أن يتربع النجم كيليان مبابي على صدارة ترتيب هدافي الدوري الفرنسي لكرة القدم أمر طبيعي، لكن تواجد المصري، مصطفى محمد، في المركز الثاني بعد إعارات بالجملة أوصلته إلى موقع أساسي مع نادي نانت، يشكّل نقطة مضيئة في مسيرة مهاجم منتخب “الفراعنة”.
كان محمد الذي يتم عامه السادس والعشرين في نوفمبر المقبل، على وشك الرحيل من نانت والعودة إلى الدوري التركي، بعد أن قضى الموسم الماضي معارا من غلطة سراي التركي لفريق غرب فرنسا، إلا أن الأخير فعّل بند الشراء البالغ 5.7 مليون يورو (6 ملايين دولار) في اليوم الأخير من باب الانتقالات.
بعد تسجيله 8 أهداف في 36 مباراة بالدوري الفرنسي، احتاج محمد لسبع مباريات فقط كي يهز الشباك 5 مرات في انطلاقة الموسم الحالي، بينها ركلة حرة رائعة أمام لوريان الشهر الماضي، فارضا نفسه نجما للفريق الأصفر وخيارا أساسيا للمدرب بيير أريستوي.
وعلّق على هدفه بالقول: “النجاح لا يتحقق بسهولة أو بالصدفة، كل شيء بالتدريب والعمل. بعد كل مران، أتدرب على تسديد الكرات الثابتة وركلات الجزاء”.
لكن رحلة المهاجم صلب البنية لم تكن سهلة، وقبل أن يصنع لنفسه اسما مع عملاق القاهرة الزمالك ومنتخب بلاده، مرّ بمسيرة لم تخلُ من الصعوبة.
كان يحيى فارس، رئيس نادي البطل الأولمبي الذي يلعب ضمن القسم الرابع حاليا، ومدرب الناشئين بنادي وادي دجلة سابقا، من أوائل المدربين الذين اكتشفوا موهبة محمد في وقت مبكر.
ظهير أيمن أيضا
ويقول فارس لوكالة فرانس برس: “في عام 2008 انضم مصطفى لوادي دجلة وهو في سن الحادية عشرة، بعد أن بدأ مشواره في مدرسة الكرة بنادي مزارع دينا. منذ البداية لفت انتباه الجميع بقدرته على اللعب في كل مراكز الهجوم، وكان يجيد اللعب كظهير أيمن أيضا”.
وشارك محمد مع فريق مدرسة الكرة بوادي دجلة عام 2010 في بطولة ودية بإسبانيا، ضمت أندية أياكس الهولندي وسانتوس البرازيلي وغيرها.
وعن تلك المشاركة قال فارس: “لفت مصطفى الأنظار بموهبته الكبيرة، وتوقعنا له الاحتراف رغم أن عمره لم يتجاوز الـ 12 عاما وقتها”.
وترك محمد وادي دجلة في 2013 والتحق بناشئي الزمالك. وهنا قال فارس: “آنذاك كانت هناك الكثير من التغييرات في قطاع الناشئين، ورحل محمد مجانا. عرفت لاحقا أنه خاض اختبارات الناشئين في الزمالك وانضم له على الفور”.
وكادت مسيرة محمد في الزمالك تنتهي قبل بدايتها.
أراد كل من مدير قطاع الناشئين وقتها أحمد حسام (ميدو) ومدرب فريق تحت 18 سنة مدحت عبد الهادي إشراكه في مركز الظهير الأيمن، إلا أن اللاعب رفض الأمر وكاد يرحل، لولا تدخل بعض المدربين بالقطاع، حتى اقتنع الثنائي ميدو وعبد الهادي، فأصبح محمد هدافا لفريقه.
لكن الأمور لم تسر بالشكل الذي حلم به محمد مرة أخرى.
وقام ميدو بتصعيده للفريق الأول عام 2016 أثناء تدريبه للزمالك، دون أن يحصل على أي فرصة للمشاركة، وبنهاية الموسم قررت الإدارة إعارته للداخلية، حتى يحصل على فرصته.
وسجّل “أناكوندا”، كما يحب محمد أن يُطلق عليه، 4 أهداف في 17 مباراة مع الداخلية في موسم 2017 قبل أن يعود للزمالك، لكن إدارة النادي أعارته من جديد، وهذه المرة إلى نادي طنطا.
تدريبات منفردة
وقال نجم غزل المحلة السابق ومدرب طنطا آنذاك، خالد عيد، لفرانس برس: “منذ حضوره إلى طنطا كان واضحا أنه يرغب في تقديم كل شيء. اتفقنا على أن يخوض تدريبات منفردة عقب مران الفريق، وتحديدا على ضربات الرأس والمواقف داخل منطقة الجزاء”.
مع طنطا، سجل محمد 6 أهداف في 23 مباراة.
وأضاف عيد: “لم يتجاوز عمره العشرين، لكن الجميع كان يتنبأ له بالتألق، بل وبدأ البعض يشبهه بمحمد صلاح الذي كان يتألق في موسمه الأول مع ليفربول وقتها. لكنه تعرض لإصابة قوية في وقت كنا ننتظر منه المزيد”.
أصيب في فبراير 2018 في الركبة وابتعد حتى نهاية الموسم.
عاد إلى الزمالك، فقط وخرج معارا مرة أخرى، وهذه المرة إلى طلائع الجيش. بدا تطوّره لافتا هذه المرة، مع 12 هدفا وصناعة 5 في 29 مباراة مع الفريق العسكري، فعاد إلى الزمالك مرة أخرى في يوليو 2019.
وسجّل محمد هدفا في مباراته الأولى مع الزمالك بدوري أبطال أفريقيا، وقاد الفريق الأبيض لنهائي نسخة 2019-2020 التي خسرها أمام غريمه التقليدي الأهلي في المباراة التي أطلق عليها “نهائي القرن”.
وسجل محمد 17 هدفا في كل المسابقات بموسمه الأول مع الفريق القاهري، وبدأت العروض الأوروبية تنهال عليه، خصوصا بعد تألقه في كأس الأمم الأفريقية تحت 23 سنة التي استضافتها مصر وتوجت بلقبها في نوفمبر 2019.
للمرة الأولى، ترك محمد الدوري المصري في فبراير 2021، نحو غلطة سراي على سبيل الإعارة مقابل 2 مليون دولار، مع بند أحقية شراء للنادي التركي مقابل 4 مليون دولار.
وبعد أن سجل 9 أهداف، فعّل غلطة سراي بند الشراء واستمر معه لموسم آخر، سجل خلاله 8 أهداف وصنع 5 في مختلف المسابقات، قبل رحلته الفرنسية الواعدة، علما بأنه يواجه راهنا إيقافا صارما بعد طرده إثر انفعاله المبالغ فيه خلال الخسارة الأخيرة على أرض رين، والتي وضعت نانت في المركز الثالث عشر على سلم ترتيب الدوري الفرنسي.