ينشغل المصريون بمجريات التحضير لانتخابات رئاسية، يسعى الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، من خلالها، للفوز بولاية ثالثة، رغم تصريحاته الأخيرة التي أثارت “صدمة” لدى البعض، تحدث في واحدة منها عن “الجوع والحرمان ثمنا للبناء والتنمية”، فيما نزل مواطنون للشارع في تظاهرات مؤيدة لخوضه الانتخابات.
“مجاعة”
خلال مؤتمر تحت عنوان “حكاية وطن” نظم منذ السبت، وجه السيسي تحذيرا للمصريين الذين يعانون من تضخم بلغ 40 بالمئة وانهيار للعملة المحلية التي فقدت 50 بالمئة من قيمتها.
وقال: “إذا كان البناء والتنمية والتقدم ثمنه الجوع والحرمان، إياكم يا مصريين أن تقولوا نأكل أفضل”. وضرب مثلا بدولة لم يسمها – كان واضحا أنها الصين – أصبحت “قوة عظمى” بعد أن مات “25 مليون من شعبها جوعا”.
وفورا أثار التصريح هذا استياء وسخرية على مواقع التواصل، التي عكف المصريون على اعتماد الحرص الشديد في استخدامها منذ تولي السيسي خوفا من الملاحقة بعد أن تضاعفت الاعتقالات بسبب التدوينات والتغريدات.
كتب مدون “إنني في صدمة، أنه يقترح علينا المجاعة”. وأضاف آخر “عادة يعطي المرشحون وعودا انتخابية حتى لو كانت كاذبة ولكنه، هو، يعد بالمجاعة”.
والأحد، آثار تصريح آخر للسيسي دهشة كبيرة عندما قال بالعامية المصرية: “أنا ممكن أهد (ادمر) البلد بباكتة (لفافة مخدرات) وشريط ترامادول (نوع من الدواء يستخدم كمخدر) وألف جنيه أديهم (أعطيهم) لمئة ألف واحد”.
فيديو تهديد السيسي؛ أقدر أهد مصر بمليار جنيه
باكتة بانجو + شريط ترامادول + ألف جنيه
فيديو يعرفنا ازاي الطرف الثالث كان بيستعين بالبلطجية#شريط_الترامادول #ارحل_يا_فاشل#المباحث_العامه#حكايه_وطن#احمد_طنطاوي_رئيسا_لمصر pic.twitter.com/Ce1d7n9Hoh— Ahmed Samir – أحمد سمير (@A_SAMIR_1) October 1, 2023
وذكر هذا التصريح المصريين بتعبير “الطرف الثالث” الذي كانت تستخدمه السلطات بعد ثورة 2011 لوصف أشخاص مجهولين لم يعرف من يقف وراءهم كانوا يعتدون بعنف على المتظاهرين في الشوارع.
كده البرنامج الانتخابي بتاعه :
مجاعة
٢٥ مليون واحد هيموت
باكتة
شريط ترمادول
١٠٠٠ جنيه#السيسي #شريط_ترمادول#شريط_الترمادول #الانتخابات_الرئاسية_المصرية #مصر pic.twitter.com/Mn0EeDL7tF— احمد محمد محمود (@SGhedifa) October 1, 2023
وقال السيسي البالغ 68 عاما أمام حشد من مؤيديه في العاصمة الإدارية الجديدة الواقعة شرق القاهرة “كما لبيت نداء الشعب من قبل، إنني بإذن الله البي نداءهم مرة أخرى وعقدت العزم على ترشيح نفسي لكم لاستكمال الحلم بمدة رئاسية جديدة”.
– رسميا عزيـز مصـر الرئيس #السيسى يعلن ترشحه لخوض الإنتخابات الرئاسية المقبلة ..✌️🇪🇬 pic.twitter.com/5PEfq8YLOJ
— EslAm OthmAn🦅🇪🇬 (@Esll7970Gladii) October 2, 2023
مع هذا كان للسيسي مؤيدون من المدونين قللوا من وقع تصريحاته، خاصة تلك المتعلقة بالجوع.
وأظهرت مشاهد بثّتها محطات تلفزة موالية للحكومة آلاف الأشخاص يحتفلون بالإعلان على منصات أقيمت مسبقا في مختلف أنحاء البلاد.
فى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حدثت اكبر مجاعة فى تاريخ الاسلام حتى أن امرأة كانت تطبخ الحجارة لابنائها ولم يقل أحد أن عمر هو سبب الفقر وفى عهد الرئيس #السيسي أفقر واحد فى مصر عنده اي فون وباقة نت وتكيف وسيارة ووزنه فوق الميت كيلوغرام وبيروح يعمل تكميم معدة عشان يخس
— أشرف السعد (@ashraaf_alsaad) October 1, 2023
وفي وقت سابق الإثنين نظّمت مسيرات في القاهرة لمطالبة السيسي الذي يتولى مقاليد الحكم منذ اطاحته الإسلامي، محمد مرسي، عام 2013، بالترشح لولاية ثالثة.
وقال أحد المشاركين في هذه التظاهرات، حسن عفيفي، وهو مدرس وصل في حافلة مع تلاميذه “خرجنا جميعا لدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي ومشروعاته الكبرى، ليس هناك من هو أفضل منه لمستقبل البلد”.
لكن في مناطق مثل مطروح، تحول تجمع انتخابي للسيسي إلى تظاهرة غاضبة شهدت إحراق لافتاته الدعائية وصوره وهتافات “ارحل يا سيسي”.
#مرسى_مطروح منذ قليل
مسيرة دعم السيسي تحولت لمظاهرة لاسقاط النظام pic.twitter.com/yppVkj7fJi— Sherif Osman® (@SherifOsmanClub) October 2, 2023
وفي عامي 2014 و2018، فاز السيسي بنسبة 96 بالمئة ثم 97 بالمئة من الأصوات في مواجهة معارضة ضعيفة بفعل القمع أو شكلية كما في 2018 عندما أعلن المنافس الرئيسي للرئيس المصري آنذاك تأييده له.
وهذا العام، خلافا للمرتين السابقتين، أعلنت عدة شخصيات عزمها الترشح للانتخابات من بينها أربعة رؤساء أحزاب.
ويقول مقربون من ثلاثة منهم إنهم نجحوا بالفعل في الحصول على تزكية من 20 نائبا في البرلمان هو الحد الأدنى الذي يحدده القانون للترشح.
والإثنين قال السيسي “لهم جميعا مني كل التقدير والاحترام. فالاختلاف سنة الله في خلقه، وحقيقة لا يمكن إنكارها.. والتنوع هو ثراء حقيقي، يدلل على خصوبة أمتنا وقدرتها على البقاء”.
طريق مختلف
ولكن مرشحا واحدا اختار طريقا مختلفا: أحمد الطنطاوي. فقد قرر هذا النائب السابق (44 عاما) أن يجمع توكيلات شعبية لدعم ترشحه.
ويحتاج الطنطاوي الى 25 الف توكيل من 15 محافظة ، طبقا للقانون، لاستيفاء أوراق ترشحه للرئاسة. ومنذ أسبوع، يجوب الطنطاوي البلاد لتشجيع أنصاره الذين يتوجهون الى مكاتب الشهر العقاري لتحرير التوكيلات الرسمية المطلوبة.
وتعلن حملته كل يوم أن أنصاره يمنعون عمدا من الحصول على التوكيلات بحجج مختلفة: عطل في أجهزة الحاسوب تارة وعدم توافر الوقت اللازم لدى الموظفين تارة أخرى.
وأمام مكتب الشهر العقاري في المنصورة ووسط جمع من أنصاره، قال الطنطاوي “نحمل كل مسؤول في الدولة مسؤوليته ويجب أن ينتبهوا الى أن الضغط على الناس خطأ وخطر”، مضيفا “ليس هناك مصري واحد سيصدق رواية أننا لم نتمكن من جميع 25 الف توكيل”.
وسواء تمكن من جمع التوكيلات أو لا قبل غلق باب الترشيح في 14 أكتوبر الجاري، فإن النائب السابق الذي اشتهر بانتقاداته الحادة للرئيس المصري وسياساته تحت قبة البرلمان، خلق حالة غير مسبوقة في مصر بعدما أغلق المجال السياسي منذ العام 2013.
فقد انتشرت لقطات فيديو تنقل هتافات مؤيديه في الشارع في بلد ممنوع فيه التظاهر، وأجرى الرجل حوارات مع وسائل اعلام مستقلة انتقد فيها الرئيس المصري وأعلن إصراره على خوض حملة من أجل إرساء “دولة القانون”.
من جهته، يكرر السيسي أنه يسلم أمره الى الله ، مستشهدا بالآية القرآنية التي تقول إن الله “يؤتي الملك” من يشاء.
وفي حال فاز في هذه الانتخابات، ستكون هذه الولاية الثالثة والاخيرة للسيسي طبقا للدستور الذي عدله في العام 2019 ليتمكن من الاستمرار في السلطة حتى العام 2030.
وتأتي الانتخابات الرئاسية فيما تمر مصر بمرحلة صعبة. فالنظام قرر أن يبكر موعدها عدة شهور ليتمكن بعدها، وفق الخبراء، من تحرير سعر صرف الجنية المصري، وهو مطلب رئيسي للحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي ولكن يخشاه معظم المصريين (105 ملايين نسمة) الذين يعيش ثلثاهم في فقر.
ولا يكف السيسي عن الإشادة بحصاد حكمه، ويعتبر أنه تمكن خصوصا من “القضاء على الإرهاب” في شمال سيناء.
وينتقد خبراء الاقتصاد المشروعات العملاقة التي تبناها ومنها المدينة الإدارية ومدن جديدة وقطارات فائقة السرعة وجسور وطرقوالتي يعتقدون أنه لا عائد لها لكنها تستنزف موازنة الدولة وتؤدي الى مضاعفة الديون.
وتحتل مصر الآن المرتبة الثانية على قائمة الدول المشكوك في قدرتها على سداد ديونها.