شدد وزير الخارجية اللبناني، عبدالله بوحبيب، في مقابلة خاصة مع قناة “الحرة” على أهمية العثور على حلول لعدد من القضايا من بينها قضية ترسيم الحدود مع إسرائيل واللاجئين، داعيا الإدارة الأميركية إلى “تفهّم أن النزوح السوري إلى لبنان بأعداد كبيرة هو خطر وجودي على لبنان”.
وأكد بوحبيب أن “لبنان طلب تحديد الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل”، مشيرا إلى أن “الأخيرة لم تكن جاهزة، ولكننا استعنا بالأميركيين فحضر مستشار الرئيس (الأميركي جو) بايدن لشؤون الطاقة، آموس هوكستين، إلى بيروت وأجرى محادثات وأكد أنه سيبحث مع الإسرائيليين مدى استعدادهم لهذا الأمر”.
وتمنى بوحبيب عودة هوكستين إلى بيروت “كي يتم إظهار الحدود وعدم حصول تجاوزات التي بمعظمها إسرائيلية وليست لبنانية”، مرجحا أنه “في حال عودة هوكستين إلى بيروت فإنه سيحمل معه جواباً من الإسرائيليين”.
وحول ترسيم الحدود مع سوريا قال بوحبيب: “ليست هناك أي محادثات لا مع الإسرائيليين ولا مع السوريين بشأن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ولكن هذه ستكون خطوة ثانية بعد إظهار الحدود بين لبنان وإسرائيل وبعد ذلك نجري مفاوضات مع سوريا وإسرائيل بمساعدة الأميركيين”.
وحول الخيمة التي نصبها حزب الله على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وسببت توتراً مع إسرائيل، قال وزير الخارجية اللبناني إن “هذه الخيمة ليست خرقاً، لأنها مُقامة على أراض لبنانية خاصة وغير تابعة للدولة”.
وأضاف “نحن أبلغناهم أننا لسنا مستعدين كجيش أن نزيل الخيمة. وإذا أراد الإسرائيليون إزالتها قلنا للأميركيين هم أحرار، ولكن سيكون هناك احتكاك مسلح ولا أظن أن أياً من الطرفين يريد ذلك. فالخيمة ما زالت متواجدة ولا أعرف ما سيحل بها عندما يأتي الشتاء القارس”.
وحول مصير الانتخابات الرئاسية في لبنان وتشكيل حكومة قال وزير الخارجية اللبناني إن “المساعي الدولية التي تقوم بها الدول الخمس وخصوصاً فرنسا لم تساعد حتى اليوم في الوصول إلى اتفاق بشأن الانتخابات الرئاسية”.
وتوقع ألا تحصل الانتخابات في العام الحالي، موضحا “لأن المساعي، لا أريد أن أقول فشلت، لكنها لم تنجح ولا أرى الكتل النيابية تتفق مع بعضها على هذا الأمر”.
وحول موجات النزوح السورية الجديدة إلى لبنان أكد بوحبيب أن “الحالة الاقتصادية في سوريا ليست جيدة وفي لبنان الوضع أفضل وهناك دولارات وأشغال للسوريين والشباب الذين يأتون من سوريا معظمهم أنهوا الخدمة العسكرية”.
وأضاف “وعندما يستنطقهم الأمن اللبناني يقولون إنهم يريدون العبور إلى أوروبا واستخدام لبنان للعبور إلى أوروبا، ليس بالبحر لأنه ليست لدينا المراكب الكبيرة، إنما عبر الطيران لدول أخرى ومنها إلى أوروبا. وهمّهم أن يذهبوا إلى أوروبا وليس البقاء في لبنان”.
وحول الدعوات الصادرة في لبنان لإقفال مكاتب مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، قال بوحبيب: “لا يمكن للبنان أن يخرج من المجتمع الدولي ومن الأمم المتحدة، وحتى أن قرارات الأمم المتحدة غير راضون عنها ونقبل فيها لأنها هي الضمانة لتواجد البلدان الصغيرة… لذلك لن نقوم بذلك ولكن يمكننا أن نضع الكثير من العوائق على المنظمات كي يعالجوا الوضع”.
ودعا بوحبيب الإدارة الأميركية إلى تفهم “أن النزوح السوري إلى لبنان بأعداد كبيرة هو خطر وجودي على لبنان قد يؤدي إلى فرط لبنان والدول الغربية. يعني أن أوروبا مهددة بمليوني لاجئ سوري وأكثر من ذلك من اللبنانيين. ولذلك على أوروبا أن تعرف مصلحتها وتعمل معنا في هذه القضية”.
وحول ما إذا كانت سوريا تستخدم لبنان كورقة ضغط على أوروبا وأميركا من أجل رفع العقوبات عنها، قال بوحبيب: “قد يكون ذلك، ولكن كوزير خارجية ليس لدي معلومات بهذا الشأن. لكن التحاليل في الصحف ترجح ذلك”.
وفي أواخر أغسطس، قال هوكستين في ختام زيارة لبيروت إن الوقت حان لترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل بعدما أشرف على اتفاق بحري بين البلدين اللذين لا يزالان في حالة حرب رسميا.
وقال كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة خلال مؤتمر صحفي حينها: “حان الوقت لمراجعة الإطار (..) الذي سمح بالتوصل إلى نتيجة على صعيد الحدود البرية والعمل كذلك على سلام بري”.
وفي أكتوبر وبعد وساطة طويلة أجراها هوكستين، وقعت إسرائيل ولبنان اتفاقا وصف بأنه “تاريخي” ينص على ترسيم الحدود البحرية ويرفع العقبات أمام التنقيب عن النفط والغاز في البحر.
وباشر لبنان الذي تعوّل سلطاته على توفر ثروات طبيعية تساعده على تخطّي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي المستمرّ منذ أكثر من ثلاث سنوات، مؤخرا الحفر في الرقعة رقم 9 حيث يقع حقل قانا الذي يتجاوز خط الترسيم الفاصل بين الطرفين.
وضمَن اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل للبنان حقل قانا، على أن تحصل إسرائيل على تعويض من مشغلّي الرقعة 9.
إثر انسحاب الجيش الأسرائيلي من جنوب لبنان، في عام 2000، بعد احتلال دام 22 عاما، رسمت الأمم المتحدة “الخط الأزرق” وهو بمثابة حدود بين لبنان وإسرائيل. وينتشر جنود دوليون في جنوب لبنان منذ عام 1978.
ويشهد لبنان، منذ عام 2019، انهيارا اقتصاديا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، ويُعتبر الأسوأ في تاريخ لبنان.
ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وقيود مصرفية مشددة، لم يعد بإمكان المودعين معها الوصول إلى مدّخراتهم العالقة.