“انتصار بطعم الهزيمة”.. أسباب تراجع دعم مودي في الهند

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

فاز حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي وحلفاؤه، الثلاثاء، في الانتخابات الهندية، غير أنه فشل في الحصول على غالبية برلمانية مطلقة، وفق الأرقام الصادرة عن مفوضية الانتخابات، الثلاثاء.

وحصل حزب بهاراتيا جاناتا على 240 مقعدا، مقارنة مع 303 مقاعد فاز بها قبل خمس سنوات، ما يعني أنه سيضطر للاعتماد على شركائه، من أجل تشكيل حكومة ائتلافية. 

بالمقابل، حقق تحالف يضم أكثر من 20 مجموعة معارضة بزعامة “المؤتمر الوطني الهندي” مكاسب في عدة دوائر انتخابية رئيسية، محققا 99 مقعدا، أي تقريبا ضعف ما حصل عليه في 2019 وهو 52 مقعدا.

ووفقا لوكالة “بلومبرغ”، فقد شكلت نتيجة الانتخابات بمثابة “صدمة” بعد أن توقعت استطلاعات الرأي قبل أيام فوزا ساحقا لتحالف حزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات الماراثونية التي شارك فيها 640 مليون شخص على مدار سبعة أسابيع. 

ما التالي؟

وعلى الرغم من خسارة حزبه للأغلبية البرلمانية، أعلن مودي عزمه على الاستمرار في منصب رئيس وزراء الهند. 

ووفقا للنظام البرلماني الهندي، يقوم الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد بمحاولة تشكيل حكومة ائتلافية في حال عدم حصول أي حزب على الأغلبية المطلقة. 

ويتكون الائتلاف الذي يقوده مودي من حلفاء متعددين، لكن ولاء بعضهم متذبذب”. وفي حال إخفاقه في الحصول على الدعم الكافي لتجديد ولايته كرئيس للوزراء، فقد يطالب هؤلاء الحلفاء باختيار زعيم بديل أو الانشقاق عن الائتلاف والانضمام للمعارضة، غير أن الوكالة تذكر أنه أنه لا توجد دلائل قوية تشير إلى احتمالية حدوث هذا السيناريو.

وقال مودي في أول تعليق منذ بدء فرز الأصوات إن الناس وضعوا ثقتهم في الائتلاف الذي يقوده حزب بهاراتيا جاناتا للمرة الثالثة، وهو أمر تاريخي.

وقال مودي لأعضاء الحزب الفرحين في مقره بنيودلهي “تأييد الشعب للمرة الثالثة بعد 10 سنوات ترفع معنوياتنا وتمنحنا قوة جديدة”.

ومضى يقول “خصومنا، على الرغم من اتحادهم، لم يتمكنوا حتى من الفوز بعدد المقاعد الذي فاز به حزب بهاراتيا جاناتا”.

وعلى مدى معظم تاريخ الهند بعد الاستقلال، كانت الحكومات الائتلافية هي القاعدة، وقد نُسب لمثل هذه الحكومات الفضل في تحقيق إنجازات بارزة كانفتاح الاقتصاد الهندي مطلع التسعينيات.

مودي يتجه لتولي رئاسة وزراء الهند لفترة ثالثة لكن بأغلبية ضئيلة جدا

يتأهب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الثلاثاء للاحتفاظ بالسلطة على رأس ائتلاف حاكم لكن حزبه القومي الهندوسي خسر أغلبيته المطلقة للمرة الأولى منذ عشر سنوات خلافا لتوقعات تحقيقه فوزا ساحقا آخر.

ماذا وراء تراجع مودي وحزبه؟

بحسب وكالة “بلومبرغ”، فقد ارتكزت حملة الحزب بشدة على الوفاء بالوعود القومية الهندوسية وعلى القوة الشخصية لمودي. لكنها لم تكتسب جاذبية كافية بين ناخبين قلقين من أن الاقتصاد رغم كونه ضمن الأسرع نموا عالميا لا يوزع الفوائد بالتساوي.

بدورها، هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، أن نتائج الانتخابات تظهر تراجع بريق “علامة مودي التجارية”، مشيرة إلى أن شعبيته ارتبطت في السابق بقدرته على التسويق وتحويل الأحداث الروتينية إلى مشاهد مثيرة. 

وأعيد انتخاب مودي عن دائرته الانتخابية التي تمثل مدينة فاراناسي المقدسة لدى الهندوس بفارق 152.300 صوت مقارنة بنحو نصف مليون صوت قبل خمس سنوات.

وأثرت قضايا مثل البطالة المرتفعة وخاصة بين الشباب الذين يمثلون حوالي خُمسي سكان الهند، وارتفاع تكلفة المعيشة إضافة إلى تزايد أوجه عدم المساواة، بشدة على الناخبين، وفقا لـ”بي بي سي”.

وعلى الجهة المقابلة، ركزت المعارضة النشطة على هذه القضايا الجوهرية ضد الحزب الحاكم.

ويرى بعض المحللين أيضا أن هدف الحزب الطموح للحصول على 400 مقعد مع حلفائه ربما انقلب عليه سلبا، مما دفع بعض المؤيدين للتقاعس عن التصويت، وأثار مخاوف بأن الحزب سيستغل أغلبيته الضخمة لتقليص سياسات التمييز الإيجابي تجاه الأقليات. 

ماذا تعني هذه الانتخابات بالنسبة للهند؟

وبحسب بلومبرغ، فإن العديد من حلفاء حزب بهاراتيا جاناتا لا يشاركونه آراءه الهندوسية المتشددة التي تمثل جوهر أجندته. لذا قد يُضطر لتخفيف خطابه الحاد وتنحية طموحاته لتحويل الهند بشكل صريح لدولة هندوسية. 

كما قد يُجبر على منح مناصب وزارية وتنازلات أخرى للحلفاء. 

واقتصاديا، يُرجح أن تواصل حكومة بقيادته سياساتها المؤيدة للأعمال، لكن التفويض الأضعف قد يعني صعوبة تمرير إصلاحات طموحة في قواعد العمل والأراضي، والتي يعتبرها اقتصاديون ضرورية لاستمرار النمو. 

ولحشد الدعم المتراجع لحزبه، قد تلجأ حكومته لتدابير إنفاق شعبوية، مما يعرض خططها المالية للخطر.

وأثارت نتائج الانتخابات قلق المستثمرين، مع انخفاض الأسهم بشكل حاد بعد أن أظهرت النتائج أن مودي سيعتمد للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة في 2014 على ثلاثة أحزاب إقليمية على الأقل، وفقا لرويترز.

ويقول محللون إن هذا قد يثير قدرا من عدم اليقين في عملية صنع السياسات في أكبر ديمقراطية في العالم من حيث عدد السكان بعد حكم مودي القوي على مدى عشر سنوات.

ماذا تعني بالنسبة لبقية العالم؟ 

وفي ظل حكم مودي، تقوّى حضور الهند على الساحة العالمية بشكل كبير، بمساعدة معدل نموها الاقتصادي القوي الذي يزيد عن 8 بالمئة وبدعم من سكانها الشباب والمتزايدين الذين يجعلونها وجهة جذابة للشركات الأجنبية. 

وسعى مودي إلى تعزيز شراكة أعمق مع الولايات المتحدة، التي ترى في الهند شريكاً استراتيجيا أساسيا لموازنة النفوذ الصيني، مع الحفاظ أيضا على استقلالية استراتيجية تجلت في رفض الانضمام للغرب في إدانة روسيا على غزوها لأوكرانيا أو تجنب صادراتها النفطية. 

ولا يرى المحللون أن هذه المواقف من المرجح أن تتغير في أي وقت قريب. وينطبق الشيء نفسه على طموحات مودي لجعل الهند مركزا عالمياً للتصنيع والاستمرار في جذب المستثمرين الأجانب الباحثين عن قصة نمو جديدة مع تباطؤ الاقتصاد الصيني.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *