وللمرة الثانية خلال الحرب على غزة، استدعت تل أبيب السفير الإسباني بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، يوم الخميس، حول غزة، كما أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين استدعاء سفيرة بلاده في مدريد للتشاور.
كيف أغضب سانشيز إسرائيل؟
اعتبر سانشيز يوم الخميس، أن “من مصلحة الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالدولة الفلسطينية”، مضيفا:
- يتعين وضع حد للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني لاستقرار المنطقة.
- علينا إيجاد حل سياسي لإنهاء هذه الأزمة وهذا الحل يتضمن، في رأيي الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
- هذا الاعتراف هو في مصلحة أوروبا لسبب أخلاقي، لأن ما نراه في غزة غير مقبول.
وكان سانشيز، الذي تولى ولاية جديدة مدتها أربع سنوات، تعهد في خطاب تنصيبه العمل في أوروبا وإسبانيا من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما لم يستبعد إمكانية اعتراف بلاده بالدولة الفلسطينية بشكل فردي.
محطات من أبرز التوترات بين إسبانيا وإسرائيل
وتوترت العلاقات بين إسبانيا وإسرائيل منذ الحرب العالمية الثانية، ومرت بعدة محطات من التصعيد، أبرزها:
- عارضت إسرائيل انضمام إسبانيا للأمم المتحدة في نهاية الحرب العالمية الثانية بسبب علاقة مدريد بألمانيا النازية.
- لم تقم إسبانيا علاقات رسمية مع إسرائيل إلا في عام 1986.
- في 2006، وعقب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله، ظهر رئيس الوزراء الإسباني آنذك خوسيه لويس رودريغيز بالكوفية الفلسطينية وانتقد إفراط حكومة إسرائيل باستعمال القوة ضد اللبنانيين.
- في 2014، تبنى البرلمان الإسباني بالإجماع قراراً غير ملزم يدعو إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
- عارضت إسبانيا عقب اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي تعليق الاتحاد الأوروبي المساعدات للفلسطينيين.
- خلال الحرب الحالية، قدمت إسبانيا، التي تتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، اقتراحا بعقد مؤتمر للسلام في غضون 6 أشهر.
- 26 أكتوبر الماضي، طالبت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية إيوني بيلارا، الدول الأوروبية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ومعاقبتها بسبب قتل المدنيين.
- في 15 نوفمبر الماضي، تعهد سانشيز بأن تعمل حكومته للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودعا إلى وضع حد لـ”القتل الأعمى للفلسطينيين” في غزة.
- في 25 نوفمبر الماضي، أعلنت بلدية برشلونة قطع العلاقات الإسرائيلية بشكل كامل حتى وقف إطلاق النار.
- الحكومة الإسبانية قررت زيادة المساعدات التى تمنحها للفلسطينيين إلى 100 مليون يورو أخرى.
- وزيرة المساواة الإسبانية إيرين مونتيرو اتهمت الولايات المتحدة بـ”التواطؤ” مع “جرائم الحرب” التي ترتكبها إسرائيل بغزة.
- في 24 نوفمبر وأثناء زيارته لمعبر رفح، قال رئيس الوزراء الإسباني إن “تدمير غزة غير مقبول”و “العنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف”.
- في 1 ديسمبر، قال رئيس الوزراء الإسباني إنه يشك في أن إسرائيل تحترم القانون الدولي بالنظر إلى عدد الضحايا في غزة.
لماذا تتخذ إسبانيا موقفا مغايرا لأوروبا؟
ويقول الدكتور صلاح قيراطة، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة مدريد، لموقع ” سكاي نيوز عربية”، إن الموقف الإسباني يعد نزيها ومحايدا منذ بدايات الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، مضيفا أن إسبانيا:
- انحازت أخلاقيا وإنسانيا إلى غزة بعد ارتكاب إسرائيل مجازر بشعة بحق الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر الماضي.
- منذ الساعات الأولى للحرب، عارضت إسبانيا موقف الاتحاد الأوروبي الساعي لتجميد المساعدات الإنسانية لغزة.
- هو موقف أخلاقي ومنسجم مع قواعد القانون الدولي.
- مدريد ليست مندفعة في إدانة الهجوم الإسرائيلي بل موقفها يتسم بالتروي والعقلانية مقارنة بحجم الدمار الذي لحق بغزة وقتل المدنيين العزل.
- دعت منذ اندلاع الحرب إلى مؤتمر دولي للسلام أكثر موضوعية ومنطقية لإنهاء الصراع وكانت استضافت في التسعينيات مؤتمرا للسلام.
- إسبانيا دعت الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ولم يوافق الاتحاد، وستقوم بذلك بصيغة منفردة.
- الموقف الإسباني يتماهى مع مواقف دول مثل البرتغال وبلجيكا، كما ينسجم مع نبض الشارع الأوروبي الذي اجتاحته المظاهرات المطالبة بوقف الحرب على غزة.
اعتبر الأستاذ في جامعة كومبلوتنسي بمدريد، إساياس بارينادا، أن سانشيز سعى لسنوات لتعزيز مكانة إسبانيا الدولية، وهو يأمل أن يكون لموقفه “تأثير مضاعف” على بقية دول التكتل الأوروبي، في الوقت الذي تتعرض الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل لانتقادات في العالم العربي، مضيفا في تصريحات صحفية، أن:
- سانشيز عيّن وزيرة مولودة لأب فلسطيني في حكومته الجديدة.
- يملك فرصة وعليه الكثير من الضغوط من جناحه اليساري والرأي العام للتحرك في اتجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
- إسبانيا لجأت إلى الدول العربية خلال ديكتاتورية فرانكو (1939-1975) بهدف الالتفاف على عزلتها في الغرب.
- مدريد قريبة من العالم العربي وتبدي تعاطفا تجاه قضاياه وخصوصا القضية الفلسطينية.
- لطالما ناشدت إسبانيا بحل سياسي للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس حل الدولتين.