بعد القيود على التعاملات المالية والمصرفية التي تفرضها دول غربية على حركة “حماس” الفلسطينية وجدت الحركة طريقة جديدة للحصول على الأموال من طهران، وفقا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأحد.
وأوضحت الصحيفة في تقريها أن الطريقة الجديدة ساعدت حماس في الحصول على مبالغ كبيرة من إيران خلال العامين السابقين على هجوم السابع من أكتوبر.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران كانت في السابق تدير نظاما للتحويلات المالية، ولم تكن تدرجها في سجلاتها، إذ يقوم الوكلاء الموثوقون لطهران بنقل الأموال النقدية والبضائع عبر الحدود لحساب أعضاء حماس.
ووفقا للصحيفة، قامت ما تسمى بشبكة الحوالة، كما تُعرف في الشرق الأوسط، بنقل عشرات الملايين من الدولارات من التمويل من إيران إلى الجناح العسكري لحركة حماس.
ولتجنب القيود المفروضة من جانب الإسرائيليين، قام رجل أعمال فلسطيني بتغيير استراتيجيته، فلجأ إلى العملات الرقمية، بحسب الصحيفة.
وذكرت “وول ستريت جورنال” أن شركات الصرافة التابعة لشملخ أرسلت بشكل متزايد الرموز الرقمية إلى المشغلين في الخارج لتسوية أرصدة الحوالات النقدية، وفقا لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين حاليين وسابقين في مجال إنفاذ القانون الإسرائيلي إلى جانب مسؤولين أميركيين سابقين.
ويمكن أيضا استبدال العملات المشفرة المرسلة إلى المحافظ الرقمية التي تسيطر عليها شركات الصرافة التابعة لحماس مقابل أموال نقدية في مكاتبها في قطاع غزة، وفقا للصحيفة.
وقال المسؤولون للصحيفة إن هذا المحور ساعد حماس والجماعات التابعة لها مثل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في تلقي مبالغ كبيرة من إيران خلال العامين اللذين سبقا الهجمات على إسرائيل في أكتوبر. وأضافوا أن هذه كانت إحدى المحاولات لاستخدام تقنية مالية جديدة لتقليل مخاطر نقل الأموال والسلع المادية.
وذكرت الصحيفة أنه منذ عام 2021، أصدر المكتب الإسرائيلي لمكافحة تمويل الإرهاب سبعة أوامر للاستيلاء على أموال العملات المشفرة التي تحتفظ بها ثلاث من هذه البورصات في غزة.
وأوضحت الصحيفة أن اثنين من هذه البورصات التي حددها المكتب الإسرائيلي قد تبين تلقيها 41 مليون دولار من العملات المشفرة، وفقا لبحث أجرته شركة التحليلات والبرمجيات BitOK ومقرها تل أبيب. وقد تلقت المحافظ التي ربطها المكتب بأمر آخر مع حركة الجهاد في فلسطين مبلغا إضافيا قدره 93 مليون دولار.
وقال مسؤولون في المكتب الإسرائيلي لمكافحة تمويل الإرهاب للصحيفة إن جزءا كبيرا من الأموال التي تلقتها البورصات في غزة كانت لصالح حماس، مستشهدين بمعلومات استخباراتية إسرائيلية.
وأضافوا أن معاملات العملات المشفرة للجهاد الإسلامي في فلسطين استخدمت أيضا شبكة شركات الخدمات المالية التي تساعد حماس والشركات التابعة لها.
وكان مالك شركة المتحدون للصرافة، والتي ورد ذكرها في خمسة من أوامر الاستيلاء، هو “الصراف الرئيسي” التابع لحماس والمكلف بترتيب تحويل الأموال الإيرانية، وفقا لوزارة الدفاع الإسرائيلية، التي تشرف على NBCTF المكتب الإسرائيلي لمكافحة تمويل الإرهاب.
ولم تستجب حماس ومالك شركة المتحدون للصرافة وبعثة إيران لدى الأمم المتحدة لطلبات وول ستريت جورنال للتعليق، وفقا للصحيفة.
ووصف مسؤولون حكوميون إيرانيون العقوبات الغربية بأنها حرب مالية غير قانونية. وقالوا إن إيران لديها آليات تمويل سرية تهدف إلى تجنب العقوبات وتمويل حلفائها الإقليميين.
وفي السياق نفسه، ذكرت شبكة “سي أن أن”، في 12 أكتوبر، أن إيران تعتبر واحدة من أكثر الداعمين ماليا لحركة حماس، إذ تمنحها الموارد الحيوية التي تحتاجها لتنفيذ عملياتها. لكن المحققين في الولايات المتحدة وجميع أنحاء العالم، حددوا مصدر دخل آخر تستغله حماس، وهو المانحون البعيدون عبر الإنترنت الذين يقدمون الدعم بالعملات المشفرة.
وعلمت شبكة “سي أن أن” أنه حتى قبل أن تشن حماس هجوما مفاجئا على إسرائيل في السابع من أكتوبر، كان مسؤولو وزارة العدل في الإدارة الأميركية، يتابعون تحقيقا جنائيا في استخدام الجماعة المسلحة للعملة المشفرة من خلال غاسلي أموال مزعومين.
وأصدر محامو وزارة العدل الأميركية تفاصيل بسيطة عن قضية غسيل الأموال، مع إغلاق معظم ملفات المحكمة، لكن تلك التي تم الكشف عنها علنا، تظهر أنها تنبع من حسابات العملات المشفرة المرتبطة بحركة حماس، التي صادرتها الحكومة الأميركية قبل 3 سنوات، وفقا للشبكة.
وجاء في ملف للمحكمة، في مايو الماضي، كما ذكرت الشبكة، أن القضية “مستمرة” وأوقف قاض الإجراءات في قضية مدنية ذات صلة حتى الشهر المقبل، للسماح بمواصلة القضية الجنائية دون تدخل.
وبشكل منفصل، بلغت قيمة العملات المشفرة التي استولت عليها إسرائيل بسبب صلات مزعومة بحماس وجماعة فلسطينية مسلحة أخرى عشرات الملايين من الدولارات، وفقا لمحللين تحدثوا إلى “سي أن أن”.
ويمثل استخدام حماس للعملة الرقمية مجرد واحدة من الطرق العديدة التي سعت بها الحركة، التي صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “منظمة إرهابية”، إلى جمع الأموال مع التهرب من العقوبات.