حثت أذربيجان السكان الأرمن في إقليم ناغورني قره باغ على البقاء في مساكنهم والاندماج في المجتمع الأذري “متعدد الأعراق”، في حين توجهت عشرات الحافلات إلى عاصمة الإقليم لنقل المغادرين إلى أرمينيا.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن نحو 40 حافلة تابعة للحكومة الأرمينية عبرت ممر لاتشين منذ صباح اليوم باتجاه ستيباناكيرت عاصمة إقليم قره باغ، لنقل أرمن الإقليم الذين لا يملكون وسيلة للانتقال إلى أرمينيا.
وقالت الحكومة الأرمينية إنها خصصت نحو مليون دولار لتوفير الاحتياجات الأساسية للنازحين في مقاطعات جنوبي وشرقي البلاد مع وصول أعداد النازحين إلى أكثر من 70 ألفا.
وأعلن الانفصاليون الأرمن في إقليم ناغورني قره باغ اليوم الخميس حل ما يسمونها “جمهورية آرتساخ” المعلنة من جانب واحد.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن سامفيل شهرامانيان رئيس “جمهورية آرتساخ” وقّع مرسوما بحل “الجمهورية” ومؤسساتها اعتبارا من مطلع 2024.
ووفقا للمرسوم، فإن هذا الكيان لن يكون له وجود اعتبارا من الأول من يناير/كانون الثاني المقبل.
ودعا شهرامانيان السكان الموجودين داخل إقليم ناغورني قره باغ أو خارجه إلى التعرف على شروط الاندماج في أذربيجان.
دعوات للاندماج
وفي السياق ذاته، دعت باكو السكان الأرمن في إقليم قره باغ إلى عدم مغادرة الأماكن التي يعيشون فيها، وأن يصبحوا جزءا من المجتمع الأذربيجاني المتعدد الأعراق.
جاء ذلك في بيان نشرته وزارة الخارجية الأذربيجانية اليوم الخميس ردا على اتهامات وجهها رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إلى أذربيجان.
وعبر البيان عن إدانة أذربيجان بشدة ورفضها ادعاءات باشينيان بأن السكان الأرمن في قره باغ يتعرضون لـ”تطهير عرقي”، مشددا على أن مغادرة السكان الأرمن للإقليم الأذربيجاني هي قرارهم الشخصي، وأن باشينيان يدرك جيدا أن هذا لا علاقة له أبدا بالتهجير القسري”.
وتابع البيان “إذا كان بعض السكان الأرمن لا يريدون العيش في ظل قوانين وحكم أذربيجان فلا يمكننا إجبارهم على القيام بذلك”.
وأضاف “نحن ندعو السكان الأرمن إلى عدم مغادرة الأماكن التي يعيشون فيها، وأن يصبحوا جزءا من المجتمع الأذربيجاني المتعدد الأعراق”.
وشدد البيان على ضرورة ألا تعرقل أرمينيا عملية اندماج السكان الأرمن في قره باغ مع أذربيجان، وأن تركز بدلا من ذلك على استكمال مفاوضات اتفاق السلام على أساس وحدة أراضي وسيادة كلا البلدين.
وفي السياق نفسه، قال إيلين سليمانوف سفير أذربيجان لدى بريطانيا اليوم الخميس إن بلاده لا تريد خروجا جماعيا للأرمن من قره باغ، ولا تشجع أحدا على مغادرة المنطقة.
وفي مقابلة مع رويترز، أضاف سليمانوف أن أذربيجان لم تتح لها الفرصة بعد لإثبات ما قال إنه التزامها الصادق بتوفير ظروف معيشة آمنة ومحسنة للأرمن الذين يختارون البقاء.
تحذير أرميني
وكان رئيس الوزراء الأرميني قال اليوم الخميس إنه لن يبقى أي أرميني في إقليم قره باغ خلال الأيام المقبلة.
واعتبر باشينيان أن ما يجري في قره باغ “تطهير عرقي” و”تهجير”، وقال إن أرمينيا حذرت المجتمع الدولي من ذلك، متهما أذربيجان بتنفيذ “اعتقالات غير قانونية” على الحدود.
بدورها، قالت موسكو -اليوم الخميس- إنها لا ترى سببا يدعو الأرمن إلى الفرار من ناغورني قره باغ، نافية فعليا الاتهامات بالتطهير العرقي التي وجهتها يريفان إلى باكو.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف “لا يمكننا أن نقول من هو المذنب (بالنزوح الجماعي)، لأنه لا توجد أسباب مباشرة لمثل هذه الأعمال”.
وأضاف بيسكوف “مع ذلك، يعبر السكان عن رغبتهم في مغادرة أراضي ناغورني قره باغ (…)، وأهم ما في الأمر هو أن يتمكن هؤلاء الذين اتخذوا هذا القرار من تنفيذه في ظروف جيدة”.
ومع ذلك، قال الكرملين إنه يتابع عن كثب الوضع الإنساني في الإقليم، مشددا على أن قوة حفظ السلام الروسية تقدم المساعدات لسكان المنطقة.
وردا على سؤال من صحفي، أوضح بيسكوف أنه لا خطط لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة أرمينيا.
ألغام أرمينية
من جهة أخرى، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها حيال عدم تبادل أرمينيا المعلومات المتعلقة بمواقع الألغام التي زرعتها في الأراضي الأذربيجانية.
وقال رئيس الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة دينيس فرانسيس في نيويورك -اليوم الخميس- ردا على سؤال عن تقييمه لقيام أرمينيا بزرع نحو مليون لغم خلال فترة احتلالها الأراضي الأذربيجانية وعدم تبادل المعلومات بشأن مواقعها “هذا الوضع مثير للقلق”.
وشدد فرانسيس على أنه وفقا للقانون الدولي لا ينبغي استخدام بعض فئات الأسلحة في الصراعات، داعيا جميع الأطراف المتنازعة إلى ضرورة الوفاء بالتزاماتها في سياق القانون الدولي.
وأشار إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الآثار الإنسانية للأسلحة التي تسبب الألم والظلم.
وفي تصريح سابق لحكمت حاجييف مستشار الرئيس الأذربيجاني أوضح أن 3385 أذريا قتلوا في الألغام التي زرعتها أرمينيا منذ عام 1991.
وفي 19 سبتمبر/أيلول 2023 أعلنت أذربيجان إطلاق عملية “بهدف إرساء النظام الدستوري في قره باغ” انتهت بعد يوم واحد باتفاق لوقف العملية وتخلّي المجموعات المسلحة غير القانونية والقوات المسلحة الأرمينية الموجودة في قره باغ عن سلاحها وإخلاء مواقعها العسكرية.