شكك تحقيق أعدته صحيفة “واشنطن بوست” في الأدلة التي قدمتها إسرائيل حول استخدام مستشفى الشفاء في غزة كمركز للقيادة والسيطرة من قبل حركة حماس.
وأكدت الصحيفة أن هذه الأدلة “لا ترقى إلى مستوى إظهار أن حماس كانت تستخدم المستشفى كمركز للتحكم”، مشيرة إلى أنها اعتمدت على تحليل البيانات مفتوحة المصدر وصور الأقمار الصناعية والمواد التي نشرها الجيش الإسرائيلي علنا.
وكان الجيش الإسرائيلي قد هاجم واقتحم مستشفى الشفاء في قطاع غزة، أواخر نوفمبر الماضي، وزعم أنه عثر على نفق طوله 55 مترا، يستخدم بحسب قوله “من أجل الإرهاب”.
ولفت الجيش إلى أنه تم العثور على النفق في منطقة المستشفى تحت مستودع يحوي أسلحة، بينها “قاذفات قنابل يدوية ومتفجرات وبنادق كلاشنيكوف”.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن المستشفى يضم مركز قيادة عسكريا لحماس، الأمر الذي تنفيه الحركة.
وبعدما أصبح المستشفى محور عمليات عسكرية إسرائيلية، حذرت منظمة الصحة العالمية من أنه بات “منطقة موت” وأكدت على أهمية إخلائه.
وفي 22 من نوفمبر اصطحب الجيش الإسرائيلي، برفقة المتحدث باسمه، دانيال هاغاري، صحفيين في جولة لمشاهدة ما تبقى من مجمع الشفاء الطبي بعدما طاوله القصف، وظهرت في المكان مبان مدمرة وشوارع مغطاة بالطمي ونوافذ محطمة، فيما بدا على بعد أمتار قليلة نفق ضيق، بحسب وكالة فرانس برس.
ونقلت واشنطن بوست عن خبراء متخصصين بالشؤون القانونية والإنسانية أن ما حدث في مستشفى الشفاء “يثير تساؤلات حرجة حول ما إذا كانت الأضرار التي لحقت بالمدنيين نتيجة للعمليات العسكرية ضد المستشفى متناسبة مع التهديد الذي قدَّره” الجيش الإسرائيلي؟.
وأكد تحليل واشنطن بوست أنه لم يثبت تواجد أي دليل مباشر على أن الأنفاق التي اكتشفها الجيش الإسرائيلي تستخدم لأغراض عسكرية من قبل حماس.
وزاد أنه “لا يبدو أن أيا من المباني الخمسة التي حددها هاغاري متصلة بشبكة أنفاق”، كما “لا يتوفر أي دليل على أنه يمكن الوصول إلى الأنفاق من داخل أجنحة المستشفى”.
بالفيديو.. إسرائيل تعلن اكتشاف نفق جديد قرب مستشفى الشفاء في غزة
أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، اكتشاف نفق آخر تستخدمه حركة حماس الفلسطينية، مشيرًا إلى أنه أسفل أحد المنازل القريبة من مستشفى الشفاء بمدينة غزة شمالي القطاع.
وأشار التحقيق إلى أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، كانت قد رفعت السرية عن تقييمات استخباراتية تدعم المزاعم الإسرائيلية، معتبرة أن حماس كانت تستخدم مباني المستشفى ضمن مراكز السيطرة، ناهيك عن احتجازها لرهائن داخل المستشفى.
وأوضحت أنه رغم هذه التقييمات الاستخباراتية، إلا أنها لم تكن مصحوبة بأي معلومات أو أدلة تستند إليها.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي للصحيفة: “لقد نشر الجيش الإسرائيلي أدلة واسعة النطاق لا يمكن دحضها تشير إلى إساءة استخدام حماس لمجمع مستشفى الشفاء لأغراض إرهابية وأنشطة تحت الأرض”.
ورفض المتحدث تقديم معلومات إضافة حول الأدلة التي تدعم هذه الاتهامات، فيما كان الجيش قد أعلن في 24 نوفمبر أنه دمر النفق المقام على أرض المستشفى وانسحبت قواته من محيط المستشفى بعد فترة وجيزة.
ونقلت الصحيفة عن عضو كبير في الكونغرس الأميركي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه “من قبل كنت مقتنعا بأن مستشفى الشفاء هو المكان الذي تجري فيه العمليات”، ولكن الآن “أعتقد أنه يجب أن يكون هناك مستوى جديد من الإثبات.. يجب أن يكون لديهم المزيد من الأدلة في هذه المرحلة”.
وقالت الصحيفة إن “استهداف حليف للولايات المتحدة لمجمع يضم مئات المرضى والمرضى المحتضرين وآلاف النازحين لم يسبق له مثيل في العقود الأخيرة”.
وتتكثف الجهود الدبلوماسية الرامية للتوصل إلى هدنة للحرب التي تقول حماس إنها أودت بحياة 20 ألف شخص في غزة 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال.
وبدأت الحرب عندما هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر، ما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخصا، معظمهم من المدنيين، واختطاف نحو 250، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام وفرتها السلطات الإسرائيلية.
وقالت منظمة الصحة العالمية، الخميس، إنه لم تعد هناك مستشفيات عاملة في شمال قطاع غزة واصفة مشاهد مرضى متروكين يستجدون الطعام والماء بأنها “لا تحتمل”، بحسب الوكالة.
وأفادت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إنها قادت بعثات إلى مستشفيين أصيبا بأضرار بالغة هما الشفاء والأهلي في شمال قطاع غزة الأربعاء.
وصرح ممثل منظمة الصحة في قطاع غزة، ريتشارد بيبركورن: “طواقمنا تعجز عن وصف الوضع الكارثي الذي يواجهه المرضى والطواقم الطبية” الذين ما زالوا هناك.
وكشفت البعثة التي تقودها منظمة الصحة العالمية أن المستشفى الأهلي الذي كان قبل يومين “مكتظا بالمرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طارئة”، أصبح الآن “هيكلا فارغا”، وفق ما قال بيبركورن لصحفيين في جنيف عبر رابط فيديو من القدس.
وأضاف “لم تعد هناك غرف لإجراء عمليات بسبب نقص الوقود والكهرباء والإمدادات الطبية والطواقم الطبية من جراحين ومتخصصين آخرين. توقفت عن العمل بشكل كامل”.
ومن بين مستشفيات غزة البالغ عددها الإجمالي 36 مستشفى، هناك تسعة فقط تعمل الآن بشكل جزئي، وكلها في الجنوب.
وتابع بيبركورن “لم تعد هناك مستشفيات قيد الخدمة في الشمال”.
وتعرضت المستشفيات المحمية بموجب القانون الإنساني الدولي لقصف إسرائيلي بشكل متكرر في غزة منذ اندلاع الحرب.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن لدى حماس أنفاقا تحت المستشفيات ويتهمها باستخدام المنشآت الطبية كمراكز قيادة، وهو ما تنفيه الحركة.
وردا على سؤال حول الادعاءات الإسرائيلية، قال بيبركورن: “لم نر شيئا من ذلك على أرض الواقع”، مضيفا أن منظمة الصحة العالمية “ليست في وضع يسمح لها بمعرفة كيف يستخدم كل مستشفى”.
وأشار إلى أنه رغم أن الهدف من زيارة البعثة، الأربعاء، كان توصيل الوقود، فإن عدم توفر ضمانات أمنية يعني أنه لا يمكنهم سوى توصيل إمدادات طبية وأدوية، لكن ذلك لم يكن كافيا بحسبه.
وأوضح “من دون وقود وطواقم وأساسيات أخرى، لن تُحدِث الأدوية فرقا وسيموت جميع المرضى ببطء وبشكل مؤلم”.