تعيش تونس على وقع أزمة سياسية منذ أن قرر الرئيس التونسي، قيس سعيّد، احتكار السلطات، في عام 2021، وشملت قراراته حل البرلمان وشن حملة اعتقالات، وصفتها منظمات حقوق الإنسان الدولية بـ “العنيفة”، آخرها طالت المعارضة التونسية البارزة، عبير موسي.
وفي 25 يوليو عام 2021 أعلن سعيّد تعليق عمل البرلمان لمدة 30 يوما وإقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، بناء على الفصل 80 من الدستور الذي يخوّله اتخاذ تدابير استثنائية في حالة “خطر داهم مهدد لكيان الوطن”.
وبعدها بثلاثة أيام، في 28 يوليو، أطلق سعيّد حملة لمكافحة “مَن نهبوا المال العام”، مطالبا 460 رجل أعمال متهمين باختلاس أموال خلال فترة حكم زين العابدين بن علي (1987-2011) بالاستثمار في المناطق الداخلية مقابل “صلح جزائي” معهم.
وفي 26 أغسطس من نفس العام، أعلنت منظمة العفو الدولية تسجيل 50 حالة حظر سفر “غير قانوني وتعسفي” ضد قضاة ومسؤولين ورجال أعمال ونائب في البرلمان.
وشنت السلطات التونسية حملة اعتقالات تضمنت إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق 12 شخصية سياسية بارزة، من بينها رئيس الوزراء السابق، يوسف الشاهد، ومديرة الديوان الرئاسي السابقة، نادية عكاشة، لاتهامهم بتشكيل “تحالف إرهابي والتآمر ضد الدولة”.
ونفذت السلطات التونسية حملة توقيفات واسعة، منذ فبراير من العام الماضي، طالت قيادات من الصف الأول في حزب النهضة ورجال أعمال وناشطين سياسيين.
وفي عام 2022، ندّدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بفرض إقامات جبرية في تونس، معتبرة أنّها في الواقع “اعتقالات سريّة بذريعة حال الطوارئ”.
وقالت المنظمة الحقوقية في بيان إنّ “السلطات التونسية تخفي تحت (شعار) بعض الإقامات الجبرية اعتقالات سرية بذريعة حال الطوارئ”، مشيرة خصوصاً إلى وزير العدل السابق والمسؤول الثاني في حركة النهضة، نور الدين البحيري، إضافة الى فتحي بلدي، المسؤول في الحزب المذكور الذي يعتبر الخصم الرئيسي للرئيس سعيّد.
وفي سبتمبر الماضي، أصدر القطب القضائي التونسي لمكافحة الإرهاب بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيس حزب النهضة بالنيابة، منذر الونيسي، الذي اعتقل، مطلع سبتمبر، على خلفية تسجيلات مسرّبة على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب ما أفاد حزبه.
واعتقل الونيسي من قبل عناصر من الشرطة، في 5 سبتمبر، قبل إحالة قضيته إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.
وفي إطار القضية ذاتها، تم توقيف مسؤولين آخرين في حزب النهضة بمن فيهم رئيس مجلس الشورى، عبد الكريم الهاروني.
كما اعتقل الزعيم التاريخي لحزب النهضة الإسلامي المحافظ، راشد الغنوشي، إثر تصريحات أكد فيها أن تونس مهددة بـ “حرب أهلية” إذا تم القضاء على الأحزاب اليسارية أو تلك المنبثقة من الإسلام السياسي على غرار حزبه.
وفي 15 مايو، حُكم عليه بالسجن لمدة عام بتهمة “تمجيد الارهاب” في قضية أخرى. وهو أشهر معارض مسجون منذ أن قرّر الرئيس سعيّد احتكار السلطات.
وكان آخر الاعتقالات البارزة في تونس، توقيف رئيسة الحزب الدستوري الحرّ، موسي.
قرار قضائي بسجن معارضة تونسية بارزة
أصدر قاضي التحقيق في تونس، الخميس، مذكرة إيداع بالسجن في حق رئيسة الحزب الدستوري الحرّ، عبير موسي، التي تعتبر من أبرز الوجوه المعارضة للرئيس، قيس سعيّد، على ما أفاد محاميها وكالة فرانس برس.
والخميس، أصدر قاضي التحقيق في تونس مذكرة إيداع بالسجن في حق موسي التي تعتبر من أبرز الوجوه المعارضة لسعيّد.
ويصف الرئيس التونسي، الذي تتهمه المعارضة باعتماد نهج استبدادي، الموقوفين بأنّهم “إرهابيون”، قائلاً إنهم متورطون في “مؤامرة ضد أمن الدولة”.
وانتُخب سعيّد ديمقراطيا، في أكتوبر عام 2019، قبل أن يتفرّد بالسلطة في عام 2021، وصار مذاك يحكم بمراسيم رئاسية، وبات بإمكانه إقالة رئيس حكومته أو وزرائه في أي وقت.
وتندّد منظمات غير حكومية محلية ودولية بتراجع الحريات في تونس منذ احتكار سعيّد السلطة الكاملة في البلاد.