بعد ثلاثة أسابيع من هجوم حماس الأعنف منذ عقود، يسابق مختصو مركز الطب الشرعي الإسرائيلي الزمن لتحديد هويات الجثث التي لا تتوقف عن الوصول صباحا ومساء في أكياس تفرغها شاحنات تبريد في ثلاجات أو حتى على أرض المركز، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وتصل بعض الجثث كاملة وغير متحللة ما يسهل الحصول على عينة من الحمض النووي منها، فيما أخرى تصل بعض الرفات أشلاء أو كرماد ما يصعب المهمة أمام المختصين المرهقين بسبب العمل الذي يستمر حتى ساعات متأخرة من الليل، فيما يواصل الجيش مطالبتهم بالإسراع في العمل تحت ضغط العائلات التي تنتظر أن تعرف إن كان أفرادها المختفين موتى أم رهائن لدى حماس.
وفي مختبر الطب الشرعي الحكومي الإسرائيلي، “العمل لا يتوقف” بالنسبة لإخصائيي الطب الشرعي، الذين جاء بعضهم من جميع أنحاء العالم للمساعدة في التعرف على هوية القتلى في الهجوم الذي شنته جماس على بلدات إسرائيلية في 7 أكتوبر الماضي.
وينقل التقرير أن الإخصائيين أنهكهم العمل المتواصل، إذ تصل شحنة أكياس الجثث بالعشرات في شاحنة تبريد كل صباح وشحنة أخرى في المساء لتفرغ المزيد من الجثث.
ولا يزال المبنى الأصفر الضيق الذي يضم مختبر الطب الشرعي الحكومي الإسرائيلي مغمورا برفات مجهولة الهوية، حيث تصطف الأكياس في رواق المشرحة، على الرفوف والأرض وتمتد إلى فناء خارجي.
وفي حوالي الساعة 9 صباحا، تنقل الجثة الأولى خلال اليوم إلى غرفة الفحص ذات السقف المنخفض، حيث يبدأ فريق صغير من الأطباء الشرعيين وعلماء الأنثروبولوجيا وفنيي المختبرات والمتطوعين في العمل الشاق لمحاولة ربط الرفات باسم شخص ما، ويعملون أحيانا حتى وقت متأخر من المساء، دون أن ينهوا فحص شحنة اليوم.
تقول الدكتورة نوريت بوبليل، رئيسة مختبر الحمض النووي في المركز، للصحيفة الأميركية: “تأتي الشاحنة وتذهب، أحيانا مرتين في اليوم، ثلاث مرات” مضيفة “لا يتوقف. الأمر لا يتوقف”.
ويتلقى المرفق، المعروف رسميا باسم المركز الوطني للطب الشرعي، أصعب الحالات التي يصعب تحديد هويتها، ما يجعل عمله بالغ الأهمية بشكل خاص لأولئك الذين ما زالوا في انتظار معرفة مصير أحد أفراد الأسرة أو صديق أو زميل أو رفيق.
ومن بين أكثر من 700 ضحية تم التعرف عليهم حتى الآن شاني لوك (22 عاما)، ألمانية إسرائيلية أعلنت وفاتها، يوم السبت، بعد أن تأكد ذلك عبر مطابقة حمض نووي من عائلتها مع جزء صغير لجمجمة عثر عليها في جنوب إسرائيل، وتعتقد السلطات الإسرائيلية أنها قُتلت قبل أن ينقل مهاجمو حماس جثتها، التي لا تزال مفقودة، إلى غزة، وفق التقرير.
وقد تم التعرف على الضحايا بشكل رئيسي من خلال ملفات الحمض النووي، التي يتم إرسالها إلى الشرطة الإسرائيلية التي تقارنها بقاعدة بيانات حمض نووي من أفراد الأسرة.
وقال مسؤولون إن المركز، الذي كان يعاني من نقص في الموظفين حتى قبل الهجوم، تلقى حوالي 1500 مجموعة من الرفات منذ 7 أكتوبر، أي أقل بـ 500 مجموعة فقط مما يتعامل معه خلال عام كامل في المتوسط.
وقال مسؤولون إن من بين الجثث التي لا تزال تصل هناك عدد متزايد من المسلحين من غزة قتلوا في القتال، ولا يمكن تمييزهم في الكثير من الأحيان عن الضحايا، لأن جثثهم قد تحللت.
وتقول الصحيفة إن “عدد الضحايا والعلامات التي تشير إلى أن العديد منهم ماتوا بطرق وحشية تجعل تحقيق الطب الشرعي مروعا بشكل خاص، حتى بالنسبة للمهنيين الذين اعتادوا على الجثث”.
ولمعالجة تدفق أكياس الجثث، استقبل المعهد عشرات المتطوعين، بما في ذلك علماء الأنثروبولوجيا الشرعية وفنيي المختبرات والأطباء والأكاديميين. في مختبر الحمض النووي، الذي كان يعمل به ثمانية عمال فقط، واليوم يتوفر 30 عاملا.
وتسلّل مئات من مسلحي حركة حماس، المصنفة إرهابية، إلى إسرائيل من غزة في هجوم أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وردت إسرائيل على الهجوم بقصف مكثف على غزة تسبب بمقتل أكثر من 9227 فلسطيني، بينهم أكثر من 3800 طفل، بحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة في القطاع التابعة لحماس.