المرصد السوري: غارات “إسرائيلية” تستهدف مقرا لحركة النجباء العراقية بريف دمشق

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 14 دقيقة للقراءة

أثار إعلان الاتحاد الأوروبي عن حزمة مساعدات مالية بقيمة مليار يورو للبنان انقساماً حاداً في البلاد، وعرّض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى هجوم واسع من قبل بعض الجهات التي اعتبرتها “رشوة” تهدف إلى إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان ومنع تدفقهم بطرق غير شرعية إلى أوروبا.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أعلنت قبل أيام عن حزمة المساعدات خلال زيارتها والرئيس القبرصي، نيكوس خريستودوليدس، إلى لبنان، حيث ستكون هذه الحزمة متاحة كما قالت “بدءاً من هذا العام حتى 2027” من أجل المساهمة في “الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ودعم الجيش والقوى الأمنية”.

ولفتت فون دير لاين خلال مؤتمر صحفي إلى أن الاتحاد الأوروبي يتفهم “التحديات التي يواجهها لبنان نتيجة استضافة اللاجئين السوريين” مشيرة إلى أنه “منذ عام 2011، دعم الاتحاد الأوروبي لبنان بمبلغ 2.6 مليار يورو، ليس فقط للاجئين السوريين، وإنما أيضا للمجتمعات المضيفة”.

وحضّت رئيسة المفوضية الأوروبية، خلال مؤتمر صحفي في بيروت، السلطات اللبنانية على “التعاون الجيد” لمنع “الهجرة غير النظامية ومكافحة تهريب المهاجرين” انطلاقاً من لبنان.

ومع اقتراب كل فصل صيف تنشط عمليات الهجرة غير الشرعية عبر الشواطئ اللبنانية لا سيما الشمالية منها، وذلك منذ لجوء عدد كبير من السوريين إلى لبنان عقب اندلاع الحرب في بلدهم، ومن ثم بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ نحو 5 سنوات.

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، أبدى تقديره “لموقف الاتحاد الاوروبي الجديد بدعم المؤسسات العسكرية والأمنية في لبنان لتمكينها من ضبط الحدود البحرية والبرية والقيام بواجباتها في منع الهجرة غير الشرعية من لبنان وإليه ودعم المجتمعات اللبنانية ذات الحاجة، وفي الوقت ذاته تخصيص جزء من الدعم لتحفيز العودة الطوعية للنازحين السوريين”.

وشدد على أن “لبنان تحمّل منذ اندلاع المعارك في سوريا عام 2011، العبء الأكبر بين دول المنطقة والعالم في موضوع استضافة اللاجئين، والموضوع بات أكبر من قدرة لبنان على التحمل”، معتبراً أن “المطلوب كمرحلة أولى الاقرار أوروبياً ودولياً بأن اغلب المناطق السورية باتت آمنة ما يسهل عملية اعادة النازحين”.

ويعيش في لبنان أكثر من 800 ألف لاجئ سوري مسجّلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بينما تُقدّر السلطات اللبنانية عددهم بأكثر من مليوني شخص.

وشهد ملف اللاجئين السوريين في لبنان تصعيداً غير مسبوق في الفترة الأخيرة من قبل الحكومة اللبنانية التي تسعى لترحيلهم بكل الوسائل الممكنة، على الرغم من تحذيرات المنظمات الحقوقية من مخاطر الإعادة القسرية إلى سوريا التي تعتبر بلداً غير آمن حتى الآن.

“رشوة مقنّعة”؟

يشهد ملف اللاجئين السوريين بعد حزمة المساعدات الأوروبية، تفاعلاً سياسياً كبيراً، لاسيما من قبل الأحزاب المسيحية التي سارعت إلى اعلان رفضها لها.

وفي هذا السياق تقدّم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، بكتاب إلى ميقاتي يطالب فيه “بتوضيح ما تمّ الاتفاق عليه مع مفوضية الاتحاد الأوروبي، والخطوات العمليّة التي ستتّخذها الحكومة لإعادة النازحين بشكل سريع إلى سوريا، خصوصاً في ظل توقف الأعمال العسكرية في أغلبية الأراضي السورية التي باتت تعتبر آمنة”.

واعتبر الجميّل في كتابه “أن هناك تناقضاً بين ما أعلنه ميقاتي من أن لبنان يرفض أن يصبح بلداً بديلاً والدعوة إلى عودة النازحين إلى بلادهم لاسيما أولئك الذين دخلوا لبنان بعد عام 2016 لأسباب اقتصادية بحتة، وبين ما أعلنته رئيسة المفوضية الأوروبية لتي أشارت إلى أن الحزمة المالية ستصرف أساساً على توفير المعدات والتدريب لإدارة الحدود لمساعدة لبنان في إدارة الهجرة ومنع الهجرة غير الشرعية، ما يعني أن الهدف الأساس من الدعم الأوروبي ضمان عدم هجرة السوريين الى أوروبا وليس العمل على تخفيف العبء عن لبنان”.

أما رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع فاعتبر في بيان أن “موقفنا من مسألة الوجود السوري غير الشرعي في لبنان هو موقف ثابت ومبدئي وسيادي ولا يتبدّل مع مليار يورو أو عشرات المليارات، ولا يتغيّر مع طلب أو تمنٍّ دولي، فكل ما هو غير شرعي لا يمكن استمراره على الأرض اللبنانية، وهذا الأمر غير قابل للبحث، وما هو قابل للنقاش فحسب هو المساعدة في ترحيلهم لا المساعدة على بقائهم في لبنان”.

وأضاف “بعدما وجدنا ولمسنا ان من حكم وتحكّم لسنوات، تقاعس عن تحمّل مسؤولياته ولم يقدم على أي خطوة عملية خارج المزايدات السياسية، بدأنا مجموعة تحركات على الأرض مع البلديات والإدارات والوزرات المعنية ونحن مستمرون في كل ما نقوم به حتى إخراج آخر مهاجر غير شرعي من لبنان، وما بدأناه لن يتوقّف لا مع تمنيات دولية ولا مع مليارات أممية، لأن لا أولوية تعلو على أولوية الهوية اللبنانية والسيادة اللبنانية والأمن اللبناني”.

كما ردّ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، على الخطوة الأوروبية بالتشديد على “رفض سياسة الاتحاد الأوروبي بإبقاء النازحين السوريين في لبنان والتأكيد أن لبنان ليس للبيع أو الإيجار”، محدداً المشكلة اللبنانية الأساسية بـ”انصياع المسؤولين للسياسات الخارجية ولو كانت على حساب المصلحة الوطنية”، ومعلناً عن “سلسلة تحركات للتيار الوطني الحر على المستويات النيابية والشعبية لمواجهة معضلة النزوح”.

وقال في مؤتمر صحافي، “رئيسة المفوضية الاوروبية، وبالخطوة الأخيرة، بشرتنا أن النازحين السوريين سيبقون في لبنان على الأقل لأربع سنوات اضافية، لأنها وعدتنا بالمقابل بـمليار يورو على اربع سنوات، يعني ستدفع لنا 250 مليون يورو عن كل عام لبقاء 2.2 نازح، وكأنها استأجرت لبنان وشعبه بـ250 مليون يورو في السنة، يعني وبتفسير آخر كأن إيجار المتر المربع في العام 250 ليرة لبنانية، وكأن اجرة كل لبناني بالنهار هي 14 الف ليرة وكلفة قبوله بهذا النزوح، فإلى هذا الحد ثمننا ضئيل وهلقد رخاص نحنا؟”.

وفي السياق اعتبر وزير المهجرين اللبناني عصام شرف الدين في حديث مع موقع “الحرة” أن الهبة الأوروبية “رشوة، الهدف منها أن يصبح لبنان حرس حدود لمنع هجرة السوريين إلى أوروبا، في وقت نحن نطالب بترحيل آمن لهم عبر سفن كبيرة”.

توضيحات متناقضة

بعد الحملة ضده، عبّر ميقاتي عن استغرابه من تصوير البعض الحزمة الأوروبية على أنها “رشوة لإبقاء النازحين السوريين في لبنان”، وذلك من خلال بيان صادر عن مكتبه أكد خلاله أنها “مساعدة غير مشروطة، وهي للبنان واللبنانيين وتشمل القطاعات الصحية والتربوية والحماية الاجتماعية والعائلات الأكثر فقراً، إضافة الى مساعدات الجيش والقوى الأمنية من أمن عام وقوى أمن داخلي لضبط الحدود البرية، اضافة الى زيادة العديد والعتاد”.

وأضاف البيان أن ميقاتي “كان واضحاً في تأكيد عزم الحكومة على تطبيق القوانين على كل الأراضي اللبنانية وكل من يقيم بشكلٍ غير شرعي سيتم ترحيله إلى بلده وهذا الموضوع لا جدال فيه والأوامر أعطيت للأجهزة المختصة لتنفيذ ما يلزم”.

 وكان ميقاتي أعلن في مقابلة تلفزيونية أن “أيّ سوري يقيم في لبنان إقامة غير شرعية سيتمّ ترحيله وسيُنظر في كل المسجلين نظرة تختلف عن النظرة المخصصة لغير المسجلين”، وحذّر من أن “بعض المناطق ستمنع تعليم السوريين بعد الظهر في العام المقبل ولن نسمح بإضافة مشكلة جديدة على المشكلات القائمة نتيجة النزوح السوري”.

كما شدد على أنه لن يتم تعريض “أي لاجئ سياسي إلى الخطر وسننظر في الحالات التي تتعلق بالمسائل الانسانية وتلك المتعلقة بحماية المقيمين عن طريق اللجوء”.

وكشف عن اتصال أجراه “برئيس الوزراء السوري”، وأنه سمع منه جواباً واضحاً بأن “سوريا لا تقف عائقاً في وجه أي سوري يريد العودة إلى بلده وتم إعطاء التوجه للمدير العام للأمن اللبناني بالإنابة اللواء الياس البيسري لمتابعة هذا الملف وسيزور سوريا قريباً وعند الضرورة سيقوم وزير الخارجية عبد الله بحبيب بزيارة لدمشق”.

لكن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن يؤكد في حديث مع موقع “الحرة” على أنه “لا عودة آمنة إلى سوريا دون رحيل نظام الأسد”، مشيراً إلى أن السلطة اللبنانية تشجّع على العنصرية لصالح بشار الأسد، مدّعية أن مناطق النظام آمنة ويجب إعادة السوريين إليها، لكن في الواقع هي غير آمنة حيث تتواجد فيها ميليشيات موالية لإيران والنظام وعصابات” ويشدد “يومياً هناك اعتقالات للمعارضين وجرائم ترتكب في درعا وحمص وبقية المناطق السورية”.

ويرى عبد الرحمن أنه على “حزب الله الخروج أولاً من المناطق السورية ليتسنى للاجئين السوريين العودة إلى بلادهم”، ويضيف أن “السياسيين في لبنان يعلّقون أزمات لبنان على شماعة وجود اللاجئين السوريين”.

ويعاني لبنان من انهيار اقتصادي كبير منذ عام 2019، بات معه معظم السكان دون خط الفقر، وفق البنك الدولي، وقد انعكست تبعات الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة على قطاعات البلاد المختلفة.

مساعدة “ضبابية”

بغض النظر عن خلفيات الهبة الأوروبية، فإنها تثير كما يقول الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة، تساؤلات عدة، حول فعاليتها وكيفية استفادة البلاد منها، مشيراً إلى ضرورة وجود “صورة واضحة حول توزيعها بين القطاعات المختلفة وطابعها الاستثماري أو الاستهلاكي، وأهم من ذلك توضيح أسباب مخالفة أوروبا لقرارها بعدم مساعدة لبنان إلا بعد إجراء الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة من قبل صندوق النقد الدولي”.

ويشدد عجاقة على ضعف حجم هذه الهبة، حيث إن حجم الاحتياجات الشهرية للبلاد يفوقها بكثير، “لو قسمنا المليار يورو على أربع سنوات، يعني 250 مليون يورو سنوياً، أو 21 ألف يورو شهرياً. بالمقابل، تفوق حاجات الحكومة الشهرية المئتي مليون يورو أميركي، والاستيراد الشهري يفوق المليار يورو. كما أن عملية حسابية بسيطة تظهر أن نصيب كل شخص في لبنان من هذه المساعدة يبلغ 0.09 يورو يومياً”.

كل ذلك والكلفة المباشرة على خزينة الدولة من اللجوء السوري بحسب عجاقة “لا تقلّ عن 1.72 مليار دولار أميركي سنوياً، أما الكلفة غير المباشرة فلا تقلّ عن بضعة مليارات سنوياً”.

ولم توضح رئيسة الإتحاد الأوروبي، بحسب عجاقة فيما إن كانت المساعدة لدعم الاستثمارات أم الاستهلاك وما هي الآلية التي ستتبع في ذلك، ويقول “في كلتي الحالتين، لا المبلغ كاف للدعم ولا الآلية واضحة مع وجود فساد بحجم الفساد في لبنان، هنا لا بد من طرح علامة استفهام حول كيفية تمكّن المفوضية الأوروبية من مراقبة الإنفاق في ظل الفساد المستشري؟ وإذا اكتشفت أن هناك مخالفات، هل ستوقف المساعدة”؟

كما تساءل عجاقة عن كيفية دعم الخدمات العامة في لبنان “ليستفيد منها اللبناني فقط، كما صرّح ميقاتي”، وفيما إن كانت “المساعدة المقدّمة إلى الجيش والقوى الأمنية (مُقدّرة بـ 264 مليون دولار أميركي) تتضمّن الإنفاق التشغيلي أو إقامة أبراج مراقبة على الحدود”؟ وكذلك فيما إن كان “لعدم إدراج لبنان على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولية علاقة بالهبة الأوروبية وبملف النازحين السوريين”؟

تحت المجهر

تخضع الهبة المقدمة من الاتحاد الاوروبي لأحكام قانون المحاسبة العمومية، الذي ينص في المادة 52 منه على أنه ” تقبل بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء الاموال التي يقدمها للدولة الاشخاص المعنويون والحقيقيون”، بحسب ما يقوله الوزير شريف الدين.

ويشرح رئيس مؤسسة JUSTICA والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، المحامي الدكتور بول مرقص، لموقع “الحرة” أنه “يقع ضمن صلاحية مجلس الوزراء قبول الهبات، وبالتالي فإن المجلس يعود له قبول الهبة أو رفضها. أما في حال كان هناك ثمة اتفاقية بين الإتحاد الأوروبي ولبنان فهي تمر على مجلس النواب للموافقة على إبرامها الذي يعود له أيضاً أن يوافق عليها أو يرفضها”.

ويشدد مرقص على أنه “هذا موقف إستراتيجي يجب أن ينبع من المصلحة اللبنانية الكامنة في حماية المصلحة اللبنانية التي تقضي بعدم قبول أي توطين على الأراضي اللبنانية وفي الوقت عينه المحافظة على حسن العلاقة مع الدول الأوروبية”.

وحتى لا تُعتبر هذه الهبة رشوة يجب وفقاً لما يقوله مرقص “في حال قبولها أن يأتي هذا القبول على شكل دفعة على حساب المساعدات الخارجية لاستضافة النازحين السوريين مؤقتاً على الأراضي اللبنانية وعلى أن لا يشكل ذلك أي وجه من وجوه الإدماج او التوطين في لبنان و أن لا يُرتب على لبنان أي التزامات سياسية في المقابل أي أن يكون القبول مشروطاً”.

من جانبه يكشف شرف الدين مطالبه لموافقته على الهبة في مجلس الوزراء، “المطلب الأول إنشاء لجنة ثلاثية، والثاني تسديد المساعدات في سوريا للنازحين العائدين، أما الثالث فتسير قوافل بحرية رسمية تتضمن مواصفات السلامة البحرية لنقل النازحين الراغبين بالسفر إلى دولة ثالثة، مغطاة بالقانون والأعراف الدولية”.

وبالنسبة لملف اللاجئين السياسيين، هناك أربعة احتمالات، كما يقول “استفادتهم من العفو الرئاسي، السفر إلى دولة ثالثة، أو الرحيل اختيارياً عبر السفن المذكورة سابقاً، وأخيراً تسيير قوافل عودة إلى مناطق شمال شرق سوريا حيث توجد المعارضة.”

لكن ميقاتي نقل الملف المُلتهب من ملعب الحكومة إلى ملعب مجلس النواب، حيث طلب من رئيس المجلس نبيه بري عقد جلسة لمناقشة الهبة الأوروبية، الذي خصص جلسة لذلك في 15 من الشهر الجاري.

الأنظار تتجه الآن نحو ما ستؤول إليه الجلسة المقبلة، وإلى حينه يزداد الضغط الاقتصادي على لبنان بحسب عجاقة “مع ارتفاع نسبة التضخّم بالدولار الأميركي الذي أصبحت قيمته الشرائية تساوي 60% مما كانت عليه قبل عام 2019، فيما يتعلّق بالاستهلاك، مما يشير إلى أن الفوضى تطل برأسها على لبنان”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *