بعد الشهور الثلاثة.. “شعور باليأس” بين عائلات الرهائن الإسرائيليين

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

من المقرر أن تنظر محكمة العدل الدولية، بيومي 11و12 يناير الجاري، في الطلب المقدم من جنوب إفريقيا الذي يتهم إسرائيل بارتكاب أعمال “إبادة جماعية” في قطاع غزة.

وتريد جنوب أفريقيا أن تأمر أعلى محكمة في الأمم المتحدة إسرائيل، على نحو عاجل، بتجميد عملياتها العسكرية في القطاع، وهو ما رفضته إسرائيل “باشمئزاز”.  

ومحكمة العدل الدولية، التي عقدت جلستها الأولى عام 1946 مع خروج العالم من مذبحة الحرب العالمية الثانية والمحرقة، تفصل في القضايا بين الدول، وتنظر في الخلافات بشأن تفسير المعاهدات الدولية.

ويقول ملف جنوب أفريقيا، المؤلف من 84 صفحة، إن تصرفات إسرائيل “تعتبر إبادة جماعية في طابعها لأنها تهدف إلى تدمير جزء كبير” من الفلسطينيين في غزة.

وهي تريد من المحكمة أن تعلن أن إسرائيل “قد انتهكت، وما زالت تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية”، لعام 1948، التي تعرف الإبادة الجماعية بأنها “أفعال ترتكب بقصد التدمير، كليا أو جزئيا، لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية”.

ورفضت إسرائيل التهمة على الفور باعتبارها “لا أساس لها من الصحة”، وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليئور حيات، على منصة “أكس”: “ترفض إسرائيل باشمئزاز الافتراء الكاذب الذي نشرته جنوب أفريقيا ودعواها” أمام محكمة العدل الدولية. 

وأشاد رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتانياهو، بجيشه الذي يتحلى “بأخلاقيات لا مثيل لها” في حرب غزة، ونفى بدوره اتهامات جنوب أفريقيا. 

وقال مسؤول إسرائيلي إن بلاده قررت الدفاع عن نفسها لعدة أسباب: من بينها دور إسرائيل في الترويج لاتفاقية الإبادة الجماعية الأصلية بعد المحرقة، واعتقادها بأن “لدينا حجة قوية”. 

وذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن إسرائيل بدأت في اتخاذ خطوات عملية لمواجهة القضية، إذ تم تعيين محام بريطاني للدفاع عن إسرائيل أمام المحكمة.

محامون وتعليمات.. خطة إسرائيلية لمواجهة قضية الإبادة الجماعية أمام العدل الدولية

بدأت إسرائيل باتخاذ خطوات عملية لمواجهة قضية الإبادة الجماعية في غزة، التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، عبر تعيين محامين وإصدار تعليمات للسفارات، وفقا لتقارير إعلامية.

ومن المتوقع أن تشهد جلسة الاستماع المقرر عقدها في 11 يناير عرض ممثلي جنوب أفريقيا، في حين ستقدم إسرائيل دفاعها بمواجهة الاتهامات في اليوم التالي.

وفي تقريرها، تقول جنوب أفريقيا إن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة تنتهك التزامات إسرائيل بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. و”اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها” تعرف الإبادة الجماعية على أنها “أي من الأفعال المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو دينية، وهذه الأفعال تشمل قتل أعضاء من الجماعة، وإلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضائها، وإخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا، وفرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة، ونقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى”.

ويجري الآن في إسرائيل تجميع فرق قانونية للترافع أمام المحكمة الدولية، مما يخالف سياسة استمرت لعقود من الزمن تتمثل في مقاطعة المحكمة وقضاتها الـ15 المنتخبين.

وإسرائيل إحدى الدول الموقعة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وبالتالي فهي تخضع لولاية محكمة العدل الدولية، وهي جهاز تابع للأمم المتحدة ولأحكامها، وفق موقع أكسيوس.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

سيقدم محامو جنوب أفريقيا وإسرائيل الحجج القانونية في الجلسات المقبلة، وقد يحتاج القضاة أياما أو أسابيع لإصدار قرار بشأن الإجراءات الأولية، وفق أسوشيتد برس.

وستدخل المحكمة بعد ذلك في عملية مطولة للنظر في القضية بأكملها.

ويمكن لإسرائيل أن تطعن في الولاية القضائية وتسعى إلى إسقاط القضية قبل أن يبدأ المحامون في الترافع، ويمكن أيضا للدول الأخرى التي وقعت على اتفاقية الإبادة الجماعية أن تتقدم بطلبات، وفق أسوشيتد برس.

ما الحكم المتوقع؟

تتوقع صحيفة الغارديان البريطانية أن تصدر المحكمة حكما مؤقتا في غضون أسابيع، وهو ما سيحدث على الأرجح بينما ستكون العمليات العسكرية لاتزال جارية في غزة.

وتقول أسوشيتد برس إن  الأوامر المؤقتة ستكون سارية أثناء نظر القضية برمتها، وفي حين إنها ملزمة قانونا ولكن لا يعني ذلك التزام الأطراف بها.

وتقول “الغارديان” إن طلب جنوب أفريقيا لإصدار حكم مؤقت يتماشى مع الاتجاه الأوسع في محكمة العدل الدولية لمثل هذه الأحكام، إذ أن هناك مساع متزايدة في العقد الماضي للحصول على تدابير مؤقتة وقد أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة في 11 قضية، مقارنة بـ10 قضايا في الخمسين سنة الأولى من وجود المحكمة (1945-1995).

وكما هو الحال مع الأوامر المؤقتة الصادرة عن المحاكم الوطنية، تسعى التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية إلى تجميد الوضع القانوني بين الأطراف لضمان نزاهة الحكم النهائي في المستقبل. 

هل تنظر المحكمة في قضايا مماثلة؟

وهناك قضيتان أخريان للإبادة الجماعية على جدول أعمال المحكمة المزدحم، الأولى رفعتها أوكرانيا بعد وقت قصير من الغزو الروسي، والتي تتهم موسكو بشن العملية العسكرية بناء على مزاعم ملفقة عن إبادة جماعية، وتتهم روسيا بالتخطيط لأعمال إبادة جماعية في أوكرانيا.

وهناك قضية أخرى لاتزال سارية رفعتها غامبيا تتهم فيها ميانمار (بورما) بارتكاب إبادة جماعية ضد أقلية الروهينغا المسلمة.

وفي قضية سابقة رفعتها البوسنة، قضت المحكمة عام 2007 بأن صربيا “انتهكت التزامها بمنع الإبادة الجماعية.. فيما يتعلق بالإبادة الجماعية التي وقعت في سربرينيتسا في يوليو 1995″، كما رفعت كرواتيا دعوى قضائية على صربياعام 2015، لكن المحكمة العالمية قضت بأن صربيا لم تنتهك الاتفاقية في هذه القضية.

هل تلتزم الدول بالأحكام؟

يقول المحامي الأميركي، ماتي أليكسيانو، إن إجراءات المحكمة التزمت بها الدول الأطراف بـ50 في المئة فقط من القضايا، بما في ذلك قضية أوكرانيا على روسيا في عام 2022، وقضية غامبيا بارتكاب إبادة جماعية على ميانمار في عام 2020، فقد تحدت الدولة الطرف الخاسرة المحكمة ببساطة.

وتقول أسوشيتد برس إنه في قضية أوكرانيا على روسيا، أمرت المحكمة موسكو بتعليق غزوها على الفور، لكن موسكو تجاهلت القرار.

روبرت مكاو، مدير إدارة الشؤون الحكومية في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية “كير” قال لموقع “صوت أميركا”: إن المحكمة لا تستطيع تنفيذ أحكامها، لكن أعضاء الأمم المتحدة يمكنهم قبول نتائجها، وهذا يؤثر على أنواع السياسات التي تضعها الأمم المتحدة”.

وأضاف: “لذلك، يمكن أن يكون لهذا تأثير كبير في الكيفية التي قد نتمكن بها من التوصل إلى وقف لإطلاق النار أو محاسبة إسرائيل بوسائل أخرى عن الإبادة الجماعية المستمرة للفلسطينيين”.

وتقول “الغارديان” إنه إذا وضعنا جانب ما إذا كانت إسرائيل سوف تمتثل لأي أمر من محكمة العدل الدولية لتغيير سياساتها العسكرية والكف عن أي عمل يمكن باعتباره إبادة جماعية، فإن الضرر الذي قد يلحق بسمعة إسرائيل نتيجة لهذا الحكم سيكون كبيرا، وقد يؤدي على الأقل إلى تعديل بحملتها العسكرية.

وتشير حقيقة أن إسرائيل اختارت الدفاع عن نفسها أمام المحكمة وأنها من الدول الموقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية، “تجعل من الصعب عليها أن تتجاهل أي نتيجة سلبية”، حسب تعبير الصحيفة البريطانية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *