{إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ الفَرحين}.. حرَّم الله البطر والخيلاء والتعالي على عباده.. قصة قارون دليل ذلك

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 3 دقيقة للقراءة

نقدم لكم الحلقة الرابعة من “سلسلة الله لا يحب” في شهر رمضان الفضيل؛ إذ إن هناك أكثر من 16 موضعًا في القرآن الكريم يوجِّه فيها الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين إلى أنه لا يحب هذه الأفعال، ولا هذه الصفات؛ فلذلك أمرهم باجتنابها، وتحريم فعلها.

أنزل الله في مُحكم آيات كتابه الكريم في سورة القصص {إِنَّ قَٰرُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَءَاتَيْنَٰهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُۥ لَتَنُوٓأُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِى ٱلْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُۥ قَوْمُهُۥ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ}.

وفي التفسير الميسر أن قارون كان من قوم موسى -عليه الصلاة والسلام- فتجاوز حدَّه في الكِبْر والتجبر عليهم. وأخبر الله تعالى أنه آتى قارون من كنوز الأموال شيئًا عظيمًا، حتى إنَّ مفاتحه لَيثقل حملها على العدد الكثير من الأقوياء، إذ قال له قومه: لا تبطر فرحًا بما أنت فيه من المال، إن الله لا يحب مِن خلقه البَطِرين الذين لا يشكرون الله تعالى على ما أعطاهم.

يقول “السعدى” إن الله يخبر عن حالة قارون وما [فعل] وفُعِلَ به ونُصِحَ ووُعِظَ، فقال: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} أي: من بني إسرائيل، الذين فُضِّلوا على العالمين، وفاقوهم في زمانهم، وامتن اللّه عليهم بما امتن به، فكانت حالهم مناسبة للاستقامة، ولكن قارون هذا بغى على قومه وطغى، بما أوتيه من الأموال العظيمة المطغية {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ} أي: كنوز الأموال شيئا كثيرًا {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}. والعصبة: من العشرة إلى التسعة إلى السبعة، ونحو ذلك. أي: حتى أن مفاتح خزائن أمواله لتثقل الجماعة القوية عن حملها. هذه المفاتيح، فما ظنك بالخزائن؟

{إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ} ناصحين له محذرين له من الطغيان: {لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} أي: لا تفرح بهذه الدنيا العظيمة، وتفتخر بها، وتلهيك عن الآخرة، فإن اللّه لا يحب الفرحين بها، المنكبين على محبتها.

قال النخعي وقتادة وغيرهما: كان قارون ابن عم موسى، وقيل: كان ابن خالته.

ولم يحدد القرآن كيفية بغيه أو الأشياء التي بغى عليهم بها، للإشارة إلى أن بغيه قد شمل كل ما من شأنه أن يسمى بغيًا من أقوال أو أفعال.

والمراد بالفرح في قوله -سبحانه-: {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ}: البطر والأشر والتفاخر على الناس، والاستخفاف بهم، واستعمال نعم الله -تعالى- في السيئات والمعاصي.

وجملة: {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين} تعليل للنهي عن الفرح المذموم.

لقد أعطى الله – تعالى – قارون نعمًا عظيمة، فلم يشكر الله عليها، بل طغى وبغى؛ فقال له العقلاء من قومه: لا تفرح بهذا المال الذى بين يديك فرح البطر الفخور، المستعمل لنعم الله في الفسوق والمعاصي؛ فإن الله – تعالى – لا يحب من كان كذلك.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *