10 آلاف مفقود بسيول ليبيا ومخاوف من انتقال الأمراض عبر المياه

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

أعلنت منظمات إغاثة أن عدد مفقودي السيول والفيضانات في مدينة درنة يتجاوز 10 آلاف شخص وفق معطيات أولية، وفي حين عبر مسؤول عن مخاوف من انتقال بعض الأمراض عن طريق المياه، تم إقرار ميزانية حكومية بقيمة ملياري دولار لمواجهة آثار السيول.

وقالت المتحدثة الإقليمية باسم الصليب الأحمر للجزيرة إن التوقعات الأولية تشير إلى تجاوز عدد المفقودين في درنة 10 آلاف، وإن أماكن الإيواء والأدوية ودعم فرق الإنقاذ هي الأولويات في درنة.

كما كشفت المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الأغذية العالمي للجزيرة عن نقص فادح في المواد الغذائية بدرنة جراء انهيار الجسور.

من جهتها، قالت السلطات الليبية إن فرق الإنقاذ تمكنت من إنقاذ أكثر من 500 شخص على الأقل من تحت أنقاض أبنية منهارة جراء السيول التي مسحت من الخارطة أحياء وجسورا وسببت دمارا واسعا في شبكة الطرق في مدينة درنة وجوارها، في حين تكثف فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية جهودها بحثا عن ناجين وانتشال ودفن الجثث المتناثرة في المدينة.

وأعلن وكيل وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية سعد الدين عبد الوكيل أن فرق الإنقاذ المحلية والدولية تمكنت من إنقاذ 510 أشخاص من تحت الأنقاض في مدينة درنة، مشيرا إلى أن عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث لا تزال مستمرة وتحتاج إلى بعض الوقت نظرا لوجود آلاف المفقودين.

ولفت عبد الوكيل إلى أن هناك العديد من المناطق، بينها سوسة والمخيلي والوردية (شرق)، تحتاج لتدخل عاجل، لذا سيكون التركيز عليها في الساعات القادمة بإرسال الفرق الطبية والمساعدات وعناصر الإنقاذ.

من جانبه، قال وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من البرلمان الليبي عصام بوزريبة للجزيرة إنه تم انتشال 2958 جثة من ضحايا الفيضانات حتى الآن، وإنه تم تشكيل لجنة عليا للطوارئ لتنفيذ قرارات مجلس النواب.

وفي وقت سابق، أفاد جيل كاربونيه نائب رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في تصريحات للجزيرة، بمقتل 3 من عناصر الهلال الأحمر الليبي أثناء مساعدتهم المنكوبين.

كما قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا إن الفيضانات في درنة أدت إلى نقل مخلفات الحرب إلى جميع المناطق المنكوبة، مشيرة إلى أن خطر مواجهة مخلفات الحرب القابلة للانفجار منتشر بجميع أنحاء مدينة درنة.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة للجزيرة إن إجراءات إيصال الغذاء والماء إلى المناطق المنكوبة في درنة بدأت، وإنه تم إنشاء مركز للوكالات الأممية في بنغازي لإدارة العمليات بدرنة.

في الأثناء، قال المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الوحدة الليبية محيي الدين النويجي إن جهاز الإسعاف أرسل أكثر من 80 سيارة إسعاف للمناطق المنكوبة، وأضاف أن هناك تخوفا من انتقال بعض الأمراض عن طريق المياه، لكن فرقا متخصصة تحركت للكشف عن هذه الأمراض ومكافحتها.

وقال عميد بلدية سوسة شرقي ليبيا للجزيرة وائل إبريك إن 14 جثة تم انتشالها حتى الآن في المدينة، وأضاف أن أكثر من 100 إصابة تم تسجيلها نتيجة الإعصار والسيول التي اجتاحت المدينة. وأشار عميد بلدية سوسة إلى أن محطة تحلية سوسة دُمرت بالكامل، إضافة إلى دمار 50 منزلا بشكل كامل، وتضرر قرابة 300 منزل بشكل جزئي في المدينة.

من جانبه، قال المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ في ليبيا للجزيرة “عثرنا أمس على عائلة كل أفرادها أحياء في حي متضرر بدرنة”.

تصريحات أممية

وفي سياق متصل، قال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، إنه كان من الممكن تجنب سقوط هذا العدد من الضحايا إذا كان لدى الدولة هيئة أرصاد جوية قادرة على إصدار التحذيرات.

وجاءت تصريحات المسؤول الأممي بعد أيام من ضرب العاصفة “دانيال” منطقة شرق ليبيا، التي نجم عنها أمطار غزيرة جدا تسببت بانهيار سدّين قريبين من مدينة درنة، فاجتاحت المياه المدينة جارفة الأبنية بمن فيها.

وأوضح تالاس أن “الفيضانات وقعت ولم تتم عملية إخلاء نتيجة عدم وجود أنظمة إنذار مبكر مناسبة”، مشيرا إلى أن الإخلاء كان سيحد كثيرا من عدد الضحايا.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أصدر المركز الوطني للأرصاد الجوية في ليبيا تحذيرات مبكرة بشأن أحوال الطقس قبل 72 ساعة من وصول الإعصار، وأخطر السلطات الحكومية عبر البريد الإلكتروني، داعيا لاتخاذ تدابير وقائية، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قالت إنه “ليس من الواضح ما إذا كانت (التحذيرات) قد تم تعميمها بشكل فعال”.

من جهته، قال مسؤول بالاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر للجزيرة إن فرق الهلال الأحمر الليبي وصلت إلى جميع المناطق المنكوبة، مشيرا إلى سعي هذه الفرق للوصول إلى كل ناج ونقله بأقصى سرعة لمناطق آمنة. كما شدد على ضرورة توفير المياه لضمان عدم انتشار الأمراض.

مليارا دولار

وقال المتحدث باسم مجلس النواب الليبي إنه تم إقرار ميزانية بقيمة ملياري دولار لمواجهة آثار السيول، وأضاف في مؤتمر صحفي أن هناك تنسيقا مع المصرف المركزي لتوفير المبالغ المخصصة لمواجهة تبعات الكارثة.

من جهته، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة إن وضع السدود في البلاد أمر تم إهماله ولم يحظ بالاهتمام الكافي من قبل السلطات إلا بعد حدوث السيول.

وأكد الدبيبة أن حكومته ستعمل على إنشاء إدارة خاصة بالسدود لمراقبتها في ليبيا وتنبه المواطنين في حالات الكوارث.

وقال الدبيبة إن السدود التي انهارت في درنة بنيت وفق معايير قديمة وإنه يجب العمل على استيعاب التغييرات المناخية التي زادت من وتيرة الأزمات على مستوى العالم.

وأكد أنه خاطب المستشار النائب العام بفتح تحقيق عاجل في ملابسات الواقعة ووجه الأجهزة المعنية بالتعاون الكامل في ذلك.

من ناحية أخرى، أفاد مراسل الجزيرة بوصول وفد وزاري من حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة وزير الحكم المحلي ورئيس لجنة الطوارئ إلى شرق ليبيا، في طريقه إلى مدينة البيضاء، ومنها إلى مدينة درنة.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الليبية للجزيرة إن السيول جرفت عدة طرق تؤدي إلى مدينة درنة، مؤكدا أن ليبيا لم تواجه مثل هذه الكارثة منذ نحو 70 عاما.

وأضاف أن هناك ازدحاما على أبواب مدينة درنة بسبب كثرة المساعدات، والعمل جار لتسهيل مرور قوافل المساعدات إلى المدينة.

دوليا، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط للجزيرة إن دولا أوروبية قدمت مساعدات للمناطق المنكوبة، وإرسال فريق من 53 طبيبا لمواجهة انتشار الأمراض.

من جهتها، أطلقت الأمم المتحدة مناشدة للمانحين لتقديم 71.4 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا للمتضررين، مشيرة إلى أن المناشدة تستهدف 250 ألف شخص من أصل 884 ألفا تضرروا من السيول.

تحقيق شامل

بدوره، قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي إنه طلب من النائب العام فتح تحقيق شامل في وقائع الفيضانات التي اجتاحت مدينة درنة، ومحاسبة كل من أخطأ أو أهمل بالامتناع أو بالقيام بأفعال نجم عنها انهيار سدي المدينة، حسب تعبيره.

وقال متحدث باسم مجلس النواب الليبي إن هناك تنسيقا مع المصرف المركزي لتوفير المبالغ المخصصة لمواجهة تبعات الكارثة.

من جهته، ناشد عضو مجلس النواب عن مدينة بنغازي خليفة الدغاري مصر والجزائر إرسال فرق من الغواصين لانتشال الجثث المتناثرة على شواطئ المناطق المنكوبة، حسب قوله.

وشدد الدغاري -في تصريحات للجزيرة- على الحاجة الماسة لدعم المستشفيات في المناطق المنكوبة، مشيرا إلى نقص الأدوية بهذه المناطق.

كارثة حقيقية

وأظهرت صور -بثتها قناة “الوطنية” الليبية على منصات التواصل الاجتماعي- كارثة حقيقية حلّت بمدينة درنة، حيث الشوارع مدمرة والأشجار مقتلعة والمباني منهارة، والناس يرفعون الأغطية عن الجثث الملقاة على الرصيف لمحاولة التعرف إليها.

كما نشر مصور ليبي على صفحته في فيسبوك مشاهد جوية تظهر الدمار الواسع في مدينة درنة بعد الفيضانات التي ضربتها وخلفت آلاف الضحايا بين قتلى ومفقودين.

ونشر المصور مشاهد التقطها في وقت سابق في الأول من الشهر الجاري للمدينة قبل السيول بأيام معدودة وعلى نحو يوضح حجم الدمار الذي ألحقته بالمدينة.

ولا يمكن الوصول إلى المدينة الآن إلا عبر مدخلين إلى الجنوب (من أصل 7 مداخل)، وقد انقطع عنها التيار الكهربائي على نطاق واسع، وتعطلت شبكة الاتصالات، وفقا للمنظمة الدولية للهجرة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *