الرئيس التونسي يندد بانتقادات دولية لحملة توقيفات ويعتبرها “قانونية”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

ندد الرئيس التونسي، قيس سعيد، الخميس، بما اعتبره “تدخلا سافرا” في شؤون بلاده في أعقاب انتقادات دولية لحملة توقيفات واسعة طالت معلّقين سياسيين ومحامين وناشطين حقوقيين، معتبرا أن توقيفهم “قانوني”.  

وبعيد تصريح سعيد تظاهر، الخميس، المئات من المحامين ونشطاء من منظمات المجتمع المدني للتنديد بتراجع الحريات في بلد يعتبر مهد ما عُرف بموجة “الربيع العربي”.

وكلف سعيد وزارة الخارجية استدعاء ممثلي البعثات الدبلوماسية للدول التي أصدرت مواقف من هذا القبيل.

وردد المحامون الذين تجمعوا بزيّهم الأسود في ساحة مقر المحكمة الابتدائية بتونس شعارات من بينها “حريات حريات دولة البوليس انتهت” و”لا خوف لا رعب، السلطة في يد الشعب” و”إلى ليلى جفال (وزيرة العدل) المحامي لا يُهان”.

ويتحرّك المحامون التونسيون تعبيرا عن غضبهم منذ عملية توقيف بالقوة طالت زميلتهم والمعلقة السياسية، سنية الدهماني، أثناء لجوئها إلى “دار المحامي” في العاصمة.

كما أوقف زميلها، مهدي زقروبة، الاثنين، من “دار المحامي” وتم نقله للمستشفى بشكل عاجل ليل الأربعاء الخميس، بعد تعرضه للضرب أثناء الاحتجاز وفقدانه الوعي، بحسب العديد من المحامين.

وطالبت منظمة العفو الدولية غير الحكومية في منشور على منصة إكس بأن يحصل زقروبة على “الرعاية على الفور” و”الإفراج عنه”، ودعت السلطات التونسية إلى “الأمر بإجراء تحقيق مستقل ونزيه في الاتهامات” بتعرضه للتعذيب و”تقديم المسؤولين إلى العدالة”.

هيئة المحامين التونسيين تقول إن محاميا تعرض للتعذيب خلال اعتقاله

قالت الهيئة الوطنية للمحامين في تونس ومحامون، في وقت متأخر الأربعاء، إن زميلهم مهدي زقروبة الذي اعتقل يوم الاثنين، تعرض للتعذيب أثناء الاعتقال على أيدي أعوان من وزارة الداخلية، وأعلنت الهيئة إضرابا عن العمل في أرجاء البلاد اليوم الخميس.

ونفى الناطق باسم وزارة الداخلية، فاكر بوزغاية، في تصريحات إعلامية، الخميس، “نفيا تاما اعتداء الأمنيين على المحامي مهدي زقروبة سواء أثناء عمليّة إيقافه في دار المحامي أو في مكان الإيقاف” وشدد على أنها “ادعاءات”.

من جهته، أكد سعيد في مقطع فيديو، ليل الأربعاء الخميس، أن ما حصل في الأيام الأخيرة “لا يتعلق أبدا بسلك المحاماة بل بمن تجرأ وحقر وطنه في وسائل الإعلام بل ورذّله وبمن اعتدى بالعنف على ضابط أمن”.

“مزيد من التراجع”

وتابع سعيد “دار المحامي توجد فوق التراب التونسي ولا تخضع لنظام لا إقليمية حتى يتحصن بها أحد ويُردّد بأنه تم اقتحامها، فما حصل تم في إطار احترام كامل للقانون التونسي الضامن للمساواة وللحقّ في محاكمة عادلة”.

وعلى مدى الأيام الماضية، أوقفت السلطات التونسية شخصيات من المجتمع المدني مثل الناشطة المناهضة للعنصرية، سعدية مصباح، وعددا من المحامين بالإضافة إلى معلقين سياسيين في المحطات الإذاعية والتلفزيونية.

وأعربت منظمة “هيومن رايتس واتش” في تقرير نشرته، في يناير، عن أسفها لتسجيل “مزيد من التراجع في حقوق الإنسان وسيادة القانون خلال 2023، بغياب أي ضوابط حقيقية على سلطة الرئيس قيس سعيّد”.

وأضافت أن السلطات التونسية اتخذت خطوات جديدة “لإسكات التعبير الحر، ومحاكمة المعارضين، وقمع المهاجرين وطالبي اللجوء”.

ووفقا لنقابة الصحافيين التونسيين، يلاحق أكثر من 60 شخصا بموجب مرسوم (يعرف باسم المرسوم 54) يعاقب على نشر “أخبار كاذبة” ويُنتقد بشكل واسع النطاق باعتباره “يحد من حرية التعبير”.

وجاءت تصريحات سعيد المنتقدة “للتدخل الخارجي” بعد مواقف غربية نددت بموجة التوقيفات التي شملت كذلك المعلّق مراد الزغيدي ومقدم البرامج التلفزيونية والإذاعية برهان بسيّس نهاية الأسبوع الفائت إثر تصريحاتهم وتدويناتهم المنتقدة للوضع في البلاد.

وقال إثر لقائه ليل الأربعاء الخميس كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، منير بن رجيبة: “ادع في أقرب الأوقات سفراء عدد من الدول وممثلي بعض الجهات في تونس وبلّغهم احتجاجا شديد اللهجة بأن ما يفعلونه هو تدخل سافر في شؤوننا الداخلية وبلّغهم أن تونس دولة مستقلة متمسكة بسيادتها”.

وتابع “لم نتدخل في شؤونهم عندما اعتقلوا المحتجين… لأنهم نددوا بحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني”، مضيفا “بلّغهم بكل وضوح بأن تونس لم تصب بالقلق ممن صرح بأنه يشعر بالقلق فسيادتنا حقيقة وليست حبرا على ورق”.

ونددت الولايات المتحدة، الثلاثاء، بموجة التوقيفات، واعتبرت أن ممارسات السلطات تناقض حريات يكفلها الدستور.
بينما أعربت فرنسا، الثلاثاء، عن “قلقها” بعد توقيف الدهماني بتهمة نشر “معلومات كاذبة بهدف الإضرار بالسلامة العامّة” وفق وسائل إعلام تونسية.

بدوره أعرب الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، عن “قلقه” إزاء موجة التوقيفات، مؤكدًا أن حرية التعبير واستقلالية القضاء يشكلان “أساس” شراكته مع تونس.

ويحتكر الرئيس سعيّد، الذي انتخب في عام 2019، السلطات في البلاد منذ صيف عام 2021 وعمد إلى تغيير الدستور. ومن المُرتقَب أن تنظم الانتخابات الرئاسية نهاية العام الحالي.

وتوجه منظمات حقوقية تونسية ودولية انتقادات شديدة لنظام سعيد مؤكدة أنه “يقمع الحريات في البلاد”. لكن الرئيس التونسي يكرر أن “الحريّات مضمونة”.

لا يزال نحو 40 شخصا بعضهم معارضون بارزون ورجال أعمال وناشطون سياسيون موقوفين، منذ فبراير الماضي، ويتهمهم سعيد “بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *