وكالة: سقوط قذيفة إسرائيلية قرب بلدة في جنوب لبنان

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

همدت نيران جبهة لبنان منذ سريان اتفاق الهدنة المؤقت بين إسرائيل وحماس في 24 نوفمبر، مما أتاح للنازحين من جنوب البلاد العودة إلى قراهم، إما لتفقد منازلهم ومتابعة أرزاقهم، أو للبقاء وترقب ما سيؤول إليه الوضع، وذلك رغم عدم إصدار “حزب الله” أي موقف فيما إن كان يعتبر الاتفاق يشمله من عدمه.

ومنذ اليوم الأول لبدء تنفيذ هدنة “غزة”، توجه عدد من النازحين اللبنانيين إلى بلداتهم، حيث غصت الطرقات المؤدية إلى الجنوب بالسيارات، وهذه العودة كانت متفاوتة ما بين بلدة وأخرى كما ذكرت “الوكالة الوطنية للإعلام” خاصة فيما يتعلق بالنازحين من المناطق المتقدمة أكثر عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية، “التي شهدت حرباً حقيقية خلفت أضراراً في الممتلكات والمزروعات”.

 كما تفاوتت نسبة الأضرار أيضاً، وقد سجلت بلدات مروحين والضهيرة وعلما الشعب النسبة الأكبر منها، حيث أتت الحرائق فيها على معظم الثروة الحرجية، إضافة إلى تضرر العديد من المنازل بشكل كامل.

 مختار كفركلا محمد شيت، أحد من غادروا منازلهم بسبب القصف، إذ نزح وعائلته منذ اليوم الثالث لفتح حزب الله جبهة الجنوب إلى منزل أقربائه في دبين، يقول “بعد أن سكت صوت المدافع عاد بعض أبناء البلدة إليها، منهم من تفقد منزله ليعود بعدها أدراجه إلى حيث اختار النزوح ومن ضمنهم أنا وعائلتي، فيما فضّل البعض الآخر البقاء طالما أن الهدوء الحذر مستمر”.

منازل عدة تضررت في بلدة كفركلا، بحسب ما يؤكد شيت لموقع “الحرة”، ويقول “فيما يتعلق بمنزلي اقتصر الأمر على تحطم زجاج النوافذ، والأهم من ذلك أن تنتهي الحرب ويعود الوضع إلى ما كان عليه، فالنزوح ليس بالأمر السهل”.

بين التشبث وعدم الجرأة

الوضع في الجنوب أشبه “باستراحة محارب” كما يصف ابن بلدة الخيام، أحمد، الذي لم يغادر وزوجته منزلهما، في حين فضلّت ابنته النزوح إلى منزل شقيقتها في بيروت، قبل أن تعود أدراجها وتقرر البقاء في بلدتها، أياً يكن الوضع، ويشرح “ما يشجعني على التشبث في القرية في ظل التصعيد هو أن القصف الإسرائيلي ليس عشوائياً”.

الحياة شبه طبيعية في الخيام، بحسب ما يقوله أحمد لموقع “الحرة”، “لم تغلق جميع المحلات التجارية أبوابها حتى في ظل القصف، وبعض ممن نزحوا عادوا لجلب أغراض وحاجيات لهم ولأبنائهم، والقليل منهم تجرأ على البقاء لأن الوضع هش وفي أي لحظة قد ينفجر، ونتمنى أن تحلّ الحلول السياسية مكان آلة الدمار والقتل فلم نعد نحتمل مزيداً من القصف”.

ومع عودة الأهالي إلى بلداتهم، دعت قيادة الجيش اللبناني إلى “اتخاذ أقصى تدابير الحيطة والحذر من مخلفات القصف الإسرائيلي، لا سيما الذخائر الفسفورية والذخائر غير المنفجرة، وعدم الاقتراب منها، واستمرار الالتزام بإجراءات الوقاية المُعمّمة من الجيش”.

كما جددت وزارة الصحة تنبيهها وتذكيرها للمواطنين “خصوصاً في المناطق الجنوبية التي تعرضت للقصف بالفوسفور الأبيض باتباع التعليمات الواجب اتخاذها في حال التعرض لهذه المادة الكيميائية”.

وطلبت الوزارة “الابتعاد عن محيط المناطق التي قصفت بشكل مباشر بالفوسفور الأبيض، وعدم لمس الأشجار والمزروعات وغيرها من الاسطح خصوصاً في محيط المناطق المعرضة للقصف، وعدم لمس الأجسام الغريبة التي قد تكون من مخلفات القصف، واتباع تعليماتها ومنظمة الصحة العالمية المتعلقة بالتعامل مع الفوسفور الأبيض، وفي حالات التعرض لأي إصابات بهذه المادة التوجه إلى أقرب مستشفى لتلقي العلاج”.

يذكر أنه منذ اندلاع الحرب في غزة، في السابع من أكتوبر الماضي، شهدت المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل تصعيداً عسكرياً بعد فتح حزب الله الجبهة في إطار “دعم ومساندة” حركة “حماس”.

وردت إسرائيل على الهجمات المتكررة بشكل يومي من جنوب لبنان، من خلال قصف مناطق حدودية، مستهدفة ما تصفه بتحركات مقاتلي حزب الله وبنى تحتية عسكرية تابعة له قرب الحدود.

وأسفر التصعيد في جنوب لبنان عن تسجيل 385 إصابة، منها 92 قتيلاً، كما أشارت وزارة الصحة اللبنانية، في حين بلغ عدد النازحين 55,491.

فرصة جني الحصاد

وجد عدد من المزارعين، وهم أكثر المتضررين المباشرين من وصول طوفان النيران خلف الحدود إلى لبنان، في وقف إطلاق النار فرصة لجني محصولهم، ومنهم مختار شبعا، عبدو هاشم، الذي حال القصف دون تمكّنه من الوصول إلى أرضه، ويقول “انتهزت فرصة عودة الهدوء وسارعت لقطاف الزيتون، وقد تمكّنت من ذلك على مدى يومين، واحتاج إلى ثلاثة أيام إضافية للانتهاء، وها أنا انتظر هدوء العاصفة كي استأنف العمل إذا ما تم تمديد الهدنة”.

ولا تتجاوز نسبة المزارعين من أبناء شبعا، الذين تجرؤوا على العودة لحصد محصولهم، الـ25 في المئة كما يؤكد هاشم لموقع “الحرة” ويشرح “هم يخشون من استئناف القصف في أية لحظة، لاسيما أن طائرات الـMK  الإسرائيلية تحلّق في الأجواء، ومنهم أشقائي الذين نزحوا إلى بيروت ليعودوا ويتفقدوا منازلهم، من دون التوجه إلى أرضهم الزراعية كونها على مقربة من الحزام الأمني”.

ولم يسلم الهدوء على الجبهة الجنوبية من بعض الخروق خلال أيام الهدنة، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي أن دفاعاته الجوية اعترضت هدفاً جوياً مشبوهاً تسلّل من لبنان، وتحدث عن إسقاط صاروخ أرض جو أطلق من لبنان باتجاه مسيّرة إسرائيلية مؤكداً أن المسيّرة لم تتضرر وأن مقاتلاته ردت بقصف بنية تحتية لحزب الله.

كما أعلن الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي عن تعرّض دورية تابعة لليونيفيل لنيران قوات الجيش الاسرائيلي في محيط عيترون، لافتاً إلى أنه “لم يصب أي من حفظة السلام، ولكن سيارتهم تضررت”، وكذلك أشارت “الوكالة الوطنية للإعلام” إلى إطلاق الجيش الاسرائيلي النار على مركبة لمواطن من بلدة كفركلا خلال عمله بقطاف الزيتون في منطقة الوزاني، حيث عمل الجيش اللبناني على سحبه من المكان دون وقوع إصابات، كما أشارت إلى إطلاق ثلاث قذائف على أطراف جبل بلاط.

غياب الإجراءات الرسمية

وحتى اللحظة لم تصدر حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أي قرار يكلف الهيئة العليا للإغاثة الكشف عن الأضرار في جنوب لبنان وتأمين الاعتماد المالي للتعويض على المتضررين، كما يؤكد رئيس الهيئة، اللواء محمد خير لموقع “الحرة”.

وكان رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، أكد أن” قواعد الاشتباك عند الحدود الجنوبية بين لبنان واسرائيل تبقى كما هي، لكن لا توجد ضمانات دولية يمكن أن نطمئن اليها”، وقال خلال حديث تلفزيوني “نحن نساند القضية الفلسطينية مساندة كاملة، لكننا نحاول قدر المستطاع تجنيب لبنان الدخول في معارك دموية”.

والاثنين، اجتمع ميقاتي مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، التي أكدت بعد الاجتماع أن موقف مجلس الأمن موحد في شأن لبنان، وهو “يهتم كثيراً بموضوعه، لما له من دور استراتيجي في المنطقة”.

وقالت “أتيت لأبلغ الرئيس ميقاتي عن لقاء مجلس الأمن في نيويورك وما قلته في كلمتي بالنسبة إلى القرار 1701 وضرورة التمسك به وتنفيذه على أرض الواقع، وكيفية حماية لبنان من الحرب في المنطقة”.

أما حزب الله، فشدد على لسان نائب رئيس مجلسه التنفيذي، الشيخ علي دعموش، أن “الحزب سيبقى حاضراً في الميدان، ولن يتردد في الرد الحاسم على أي استهداف أو اعتداء على لبنان”.

وفي المقابل، أجرى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، تقييماً في شمال إسرائيل الأحد، مشيراً إلى أن “الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من 100 من مقاتلي حزب الله، ودمر العشرات من نقاط المراقبة ومستودعات الأسلحة ومواقع أخرى وسط القتال”.

وأضاف أن “الجمع بين كل هذه الإنجازات التكتيكية سيترجم إلى وضع مختلف، سيسمح لاحقاً بعودة السكان في شمال إسرائيل في ظل ظروف مختلفة تماماً عما كانت عليه عندما بدأنا هذه الحملة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *