الفائدة القياسي دون تغيير على الرغم من ارتفاع التضخم، في وقت تواجه البلاد أزمة يضاعف تبعاتها فشل السلطات في الحصول على قرض من البنك الدولي، وفق تقرير لوكالة “بلومبيرغ”.
وذكرت “بلومبيرغ” أن التوتر السياسي في تونس يعرقل جهود الإصلاح اللازمة للحصول على قرض تشتد الحاجة إليه من صندوق النقد الدولي.
وأبقى البنك المركزي التونسي على سعر الفائدة القياسي عند 8 في المئة، حسبما ذكرت الهيئة التنظيمية في بيان عقب اجتماع مجلس الإدارة، الخميس.
وقال البنك المركزي إن “الموقف الحالي للسياسة النقدية سيدعم مزيدا من تخفيف التضخم خلال الفترة المقبلة” ، بينما حذر من أن مخاطر حدوث تسارع إضافي “تميل بشكل كبير إلى الاتجاه الصعودي”.
وتسارع معدل التضخم على أساس سنوي، في أغسطس، إلى 9.3 في المئة ، مما أدى إلى كسر نمط هبوطي استمر معظم العام، وفق الوكالة.
وأبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير، منذ ديسمبر، عندما رفعها بمقدار 75 نقطة. وقال إنه مستعد للتحرك إذا ظهرت مخاطر تضخمية في الفترة المقبلة.
ويعاني التونسيون من نقص مزمن في المواد الغذائية الأساسية بعد أن حاولت الدولة، التي تعاني من ضائقة مالية، الحد من الواردات. ويصطف الكثيرون في طوابير الصباح الباكر للحصول على الخبز، في حين أثّر الجفاف هذا العام على محصول القمح المحلي.
وتنقسم المخابز في تونس إلى صنفين: الأول يشمل 3737 مخبزا يستفيد من الدقيق المدعوم الذي توفره الدولة، والثاني يشمل “المخابز العصرية” (1500 إلى 2000) التي كانت تحصل حتى بداية أغسطس على الدقيق المدعوم بثلاثة أضعاف ثمنه.
وبعد احتجاجات، في 7 أغسطس، أعقبت إصدار مرسوم في مطلع الشهر يحرم “المخابز العصرية” من الطحين المدعوم بذريعة أنها تبيع الخبز بأسعار مرتفعة، لم تعد الأخيرة تتلقى الطحين والسميد من الدولة التي تنفرد التزويد بالمادتين.
وتنطبق النُدرة أيضا على السكر والقهوة والحليب، وامتدت مؤخرا إلى المشروبات الغازية مع نقص الغاز الكربوني في البلاد.
وقال مواطن تونسي للرئيس، قيس سعيد، أثناء قيامه بجولة في مدينة أريانة الشهر الماضي: “نحن متعبون”، ليرد سعيّد قائلا: “أعلم أنك متعب. وأنا أيضا متعب”.
وتولى سعيد سلطات مطلقة تقريبا، في عام 2021، وهي خطوة قال إنها تهدف إلى إنهاء الفساد وسوء الإدارة على مدار العقد الماضي. لكن نهجه المتشدد على نحو متزايد وتردده في التوقيع على الإصلاحات التي دعت إليها المؤسسات الدولية زاد من المخاوف بشأن مخاطر التخلف عن سداد ديون تونس.
وفي حين أن البلاد وقعت على برنامج صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار دولار، إلا أنها لم تتلق الموافقة النهائية من مجلس إدارة المقرض الذي يتخذ من واشنطن مقرا له.
وكان الصندوق أعطى ضوءا أخضر أول لتونس، في أكتوبر الماضي، بإعلان موافقة مبدئية، لكن منذ ذلك الحين تعثرت المفاوضات حول هذا القرض البالغة قيمته 1.9 مليار دولار وتوقفت المشاورات بين الطرفين منذ نهاية عام 2022 ولم تتقدم قيد أنملة.
ويسعى صندوق النقد الدولي إلى إجراء تغييرات اقتصادية واسعة النطاق، بما في ذلك إجراءات خفض التكاليف التي يقول الرئيس التونسي إنها لا يمكن الدفاع عنها.
من الصعب تخيل استمرار المحادثات مع صندوق النقد الدولي الذي يعارض سعيد الاستعانة به باقتراح “إطار مالي عالمي جديد”.
وأكد الرئيس التونسي رفضه “لإملاءات” الصندوق التي تتمثل في نظره في رفع الدعم عن المنتجات الأساسية وإعادة هيكلة مئات الشركات العامة المثقلة بالديون، وهما إجراءان كانت قد اقترحتهما حكومة نجلاء بودن مقابل الحصول على قرض.
وعزز قرض بقيمة 500 مليون دولار من السعودية، في يوليو، خزائن تونس. لكنها تحتاج إلى أموال أكثر بكثير لسداد الديون المستحقة على مدى العامين المقبلين، بحسب الوكالة.
ومن المتوقع أن تحدد الحكومة خطط ميزانيتها، قبل نهاية أكتوبر. ومن المتوقع أن يعطي ذلك بعض الوضوح فيما يتعلق بالتزامها بتأمين خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي.
ويبلغ دين تونس 80 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي، وهي بحاجة ماسة إلى تمويل لتسديد رواتب موظفي القطاع الحكومي (حوالي 680 ألف موظف إداري وما لا يقل عن 150 ألف في الشركات العامة)، فضلا عن نفقاتها الأخرى.
والمؤشرات الاقتصادية لا تشير إلى انفراج قريب للأزمة المالية. فقد بلغ عجز الموازنة 8 في المئة، في عام 2022، أتى ثلثاه من دعم قطاع المحروقات الذي ارتفعت أسعاره إثر الغزو الروسي على أوكرانيا، وفق “بلومبيرغ”.