كشف مسؤولون وخبراء تحدثوا لصحيفة واشنطن بوست الأميركية عن “تغييرات مثيرة للقلق” في البرنامج النووي الإيراني تدفع إلى الاعتقاد بأن إيران تقترب من القدرة على إنتاج أسلحة نووية أكثر من أي وقت مضى.
وذكرت واشنطن بوست أنه بعد ست سنوات من انسحاب إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الإيراني، تزيد طهران بسرعة من إنتاج اليورانيوم المخصب، محذرة من أنها باتت قريبة جدا من صنع الأسلحة النووية. “ويخشى الخبراء أن تكون القنبلة على بعد مسافة قصيرة”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال الزيارة الأخيرة لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة لمنشأة فوردو لتخضيب اليورانيوم، في فبراير، “لاحظوا معدات تم تركيبها حديثا، ورصدوا تكثيفا في إنتاج اليورانيوم المخصب بسرعات أكبر من أي وقت مضى، وتوسعة جارية قد تؤدي قريبا إلى مضاعفة إنتاج المنشأة”.
والأمر الأكثر إثارة للقلق، بحسب ما نقلته الصحيفة عن تقرير سري للوكالة، هو أن منشأة فوردو تعمل على زيادة إنتاج شكل أكثر خطورة من الوقود النووي، وهو نوع من اليورانيوم عالي التخصيب، والذي يقترب كثيرا من درجة تصنيع الأسلحة النووية.
وفي الوقت نفسه، ذكرت الصحيفة أن المسؤولين الإيرانيين بدأوا يتحدثون علنا عن تحقيق “الردع”، ما يشير إلى أن طهران لديها الآن كل ما تحتاجه لصنع قنبلة إذا أرادت ذلك.
ووفقا للصحيفة، تُظهر سجلات الوكالة أن منشأة فوردو تنتج اليورانيوم عالي التخصيب بمعدل أسرع من أي وقت مضى، كما أن المخزونات المجمعة من وقود اليورانيوم في البلاد مستمرة في الزيادة.
وأجرت الصحيفة مقابلات مع مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومع أكثر من 10 من مسؤولي الاستخبارات والأمن الحاليين والسابقين في الولايات المتحدة وأوروبا، الذين تحدث العديد منهم بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، وأجمعوا على أن طهران “تتقدم ببطء لكن بثقة في خطتها التي تقوم من خلالها بتجميع الوسائل اللازمة لصنع سلاح مستقبلي دون القيام بأي خطوة علنية لكشف ذلك”.
وترى واشنطن بوست أن ما يحدث حاليا في “فوردو” يؤكد تجاوز إيران لحواجز وقيود الاتفاق النووي الإيراني، بعد ست سنوات من قرار إدارة ترامب الانسحاب من الاتفاق، “ما جعل طهران أقرب إلى القدرة على صنع أسلحة نووية أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البلاد”.
وذكرت الصحيفة أنه منذ عام 2018، راقب مفتشو الوكالة إنتاج اليورانيوم المخصب في فوردو وهو يرتفع من صفر إلى أكثر من 700 رطل شهريا، في فبراير الماضي، وفقا لأحدث تقرير للوكالة صدر في مارس الماضي.
وتظهر تقارير الوكالة الأممية أنه في أكثر منتجات فوردو تكريرا اليوم تصل نسبة نقاء اليورانيوم 235 إلى 60 في المائة، بحسب الصحيفة.
وقال دبلوماسي أوروبي مطلع على المناقشات الداخلية لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية: “60 في المائة قريبة جدا من درجة الأسلحة. يمكنهم تحقيق ذلك بضغطة زر”.
وبدأت منشأة فوردو في تصنيع الوقود عالي التخصيب في عام 2022، لكن معدل الإنتاج زاد بشكل مطرد خلال العامين الماضيين.
وتظهر التقارير أن أكبر مصنع لتخصيب اليورانيوم، في نطنز، يقوم الآن أيضا بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، وبلغ المخزون المجمع من الوقود حوالي 270 رطلا عندما زار المفتشون في فبراير، وفقا لواشنطن بوست.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين سابقين قولهم إنه رغم نفي إيران للتخطيط لصنع أسلحة نووية تجنبا لأي صراع، فإنها تمتلك الآن إمدادات من اليورانيوم عالي التخصيب الذي يمكن تحويله إلى وقود يستخدم في صنع الأسلحة لثلاث قنابل على الأقل في إطار زمني يتراوح بين بضعة أيام وبضعة أسابيع.
وأضاف المسؤولون للصحيفة أن تصنيع سلاح نووي يمكن أن يتم في أقل من ستة أشهر بعد اتخاذ القرار، في حين أن التغلب على تحديات بناء رأس حربي نووي، يمكن إطلاقه بواسطة صاروخ، قد يستغرق وقتا أطول، ربما عامين أو أكثر.
وفي الوقت نفسه، قال المسؤولون والخبراء إن انهيار الاتفاق النووي “قلص بشكل كبير من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مراقبة أنشطة إيران، أو التحقيق في أي تقارير عن نشاط أسلحة سري”.
وقال مسؤول أميركي مطلع على المناقشات الداخلية في مجلس محافظي الوكالة إن الوكالة أصبحت “أقل قدرة الآن على اكتشاف النشاطات النووية الإيرانية”، محذرا من سباق للتسلح في الشرق الأوسط، وصراع مباشر بين إسرائيل وإيران يمكن أن يطلق العنان لحرب إقليمية أوس..
ومن غير الواضح ما إذا كانت إيران ستقرر في نهاية المطاف صنع قنبلة نووية. وكان قادة إيران حذرين بشأن المجازفة بالدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، وهو ما سيحدث على نحو شبه مؤكد إذا تم اكتشاف برنامج سري لصنع القنابل.