“لماذا تفعلين ذلك بجسدك؟ لماذا لا تنحفين؟”.. عينة من أسئلة مؤذية بدأت بملاحقة الشابة اللبنانية، بيرت واكد، منذ أن كانت في التاسعة من عمرها، وذلك في سياق تعليقات محيطها على جسدها ووزنها الزائد.
أكثر ما كان يؤلم بيرت، أن التنمر والانتقادات التي واجهتها منذ صغرها، غالباً ما صدرت عن أقرب الناس إليها، زملاء المدرسة، والعائلة، والأصدقاء، والأقارب، الأمر الذي كان يدفعها للشعور بالنقص عن غيرها، والظن بأن محبة الناس وقبولهم لها مشروط بحالة جسدها وشكلها.
ما واجهته بيرت منذ صغرها، تفاجأت به سمر في عمر متقدم، إذ بدأت باكتساب الوزن بوتيرة سريعة بعد انقطاع الدورة الشهرية، لتجد نفسها وجها لوجه مع ضغط المجتمع ومعاييره للشكل والوزن، وراحت تتسلل تلك العبارات إلى علاقاتها اليومية مع الناس، لتجد نفسها أمام تعليقاتهم: “ليه نصحانة؟ تزدادين عرضاً، انتبهي لنفسك، لا يجوز ذلك، يا حرام”، إلى حد بات يشعرها مع كل كيلوغرام زائد في الميزان، أنها ترتكب جريمة ما عليها الشعور بالذنب تجاهها، وفقما تروي لموقع “الحرة”.
ردة فعل على المعاناة
ملايين البشر حول العالم عانوا أو يعانون، مثل بيرت وسمر، من النظرة النمطية السائدة في المجتمع حول الشكل والوزن، حيث بات هذا الهاجس من أكثر المشاكل انتشاراً، يعززها التصوير المثالي للأجسام، القائم في الإعلام والإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي، ما يزيد من عدم رضى الناس عن اجسامهم واشكالهم، ويدفع بهم إلى اتخاذ خيارات متطرفة، مثل الحميات الغذائية القاسية والعلاجات غير العلمية والحلول الضارة وصولا إلى العمليات الجراحية، من أجل ملاءمة موضة الجسد وبلوغ “المثالية” التي تجنبهم تلك النظرة، وتزيد من رضاهم عن انفسهم، ولو على حساب صحتهم وسلامتهم النفسية.
انطلاقا من ذلك، يأتي يوم اللا حمية العالمي، No diet day، المحدد في السادس من مايو، كردة فعل على تلك النظرة النمطية وما تتسبب به من مشكلات نفسية وجسدية لمن يتعرضون لها، وتم اختيار الشريطة الزرقاء كشعار لهذا اليوم على غرار الشريطة الحمراء المخصصة لليوم العالمي لمرض الإيدز.
بدأت فكرة هذا اليوم عام 1992، مع الناشطة النسوية البريطانية ماري إيفنز يونغ، كرد فعل على تحول الحميات الغذائية إلى صناعة تتربح منها بعض الشركات التجارية، والتوعية بمخاطر الهوس بالحميات الغذائية والتشدد في اتباعها، مما قد يصيب ببعض الأمراض مثل اضطراب الأكل وسوء الهضم أو الإصابة بمرض القهم العصابي.
وقامت يونغ في سبيل ذلك بمراسلة وسائل الإعلام من أجل الترويج لهذا اليوم وأهدافه المتمحورة حول التعريف بمخاطر التشدد في اتباع الحميات الغذائية، ونقض فكرة الشكل الأمثل للجسم، إضافة إلى رفع التوعية بحقوق أصحاب الأوزان الكبيرة ومناهضة ظاهرة الخوف من البدانة، كما كشف النزعة التجارية خلف شركات صناعة الحمية ووسائل الغش التجاري التي تتبعها، فضلاً عن تكريم وتذكر ضحايا الاضطرابات النفسية والعضوية التي تتبع الحميات وكذلك عمليات التجميل لإنقاص الوزن.
ما جرى مع سمر قبل ليلة من حلول هذا اليوم العالمي، كان خير مثال على ضرورة التوعية بأهداف هذا اليوم، حيث اضطرت مساءً للتوجه إلى الطبيب لمعاينة وجع مؤلم في المعدة يمنعها من النوم، استمر ليومين، بعدما اتبعت حمية غذائية يروج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تقوم على شرب كميات كبيرة من منقوع الحامض والكمون، كوسيلة لحرق الدهون وخسارة الوزن. كان أول سؤال طرحه عليها طبيبها: “من هذا المجرم الذي نصح بذلك؟”
الأمر نفسه حصل مع صديقتها بفارق أسبوع قبلها، حيث استجابت هي الأخرى لنصيحة تناول ملعقة من الخل صباحاً على معدة فارغة، أدى بها أيضاً إلى آلام حادة في المعدة، وكاد أن يتسبب لها بتقرحات في المعدة وفق ما حذرها الأطباء.
موضة مربحة
سمر وصديقتها نموذجان فقط عن آلاف المتضررين من هذا النوع من الوصفات والنصائح المقدمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تحاكي الهواجس الجسدية للناس، دون أي مراعاة للعلم والشروط الصحية، صادرة عن جهات غير مختصة تسعى فقط للحصول على المتابعات والربح المادي على حساب معاناة الآخرين.
لم تكن استجابة سمر لتلك “الوصفة” وليدة اللحظة، وفقما تقول، انما نتيجة مسار طويل من الشعور بالنقص الناجم عن متابعة مواقع التواصل الاجتماعي وما ينشر فيها من محتوى مرتبط بالنحافة وشكل الأجسام، “يشعرونك طيلة الوقت أنك تعيش في تحد مستمر لضبط الوزن وتشكيل الجسم، وأنه الأهم والأساس في الحياة، ما يدفعك في النهاية إلى الشعور بالخجل من نفسك وصولاً إلى الاستجابة لهم”.
من جهتها لا تنكر بيرت، وهي مؤثرة وصانعة محتوى يتابعها مئات الآلاف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن الصورة النمطية المقدمة لجسد المرأة عبر الانترنت، تؤثر فيها سلباً أيضاً، تقول “مواقع التواصل الاجتماعي لكل الناس، ويجب أن تعكس صورتهم بكل أشكالهم، المشكلة أن مواقع التواصل والإعلانات والمحتوى المنتشر، تضيء كلها على المثاليات، الحياة المثالية الجسم المثالي الصورة المثالية، إلى حد أن الناس ما عادت تتشجع على نشر صورها الطبيعية، وتخجل بأشكالها وأجسامها غير المتوافقة مع “الترند” المثالي، ما يجعلهم يشعرون وكأنهم على خطأ”.
المشكلة الإضافية بحسب بيرت، تكمن في استغلال تلك المعايير المثالية للأجساد من أجل أهداف تجارية وربح مادي على حساب هواجس الناس ومشاكلهم، مثل دعايات أدوية التنحيف والأعشاب والتجميل والعمليات الجراحية، التي يجري التسويق لها على أنها الحل المثالي، “في حين أن أي منها لم يثبت الفعالية اللازمة في هذا السياق، بعضها مفيد بنسبة أقل كثيرا مما يعد تسويقه وبعضها غير مفيد بتاتاً”.
وتضيف “يخلقون لنا المشكلة بالمعايير النمطية، ثم يدعون تقديم الحل لها من خلال منتجاتهم أو خدماتهم وهو ما يشكل استغلالا خالصاً بكل المعايير، هدفه تجاري بحت والكسب المادي، مما يتسبب بفوضى معلومات واسقاطات على مواقع التواصل، لا تناسب الجميع ولا تصلح لكل الأجسام، انما مجرد “ترند” يحاول المختص وغير المختص الدخول فيه والاستفادة منه على حساب معاناة الناس”.
ضغوط اجتماعية
من ناحيتها ترى سمر أن المجتمع يزيد من ضغوطه على المرأة باستمرار، يضع لها معايير جمال زائفة تناسب الموضة والذكورية والشركات وصناعة التجميل، “لا أعلم من يختار هذه الموضة، لا أعلم لماذا قرروا أن تكون النحافة الزائدة هي الهدف وهي النموذج المثالي؟ لا يأخذون في عين الاعتبار خصوصيات كل فرد ووضعه الصحي أو النفسي أو الجسدي”.
تمتعت سمر بوزن ثابت طيلة حياتها، ولم تكن تعاني من مشكلة في هذا السياق، إلا أن التغيير الهرموني الذي رافق انقطاع دورتها الشهرية بسبب التقدم في العمر، قلل من قدرة جسدها على حرق الدهون والسعرات الحرارية وادى إلى اكتسابها لوزن زائد، “هذا ما شرحه الأطباء لي، حين صدمت بأن جسمي يزداد كيلوغراما كل يومين، دون أن تزداد وتيرة الأكل”.
صعوبة تقبلها للأمر، دفعها إلى تجربة كل الوسائل المتاحة أمامها لخفض الوزن، من الحميات الغذائية القاسية إلى التمارين الرياضية المنهكة، وصولاً إلى علاجات الأدوية والأعشاب، وحتى الإجراءات الجراحية، كانت كلها دون فائدة، فيما أدى بعضها إلى آثار جانبية مؤذية، وفي بعض الحالات تحول الحل إلى مشكلة بحد ذاته مثل أحد أدوية التنحيف التي اقتصرت فائدتها على خسارة 5 كيلوغرامات فقط في الشهر الأول، ولا زالت تتناوله منذ عامين لتجنب اكتساب المزيد من الوزن عند إيقافه.
وصل الأمر إلى استخدام أبر المخصصة لعلاج مرض السكري، بهدف التنحيف، تقول سمر “حاولت استخدامها قبل أن اكتشف أنها تعيد رفع الوزن بمجرد التوقف عن أخذها، وبوتيرة أسرع، ومضاعفات خطيرة على المعدة وصحة الجسم بشكل عام، أضف إلى ذلك تكلفة هذه الأبر التي يجب الالتزام بها شهريا، أغلى من إيجار منزلي، وبدونها سيزداد الوزن، تشعر وكأنهم أخذوك رهينة ولا يمكنك الخلاص إلا بشراء الدواء وأخذه مجدداً”.
خسرت سمر الكثير من الأموال في سبيل وصولها إلى النحافة المرجوة، حيث تروي كيف تنقلت بين الماكينات والعلاجات لشد البطن وحرق الدهون وانقاص الوزن، دون فائدة، واليوم لا تخفي أنها تسعى لاستدانة أموال من أجل إجراء عملية جراحية لإنقاص الوزن، وتعترف “الأمر خارج عن إرادتي حتى لو كنت واعية له، لست راضية عن جسمي ولا شيء بإمكانه ردع رغبتي في الوصول مجدداً إلى شكل مثالي”.
الرجال أيضاً
الهواجس الجسدية التي تعبر عنها النساء، تنسحب بالدرجة نفسها على الرجال أيضاً، وفق ما يؤكد الأخصائي في الجراحة الترميميّة والتجميليّة، الدكتور أنطوان أبي عبود، الذي وبحكم عمله وخبرته يؤكد في حديثه لموقع “الحرة” ارتفاع نسبة الرجال الساعين للوصول إلى الوزن والشكل المثالي للجسم من خلال عمليات التجميل، “حتى أن إقبالهم يتزايد مثلاً مع وصول فصل الصيف، حيث يسعون لإبراز عضلاتهم على الشاطئ، وبشكل خاص عضلة المعدة وشكل البطن”.
يوسف، 31 عاماً، كان قد خضع لعملية قص للمعدة من أجل خفض وزنه الذي بلغ 130 كلغ في مرحلة معينة.
حصل على مبتغاه من العملية الجراحية، لمدة عامين، قبل أن يعود لاكتساب الوزن من جديد، مضاف إليها مشاكل هضمية وتقرحات في المعدة، ونقص دائم في عدد من الفيتامينات والمعادن ينعكس سلباً على صحته.
مع ذلك فإن اكتسابه للوزن الزائد يدفعه اليوم ليعيش حياته “على الحسابات” كما يقول، حيث يحتسب طيلة نهاره السعرات الحرارية التي يتناولها ليضمن تناوله أقل مما يحتاجه جسمه، كي يحقق انخفاضاً في وزنه.
يروي لموقع “الحرة” كيف باتت حياته اليومية أكثر تعقيداً، “لدي تطبيق لقياس السعرات الحرارية في الأكل، أعرض عليه يومياً ما أدخله إلى جسدي من أكل وشرب، وأمضي أوقات طويلة في قياس وزن الطعام والقراءة عن الخصائص الغذائية لكل صنف، اشتري الطعام بالغرامات، أحياناً أحضر وجبات لكامل الأسبوع تتناسب مع عدد السعرات اليومية اللازمة، لكنني وصلت إلى حد أن ذلك كان كل ما أقوم به خلال نهاري، قياس الأكل وتناوله، حتى أحاديثي باتت عن هذا الأمر، أبحاثي على الانترنت، في العمل وبين اللأصدقاء، بات الأمر أشبه بالهوس، وللأسف في النهاية لم أحصل على ما كنت آمله بالنتيجة”.
يعبر يوسف عن عدم رضاه عن شكله، حتى بعدما فقد وزنه، كان غير راض عن جسمه المترهل. يبحث اليوم أكثر عن حلول جذرية، ويسعى مؤخراً لإجراء ما يسمى بعملية “نحت للجسم”، تقوم على شفط الدهون وشد الجلد وتشكيل الجسم وفق الطلب.
“ولكن حتى هذا الأمر، لن يغنيني بحسب الطبيب عن الالتزام بحمية غذائية صارمة في نهاية الأمر، كي احافظ على شكل الجسم الذي أسعى إليه، وإلا ستكون النتيجة كما حصل من قبل مع عملية قص المعدة. إنها دوامة بلا نهاية”.
يتأسف أبي عبود لكون الهاجس الأساسي للناس اليوم بات ملاءمة الموضة قبل الصحة والسلامة الجسدية، “في حين أن الموضة متغيرة مع الوقت، ولكن اعتماد شركات صناعة الموضة على الصورة المثالية للجسد النحيف أخذ يؤثر على حياة الناس وعلاقتهم بأجسامهم، لاسيما الأطفال والمراهقين، في حين كان الجسد المثالي في الستينات للنساء هو الممتلئ مثلاً”.
ويضيف ” ليس من الخطأ أن نسعى لملاءمة الموضة ولكن علينا أن ندرك أن الموضة هي أمر متغير وله تاريخ صلاحية ينتهي، قد تتحول إلى شيء آخر مختلف تماماً بعد سنوات”.
ينقل أبي عبود مما يعاينه، الكثير من الأفكار الخاطئة والمغلوطة المتعلقة بمجال تجميل الجسد والتي تستحوذ على عقول الكثيرين، إلى حد أن بعضهم “بات يطلب المستحيل”.
يشدد اخصائي التجميل على أنه هناك حدود لهذه العمليات، مثلاً لا يمكن شفط دهون بما يتجاوز من 5 إلى 10 في المئة من وزن الجسم، لذلك لا يعتبر شفط الدهون الحل الأمثل للحصول على النحافة، وانما لتحسين شكل الجسم، هناك عمليات أخرى لإنقاص الوزن مثل ربط المعدة او تحويل المصران، ولكن كل ذلك يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع حمية غذائية متوازنة ومخصصة لكل جسم وحالة، من خلال استشارة اخصائي تغذية، فالحمية الغذائية المناسبة لا غنى عنها، شرط أن تبقى متوازنة.
وإذ يشدد أبي عبود على الأهداف التي ينادي بها اليوم العالمي للا حمية، يستدرك أن ذلك “لا يعني أن كل يوم يجب أن يكون بدون حمية، الاعتدال أمر أساسي بالنسبة لصحة أجسادنا، إذ لا يجوز صحياً مثلا عدم ممارسة التمارين الرياضية وعدم الانتباه لنوعية وكمية الطعام، كذلك لا يجوز اتباع الحميات القاسية التي تتحول إلى اضراب في العلاقة مع الطعام ما من شأنه أيضاً ان يهدد صحة الإنسان وشكله وحركته”.
وعما إذا كان الترويج لعمليات التجميل يعزز من النزعة الى المثالية في شكل الجسم، يلفت أبي عبود إلى أن واجبات أطباء التجميل أن يوجهوا الحالات التي تصل إليهم إلى المكان الصحيح ليحصلوا على النتيجة الصحية والجسم المتكامل، بما يتلاءم مع العلم والأصول، لا أن نعزز هاجس الشكل كأولوية قبل الصحة”.
كثيراً ما يسبق القبول بإجراء عمليات تجميلية، توجيه للشخص إلى أخصائي تغذية للإشراف وتقييم حالته، بحسب أبي عبود، الذي يلفت أيضاً إلى أن هناك حالات أخرى يصادفها طبيب التجميل “يحتاجون إلى علاج نفسي وليس جسدي، خاصة عندما يرفض الاقتناع بالمعايير الصحية ويقدم الأولوية لهاجس الشكل المثالي، هناك أشخاص يطلبون أمور بعيدة عن الواقع وصور موجودة فقط في خيالهم يتمسكون بها ويسعون للوصول إليها”.
التمييز خارجي.. لكن المعوقات داخلية
عاشت بيرت طيلة حياتها ولا زالت بجسم ممتلئ، وفي الوقت نفسه تعلمت الرقص ومارسته ووصلت إلى أن باتت تدرب وتعلم الرقص، وبذلك تقول أنها منعت معايير الجسد من أن تسبب لها عائقاً عما تريده في حياتها، مشددة على دور الانسان في تعزيز ثقته بنفسه والاندفاع نحو طموحاته دون الالتفات للعوائق ومن بينها الجسد.
لكن ورغم كل المجهود الذي يبذله الانسان للتصالح مع جسمه وقبوله لشكله، يواجه مواقف تعيقه دون إرادته، وفق بيرت، “مثلاً كثير من وكالات الرقص التي كانت تجري تجارب أداء لاختيار راقصات، كانت تتخلى بوضوح عن الخيارات التي لا يناسبهم فيها شكل الجسد، وهذا ضيّع علي فرص عديدة، وقد تصل إلى حد تقتنع فيه بسبب ذلك بأنك غير مناسب لهذا المجال، يتسبب ذلك في قتل طموح الكثيرين وحقهم بالفرص المتساوية”.
وتضيف “بحكم عملي في صناعة المحتوى لدي كامل المعرفة أن هناك الكثير من الشركات والعلامات التجارية التي لا تتعامل معي لتسويق منتجاتها بسبب شكلي أو جسمي، أشعر أنني مستبعدة من حملات أو دعايات معينة، لكني لا أسمح لذلك أن يوقفني”.
أما العائق الأكثر تأثيراً، والذي يتشاركه كل من سمر وبيرت ويوسف، يتمثل في رحلة العثور على الملابس الملائمة.
تقول سمر “هذا أكثر الأماكن التي أشعر بها بالتمييز، ينتابني شعور بالعار وبالذنب حين لا تجد ملابس مناسبة لك، تشعر وكأنك من خارج المألوف، أو من خارج قياسات البشر السائدة، تشعر أنك مختلف أو غير مناسب، هذا لوحده عذاب نفسي منفصل”.
وبينما استعاض يوسف عن متعة التسوق التي كان يحبها بالشراء “أونلاين” تجنباً للإحراج، تقول بيرت “هذا الأمر لا ذنب لي فيه، وانما هو ذنب شركات صناعة الملابس والموضة التي لا تؤمن للناس حاجاتهم فعلياً وانما تعلب الناس وفق قياسات تحددها هي”.
تصف بيرت علاقتها اليوم بجسدها بأنها “علاقة قبول بكل أشكالي وألواني”، وفي الوقت نفسه تسعى للوصول إلى حياة “صحية أكثر” لناحية روتين الطعام والتمارين الرياضية، “لأن الصحيح أنه يجب الحفاظ على صحتنا وسلامة أجسادنا لمصلحتنا الخاصة وانطلاقاً من حب الذات، ولكن لا يعني ذلك التلبية المثالية للصورة النمطية السائدة لإرضاء الناس إنطلاقاً عدم تقبل وكره لأنفسنا وقسوة عليها”.