وسط حزن وصمت.. صلوات ودعوات للسلام في غزة وبيت لحم

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

أحيت مدينة بيت لحم، ليل الأحد، عيد ميلاد السيد المسيح بحزن وصمت في ظل استمرار الحرب في غزة، حيث كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية في وسط القطاع وجنوبه مع إقرار رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو بـ”الثمن الباهظ” الذي تتكبده.

وغابت مظاهر العيد في كنيسة المهد حيث تمت الاستعاضة عنها بالصلوات والدعوات لحلول السلام بعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب الأكثر حصدا للأرواح في تاريخ الحروب بين إسرائيل والفلسطينيين.

وألغت بلدية بيت لحم الاحتفالات على خلفية الحرب في غزة. وغابت شجرة الميلاد ومظاهر الفرح في المدينة التي كان العيد يجذب إليها الآلاف سنويا.

وفي قطاع غزة، أحصت حركة حماس 50 غارة استهدفت المناطق الوسطى في وقت مبكر الاثنين، بما في ذلك مخيم النصيرات للاجئين.

وكغيره من المسيحيين، يمضي الفلسطيني، فادي صايغ (20 عاما)، عيد الميلاد هذا العام في مدينة خان يونس عوضا عن زيارة الأراضي المقدسة.

وقال أثناء خضوعه لجلسة غسيل كلى في مستشفى في خان يونس التي كانت مسرحا للمعارك الأخيرة “في هذه الأوقات من كل عام نكون في القدس، بيت لحم ورام الله نحتفل مع عائلاتنا وأقاربنا”، مضيفا “كان يجب أن نكون نصلي الآن ونزور الأماكن المقدسة لكننا تحت القصف والحرب، لا يوجد فرحة للعيد، لا شجرة ميلاد، لا زينة، لا عشاء عائلي ولا احتفالات”.

وتابع “أصلي أن تنتهي الحرب بأسرع وقت”.

وقالت الراهبة، نبيلة صالح (47 عاما)، الموجودة في كنيسة العائلة المقدسة بدير اللاتين بالبلدة القديمة وسط مدينة غزة، لفرانس برس “تم إلغاء كافة الاحتفالات بأعياد الميلاد المجيدة واقتصارها على الصلوات”.

وأضافت “كيف نعيد وبلدي مجروح؟ كيف نعيد وبلدي مدمر وأهلي مشردين وإخوتي في الوطن حزانى، وشهداؤنا لم تدفن في الشوارع وآخرين منهم تحت الأنقاض؟”.

واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق من ناحية النطاق والشدة نفذه مقاتلون من حماس بعد اقتحامهم الحدود بين غزة وجنوب إسرائيل، وأدى إلى مقتل نحو 1140 إسرائيلي، معظمهم مدنيون، وخطف 250 شخصا لا يزال 129 منهم محتجزين في القطاع وفق السلطات الإسرائيلية.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس ردا على ذلك، وأدت حملتها العسكرية التي شملت قصفا جويا مكثفا إلى مقتل 20424 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وجرح عشرات الآلاف، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

وقال البابا فرنسيس خلال قداس الميلاد في الفاتيكان “قلبنا الليلة في بيت لحم، حيث ما زال أمير السلام يرفضه منطق الحرب الخاسر، مع زئير الأسلحة الذي يمنعه حتى اليوم من أن يجد له موضعا في العالم”.

من جهته، وصل بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا، إلى باحة كنيسة المهد واضعا الكوفية الفلسطينية حول عنقه.

وقال البطريرك “قلوبنا مع غزة، إلى كل الناس في غزة، لكن على وجه الخصوص إلى رعيتنا المسيحية في غزة التي تعاني، لكننا نعرف أننا لسنا الوحيدين الذين نعاني”.

وتابع “نحنا هنا لنصلي ونطلب ليس فقط وقفا لإطلاق النار، وقف إطلاق النار ليس كافيا، علينا أن نوقف هذه الأعمال العدائية وأن نطوي الصفحة لأن العنف لا يولّد إلا العنف”.

وكانت بطريركية اللاتين أعلنت في وقت سابق هذا الشهر، أن امرأة وابنتها من المسيحيين قتلتا برصاص إسرائيلي في باحة كنيسة العائلة المقدسة.

غارات ليلة الميلاد

وأدت غارات جوية إسرائيلية على منازل في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة إلى مقتل ما لا يقل عن 70 شخصا، وفق ما أعلنت وزارة الصحة في القطاع الذي تحكمه حماس.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، أشرف القدرة، إن “الحصيلة مرشحة للارتفاع”، حيث يعتقد أن العديد من العائلات كانت في المنطقة وقت الغارة.

وفي حادث منفصل، قالت الوزارة إن 10 أفراد من عائلة واحدة قتلوا في غارة إسرائيلية على منزلهم في مخيم جباليا شمال غزة.

ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق من الحصيلتين بشكل مستقل.

وإلى جانب الدمار الهائل الذي سوّى عددا ضخما من الأبنية والأحياء السكنية بالأرض، فإن الأوضاع الإنسانية كارثية في قطاع غزة حيث باتت غالبية المستشفيات خارج الخدمة، فيما تتخوف الأمم المتحدة من مجاعة تهدد مجمل السكان.

وقد تم تهجير 80% من سكان غزة، وفقا للأمم المتحدة، وفر الكثير منهم إلى الجنوب وهم يحتمون الآن من الشتاء في خيام مؤقتة.

وحض رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، على وضع حد للمعاناة في الشهر الثالث من الحرب.

وكتب على منصة أكس “إن وقف إطلاق النار الإنساني في غزة هو السبيل الوحيد للمضي قدما”، مضيفا “الحرب تتحدى المنطق والإنسانية، وتهيئ لمستقبل مليء بالكراهية وقليل من السلام”.

وجدد مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الدعوة لوقف إطلاق النار، قائلا “القضاء على النظام الصحي في غزة هو مأساة”.

وعلى صعيد متصل، أعلن الجيش الأردني، الأحد، أنه أنزل جوا مساعدات إنسانية لنحو 800 شخص محاصر في كنيسة القديس برفيريوس بشمال قطاع غزة.

“لا خيار”

وقال نتانياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته، الأحد، “ندفع ثمنا باهظا للغاية في الحرب، لكن ليس أمامنا خيار سوى مواصلة القتال”، مضيفا “نحن مستمرون بكل قوتنا، حتى النصر، حتى نحقق جميع أهدافنا: تدمير حماس واستعادة الرهائن وضمان أن غزة لن تشكل أي تهديد مستقبلي لإسرائيل”.

وتابع “لنكن واضحين، هذه حرب طويلة وسنقاتل حتى النهاية، حتى يعود المختطفون ويتم القضاء على حماس ونستعيد الأمن في الشمال والجنوب”.

وفي بيان منفصل، الأحد، قال نتانياهو “سنقوم بكل ما يمكن لحماية حياة جنودنا. لكن… لن نتوقف حتى تحقيق النصر”.

وأقر الجيش الإسرائيلي بتكبد مزيد من الخسائر البشرية، وأعلن، الاثنين، عن مقتل جنديين شمال غزة، لتبلغ حصيلة قتلاه منذ 7 أكتوبر 489 ضابطا وجنديا.

وقال المتحدث باسم الجيش، جوناثان كونريكوس، لقناة “فوكس نيوز” الأميركية “نركز عملياتنا الرئيسية على معقل آخر لحماس وهو خان يونس”، مضيفا أن المعارك في الشمال “ستتواصل، ربما بحدة أقل”.

وقال معتقلان أطلق سراحهما ومسعف، الأحد، إن الفلسطينيين الذين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة تعرضوا للتعذيب، وهو ما نفاه الجيش.

وكان الرجلان من بين المئات الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية بسبب صلاتهم المزعومة بحماس خلال الهجوم البري الإسرائيلي.

وقال مدير مستشفى في جنوب رفح، مروان الهمص، لوكالة فرانس برس إن نحو 20 رجلا أفرج عنهم من السجون الإسرائيلية “تظهر على أجسادهم كدمات وآثار ضرب”.

إلى ذلك، تستمر المخاوف من اتساع نطاق النزاع وتمدده إقليميا.

ويهدد الحوثيون في اليمن الملاحة التجارية باستهدافهم منذ أسابيع سفنا في البحر الأحمر يقولون إنها على صلة بإسرائيل، وذلك “نصرة للشعب الفلسطيني”.

كما يستمر تبادل إطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي يوميا على الحدود مع لبنان.

وسجل مقتل وإصابة أكثر من 200 شخص في لبنان، غالبيتهم مقاتلون من حزب الله، بغارات إسرائيلية وقصف مدفعي، فيما سقط وأصيب جنود ومدنيون إسرائيليون بعمليات قصف بالصواريخ والمسيرات.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *