الفيلق الإفريقي” الروسي.. تحذير من “استبدال النار بالنار

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

والأربعاء، أجرى وفد أميركي رفيع المستوى، يرأسه كريستوفر ماير، مساعد وزير الدفاع للعمليات الخاصة، وفق بيان لوزارة الدفاع “البنتاغون”، محادثات مع القادة العسكريين في النيجر لبحث انسحاب القوات الأميركية.

ويأتي سحب القوات الأميركية، وعددها 1000 شخص، من النيجر، بعد سحب القوات الفرنسية التي طالبتها السلطات الجديدة، التي تسلّمت الحكم بعد الانقلاب الذي وقع 26 يوليو الماضي، بالانسحاب، إثر رفض باريس الاعتراف بالحكم الجديد.

ومما تستند إليه سلطات النيجر في إبعاد القوات الأميركية والفرنسية، هو أن تحل محلها قوات روسية، ممثلةً حاليا في “الفيلق الإفريقي” الذي شكّلته موسكو في يناير 2024.

غرس قدم في النيجر

يوم الثلاثاء، قال رئيس وزراء النيجر علي الأمين زين، في حديثٍ مع صحيفة أميركية، إن واشنطن هي السبب في اتخاذ بلاده قرار قطع العلاقات معها، ومطالبتها بسحب قواتها من النيجر.

وأوضح علي الأمين زين أن مولي في، مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإفريقية، حثّت بلاده خلال زيارة لها في مارس الماضي، على الامتناع عن التعامل مع روسيا وإيران، إذا أرادت الحفاظ على العلاقات الأمنية مع واشنطن.

ووفق زين، فإنه اعتبر هذا “محاولة إملاء” على النيجر فيما يخص سياستها الخارجية، تمّ الرد عليه بقرار قطع العلاقات، خاصةً أن “الأميركيين بقوا على أرضنا، ولم يفعلوا شيئا، بينما كان الإرهابيون يقتلون الناس ويحرقون البلدات”.

وفي أبريل الماضي، أعلنت وسائل إعلام روسية أنّ خبراء روسيين وصلوا إلى النيجر لتدريب القوات الأمنية المحلية في مجال محاربة الإرهاب، وأن الفيلق الإفريقي سيُساعد في تشكيل وتدريب جيش النيجر.

ويربط محللون سياسيون، علّقوا لموقع “سكاي نيوز عربية” على هذه التطوّرات، بين “الفيلق الإفريقي” وشركة “فاغنر” الروسية المسلّحة الخاصّة، وأن الفيلق ما هو إلا تطوير مؤسسي لها؛ للتغلّب على نقاط ضعف وسوء سُمعة تعرّضت له خلال الأشهر الأخيرة، وحذّر بعضهم من الاعتماد الكبير لدول بإفريقيا عليه.

 تسمية جديدة وحرب باردة

الدكتور محمد تورشين، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإفريقية، يشرح العلاقة التي يراها بين “الفيلق الإفريقي” و”فاغنر”:

  • “الفيلق الإفريقي” تسمية جديدة لمجموعة “فاغنر” المنتشرة في عدة دول بمنطقة الساحل ووسط إفريقيا.
  • كانت البداية في جمهورية إفريقيا الوسطى؛ حيث تمكّنت “فاغنر” بالتعاون مع القوات الحكومية من طرد المعارضة المسلّحة من تخوم العاصمة بانغي إلى حدود دول الجوار، كما يوجد حضور لقوات روسية في موزمبيق وموريشيوس.
  • نظرت الأنظمة التي تسلّمت الحكم بعد انقلابات عسكرية في مالي وبوركينا فاسو بإعجاب لهذا النموذج، وقرّرت التعاون مع “فاغنر”.
  • الوجود الروسي في القارة يُشكّل تهديدا لنفوذ القوى الكبرى التقليدية التي بدأت في التراجُع أمام المدّ الروسي.
  • لكن، تحوُّل القارة إلى ساحة لتصفية الخلافات بين الدول الكبرى يشكّل خطورة كبيرة عليها، ويعيد أجواء الحرب الباردة.

 وجود رسمي

لكن تيمور دويدار، المحلل السياسي الروسي، يرى أنّ الوجود الروسي في إفريقيا يتم وفق اتفاقيات تعقدها موسكو مع حكومات هذه البلاد، مثل مالي وبوركينا فاسو؛ أي أنه وجود رسمي وفق القانون الدولي؛ حيث تستعين هذه البلاد بالقوات الروسية في محاربة الإرهاب.

مخاطر محتملة

يُركّز تشارلز أسيجبو، الباحث في شؤون غرب إفريقيا، على ما يراها مخاطر التغلغل الروسي في القارة، خاصةً مع وجود عسكري، ممثلا في “الفيلق الروسي”، ومنها حسب قوله:

  • هذا الوجود الروسي يأتي ضمن التنافس الدولي بين المعسكرين الغربي والشرقي، حيث تعمل روسيا التي لا تملك إرثا استعماريا في القارة على استبدال الوجود الفرنسي المتراجِع، وسط ترحيب من شباب إفريقي يرى أنّ باريس هي السّبب الرئيسي في غياب التنمية في بلادهم.
  • روسيا ستدعم الأنظمة العسكرية التي وصلت للحكم بالانقلابات العسكرية بكل الطرق، وهذا سيؤثّر على فترات الحكم الانتقالية التي قد تطول؛ ما يُؤثّر على عودة الحكم المدني.
  • ربما تعمل موسكو على زعزعة استقرار الدول التي لا تراها حليفة لها في المنطقة، عبر دعم الجماعات المعارضة، ومساعدتها للوصول إلى السلطة إن كانت تخدم مصالحها.
  • روسيا تسعى للحصول على قواعد عسكرية في جنوب ليبيا وفي إفريقيا الوسطى، من أجل تثبيت وجودها في المنطقة ومدّ نفوذها نحو مناطق أخرى.
  • إذًا، على الدول الإفريقية إدراك أنها جزءٌ مِن صراع كبير بين الغرب وروسيا، وأن استبدال الوجود الغربي بوجود روسيا لن يكون الحل، لكن الحل هو اتخاذ سياسة خارجية لا تخدم سوى مصالحها.
  • وكذلك على الدول الإفريقية أن تكون حذرةً في العقود الاستثمارية التي تُبرمها مع الحكومة الروسية، والتأكّد من أنها تخدم مصالح شعوبها؛ لأن الوضع الاقتصادي عليه عامل كبير في تحقيق الاستقرار.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *