إسرائيل تكثف عملياتها في وسط وجنوب غزة مع ارتفاع عدد القتلى

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

مع ارتفاع عدد الضحايا في الحرب بين إسرائيل وحماس وتزايد الضغوط العالمية الرامية إلى وقف تصعيد العنف، يطرح الوسطاء الدوليون مقترحات مختلفة لوقف جديد لإطلاق النار.

غير أن كلا الجانبين، على الأقل علنا، طرحا شروطا تبدو مستعصية على الحل،  حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” التي أشارت إلى أن هذا دفع دبلوماسيين للاعتقاد بأن التوصل إلى اتفاق لهدنة دائمة “لا يزال بعيد المنال”،

وفي أواخر نوفمبر، الماضي، توصلت إسرائيل وحماس إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، استمر لأسبوع، أطلقت على إثره الحركة المصنفة إرهابية بعدد من الدول، سراح أكثر من 100 رهينة اختطفتهم خلال هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر.

وفي المقابل، أطلقت إسرائيل سراح ما يقرب من 240 سجينا فلسطينيا، وسمحت بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، قبل أن تنتهي الهدنة بعد أسبوع واحد، دون أن تنجح مساعي الوسطاء الذين تمنوا أن تكون أساسا يبنى عليه لإنهاء القتال.

وأوضحت “نيويورك تايمز”، أنه منذ ذلك الحين، عمّقت القوات الإسرائيلية الحرب، التي يقول المسؤولون العسكريون إنها قد تستمر “لأشهر عديدة أخرى” في سعيهم لتحقيق هدفهم المتمثل في القضاء على حماس.

ومع استمرار القتال، تزايدت المخاوف من احتمال توسع الصراع، حيث تتبادل إسرائيل الهجمات عبر حدودها الشمالية مع حزب الله اللبناني، ويشن المسلحون الحوثيون المتمركزون في اليمن ضربات ضد سفن الشحن في البحر الأحمر، بينما تقصف القوات الأميركية ما تصفه بأنها أهداف إيرانية في العراق وسوريا.

مقترحات وقف العنف

ومع مقتل أكثر من 20 ألف فلسطيني في غزة منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية، وفقا لمسؤولي الصحة في غزة، يواصل الوسطاء بين الجانبين البحث عن وسيلة لوقف العنف.

وقدمت الحكومة المصرية مقترحا يدعو إلى من تبادل المزيد الرهائن والسجناء كخطوة نحو وقف دائم لإطلاق النار، وفقا لثلاثة دبلوماسيين في المنطقة أصروا على عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية المحادثات.

لكن الدبلوماسيين حذروا من أنه لا إسرائيل ولا حماس قريبتان على ما يبدو من الموافقة على مثل هذا الاقتراح.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنيين، أن القاهرة تقترح وقفا لإطلاق النار على عدة مراحل على أن تكون المرحلة الأولية مؤقتة لمدة أسبوع أو أسبوعين، وأنه من الممكن تجديد وقف إطلاق النار المؤقت.

ما هي مقترحات مصر لإنهاء الحرب في غزة؟

تنتظر مصر ردا من الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، “الخميس على أبعد تقدير” بحسب مصادر تحدثت مع موقع “الحرة”، بشأن مقترحها لإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة التي أدت إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص وتشريد نحو مليونين آخرين. 

وينص الاقتراح المصري على أن تتخلى حماس والجهاد الإسلامي عن السلطة في قطاع غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار.
ووفقا لمسؤولين فلسطينيين، قالوا إن وقف إطلاق النار سيكون من ثلاث مراحل، فخلال أول عشرة أيام من هدنة إنسانية تطلق حماس سراح كل النساء والأطفال والمسنين المحتجزين لديها.

في المقابل، تطلق إسرائيل سراح عدد متفق عليه من السجناء الفلسطينيين من نفس الفئات وتوقف كل العمليات القتالية وتسحب الدبابات من القطاع وتسمح بإيصال المساعدات الغذائية والطبية والوقود وغاز الطهي.
وتسمح كذلك بعودة السكان إلى شمال قطاع غزة.

وتصر حماس والجهاد الإسلامي على أن إبرام صفقة لتبادل الرهائن يجب أن يؤدي إلى إطلاق سراح كل الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وقال مسؤول كبير في حركة الجهاد الإسلامي “الكل مقابل الكل”.

وإسرائيل منفتحة على تهدئة أخرى، لكنها رفضت مطالب المسلحين الفلسطينيين بإنهاء الحرب وسحب القوات من غزة، بحسب “رويترز”. 

“مواقف الجانبين”

ومساء الاثنين، ناقش مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي مختلف مقترحات الهدنة المطروحة على الطاولة، بما في ذلك المقترح المصري، وفقا لمسؤول إسرائيلي تحدث لنيويورك تايمز، شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المداولات السرية.

وفي العلن، تقول الصحيفة الأميركية، استمر المسؤولون الإسرائيليون في إخبار الجمهور بأن عليهم أن يتوقعوا حربا طويلة وصعبة في المستقبل.

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هاليفي، الثلاثاء، إن “الحرب ستدوم لأشهر طويلة”، لافتا إلى أن إسرائيل “ستتبع الأساليب المختلفة بغية ضمان صمود الإنجاز طويلاً”.

وتابع: “جيش الدفاع يوشك على استكمال تفكيك الكتائب الحمساوية شمالي القطاع.. وسنصل أيضًا إلى القيادة الحمساوية، سواء استغرق ذلك أسبوعًا أو أشهر”.

وفي مقال رأي نُشر الاثنين، على صحيفة وول ستريت جورنال، كرر رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو موقفه القائل، بأنه يجب تدمير حماس وتجريد غزة من السلاح – وهي تصريحات بدا أنها تستبعد أي دور لحماس في غزة ما بعد الحرب.

ومع ذلك، تقول “نيويورك تايمز”، إن الضغوط الداخلية على نتنياهو للعمل بشكل أكثر قوة لتحرير الرهائن المتبقين تزايدت منذ مقتل ثلاثة أسرى إسرائيليين عن طريق الخطأ على يد جنود إسرائيليين في مدينة غزة، هذا الشهر.

ويبدو أن حماس، في تصريحاتها العامة، ترفض أيضا أي اتفاق للافراج عن الرهائن المتبقين إذا لم يؤدي ذلك إلى نهاية مستدامة للأعمال العدائية.

وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، الأربعاء، قال زاهر جبارين، عضو القيادة السياسية للحركة، إن الخطوة الأولى “يجب أن تكون وقف قتل الناس في غزة”.

وقال: “موقفنا الذي أبلغناه لجميع الأطراف هو أننا نطالب بوقف شامل لإطلاق النار قبل أن نتحدث عن قضايا أخرى”.

وأضاف جبارين، أن العديد من الدول، بما في ذلك مصر، قدمت مقترحات، لكنه لم يتمكن من مناقشة التفاصيل.

ومنذ بداية الحرب، أدلى الجانبان بـ”تصريحات متشددة علنا” حتى مع استمرار المحادثات سرا، غالبا من خلال الحكومة القطرية، التي توسطت في هدنة نوفمبر.

وعلى الرغم من التصريحات العدوانية لبعض المسؤولين الإسرائيليين، قالت الحكومة، إنها تخطط للانتقال إلى مرحلة أقل كثافة من القتال، بعد ضغوط متكررة من الولايات المتحدة، أقوى حليف لها، لخفض القتال والحد من الخسائر البشرية في صفوف المدنيين.

وسافر رون ديرمر، أحد كبار مستشاري نتانياهو، إلى واشنطن يوم الثلاثاء والتقى مع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.

وقال مسؤول في البيت الأبيض، إن المحادثات تناولت التركيز على مرحلة مختلفة من الحرب “لتشديد التركيز على أهداف حماس ذات القيمة العالية” وجهود تحرير الرهائن المتبقين و”التخطيط لليوم التالي” للحرب، في إشارة إلى كيف سيتم حكم غزة عندما ينتهي القتال.

ويأتي ذلك بالتزامن مع اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي، جو بايدن، مع أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حيث ناقشا الجهود العاجلة لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين الذين تحتجزهم حماس، بما في ذلك المواطنين الأميركيين.

وقال بيان للبيت الأبيض، إن بايدن ناقش مع أمير قطر الجهود الجارية لتسهيل التدفق المتزايد والمستدام للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى غزة.

وقالت وكالة الأنباء القطرية إن بايدن وأمير قطر تطرقا إلى جهود الوساطة المشتركة الحالية لتهدئة الأوضاع في القطاع المحاصر والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

دعوات من أجل “خطوات عاجلة”

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على جنوب إسرائيل.

وأدى الهجوم الى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد لفرانس برس استنادا الى آخر الأرقام الرسمية الإسرائيلية. كما جرى خلال الهجوم أخذ نحو 250 رهينة لا يزال 129 منهم محتجزين في غزة، وفق إسرائيل.

وتشنّ إسرائيل قصفا مكثفا للقطاع المحاصر، وبدأت بعمليات برية اعتبارا من 27 أكتوبر، أدت الى مقتل 21110 شخصا بينهم أكثر من ثمانية آلاف طفل وستة آلاف امرأة، وفق آخر الأرقام الصادرة عن حكومة حماس.

ومع تواصل العمليات على الأرض، أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل ثلاثة جنود، ما يرفع حصيلة خسائره منذ بداية القتال البري الى 167.

وأعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الأربعاء، عن “قلق بالغ حيال قصف القوات الإسرائيلية المتواصل لوسط غزة” مؤكدة “على كل الهجمات أن تمتثل بشكل صارم إلى مبادئ القانون الإنساني الدولي بما في ذلك التمييز والتناسب وأخذ الاحتياطات”.

بدوره، حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الأربعاء من “خطر جسيم” يواجهه سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة. 

ودعا تيدروس المجتمع الدولي لاتخاذ “خطوات عاجلة للتخفيف من الخطر الجسيم الذي يواجه سكان غزة ويقوض قدرة العاملين في المجال الإنساني على مساعدة الأشخاص الذين يعانون من إصابات فظيعة ومن الجوع الحاد، والمعرضين لخطر شديد للإصابة بالأمراض”.

وتؤكد المنظمة أن 21 من أصل 36 مستشفى في القطاع توقفت عن العمل.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *