مختصون لـ”اليوم”: نقص الكوادر و”الإرهاق العاطفي” أبرز تحديات التمريض

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 11 دقيقة للقراءة
أكد مختصون في التمريض أن الكادر التمريضي في المملكة يواجه تحديات متراكمة، أبرزها النقص في الكفاءات الوطنية، والاعتماد على التمريض الوافد، وضغوط العمل المرتفعة، خاصة في الأقسام الحرجة مثل الطوارئ والعناية المركزة، إلى جانب غياب بيئة العمل المحفزة والداعمة نفسيًا ومهنيًا.
وأوضحوا في حديثهم لـ”اليوم” بمناسبة اليوم العالمي للتمريض أن من أبرز مطالبهم تحسين بيئة العمل، ورفع الحوافز المالية والمعنوية، وتفعيل برامج الدعم النفسي، مع التأكيد على ضرورة إتاحة فرص التطور المهني، وتمكين الكوادر التمريضية من الأدوار القيادية، إلى جانب التوعية المجتمعية بدور الممرضين والممرضات، وتحسين الصورة الذهنية للمهنة بما يعكس أهميتها في النظام الصحي الوطني.
في البداية أكدت د. نسرين محمد الغامدي، أستاذ مساعد في كلية التمريض بجامعة الملك عبد العزيز، أن يوم التمريض العالمي يُعد مناسبة نفخر فيها جميعًا بما وصل إليه التمريض السعودي من مكانة رفيعة، مشيرة إلى أن

د. نسرين الغامدي

د. نسرين الغامدي

هناك أمثلة حية لممرضين وممرضات سعوديين يعملون بكل إخلاص وتفانٍ في ردهات المستشفيات المزدحمة، ومقاعد الكليات المعتمدة، وفي المجمعات والقنوات المختلفة، يمارسون ما أقسموا عليه منذ التحاقهم بالمهنة.
وأضافت الغامدي بأن هذا اليوم يعد فرصة لشكر الممرضين والممرضات على جهودهم المستمرة ، فهم يتواجدون بأرواحهم قبل إمكانياتهم ومهاراتهم، لتقديم الرعاية الصحية اللازمة، وتوعية المجتمع بكل ما يسهم في رفع معدلات الصحة العامة في وطننا الآمن والطموح.

التمريض والرعاية الوقائية

وأكدت أن دور الممرض لا يقتصر على تقديم الخدمة الصحية، بل يمتد إلى ممارسة أحد المفاهيم الأساسية في علم التمريض، وهو “الرعاية الوقائية”، حيث يساهم الممرض في الوقاية من الأمراض، والتشجيع على اتباع نمط حياتي صحي.
وأضافت الغامدي، أن الممرض يقدم أيضا النصائح، ويصحح المفاهيم الصحية، ويسلط الضوء على مواضيع معاصرة، ويرفع الوعي تجاه قضايا أخرى، ليكون دوره التوعوي والتثقيفي حاضرًا منذ التحاقه بصفوف التخصص، مساهمًا بذلك في دعم بناء مجتمع مسؤول وشغوف بخدمة مجتمعه، ويعكس صورة المجتمع الحيوي الذي تطمح إليه رؤية وطننا الغالي.

الإرهاق العاطفي للممرض

وأشارت الغامدي إلى أن الممرضين يحملون على عاتقهم مسؤولية كبيرة تجاه مرضاهم والمجتمع بأسره، الأمر الذي يعرضهم أحيانًا لما يعرف بـ “الإرهاق العاطفي”، وهي ظاهرة حقيقية يعاني منها العديد من الممرضين نتيجة التعرض المطول لرعاية الآخرين في أضعف حالاتهم، دون وجود الدعم الكافي لهم كممارسين صحيين.
وبينت أن من نتائج هذه الظاهرة انخفاض جودة الرعاية الصحية، وارتفاع نسبة الدوران الوظيفي في القطاع التمريضي، بل وقد تصل في بعض الأحيان إلى ترك المهنة بشكل نهائي.
وانطلاقًا من أهمية هذا الجانب، دعت الغامدي الممرضين إلى ضرورة ممارسة الرعاية الذاتية بشكل سليم، للتقليل من آثار الإرهاق العاطفي، والحفاظ على صحتهم النفسية والجسدية، كما شددت على أهمية دور قادة المهنة في مختلف المنشآت الصحية، في تعزيز ثقافة الرعاية الذاتية والوقاية من الإرهاق العاطفي، من خلال الدعم المستمر وتهيئة بيئة عمل صحية ومحفزة تساعد الممرضين والممرضات على تقديم أفضل ما لديهم من قدرات ومهارات.
وأكدت بأن الدعم المناسب وتقدير الجهود المبذولة، كفيل بأن يمنح كل ممرض وممرضة القدرة على مواصلة هذه المهنة النبيلة المليئة بالعطاء والتعاطف مع الغير، وتجاوز التحديات النفسية والعملية، والاستمرار في إحداث فرق إيجابي في حياة المرضى والمجتمع ككل.

التمريض رسالة إنسانية

من جهتها أكدت المختصة في التمريض رائدة السبع، أن مهنة التمريض ليست مجرد وظيفة، بل رسالة إنسانية متجذّرة في وجدان الممارسين لها، لما تحمله من أثر عميق في حياة المرضى والمجتمع، مشيرة إلى أن التمريض يمثل القلب النابض للرعاية الصحية في المملكة، وعنوانًا للرحمة والالتزام.

رائدة السبع

رائدة السبع

رائدة السبع

وأشارت السبع إلى أن الكوادر التمريضية تواصل أداءها بكفاءة عالية رغم التحديات المستمرة، من ضغط العمل إلى نقص الكفاءات الوطنية، مؤكدة أن المهنية العالية والتفاني في العطاء سمات راسخة في الممرضين والممرضات.
ودعت إلى تحسين بيئة العمل من خلال توفير بيئة مرنة وآمنة، وتعزيز التحفيز المهني العادل، وتمكين الكوادر التمريضية من الأدوار القيادية، بالإضافة إلى توسيع فرص الابتعاث والتخصص، بما يسهم في رفع مستوى الكفاءة والإنتاجية.
كما شددت على أهمية تقديم الدعم النفسي للكوادر التمريضية، وإطلاق حملات توعوية تبرز دورهم الحيوي، إلى جانب تفعيل الحوار الإعلامي لإعادة رسم صورة المهنة في وعي المجتمع.
ودعت لإعلان “عام وطني للتمريض” يعزز فخر الانتماء المهني، ويرسّخ قيمة التمريض كمكوّن أساسي في المنظومة الصحية، مؤكدة أن الاحتفاء بهذا اليوم يجب أن يواكبه التزام جماعي بأن يبقى التمريض في الصدارة، رفعةً وإنسانية.

تحديات متعددة للتمريض

وقال المدير التنفيذي المشارك للخدمات السريرية للتمريض بمدينة الملك سعود الطبية عبدالمحسن الزهراني إن مهنة التمريض في المملكة تواجه تحديات متعددة، يأتي في مقدمتها النقص في الكوادر الوطنية المؤهلة،

عبدالمحسن الزهراني

عبدالمحسن الزهراني

عبدالمحسن الزهراني

والاعتماد الكبير على التمريض الوافد، وهو ما يشكل فجوة تؤثر على استدامة وتوطين الكادر التمريضي في القطاعات الصحية.
وأضاف أن هناك ضغطًا كبيرًا يعانيه الممارسون التمريضيّون، خصوصًا في أقسام الطوارئ والعناية المركزة، حيث يتطلب العمل فيها أداءً عاليًا وجهدًا متواصلًا دون انقطاع، ما يفاقم الإرهاق النفسي والبدني لديهم، لافتًا إلى أن التحديات لا تتوقف عند هذا الحد، بل تشمل أيضًا بيئة العمل نفسها، والتي تفتقر في كثير من المواقع إلى التحفيز المهني، وتغيب عنها فرص التطور الوظيفي الواضحة، إلى جانب قلة برامج الدعم النفسي بالرغم من طبيعة العمل المجهدة.
وأوضح الزهراني أن تطوير بيئة العمل التمريضية لا بد أن يبدأ بتحسين الظروف الميدانية، وتهيئة بيئة آمنة مهنياً ونفسياً، تُمكّن الممرض من أداء مهامه بكفاءة واستقرار، مشيرًا إلى ضرورة توفير برامج تدريب وتأهيل مستمر تواكب المستجدات العالمية في مهنة التمريض، مع أهمية وضع مسارات مهنية واضحة تساعد الممرض والممرضة على التدرج الوظيفي وتحقيق الطموحات المهنية دون عراقيل.
وأكد كذلك على أهمية تعزيز الحوافز المالية والمعنوية بما يتناسب مع طبيعة الدور الذي يقوم به الممارس التمريضي، وخلق بيئة تقدر الجهود وتحتفي بالتميّز.

حزمة من وسائل الدعم

وأشار إلى أن الممرضين والممرضات يحتاجون خلال تأدية مهامهم إلى حزمة من وسائل الدعم، تبدأ من الدعم النفسي والمهني، وتمر بتوفير أدوات العمل التي تضمن سلامة المريض وسلامتهم الشخصية، وتنتهي بالدعم الإداري في حل المشكلات اليومية وتمكين الكوادر من أداء أدوارهم دون عوائق بيروقراطية.
ولفت إلى أن الشعور بالتقدير والتحفيز المعنوي يمثل أحد العوامل الجوهرية في تعزيز الاستقرار الوظيفي واستمرارية العطاء في مهنة شديدة الالتصاق بالجانب الإنساني.
وأكد الزهراني أن التوعية المجتمعية بدور التمريض تشكل ركيزة أساسية في تعزيز مكانة هذه المهنة، قائلًا: “عندما يدرك المجتمع الدور الحيوي للتمريض في الرعاية الصحية، فإن الثقة تتعزز، والاحترام يكبر، مما ينعكس إيجابًا على صورة المهنة في أذهان الأجيال الصاعدة”.
وأضاف أن زيادة الوعي المجتمعي بدور التمريض تسهم أيضًا في بناء شراكة فعالة بين مقدم الخدمة الصحية والمستفيد منها، وهي شراكة ضرورية لتحقيق أهداف الوقاية والرعاية المستدامة.

تكريم الممرضين

ودعا الزهراني إلى أن يكون اليوم العالمي للتمريض محطة للتأمل والامتنان، وفرصة لصياغة قرارات فعلية تعالج التحديات القائمة، وتدفع باتجاه التحسين الهيكلي لمهنة التمريض في المملكة.
وأكد أن “الشكر وحده لا يكفي”، بل يجب أن تُترجم هذه المناسبة إلى تكريم عملي للكادر التمريضي عبر تحسين بيئة العمل، وتسليط الضوء إعلاميًا على جهودهم، وتبني مبادرات مجتمعية تسهم في توعية المجتمع بمهامهم، مشددًا على أن الممرض هو “الجندي المجهول” الذي يعمل في كل ساعة وعلى كل سرير دون كلل أو انتظار للثناء، ويستحق التقدير المستمر والدعم الحقيقي.

الممرضون أصحاب “القلوب البيضاء”

من جانبها أكدت آلاء عبدالرحمن العنزي، طالبة التمريض في جامعة الجوف، أن التمريض ليس مجرد مهنة، بل نداء إنساني عظيم يستحق كل تقدير، مشيرة إلى أن 12 مايو يُعد مناسبة عالمية للاحتفاء بأصحاب “القلوب البيضاء” الذين يضيئون دروب الألم بالرعاية والرحمة، ويقفون بثبات في لحظات الضعف، مؤدين رسالتهم بصمت وأمل.

آلاء العنزي

آلاء العنزي

آلاء العنزي

وأوضحت العنزي أن الكادر التمريضي في المملكة يواجه تحديات متعددة، أبرزها ضغط العمل، وقلة الكوادر، والنقص في الدعم المجتمعي، مما يؤثر سلبًا على جودة الرعاية ويُثقل كاهل الممارسين نفسيًا وجسديًا.
وشددت على أهمية إعادة تشكيل بيئة العمل التمريضي لتكون بيئة جاذبة ومحفزة، من خلال توفير بيئة آمنة، ودعم نفسي، وتطوير مهني مستمر، إلى جانب التحفيز المادي والمعنوي، ليصبح التمريض خيارًا طموحًا يستقطب الكفاءات الوطنية، لا خيارًا اضطراريًا.
كما دعت إلى تعزيز الاحترام المجتمعي للممرضين والممرضات، وضمان حقوقهم، وتوفير الموارد الكافية التي تمكنهم من أداء رسالتهم الإنسانية على أكمل وجه، مؤكدة أن التوعية بدور التمريض هي الأساس في بناء مجتمع صحي واعٍ.
التحديات

  1. نقص الكوادر الوطنية المؤهلة واعتماد مفرط على التمريض الوافد.
  2. ضغط العمل المرتفع خصوصًا في أقسام الطوارئ والعناية المركزة.
  3. الإرهاق العاطفي والنفسي الناتج عن التعامل المستمر مع المرضى في أصعب حالاتهم.
  4. ضعف بيئة العمل من حيث الأمان النفسي والمهني.
  5. غياب التحفيز المهني والوظيفي في كثير من المواقع الصحية.
  6. قلة فرص التطور الوظيفي والتدرج المهني الواضح.
  7. ندرة برامج الدعم النفسي رغم طبيعة العمل الضاغطة.
  8. ضعف الدعم المجتمعي وقلة التقدير المجتمعي لدور التمريض.
  9. صورة ذهنية غير مكتملة أو مشوهة عن المهنة في أذهان البعض.
  10. قلة الموارد والأدوات اللازمة لأداء العمل التمريضي بكفاءة وسلامة.

المطالبات

  1. تحسين بيئة العمل وجعلها محفزة ومهنية وآمنة.
  2. رفع الحوافز المالية والمعنوية بما يتناسب مع الجهد المبذول.
  3. توفير دعم نفسي متكامل للممارسين والممارسات في الميدان.
  4. إتاحة فرص التطوير المهني والتدريب المستمر والتخصص والابتعاث.
  5. تمكين الكوادر التمريضية من المناصب القيادية في القطاع الصحي.
  6. إطلاق حملات توعية وطنية لتحسين الصورة الذهنية للمهنة وتعزيز الاحترام المجتمعي لها.
  7. إعلان عام وطني للتمريض لترسيخ فخر الانتماء المهني وتعظيم مكانة التمريض.
  8. تهيئة مسارات مهنية واضحة تساعد على النمو المهني والاستقرار الوظيفي.
  9. تحقيق شراكة فاعلة بين المجتمع والممرضين لضمان رعاية وقائية وإنسانية مستدامة.
  10. تبني مبادرات مجتمعية وإعلامية لتسليط الضوء على إنجازات التمريض وتعزيز مكانتهم.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *