وزارة الصحة في غزة تعلن نشر أسماء نحو 7 آلاف شخص “قتلوا بالغارات الإسرائيلية”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 12 دقيقة للقراءة

يرى الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن على إسرائيل أن تتعلم من “الأخطاء” التي ارتكبتها الولايات المتحدة في ردها على هجمات 11 سبتمبر عام 2001. فما هذه “الأخطاء”؟ وكيف يراها المراقبون.. وهؤلاء الذين شاركوا في الحملة الأميركية على الإرهاب؟ 

وفي كلمة ألقاها من تل أبيب خلال زيارته إلى إسرائيل، قال بايدن إنه “بعد هجمات ١١ سبتمبر شعرنا بالغضب، وبينما سعينا لتحقيق العدالة وحصلنا عليها، ارتكبنا أخطاء”، وفق تصريحاته التي نشرها البيت الأبيض.

وأضاف بايدن، بعد عودته إلى الولايات المتحدة، “حذرت حكومة إسرائيل من أن يعميها الغضب. وهنا في أميركا، دعونا لا ننسى من نحن. نحن نرفض كافة أشكال الكراهية، سواء كانت ضد المسلمين أو اليهود أو أي شخص آخر”.

وتعرضت إسرائيل في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ إلى هجوم شنته حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة إرهابية، شبهه مسؤولون ومراقبون أميركيون بهجمات ١١ سبتمبر.

وأسفر الهجوم الذي استهدف مواقع عسكرية وتجمعات مدنية عن مقتل 1400 شخص على الأقل، معظمهم مدنيون وبينهم ونساء وأطفال.

كما اختطف مسحلو حماس، خلال الهجوم، عشرات الرهائن، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال.

ومنذ 7 أكتوبر، تشن إسرائيل غارات وضربات مكثفة على قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 7 آلاف شخص، معظمعم مدنيون، وبينهم أطفال ونساء، وفق السلطات الصحية في غزة.

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من بين من شبهوا هجوم حماس باعتداءات 11 سبتمبر، حين قال: “إذا نظرت إلى هجمات أكتوبر بالنسبة لحجم سكان إسرائيل، فإن هذا يعادل عشر هجمات 11 سبتمبر”.

وهذا أيضا ما يراه الجنرال المتقاعد ديفيد بتريوس، الذي أشرف على حملة الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، قال بتريوس إن الهجوم هو “أسوأ بكثير من هجمات 11 سبتمبر”.

الولايات المتحدة في ردها على هجمات ١١ سبتمبر شنت “حملة على الإرهاب” شملت حروبا في أفغانستان والعراق واستهداف قادة جماعات إرهابية على رأسهم زعيم تنظيم القاعدة الذي قتل في عملية عسكرية أميركية سرية في باكستان  في عام ٢٠١١.

ويقول بيتر هان، أستاذ التاريخ في جامعة ولاية أوهايو، إنه بعد هجمات ١١ سبتمبر، غزت الولايات المتحدة أفغانستان وأطاحت بحركة طالبان، لكن الحركة استمرت 20 عاما في محاربة القوات الأميركية.

ويشير إلى أن التأثير النفسي لأحداث 11 سبتمبر دفع جورج بوش الابن إلى غزو للعراق، في عام 2003، منطلقا من تصميمه على منع أي هجمات إرهابية مفاجئة إضافية.

وشحنت الهجمات أيضا الجبهة الداخلية الأميركية، وزاد التركيز على “الأمن الداخلي”، وسمح قانون باتريوت الذي صدر عام 2001 بزيادة أساليب المراقبة المحلية، واعتقل عدد كبير من الأشخاص من أصول شرق أوسطية ومحاكمة بعضهم أمام محاكم عسكرية، وفق هان.

وفي حين لا يتفق فريد فلايتز، الأمين التنفيذي السابق لمجلس الأمن القومي، في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب، مع ما قاله بايدن أمام الإسرائيليين، يرى محللون آخرون أن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاء بالفعل وأنه يجب على إسرائيل تعلم الدروس منها.

وقال فلايتز، المحلل الجمهوري البارز في واشنطن، لموقع الحرة: “أشعر بخيبة أمل شديدة أن يقول رئيس دولة هي أحد أقرب حلفاء إسرائيل هذا الكلام. ليس هذا هو الوقت المناسب لبايدن كي يخبرها كيف تتصرف ردا على الإبادة الجماعية”.

وأضاف: “أعتقد أنه يجب ألا نقول أن الجيش الإسرائيلي غير جاهز أو لا ينبغي أن يحتل غزة.. ببساطة أقول لك إنه في هذه المرحلة الزمنية، ليس من حقه أن يقول أشياء كهذه للحكومة الإسرائيلية”.

الجنرال الأميركي المتقاعد، مارك شوارتز الذي شغل منصب نائب القائد العام لقيادة العمليات الخاصة المشتركة، وعمل منسقا أمنيا للولايات المتحدة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، أشار لموقع الحرة إلى ما حدث من مشاعر سلبية ضد المجتمع العربي في الولايات المتحدة.

يوست هلترمان، من مجموعة الأزمات الدولية، اعتبر في مقابلة مع موقع الحرة أن تلك الأخطاء هي “الحرب على الإرهاب، وغزو أفغانستان، وخاصة غزو العراق، وهذه أمثلة على رد الفعل المبالغ فيه على الفظائع التي ارتكبتها جهة غير حكومية والتي ربما كان من الممكن التعامل معها بشكل مختلف”. 

وعلى نحو مماثل، يقول هلترمان، “يبدو أن بايدن يقترح أن على إسرائيل أن تحصر هدفها في المجموعة التي هاجمت إسرائيل، وليس فرض عقاب جماعي على 2.3 مليون شخص في غزة، لأن هذا قد يؤدي إلى عواقب خطيرة غير مقصودة دون استعادة ما يحتاج إليه الإسرائيليون بشدة: شعورهم بالأمان”.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة “جورج واشنطن” الأميركية، تود بيلت، عدد 3 أخطاء ارتكبتها الولايات المتحدة ، أولها رد الفعل العنيف الذي تسبب في حوادث ضد المسلمين في الولايات المتحدة “وكان من الممكن التحكم في ذلك بشكل أفضل قليلا، وكان بإمكان قادتنا أن يتحدثوا علنا ضد ذلك ويحاولون منع أي شخص من إلقاء اللوم على دين واحد”.

وقال بيلت لموقع الحرة إن الخطأ الثاني “هو غزو ليس فقط لأفغانستان بل للعراق أيضا وبالطبع ليس للعراق أي علاقة بأحداث 11 سبتمبر”، مشيرا إلى أن حال البلدين “أسوأ بكثير الآن”.

ويقول: “هناك عبارة أطلقها كولن باول: “إذا كسرت شيئا فعليك إصلاحه”… لكننا كسرنا هذين البلدين، ولم نصلحهما”. 

والخطأ الثالث، وفق بيلت، “هو الاحتجاز المستمر لأشخاص في سجن غوانتانامو بشكل يعد انتهاكا لقوانين الولايات المتحدة والقانون الدستوري”.

كويل لورانس، مراسل الإذاعة الأميركية العامة (أن بي آر) تحدث أيضا مع أشخاص خدموا في العراق وأفغانستان عن الدروس التي تعلموها، وأكدوا أن “الأمر لا يتعلق بالقتال بقدر ما يتعلق بكيفية إعادة البناء بعد ذلك. ما تعلمناه من حروبنا هو أنه لا يمكنك الدخول وتدمير العدو ثم تغادر”.

ويعتقد دوني هاسلتين، ضابط المارينز السابق الذي خدم في العراق بعد معارك الفلوجة في 2004 التي أسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، أن هذه الحملة تشبه كثيرا الحملة الإسرائيلية الحالية لاستئصال حماس، وفق تصريحاته لمراسل “أن بي آر”.

وقال بتريوس في مقابلة سابقة إنه من خلال خبرته فإن إرسال جيش، حتى لو كان قويا مثل الجيش الإسرائيلي، إلى الأحياء المكتظة بالسكان في غزة، ستنتج عنه “معركة صعبة للغاية.. هناك أنفاق، وغرف تحتوي على عبوات ناسفة. عليك تطهير كل مبنى، كل طابق، كل غرفة، كل قبو، كل نفق. الخسائر المدنية لا مفر منها، والخسائر الإسرائيلية الفادحة تنتظرنا أيضا”.

ويصف هاسلتين الوضع قائلا: “لقد كان الأمر صعبا للغاية. ولا أعتقد أن الجيش هو دائما أفضل منظمة للقيام بإعادة البناء، لكنه غالبا ما يكون المنظمة الوحيدة القادرة على ذلك”، ويرى أنه “حتى لو قمت بتدمير كل إرهابي في غزة، لا يزال لديك منطقة بدون موارد، بدون وظائف وسكان شباب. وعندما تجمع هذه الأشياء معا، تكون هذه أرضا خصبة للإرهاب”.

ويرى رافائيل كوهين، الضابط السابق في العراق إنه يجب التفكير في المراحل التالية، لكنه من الصعب إقناع الإسرائيليين بذلك “كما كان من الصعب إقناع حكومة الولايات المتحدة بعدم فعل شيء كبير بعد أحداث 11 سبتمبر. الحسابات السياسية تجعل الإسرائيليين مضطرين إلى الحرب مع حماس بغض النظر عن العواقب”، وفق تصريحاته لـ”أن بي آر”.

وفي حين تستعد إسرائيل لهجوم بري محتمل، تزداد الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لتأجيل أي عملية برية من أجل إطلاق سراح الرهائن عبر المفاوضات، وأثارت الولايات المتحدة مخاوفها بشكل مباشر محذرة من عدم وجود خطة.

ونقلت فاينانشال تايمز عن مصدر مطلع: “إسرائيل لم تتخذ قرارا بعد، لقد أصيب الأميركيون بالجنون عندما أدركوا أنه لا توجد خطة”.

لكن وكالة بلومبرغ الأميركية قالت إن الضغط الأميركي من أجل إطلاق سراح الرهائن قد يؤخر الهجوم البري لكنه لن يوقفه، إذ قال مسؤولون أميركيون إن إطلاق سراح عدد أكبر من المحتجزين لدى حماس سيؤخر العملية البرية لكنها ستحدث في النهاية لاستئصال حماس، وإلا سينظر إلى إسرائيل على أنها دولة ضعيفة في نظر أعدائها، بحسب مسؤولين إسرائيليين.

مستقبل غزة.. إسرائيل في مواجهة “السؤال المعقد”

بات السؤال الذي يشغل بال الإدارة الأميركية الآن هو: ما مستقبل قطاع غزة في حال نفذت إسرائيل هجومها البري المرتقب وأزالت حركة حماس من السلطة، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية

الدبلوماسية الأميركية السابقة، إيما سكاي، التي قدمت المشورة للقادة الأميركيين في العراق وأفغانستان، قالت لـ”أن بي آر” إن الولايات المتحدة واجهت صعوبة في تمكين الحكومات الجديدة في العراق وأفغانستان، وترى أنه بعد أحداث 11 سبتمبر، أدت الحرب على الإرهاب إلى مقتل الآلاف من المسلمين ما ألحق ضررا كبيرا بسمعة أميركا في العالم.

ويقول كارتر مالكاسيان، الذي قدم المشورة للجنرالات الأميركيين في أفغانستان والعراق، لـ “أن بي آر” إن نفس الشيء سيحدث في غزة “إذا لم تميز إسرائيل بين الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة وأعضاء حماس والمسلحين الآخرين، وإذا لم يكن هناك هدف عسكري واضح للغارة الجوية الإسرائيلية، فقد يبدو الأمر مجرد انتقام أعمى. وهذا درس آخر من أحداث 11 سبتمبر”.

وقال مالكاسيان إنه بعد أحداث 11 سبتمبر” “أردنا تدمير تنظيم القاعدة والتأكد من أنهم لن يتمكنوا من القيام بذلك مرة أخرى. وبطبيعة الحال لم تفعل الولايات المتحدة أي شيء مهما في العراق أو أفغانستان”.

ويرى شوارتز في تصريحاته لموقع الحرة  أن الدرس الذي يجب أن تتعلمه إسرائيل “هو التركيز على نوع التهديد”. ويقول: “لقد تخلصنا من نظام طالبان طوال فترة 20 عاما قضيناها هناك، ولكن بعد ذلك، وبعد كل تريليونات الدولارات والخسائر في الأرواح، ما هي النتيجة النهائية؟ انتهى الأمر بعودة طالبان”.

ولهذا السبب، يرى الجنرال السابق، أنه “لا بأس إذا كان هدفك هو ملاحقة التهديد الاستراتيجي، وهو حماس، لكن مع مراعاة الفلسطينيين الأبرياء الذين يعيشون في غزة والذين هم رهائن هناك أيضا”.

ويضيف: “أعتقد أن تحديد نطاق الصراع مهم حقا. أعتقد أن هذا هو الشيء الذي كان الرئيس يتحدث عنه”.

ويلفت المحلل والخبير العسكري شوارتز من أنه “لم يكن هناك أي حسن نية بين الفلسطينيين وإسرائيل سياسيا قبل أحداث 7 أكتوبر، وبناء على رد فعل إسرائيل في غزة وما سيقع من خسائر في صفوف المدنيين وطالما أن هذا القصف والهجوم البري مستمران، فلن تكون هناك فرصة للحصول على مساعدة من الفلسطينيين في تحديد موقع مكان الرهائن وغيرها من المساعدات”.

ويخشى شوارتز من ظهور “جيل جديد من الفلسطينيين ليس لديهم أي ثقة في أي حوار استراتيجي مع إسرائيل”.

ويقول إنه ينبغي أن تعلم إسرائيل من سيتولى المسؤولية الأمنية بعد الغزو والكارثة الإنسانية التي ستحدث والتي ستكون أكبر بكثير مما حدث في السابع من أكتوبر، و”أعتقد أن هذا ما كان يقصده بايدن”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *