مع إعلان إسرائيل تنفيذها عملية عسكرية “ضد حركة حماس في مستشفى الشفاء” بغزة، الأربعاء، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الأزمة الإنسانية تتزايد داخل المستشفى.
ونقلت الصحيفة عن الأطباء في المستشفى قولهم إن المرضى يكافحون من أجل البقاء بدون كهرباء ووقود وفي ظل محدودية الإمدادات الطبية.
ووفقا للصحيفة، أصبح مستشفى الشفاء أحد النقاط المحورية في الحرب بعدما قالت إسرائيل والولايات المتحدة إنه يُستخدم كمركز رئيسي لعمليات حماس التي تنفي بدورها هذه الاتهامات.
ونقلت الصحيفة عن أحمد مخللاتي، وهو جراح داخل المبنى الرئيسي لمستشفى الشفاء، قوله: “كنا نسمع أصوات طلقات نارية تضرب جدار المبنى، والآن نتجمع جميعا في الممرات لأن الوضع غير آمن على الإطلاق”.
وتحدث الجراح للصحيفة قبل منتصف الليل بالتوقيت المحلي، وقال إن إطلاق النار والانفجارات اشتدت حول المستشفى، ما أدى إلى تحطيم نوافذ الغرفة التي كان فيها هو وأطباء آخرون. وأضاف: “لقد تحطم كل الزجاج في المنطقة الواقعة أمام المستشفى”.
ونفذت القوات الإسرائيلية عملية عسكرية ضد حماس “في منطقة محددة” في أكبر مستشفى في غزة، بعد ساعات من دعم البيت الأبيض للتأكيدات الإسرائيلية بأن مسلحي الحركة يديرون عمليات عسكرية من مستشفيات القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته تنفذ عملية، الأربعاء، ضد حماس داخل مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، وفقا لوكالة “رويترز”.
وأضاف الجيش الإسرائيلي في بيان “بناء على معلومات مخابرات وضرورة في العمليات، تنفذ قوات الجيش الإسرائيلي عملية دقيقة وموجهة ضد حماس في منطقة محددة في مستشفى الشفاء”.
وتابع “تضم قوات جيش الدفاع الإسرائيلي فرقا طبية ومتحدثين باللغة العربية خضعوا لتدريبات محددة للاستعداد لهذه البيئة المعقدة والحساسة بهدف عدم إلحاق أي ضرر بالمدنيين”.
وقالت حركة حماس في بيان لها، الأربعاء، “نُحمّل الكيان المحتل وقادته النازيين الجدد والرئيس بايدن وإدارته كامل المسؤولية عن تداعيات اقتحام جيش الاحتلال لمجمع الشفاء الطبي”.
وذكرت أن ما قالته الولايات المتحدة، الثلاثاء، بأن معلومات مخابراتية تؤيد الاستنتاج الذي توصلت إليه إسرائيل بأن الحركة تقوم بعمليات في مستشفى الشفاء كانت بمثابة الضوء الأخضر للاقتحام.
وقالت إن “تبني البيت الأبيض والبنتاغون لرواية الاحتلال الكاذبة والزاعمة باستخدام المقاومة لمجمع الشفاء الطبي لأغراض عسكرية، كان بمثابة الضوء الأخضر للاحتلال لارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين”.
ولم يصدر تعليق أميركي بعد على الاقتحام.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، في وقت سابق الثلاثاء، أن “القوات الإسرائيلية أبلغت بنيتها اقتحام مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة”، خلال دقائق، موضحة أنها لن “تمس المرضى ولا الطاقم الطبي”.
وقال مراسل الوكالة إن الدبابات الإسرائيلية باتت على “أبواب المجمع الطبي، وتحاصره من كافة الجهات”، مضيفا أن الساعات الماضية شهدت “قصفاً وإطلاق نار كثيفين في محيطه”.
وأوضحت الوكالة أنه لليوم السادس على التوالي، تواصل القوات الإسرائيلية حصار نحو 8500 مواطن بين طاقم طبي وجرحى ونازحون داخل المستشفى.
وأشارت “وفا” إلى أن الطاقم الطبي أبلغ اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وطلب منها تحركا عاجلا لضمان عدم المساس بأي من المتواجدين في المجمع، الذي يؤوي آلاف النازحين.
ووفقا لمراسل الوكالة، يضم مجمع الشفاء الطبي 1500 مواطن بين طواقم طبية ومرضى وجرحى من ضمنهم أطفال خدج ونحو 7 آلاف نازح، في ظروف صعبة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وخروج المستشفى عن الخدمة بعد نفاد الوقود.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، إن إسرائيل أبلغت المسؤولين بأنها ستداهم مجمع مستشفى الشفاء في الدقائق المقبلة، بحسب وكالة “رويترز”.
وأضاف القدرة أن المسؤولين في غزة أبلغوا اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتحذير الإسرائيلي.
ونفى القدرة في تصريحات جديدة، الثلاثاء، ما أعلنه الجيش الإسرائيلي بخصوص تواصله مع مستشفى الشفاء في مدينة غزة بشأن الأطفال الخدج.
ظروف قاسية
وقال القدرة “نتحدث عن قرابة 650 من الجرحى والمرضى والأطفال، نتحدث عن قرابة هذا العدد أيضا من الطواقم الطبية، من خمسة إلى سبعة آلاف نازح داخل مجمع الشفاء الطبي من الأطفال والنساء والمسنين وعوائل بأكملها في كافة أرجاء مباني مجمع الشفاء الطبي والآن حالة من الذعر بين هؤلاء جميعا، الواقع صعب للغاية”.
والاثنين، قال القدرة، إن 32 مريضا على الأقل من المستشفى توفوا خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وتقول حماس إن جميع هؤلاء محاصرون داخل المستشفى تحت نيران متواصلة من القناصة والطائرات المسيرة الإسرائيلية. وأضافت الحركة أن 40 مريضا لقوا حتفهم في الأيام القليلة الماضية في ظل نقص الوقود والمياه والإمدادات.
وبقي 36 طفلا من جناح الأطفال حديثي الولادة بعد وفاة ثلاثة منهم. وبدون وقود للمولدات اللازمة لتشغيل الحضانات، تُبذل أقصى الجهود الممكنة للحفاظ على أجساد الأطفال دافئة مع وضع كل ثمانية معا على سرير.
وقال القدرة إن المحاصرين في المستشفى حفروا مقبرة جماعية، الثلاثاء، لدفن المرضى الذين توفوا وإنه لا توجد خطة لإجلاء أطفال خدج (ناقصي النمو) رغم إعلان إسرائيل عرضا لإرسال حضانات متنقلة.
وقال القدرة إن هناك نحو 100 جثة متحللة بالداخل ولا توجد وسيلة لإخراجها.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه منزعج للغاية من “الخسائر الفادحة في الأرواح” في المستشفيات. وأضاف المتحدث للصحفيين “باسم الإنسانية، يدعو الأمين العام إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية”.
ويقول مسؤولون طبيون في غزة إنه تأكد مقتل أكثر من 11 ألفا في الضربات الإسرائيلية، حوالي 40 بالمئة منهم أطفال، وحصار عدد هائل آخر تحت الأنقاض.
وأصبح حوالي ثلثي سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا مأوى، وغير قادرين على الفرار من المنطقة التي ينفد فيها الغذاء والوقود والمياه الصالحة للشرب والإمدادات الطبية.
واشنطن تدعم “طرفا ثالثا”
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تريد إجلاء مرضى مستشفيات غزة بأمان لتجنب تعرضهم للأذى، وستدعم طرفا ثالثا مستقلا لإجراء عمليات الإخلاء، وفق رويترز.
وأضاف ميلر خلال مؤتمر صحفي في واشنطن أن الولايات المتحدة لا تريد رؤية أي مدنيين “وبالتأكيد ليس الأطفال في الحاضنات” وغيرهم من السكان المعرضين للخطر، في مرمى تبادل إطلاق النار.
وقال المتحدث إن الولايات المتحدة تجري حاليا محادثات مع منظمات إغاثة وأطراف ثالثة بشأن الإخلاء المحتمل.
في غضون ذلك، أعلن البيت الأبيض أن لديه معلومات استخباراتية خاصة تفيد بأن حماس تستخدم مستشفى الشفاء في غزة لإدارة عملياتها العسكرية.
وقال المتحدث باسم الأمن القومي، جون كيربي، للصحفيين على متن طائرة الرئاسة: “لدينا معلومات تؤكد أن حماس تستخدم هذا المستشفى بالذات لوضع القيادة والسيطرة وربما لتخزين الأسلحة. هذه جريمة حرب”.
وأشار كيربي كذلك إلى أن تصرفات حماس لا تقلل من مسؤولية إسرائيل عن حماية المدنيين.
وأكد البيت الأبيض أن المعلومات عن استخدام حماس للمستشفيات تأتي من وسائل استخبارات متعددة.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد دعا، الاثنين، إسرائيل إلى “حماية” مستشفى الشفاء.
ومع توغل القوات الإسرائيلية في عمق مدينة غزة، حوصر مئات من المرضى والجرحى والنازحين داخل مستشفى الشفاء، وهي أكبر صرح طبي في القطاع، وفقا لمسؤولين بالمستشفى.
وكشفت أطقم طبية أن مزيدا من المرضى يموتون بسبب نقص الكهرباء، مشيرة إلى حالة “الرعب” داخل المستشفى المحاصر والمتهالك.
ونفت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، إيلا، استهداف القوات الإسرائيلية للمستشفيات أو حصارها، قالت إن هناك “اشتباكات عنيفة مع عناصر لحماس حول مستشفى الشفاء”.