موجة حر تجتاح العالم وتتسبب في وفاة المئات

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

تجتاح موجة حر شديد مناطق متفرقة من العالم، مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، متسببة في وفاة المئات من الصين والهند شرقا، وصولا إلى الولايات المتحدة والمكسيك غربا، مرورا بالقارة الأوروبية.

وكما جرت العادة كل عام، حصدت موجة الحر الطويلة التي تجتاح مناطق واسعة من الهند مزيدا من الأرواح في أكثر دول العالم سكانا، حيث تم تسجيل 143حالة وفاة، كما يُعتقد أن 41 ألفا و789 شخصا يعانون ضربات الشمس، وذلك خلال الفترة من مطلع آذار/مارس الماضي، وحتى أمس الجمعة.

ورغم ذلك، يتوقع أن تكون حصيلة الوفيات أعلى من المعلن، لأن الولايات في عموم الهند لم تقدم تحديثات للبيانات التي يجمعها المركز الوطني لمكافحة الأمراض، من خلال الوحدة الوطنية لمتابعة الأمراض والوفيات المرتبطة بموجة الحر، حسب ما أوردته وكالة “برس ترست أوف إنديا” الهندية للأنباء.

كذلك لم تدخل منشآت صحية عديدة بيانات عدد ضحايا موجة الحر على أجهزة الكومبيوتر.

المكسيك

وفي المكسيك، سجلت السلطات 155 حالة وفاة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة منذ مارس/آذار الماضي، من بينها 30 حالة خلال الأيام القليلة الماضية.

وذكرت وزارة الصحة المكسيكية -في تقريرها الأسبوعي- أن 2567 شخصا على الأقل عانوا مشاكل صحية مرتبطة بالحرارة المرتفعة، محذرة من أن معظم المناطق ستستمر في مواجهة درجات حرارة مرتفعة.

وحطمت 10 مدن مكسيكية المستويات القياسية لدرجات الحرارة المرتفعة التي أدت إلى نفوق عشرات القردة في جنوب المكسيك، في وقت انخفضت فيه المياه في كثير من السدود إلى مستويات حرجة، رغم هطول الأمطار في بعض المناطق.

نوافير الحدائق العامة ملاذ للباحثين عن وسيلة للتخفيف من حرارة الجو في حي بروكلين بمدينة نيويورك (الأوروبية)

 

الولايات المتحدة

وفي الولايات المتحدة، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن إدارة الصحة العامة في ماريكوبا بولاية أريزونا قولها إن 6 أشخاص -على الأقل- لقوا حتفهم لأسباب تتعلق بالحرارة هذا العام حتى الآن في مدينة فينيكس الصاخبة، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 115 درجة فهرنهايت (46 درجة مئوية).

وقال مسؤولو الصحة العامة -في آخر تحديث أسبوعي لمعلومات مراقبة الحرارة عبر الإنترنت- إن 87 حالة وفاة أخرى قيد التحقيق لأسباب محتملة تتعلق بالحرارة حتى السبت الماضي. وقال مسؤولون في ولاية أيداهو إن شخصين في الستينيات من العمر توفيا لأسباب تتعلق بالحرارة، وهي أول حالة وفاة مرتبطة بارتفاع درجة الحرارة.

واستمرت موجة الحر القاسية في ضرب معظم أنحاء الولايات المتحدة مع توقع أن تشهد عديد من المناطق درجات حرارة قياسية، وحذرت هيئة الأرصاد الجوية الأميركية من أن ارتفاع درجات الحرارة قد يصبح مميتا في مناطق شمال شرق البلاد وغربها الأوسط، حيث تهيمن كتلة من الهواء الجاف الساخن على أجواء بعض المناطق.

ومن المتوقع أن تكون الظروف الأكثر حرارة في أجزاء من أوهايو وإنديانا، حيث من المرجح أن تتجاوز مؤشرات الحرارة 100 درجة فهرنهايت (37.8 درجة مئوية).

ووجهت إلى نحو 95 مليون أميركي إنذارات من ارتفاع درجات الحرارة، وحذرت الهيئة الوطنية من أن “درجات الحرارة المبكرة في فصل الصيف واستمرارها لأيام والرياح الضعيفة وقلة السحب ستكون عوامل تفاقم الظاهرة”.

وشهدت بلدة كاريبو الصغيرة في ولاية مين (شمال شرق البلاد) درجة حرارة قياسية بلغت نحو 35.5 درجة مئوية. وتجاوزت درجات الحرارة في مدينتي نيويورك وواشنطن مرة أخرى 30 درجة مئوية الخميس. وأبلغ الرئيس جو بايدن أول أمس الخميس بـ”الحرارة الشديدة التي تؤثر على السكان في جميع أنحاء البلاد”.

الآيس كريم وسيلة الصينيين للتخفيف من وطأة الحر (الفرنسية)

الصين

ومنذ مطلع الصيف، شهدت الصين ظواهر مناخية قاسية، وضربت الفيضانات مناطق الجنوب في حين اجتاحت موجة حر مناطق الشمال. وتسببت الفيضانات في مقتل 38 شخصا، وجاري البحث عن أشخاص محاصرين وإنقاذهم مهمة صعبة تتطلب وقتا طويلا، حسبما أعلنته السلطات.

وتأثر أكثر من 55 ألف شخص بتداعيات الأمطار، في حين انهار أكثر من 2200 منزل ونحو 4700 طريق. وألحقت الكارثة أضرارا بمئات مرافق الطاقة وأنابيب المياه إضافة إلى نحو 7 آلاف هكتار من المحاصيل، حسب التلفزيون الصيني.

وفي حين تساقطت أمطار غزيرة في الجنوب، شهدت مناطق شمال الصين حرارة تخطت بكثير 35 درجة مئوية. ووجهت السلطات في عديد من المقاطعات تحذيرات من الحرارة منذ بداية يونيو/حزيران الجاري، وحثت السكان على الحد من التعرض لأشعة الشمس والإكثار من شرب المياه.

منطقة البلقان

وتسببت موجات الحر الشديدة في انقطاع الكهرباء على نطاق واسع في منطقة غرب البلقان أمس الجمعة، حيث شكلت الحرارة ضغطا على شبكة الكهرباء.

ومع وصول درجات الحرارة في بودغوريتشا، عاصمة الجبل الأسود إلى 38 درجة قال مزود الكهرباء الرئيسي في البلاد إن التيار الكهربائي انقطع في معظم أنحاء الدولة الواقعة على البحر الأدرياتيكي.

وقال وزير الطاقة والمناجم في الجبل الأسود ساسا موغوفيتش لوسائل الإعلام المحلية إن انقطاع التيار الكهربائي سببه موجة الحر. وأضاف أن “هناك زيادة مفاجئة في الاستهلاك بسبب ارتفاع درجات الحرارة”.

وفي كرواتيا، انقطعت الكهرباء أيضا عن مساحات واسعة من المناطق الساحلية في جنوب دالماتيا، وقالت شركة الكهرباء الوطنية الكرواتية “إن انقطاع إمدادات الكهرباء في أجزاء من كرواتيا كان بسبب الاضطرابات الدولية التي أثرت على عدة دول”. وتكرر الأمر أيضا في البوسنة وألبانيا.

 اليونان

سُجّل 45 حريق غابات في اليونان أمس الجمعة لليوم الثالث على التوالي، واندلعت 4 حرائق كبيرة على الأقل في شبه جزيرة بيلوبونيز، قرب مدينة ميغالوبولي في أركاديا وفي مقاطعات أرغوليدا وميسينيا وأخايا، الواقعة على بعد ما بين 150 و250 كيلومترا جنوب غرب أثينا.

وتحذر السلطات منذ الأربعاء الماضي من “خطر كبير للغاية” لاندلاع حرائق الغابات بسبب رياح قوية ودرجات حرارة مرتفعة وصلت إلى 40 مئوية في بعض المناطق.

وتستعد اليونان المعتادة على موجات الحر منذ أسابيع، لصيف صعب ولاندلاع حرائق الغابات بشكل خاص، بعدما شهدت شتاء هو الأقل برودة في تاريخها. وشهدت الدولة المتوسطية أول موجة حر الأسبوع الماضي، مع وصول درجة الحرارة إلى أكثر من 44 مئوية.

موجة الحر ترفع مبيعات المراوح الكهربائية في إيطاليا (الأوروبية)

إيطاليا

وشهدت إيطاليا أمس الجمعة أول موجة حر هذا الصيف، في حين سعت سلطات العاصمة إلى زيادة المساحات المظلّلة لتخفيف وطأة ارتفاع درجات الحرارة عن السكان والسياح.

وتوقعت الأرصاد الجوية أن تبلغ درجات الحرارة 40 مئوية في أنحاء من البلاد، وفق مرصد سلاح الجو، في حين أصدرت وزارة الصحة تحذيرا من أعلى درجة من الحرارة القصوى في روما وباليرمو وغيرهما من المدن.

وأشار موقع الأرصاد الجوية “إل ميتيو” إلى أن موجة الحر ناجمة عن إعصار أفريقي مضاد أطلقت عليه اسم “مينوس” نسبة إلى نجل “زيوس” في الأساطير الإغريقية.

وأجرت منظمة “غرينبيس البيئية جولة في شوارع العاصمة روما شغلت خلالها كاميرا حرارية رصدت درجات تخطّت 50 مئوية في بعض الأنحاء، بما في ذلك الكولوسيوم”. وقالت المستشارة البيئية سابرينا ألفونسي “إنه رقم قياسي قد ينكسر هذا الصيف للأسف”. وأشارت إلى أن الصيف ملتهب “على الرغم من أننا ما زلنا في يونيو/حزيران”.

تغير المناخ

ويرفع التغيّر المناخي الناجم عن أنشطة بشرية حرارة كوكب الأرض بوتيرة تثير القلق، ويؤدي إلى موجات من الحر الشديد، وفق ما تجمع عليه منظمات علمية.

ويقول العلماء إن موجات الحر المتكررة دليل على ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبطة بتغير المناخ. يزيد من وتيرة وغزارة الأمطار وموجات الحر.

وكشفت دراسة نشرت نتائجها الشهر الماضي أن موجات الحر خلال الأشهر الأربعة الأكثر سخونة في العام، تؤدي إلى أكثر من 150 ألف حالة وفاة في أنحاء العالم سنويا. وخلصت إلى أن قارة آسيا، حيث تقع الهند، لديها أكبر عدد من الوفيات المقدرة جراء موجات ارتفاع الحرارة.

ووفقا لخبراء “الشبكة المرجعية العالمية للطقس”، فإن موجة الحر التي ضربت جنوب غرب الولايات المتحدة والمكسيك وأميركا الوسطى نهاية مايو/أيار ومطلع يونيو/حزيران أصبحت أكثر احتمالا بنسبة 35 مرة بسبب تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *