واشنطن تستبعد إسرائيل من اليمن.. هل تبحث عن مواجهة منفردة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

هذه الخطوة تعكس تحولا استراتيجيا في كيفية تعامل واشنطن مع الأزمة، إذ يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي تحاول فرض قواعد اشتباك محددة، تمنع توسيع نطاق الصراع إلى حرب إقليمية أوسع، خصوصًا مع تزايد التوتر مع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين.

لكن، لماذا هذا التحفّظ الأميركي على إشراك تل أبيب؟ وما الذي تسعى واشنطن إلى تحقيقه من خلال إبقاء إسرائيل خارج المواجهة؟ وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على معادلات القوى في المنطقة؟

إسرائيل خارج الحسابات.. وواشنطن تضبط إيقاع المواجهة

بحسب تقرير جيروساليم بوست، فإن المسؤولين الإسرائيليين درسوا إمكانية الرد على الصواريخ الحوثية الأخيرة، لكن الطلب الأميركي جعلهم يترددون في اتخاذ هذه الخطوة، مما يشير إلى أن واشنطن تريد أن تكون صاحبة القرار الوحيد في هذه الحرب.

يرى الكاتب والباحث السياسي، إيلي يوسف، خلال حديثه لبرنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية أن هناك بعدا استراتيجيا في هذه الخطوة، موضحا أن: “الولايات المتحدة لا تريد أن تبدو الحرب وكأنها مواجهة إسرائيلية عربية، لأنها تدرك أن إشراك إسرائيل قد يؤدي إلى ردود فعل عربية غاضبة، مما يُعقّد موقفها الدبلوماسي في المنطقة”.

ويضيف يوسف أن واشنطن تريد أن تبقي المواجهة ضمن إطارها الحالي، حيث تُصوّر الصراع على أنه مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة والحوثيين، بدلا من أن يكون صراعا بين إسرائيل والعالم العربي.

التصعيد العسكري.. قوة أميركية مفرطة

مع إعلان وزارة الدفاع الأميركية أنها ستستخدم “القوة المفرطة” ضد الحوثيين حتى تحقيق جميع الأهداف في اليمن، تتزايد المخاوف من أن يتحول النزاع إلى مواجهة طويلة الأمد.

من جهة أخرى، تؤكد جماعة الحوثي أنها لن تتوقف عن استهداف السفن الحربية الأميركية، حيث أعلنت مؤخرا عن ضرب حاملة الطائرات “يو إس إس هاري ترومان” باستخدام صواريخ مجنحة وطائرات مسيرة. كما شددت الجماعة على أنها ستواصل عملياتها ضد الملاحة الإسرائيلية حتى يتم إنهاء الحرب في غزة.

ويرى إيلي يوسف أن هذه المواجهة لا تزال في مراحلها الأولية، لكنه لا يستبعد أن تتطور إلى سيناريوهات أكثر خطورة، قائلا إن :”ما يجري الآن قد يكون تمهيدا لواقع ميداني جديد في اليمن، شبيها بالمشهد الذي شهدناه عام 2015. وإذا أرادت الولايات المتحدة حسم المعركة، فقد نكون أمام سيناريو تصعيدي أكبر يتطلب تدخلا بريا، وهو أمر ستكون له تداعيات كبرى على المنطقة”.

إيران في قلب المعركة

من خلف الكواليس، تقف إيران كعامل رئيسي في هذه المعادلة، حيث تُتهم بدعم الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة التي تهدد الملاحة في البحر الأحمر.

ويبدو أن واشنطن لم تكتفِ باستهداف الحوثيين فقط، إذ بدأت تلوح بضرب أهداف إيرانية داخل اليمن، بما في ذلك السفن الإيرانية القريبة من السواحل اليمنية.

مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، أشار إلى إمكانية ضرب مواقع إيرانية داخل اليمن، وهي خطوة قد تنذر بتوسيع رقعة الصراع، ما لم يتم احتواء الموقف سياسيا. لكن، هل ستغامر طهران بالدخول في مواجهة مباشرة مع واشنطن؟.

يعتقد إيلي يوسف أن إيران تتقن “لعبة حافة الهاوية”، موضحا: “إيران بارعة في المناورة السياسية، وهي تدرك جيدا حدود التصعيد. قد تصل الأمور إلى مستوى خطير، لكنها غالبا ما تتراجع عند اللحظة الأخيرة، لأنها تعلم أن الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة سيكلّفها ثمنا باهظا”.

ومع ذلك، يحذّر يوسف من أن استمرار الضغط الأميركي قد يدفع إيران إلى تحريك وكلائها في المنطقة، مما يزيد من تعقيد المشهد العسكري في اليمن والعراق وربما في أماكن أخرى.

في كل الأحوال، يبدو أن الولايات المتحدة تُعيد رسم قواعد الاشتباك في اليمن، واضعة إسرائيل خارج المعادلة، في محاولة للسيطرة على مجريات الصراع دون إشعال حرب إقليمية كبرى.

فهل تستطيع واشنطن تحقيق أهدافها دون الدخول في مواجهة مفتوحة مع طهران؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الإجابة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *