قررت الجزائر وقف قروض تمنح لدول أغلبها أفريقية، وفق ما أعلن في العدد الأخير من الجريدة الرسمية للدولة، وإرجاع الأموال المخصصة إلى خزينة الدولة دون تقديم مزيد من التفاصيل أو توضيح أسباب القرار.
وشملت القائمة التي نشرت دولا أغلبها تقربت من المغرب في الفترة الأخيرة وحضر ممثلوها اجتماعا تحضيريا لمبادرة اقتصادية أعلن عنها ملك المغرب في نوفمبر الماضي.
وأثار القرار الجزائري قراءات متباينة بين من يرى فيها عقابا لهذه الدول على تقربها من الرباط، ومن يرى أن الأمر لا يعدو كونه قرارا سياديا للجزائر في ظل التجاذبات الدبلوماسية في القارة الأفريقية.
وجاء في الجريدة الرسمية أن غلق حسابات قروض الدول الأجنبية يشمل “موريتانيا، ومالي، وغينيا، والنيجر، والكونغو الشعبية، ثم تانزانيا، وبنين”.
وتزامن القرار مع انضمام دول الساحل إلى المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب لتسهيل وصول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، وهي مبادرة اقتصادية تسعى المملكة من خلالها إلى تعزيز حضورها الاقتصادي في المنطقة.
يقول أستاذ العلوم الدستورية المغربي، رشيد لزرق، إن الخطوة الجزائرية هي محاولة لعرقلة المشروع المغربي وتنم عن “ضيق أفق” للسلطات في الجزائر، حسب تعبيره.
وديسمبر الماضي، حضر وزراء خارجية دول مالي والنيجر والتشاد وبوركينافاسو وبلدان أفريقية أخرى اجتماعا تحضيريا بمراكش للمبادرة.
وتحسب هذه البلدان على منطقة الساحل الأفريقي وهي محط تنافس دبلوماسي بين الجزائر والمغرب، ما أثار تكهنات أن القرار الجزائري مرتبط بمسار المبادرة المغربية.
ويرى الناشط الجزائري المعارض، وليد كبير، أن القرار هو رد فعل على مواقف هذه الدول من المبادرة المغربية وحتى مواقف هذه البلدان من قضية الصحراء الغربية.
وفي حديث لموقع “الحرة” يقول كبير إن هناك حربا دبلوماسية بين البلدين في هذه المنطقة، ويشير إلى أن هناك تغيرات تشهدها هذه البلدان، كما حدث بين النيجر والجزائر وتردد الأولى تجاه مبادرة السلام الجزائرية.
وكانت الجزائر أعلنت أنها قررت إرجاء المشاورات في شأن تنفيذ مبادرة الوساطة لحل الأزمة في النيجر عبر فترة انتقالية تستمر ستة أشهر، بعد إعلان النظام العسكري الحاكم أنه يرفض هذا الشرط.
ويرى كبير أن الجزائر تحاول أن تلوح بورقة القروض لكي تدفع هذه الدول إلى التراجع عن المبادرة المغربية.
وعن حضور موريتانيا في القائمة يرى كبير أن هناك توترا في العلاقات بين الجزائر وموريتانيا بسبب عودة التقارب بين نواكشوط والرباط في الفترة الأخيرة.
قرار سيادي
يستبعد المحلل الجزائري، حكيم بوغرارة، أن يكون القرار الجزائري مرتبطا بالمبادرة المغربية، ويقول في حديث لموقع “الحرة” إن “الأمر اقتصادي ومالي وخاضع لسيادة الدول، وظروفها المالية والاقتصادية”، مستدلا بتقديم الجزائر مليار دولار لصالح التنمية في عديد دول الساحل عبر الوكالة الدولية التعاون الدولي بكل سيادة ودون أن تطالب بأي شيء،أو تتراجع عن وعودها”.
لكن لزرق يرى في حديثه للحرة أن إعلان الجزائر العام الماضي عن مليار دولار لمساعدة الدول الأفريقية، واليوم تلجأ لسياسية قفل حسابات القروض لهاته الدول يجعلها في موقف “تناقض” ويجعل منها دولة غير موثوقة بالنسبة لهذه البلدان، بحسب تعبيره.
واستغرب بوغرارة في حديثه ربط الخطوة الجزائرية بالمبادرة الأطلسية، مشيرا إلى أن موريتانيا في القائمة رغم أنها لم تحضر اجتماع المبادرة في مراكش.
ويتابع المحلل أن الدول والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية تمنح قروضها وفقا لشروط، وتوقف وتمنع وفقا لقرارات سيادية، وهو ما قامت به الجزائر.
وتشهد العلاقات الدبلوماسية بين البلدَين المتجاورَين المتوترة منذ عقود بسبب النزاع حول الصحراء الغربية، وقطعت الجزائر علاقاتها مع الرباط منذ صيف العام 2021.