هل نجح أبناء مهاجري شمال إفريقيا بالاندماج في فرنسا؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

وبحسب الأكاديمي، فإن النظام السياسي في فرنسا يتغذى إما على إيذاء أحفاد الهجرة أو رفضهم، وهو يعتقد أن السياسات العامة التي تعزز التنوع تمنع المهاجرين وأسرهم من تبني قوانين مجتمع الأغلبية.

وعكس علم الاجتماع الذي يميل بحسب قوله إلى الاهتمام بالأشخاص الذين يفشلون أكثر من اهتمامهم بالأشخاص الذين ينجحون. فقد قرر لاشيرت أن يوضح أن “اندماج المنحدرين من شمال إفريقيا يعد إلى حد ما نجاحا في فرنسا، وهو أمر لا يجرؤ أحد على تأكيده سياسيا”.

ضغط الآباء محرك الأبناء للنجاح

لكن سبق وأن فعل ذلك المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية الذي أبرز عام 2022، أن أطفال الجيل الأول من المهاجرين من شمال إفريقيا، والذين غالبا ما ينحدورن من خلفية فقيرة للغاية، لديهم فرصة للوصول إلى التعليم العالي والنجاح في الدراسة والحصول على وظيفة.

وفي الواقع، فإن نسبة عالية من أبناء هؤلاء المهاجرين (30 بالمئة) نجحوا في رحلتهم الدراسية.

وشدد المعهد على أن “هذا التقدم القوي يُفسر بالتعبئة القوية للآباء المهاجرين لصالح النجاح الأكاديمي لأطفالهم”.

وهذا ما يتفق معه أرنود لاشيريت، إذ في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية”، يقول إن “جميع الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات تعرضوا لضغوط قوية من آبائهم لكي ينجحوا. لقد نشأ معظمهم في فقر مدقع وكان مستوى آباءهم أقل بكثير من البكالوريا كما أنهم لم يندمجوا في المجتمع الفرنسي وأجلوا مشروع الدمج لأطفالهم”.

ويتابع: “يتمتع أطفال التونسيين والمغاربة اليوم بقدرة كبيرة على الوصول إلى التعليم العالي والمناصب الإدارية، بشكل عام، مثل المتوسط الوطني. وبالنسبة للجزائريين، الأمر مختلف قليلاً لأن آباء الجيل الأول وصلوا في سياقات أكثر تعقيداً قليلاً”.

وفي حديث مريم.أ مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أكدت بدورها أن “تميزها في مشوارها الدراسي سببه والداها اللذان زرعا حب المدرسة والنجاح في قلبها منذ الصغر”.

مريم، الشابة الثلاثينية من أصول مغربية التي ولدت ونشأت في فرنسا، وأكملت درجة البكالوريوس في الاقتصاد والإدارة، ثم درجة الماجستير المزدوجة في اقتصاديات التنمية الدولية وفي الإدارة وتعمل حاليا مديرة مشروع في منظمة غير حكومية تقول إن “طريق النجاح لم يكن سهلا”.

وتوضح: “منذ المدرسة الثانوية فصاعدا، أستطيع أن أقول بوضوح أن عدم المساواة قد تزايد بشكل كبير. كان على أصدقائي الذين كان آباؤهم مهاجرين وأنا أيضًا، أن يبذلوا جهدا مضاعفا لتحقيق النجاح. كان التعليم العالي أقل سهولة بالنسبة لنا، ليس فقط بسبب اسمنا، ولكن أيضا بسبب بيئتنا المعيشية. في الواقع، لم يكن مستوى معيشتنا يسمح لنا بالضرورة بالسفر في جميع أنحاء العالم، أو القيام بالعديد من الأنشطة اللاصفية أو حتى أن يكون لدينا شبكة في العالم المهني”.

تكسير حاجز الأحياء الشعبية

ولهذا يرى عالم الاجتماع أن أبناء المهاجرين الناجحين كان عليهم أن يخرجون من أحيائهم المعزولة ويحطموا الصورة النمطية والسلبية التي تعود إلى السياسات العامة.

ويضيف: “أخبرني العديد من الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات أن ما غير كل شيء بالنسبة لهم هو عندما اتخذ آباؤهم قرارا بالانتقال ووضعهم في مدرسة يوجد بها بيض وفرنسيون. وبذلك أصبحوا قادرين على اكتساب رموز وقيم ومواقف مجتمع الأغلبية بسهولة أكبر”.

العمل.. بين التمييز والاندماج

من جهة أخرى، يوضح أن “أبناء المهاجرين يعانون من التمييز خاصة للحصول على الوظيفة الأولى”.

ويفسر ذلك بأن “الشخص الذي يحمل اسما عربيا، وفقا للتجارب الاختبارية، لديه فرصة أقل بنسبة 30 بالمئة من الشخص الذي يحمل اسما فرنسيا في أن يتصل به صاحب العمل، سواء من أجل تدريب مهني أو عمل.

ولكن، على عكس المتداول، تفيد دراسته بأن النساء أقل تعرضا للتمييز، كما يواجهن صعوبات أقل من الرجال.

في هذا الصدد لاحظت مريم أنه في الحي الشعبي الذي كانت تعيش فيه في مدينة غرونوبل، “نسبة قليلة من أبناء الجيران أكملوا تعليمهم العالي وبشكل خاص بين الرجال حيث أن اللغة وأسلوب اللباس والإرادة الضعيفة وتنامي شعور الرفض شكلوا عائقا كبيرا أمام نجاحهم و اندماجهم”.

ولهذا يعتقد عالم الاجتماع أن إشكالية الاندماج من الممكن حلها عبر العمل، لأنه في فرنسا، يظل العالم المهني هو أفضل مكان للقاء أشخاص مختلفين، خاصة عندما تتولى مناصب مسؤولية، فلكي نحصل على عمل، نتعلم أن نكون مثل الآخرين، أن نكون مثل أولئك الذين نطمح إلى شغل مناصبهم. ونحن نفعل الشيء نفسه أثناء الدراسة، وخاصة في كليات الأعمال أو الهندسة.

ويرفض في المقابل أن يتحدث عن “الاندماج عبر التعليم”، لأنه على حد قوله “التوزيع الجغرافي للمدارس لا يسمح بأي حال من الأحوال بالاتصال بأشخاص مختلفين”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *