انتهى يحيي السنوار، حمته أنفاق حماس سنة كاملة تحت الأرض، فيما خسر أهل غزة حياتهم وكل ما فوق الأرض. وأمضوا سنتهم في العراء تحت وابل الصواريخ والقذائف الإسرائيلية.
غزا السنوار وحماس إسرائيل، فاستدعى احتلالا إسرائيليا لغزة بعد عشرين عاما من انسحابها منها. فهل يكون مقتل السنوار فرصة لإنهاء حرب غزة، وإطلاق سراح الرهائن، والبدء بإعمار القطاع؟.
الكونغرس يرفض إرث السنوار
يتفق قادة الحزبين في الكونغرس على أن تصفية السنوار، مهندس عملية 7 أكتوبر ضد إسرائيل، قد يفتح فرصةً للولايات المتحدة لإنهاء هذه الحرب.
ويقول رئيس لجنة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور الديمقراطي بن كاردن: “الآن هو الوقت المناسب لرفض إرث يحيى السنوار، المتمثل في الموت والدمار والمعاناة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين. وحان الوقت لتأمين اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الذين احتجزهم. وحان الوقت لرسم مسار يرفض قبول منطقة في صراع دائم، ويحتضن بدلاً من ذلك مستقبلاً يلبي تطلعات السلام والأمن والرخاء والكرامة والاعتراف المتبادل للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، ولجميع شعوب المنطقة”.
ويعتقد السناتور الجمهوري جيم ريش، أن “العالم أصبح أكثر أماناً اليوم بدون يحيى السنوار. على الولايات المتحدة وحلفائها بذل المزيد من الجهود لمساعدة إسرائيل على الاستمرار في قطع رأس الأفعى، وبالتأكيد التوقف عن محاولة الوقوف في طريقهم. إن نجاح إسرائيل سيكون بمثابة انتصار للعالم الحر”.
بلينكن: لغزة من دون حماس وإسرائيل
في جولته الأولى للمنطقة بعد تصفية السنوار، زار أنتوني بلينكن إسرائيل والسعودية وقطر، لمناقشة أهمية إنهاء الحرب في غزة، وكذلك تأمين إطلاق سراح جميع الرهائن، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني. كما سيواصل وزير الخارجية الأميركية المناقشات بشأن التخطيط لفترة ما بعد الصراع.
ويؤكد على الحاجة إلى رسم مسار جديد للمضي قدما. ويشدد وزير الخارجية الأميركية على أنه “منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول العام الفائت، حققت إسرائيل معظم أهدافها الاستراتيجية المتعلقة بغزة. كل ذلك بهدف التأكد من عدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر مرة أخرى. لقد تم تفكيك القدرة العسكرية لحماس، وتدمير الكثير من ترسانتها، والقضاء على قياداتها، بمن فيهم يحيى السنوار مؤخراً. لقد دفع المدنيون الفلسطينيون في غزة غالياً ثمن ذلك. والآن حان الوقت لتحويل هذه النجاحات إلى نجاح استراتيجي دائم. هناك شيئان متبقيان لتحقيق ذلك: إعادة الرهائن إلى بيوتهم، وإنهاء الحرب. لابد من انهاء الحرب في غزة بطريقة تُبقي حماس خارجها، وتضمن عدم بقاء إسرائيل فيها. ولكن لابد وأن نضع خططاً واضحة وملموسة لما سيحدث بعد ذلك”.
الشرق الأوسط يتغيّر.. لا كما يريد نتنياهو والسنوار
غيّرت مناورة السنوار الدموية الشرق الأوسط، ولكن ليس حسب تصوراته ، كما يقول ياروسلاف تروفيموف في صحيفة وول ستريت جورنال: لقد سعى يحيى السنوار إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط عبر هجومه على إسرائيل. لكن ” الحرب أظهرت القوة العسكرية الإسرائيلية على المدى القريب، وأضعفت قوة “محور المقاومة” الذي تقوده إيران، وجعلت تطلعات الفلسطينيين إلى تقرير المصير أبعد من أي وقت مضى”.
في المقابل، فإن إدارة نتنياهو لحرب غزة، لا سيما لناحية ارتفاع أعداد القتلى الفلسطينيين، سببت له الكثير من الانتقادات، وخسائر سياسية لإسرائيل. تقول ماريا أبي حبيب في نيويورك تايمز بأن “التغيير جارٍ في الشرق الأوسط لكن بدون اسرائيل”. وتضيف أن الانفراج الدبلوماسي جار في الشرق الأوسط، ولكن ليس ذلك الذي تصوره بنيامين نتنياهو: “قبل عام، كانت السعودية تستعد للاعتراف بإسرائيل في صفقة تطبيع كانت ستعيد تشكيل الشرق الأوسط بشكل جذري وتعزل إيران وحلفائها أكثر. الآن. أصبحت هذه الصفقة أبعد من أي وقت مضى”.
هل ستغتنم حماس هذه اللحظة؟
يتساءل ديفيد ماكوفسكي، كبير الباحثين في معهد واشنطن: “هل يخلق موت السنوار وضعاً جديداً لحماس؟ وهل يتمتع الجناح السياسي في قطر بنفوذ أكبر في صنع القرار؟ وبالتالي نفوذ أكبر للحكومة القطرية أيضًا؟ هذا وضع جديد، وقد يكون من السابق لأوانه معرفة نتائجه، ولكن كما قال بلينكن، هناك فرصة الآن، وأعتقد أن السؤال هو، هل ستغتنم حماس هذه اللحظة؟”.
ويقول جوناثان شانزر، نائب رئيس ” مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”: “الأخبار الجيدة، هي أن 23 من أصل 24 لواءً من كتائب حماس قد تم تدميرها، وقُتل 18 ألف مقاتل أو أكثر من عناصرها، كما تم تدمير الغالبية العظمى من البنية التحتية لحماس فوق الأرض وتحتها. لذا فإن الإسرائيليين يعرفون ما يفعلونه وهم يواصلون القتال”.
وما هي استراتيجية الإدارة الأميركية لليوم التالي في غزّة
هل يستطيع نتنياهو استغلال الفرصة التي أتاحها موت السنوار؟ يسأل توماس فريدمان. وهو ما يقتضي برأيه، موافقة نتنياهو بهدوء على شيء رفضه سابقاً ، وهو مشاركة السلطة الفلسطينية في قوة حفظ سلام دولية تتولى غزة بدلاً من حماس بقيادة السنوار.
وهو ما: “يعمل الدبلوماسيون الأميركيون والعرب وتوني بلير ورون ديرمر، أقرب مستشاري نتنياهو. ويتطلب ذلك من إسرائيل، في الوقت الراهن، أن تسمح بهدوء بمشاركة السلطة الفلسطينية في إعادة بناء غزة كجزء من القوة الدولية دون أن تتبناها رسمياً. يُدرك نتنياهو أن العرب لن يشاركوا في قوة حفظ سلام عربية/دولية لتنظيف الفوضى في غزة إلا إذا كانت جزءاً من عملية تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية”.
هيئة جديدة في غزة!
يكشف ديفيد ماكوفسكي لبرنامج “عاصمة القرار” من الحرّة، أنه “تتم الآن مناقشة فكرة إقامة كيان في غزة، أو هيئة لإعادة الإعمار بقيادة خبراء تكنوقراط، وبدعم من دول الخليج، وربما تكون هذه الهيئة مرتبطة بشكل ما بالسلطة الفلسطينية، لكنها ليست السلطة نفسها.
وفي مرحلة ما، سوف تنضم هذه الهيئة إلى السلطة الفلسطينية. وإذا كانت السلطة الفلسطينية تعتقد أن هذا مفيد للفلسطينيين، فسوف تدعو لتأسيس هذا الكيان الجديد في غزة، والذي لن يكون هيئة سياسية بل تكنوقراطية”.
ويقول جوناثان شانزر، “الإسرائيليون يريدون شيئًا مختلفًا عما يريده الفلسطينيون. وقد يكون ذلك مختلفًا أيضًا عما يريده العرب والأمم المتحدة. أعتقد أن الأمر سيستغرق وقتًا طويلاً. لا توجد دولة عربية مهتمة بإعادة إعمار غزة مستعدة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة قبل الانتخابات”.
الجميع ينتظر الانتخابات الأميركية وتأثيرها على مساعي واشنطن بشأن اليوم التالي في غزة بعد حماس.