وأعلن إيمانويل ماكرون عن تأييده الاعتراف بخصوصيات مجتمع جزيرة كورسيكا، التاريخية واللغوية والثقافية ضمن مادة خاصة في الدستور الفرنسي.
وأعرب بشكل خاص عن أمله في “أن يتم تدريس اللغة الكورسيكية بشكل أفضل ووضعها في قلب حياة كل كورسيكي”، في إشارة إلى إنشاء “خدمة التعليم العام لصالح ثنائية اللغة”.
كما دعا الرئيس إلى التحلي بالجرأة لبناء “الحكم الذاتي لكورسيكا في الجمهورية”، و”مرجع كورسيكي بالكامل، مرجع كورسيكا في الجمهورية”.
وشدد على أنه: “يجب أن يكون هذا الحكم الذاتي وسيلة لبناء المستقبل معا بدون فك الارتباط عن الدولة. لن يكون الحكم الذاتي ضد الدولة، ولا الحكم الذاتي بدون الدولة”.
وفي شهر يوليو الماضي، كانت الجمعية الكورسيكية قد اتخذت خطوة حاسمة بتبنيها، بأغلبية ساحقة، لمداولة تحدد معالم الحكم الذاتي المنشود، تتضمن الاعتراف بالشعب الكورسيكي، والمشاركة في اللغة الرسمية أو وضع المقيم، وكلها علامات قوية للقومية الكورسيكية التي تتجاوز الخطوط الحمراء التاريخية للسلطة التنفيذية الفرنسية.
ومن الواضح أن ماكرون لم يتناول هذه المقترحات في خطابه، لكنه وعد بإحراز تقدم في ثنائية اللغة أو مسألة الأرض، وهي مسألة بالغة الأهمية في الجزيرة.
وأمهل المسؤولين المنتخبين في كورسيكا ستة أشهر للتوصل إلى “اتفاق” مع الحكومة يؤدي إلى “نص دستوري” يسمح بتعديل وضع الجزيرة، ويقدم بعد ذلك إلى باريس، مؤكدا أنه “لا يوجد خط أحمر، هناك المثل الأعلى للجمهورية لبناء هذا الاتفاق”.
ماذا ستستفيد كورسيكا؟
يرى المتخصص في القوانين الدستورية والمحاضر في القانون العام في باريس، بنجامين موريل في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية” أن فكرة الحكم الذاتي التي اقترحها ماكرون في خطابه، “تشبه حالة كاليدونيا الجديدة إلا أنها تعتبر نظريا مستعمرة فرنسية. لكن المثير في الاقتراح الجديد هو أنه سيسمح لكورسيكا بأن تصبح قوة تشريعية ويكون لها قوانينها الخاصة وهي داخل الجمهورية الفرنسية في حين أن وحدة فرنسا تعني وحدة القانون”.
وأوضح موريل أنه “حاليا، البرلمان الفرنسي هو الوحيد الذي يصوّت على القوانين، لكن مشروع الحكم الذاتي المقترح إذا تحول إلى واقع، فسيسمح للجمعية الكورسيكية بتمرير وتشريع قوانينها الخاصة، مما يعني أن القانون الفرنسي والقانون الكورسيكي لن يصبحا نفس الشيء”.
وتابع قائلا: “بهذا الشكل المتقدم من اللامركزية، ستستفيد كورسيكا من المزيد من الصلاحيات مع البقاء داخل الجمهورية، وستظل الدولة محتفظة بسلطاتها السيادية في مجالات مثل العدالة والجيوش والعملة والحفاظ على النظام. السياسات الاقتصادية والمجالات المتعلقة بالصحة مثلا من الممكن أن تدار بشكل مباشر من قِبَل الجمعية الكورسيكية”.
ولترى هذه المحاولة الجديدة للإصلاح الدستوري النور، يتعين على الرئيس أن ينجح في الحصول على تصويت الأغلبية في الجمعية الوطنية والتغلب على عقبة مجلس الشيوخ، حيث اليمين صاحب الأغلبية، والذي سيستفيد من حق النقض، ويلي ذلك المصادقة عن طريق الاستفتاء أو اجتماع ثلاثة أخماس البرلمان في الكونغرس بفرساي.
ويستبعد موريل حصول ماكرون على التأييد لأنه حسب قوله “انحاز إلى جناح الأكثر تطرفا بين الاستقلاليين الكورسيكين، ولمس موقفه كل الخطوط الحمراء على اليمين واليسار، إذ كانت أغلب المطالب في الجزيرة تسير نحو الحصول على حق تكييف القوانين التشريعية مع الخصوصيات المحلية فقط”.
ويأتي هذا الخطاب الرئاسي بعد سنوات من الحوار الصعب مع القوى السياسية في الجزيرة، التي يرأس سلطتها التنفيذية منذ عام 2015 القومي المعتدل جيل سيميوني.