شكّل فوز الزعيم اليميني المتطرف في هولندا، خيرت فيلدرز، في الانتخابات العامة الهولندية، صدمة هزت الوسط السياسي في هولندا وعموم أوروبا، حيث أظهر فرز الأصوات تصدره وحزبه لائحة الفائزين لتشكيل الائتلاف الحاكم المقبل، مما قد يجعله رئيس وزراء هولندا قريبا.
ويبدو أن استطلاع الرأي الذي كشف عن فوزه الساحق، فاجأ حتى السياسي المخضرم فيلدرز، البالغ من العمر 60 عاما، بحسب ما أفادت وكالة أسوشيتد برس.
وفي أول رد فعل له، نشره عبر مقطع فيديو على منصة “إكس”، فتح فيلدرز ذراعيه، ووضع وجهه بين يديه وقال ببساطة “35!”، في إشارة إلى عدد المقاعد التي توقع استطلاع للرأي أن يفوز بها حزبه “الحرية” في مجلس النواب، المؤلف من 150 مقعدا.
ويعتبر فيلدرز من أشهر المشرعين الهولنديين، حيث أمضى 25 عاماً من حياته عضواً في البرلمان الهولندي، وذلك ضمن صفوف المعارضة.
ومن المقرر أن يصبح فيلدرز المشرع الأطول خدمة في البرلمان الهولندي في وقت لاحق من هذا العام، حيث كان عضوًا في مجلس النواب منذ عام 1998، في البداية عن حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية الذي ينتمي إلى يمين الوسط، قبل ترك الحزب وتأسيس حزبه “الحرية”.
وبحسب “أسوشيتد برس”، كانت المرة الوحيدة التي اقترب فيها فيلدرز من الحكم كانت عام 2010، حين دعم الائتلاف الأول الذي شكله رئيس الوزراء، مارك روته.
وحينها لم ينضم فيلدرز رسميا إلى الائتلاف، وأسقطه بعد 18 شهرا فقط من توليه منصبه، في نزاع بشأن تدابير التقشف المتخذة.
ومنذ ذلك الحين، تجنبته الأحزاب الرئيسية، “لكنها لا تستطيع اليوم”، وفقاً لوكالة الأنباء الأميركية.
وقال فيلدرز لأنصاره المحتفلين بفوزه في حانة صغيرة في إحدى ضواحي لاهاي، التي تسكنها الطبقة العاملة الهولندية، إنه ما عاد بالإمكان تجاهل حزب “الحرية” من قبل أي حزب، بعدما بات في موقع رائع بحصوله على 37 مقعدًا، وأضاف أن حزبه من هذا الموقع “يريد أن يتعاون مع الأحزاب الأخرى”.
النائب الهولندي فيلدرز يعرض رسوما للنبي محمد
عرض النائب الهولندي غيرت فيلدرز رسوم كاريكاتير عن النبي محمد على التلفزيون الرسمي، في خطوة هاجمها الأزهر ووصف النائب بأنه صاحب “خيال مريض”.
ويشكل عدد المقاعد التي فاز بها حزب “الحرية” أكثر من ضعف ما حققه في الانتخابات السابقة، متفوقا على معارضيه، وفق نتائج شبه مكتملة.
مناهض للإسلام.. ومهدد بالقتل
من المعروف عن هذا السياسي الشعبوي، مواقفه اليمينية المتطرفة، ومناهضته للإسلام، وخطابه الناري اللاذع ضد اللاجئين، وسبق أن أدين بإهانة المغاربة، مما عرضه لتهديدات بالقتل.
وأوضحت”أسوشيتد برس” أن “إجراءات الأمنية مشددة” كانت تحيط بالمشرع الهولندي اليميني، خلال التصويت يوم الأربعاء، في قاعة مدينة لاهاي، حيث كان فيلدرز محاطًا بحراس أمن أقوياء البنية يقومون بعمليات تفتيش بحثًا عن أي تهديدات محتملة.
ويعيش فيلدرز تحت حماية، متنقلاً من منزل آمن إلى آخر، على مدى ما يقارب عقدين من الزمن. وسبق له أن مثل أمام محكمة كضحية لتهديدات بالقتل، وتعهد بعدم السماح بإسكاته أبدًا.
وفي عام 2009، رفضت الحكومة البريطانية السماح له بزيارة البلاد، معتبرة أنه يشكل تهديدًا “للوئام المجتمعي وبالتالي الأمن العام”.
وكان فيلدرز قد تلقى دعوة لزيارة بريطانيا من قبل أحد أعضاء المجلس الأعلى بالبرلمان، مجلس اللوردات، لعرض فيلمه الذي تبلغ مدته 15 دقيقة بعنوان “فتنة”، والذي ينتقد القرآن.
وأثار الفيلم احتجاجات عنيفة في جميع أنحاء العالم الإسلامي عام 2008 لربطه آيات قرآنية بلقطات لهجمات إرهابية.
ولاحقا، خفف فيلدرز من حدة خطابه المناهض للإسلام، من أجل استمالة الناخبين، وسعى بدلاً من ذلك إلى التركيز بدرجة أقل على ما يسميه “نزع الأسلمة” عن هولندا، وبدرجة أكبر على معالجة القضايا الساخنة، مثل نقص المساكن وارتفاع تكلفة السكن، والأزمة المعيشية، والحصول على رعاية صحية جيدة.
ومع ذلك، لم يخلُ برنامج حملته الانتخابية من الدعوة لإجراء استفتاء على خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي، و”وقف اللجوء” و”منع المدارس الإسلامية والمصاحف والمساجد”، على الرغم من أنه تعهد، ليلة الأربعاء، بعدم انتهاك القوانين الهولندية أو دستور البلاد الذي يكرس حرية التعبير والاعتقاد.
ويعتبر فيلدرز مؤيداً قوياً لدولة إسرائيل ومؤيد لنقل سفارة هولندا إلى القدس، مقابل إغلاق البعثة الدبلوماسية الهولندية في رام الله، الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
وأثار فوزه مخاوف كبيرة في هولندا، لاسيما لدى الأحزاب اليسارية، التي نظمت، الخميس، تظاهرات احتجاجاً على فوزه، حيث تجمع نحو ألف شخص في مدينة أوتريشت غربي هولندا. وكانت هذه التظاهرة واحدة من احتجاجين مقررين مساء الخميس- حيث جرى تنظيم مسيرة “ضد الفاشية” في أمستردام.
حزب يميني مناهض للمسلمين يفوز بالانتخابات التشريعية في هولندا
تصدر الحزب اليميني المتطرف المناهض للإسلام بزعامة، غيرت فيلدرز، الانتخابات التشريعية التي جرت في هولندا الأربعاء، وفق ما أظهرت استطلاعات الرأي لدى خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع، في فوز كبير يهدد بإحداث زلزال سياسي ليس في هولندا فحسب بل في أوروبا بأسرها وربما أبعد منها.
وقال أعضاء أحزاب يسارية أن هذه التحركات “هدفها الإظهار للهولنديين أننا لن نترك أحدا في وضع حرج أبدا، ونناضل من أجل حقوق الجميع”، بحسب المنظمين.
وحلت كتلة اليسار خلف حزب فيلدرز بفارق كبير، حيث حصلت على 25 مقعدا، في مقابل حصول حزب اليمين الوسط على 24 مقعدا، وهي نتيجة كارثية لحزب رئيس الوزراء المنتهية ولايته مارك روته، بحسب فرانس برس.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن جودي كرغولي، وهي طالبة صحافة سورية عمرها 25 عاما، قولها إن الفوز الذي حققه فييلدرز قد ولّد لديها “الكثير من الخوف، لأن حزب الحرية حزب عنصري بشكل علني ويرغب في خفض أسلمة هولندا”.
وأشارت إلى أن العديد من أصدقائها لاجئون يحملون تصاريح إقامة ويخافون على مستقبلهم، حيث سبق أن أكد حزب الحرية على وجوب إلغاء تصاريح الإقامة لأن “أنحاء من سوريا أصبحت الآن آمنة”.
وتابعت الشابة السورية: “أنا شخصيا جئت من سوريا وأعرف معنى الفرار من الحرب إلى بلد آمن، لكن لم أعد أشعر بالأمان الآن لأن عددا كبيرا من الهولنديين يريدون رحيلنا”.
من جانبه، قال حبيب القدوري، الذي يقود منظمة هولندية تمثل المغاربة الهولنديين، إن “الضيق والخوف هائلان”.
وأضاف: “فيلدرز معروف بأفكاره حول المسلمين والمغاربة. ونخشى أن يصورنا كمواطنين من الدرجة الثانية”، بحسب صحيفة “غارديان” البريطانية.
دافع “قاري” لليمين المتطرف
ويشكل فوز فيلدرز دافعاً قوياً لأحزاب اليمين المتطرف في مجمل أنحاء أوروبا. وقالت “أسوشيتد برس” إن فوز المشرع الهولندي “سيسرع المحرك الانتخابي لليمين المتشدد في أوروبا”، بعد ما وصفته بـ “النكسة الكبرى” لليمين المتشدد التي شهدتها بولندا الشهر الماضي.
وبحسب الوكالة، توالت التهاني، الخميس، من جميع الجهات، حيث يتمتع اليمين المتطرف ببعض النفوذ في القارة (أوروبا) بعد الفوز غير المتوقع والذي وصفته بـ “الهائل”.
وخيّم الأمل مرة أخرى على الشعبويين القوميين المحافظين، خاصة مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو المقبل.
وقالت أليس فايدل، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتطرف، خلال تهنئتها لفيلدرز، إن “الأمل بات يفوق اليقين” مضيفة أن “أوروبا كلها تريد تحولا سياسيا”.
وبعد هذا الفوز، يأمل اليمين المتطرف، بأن يمضي قدمًا في قارة أوروبا، حيث أدت الحرب الروسية في أوكرانيا، والهجرة الفوضوية والقاتلة على حدودها، وانتشار الفقر بسبب التضخم، إلى التأثير على اختيارات الناخبين، وتحويل أي انتخابات إلى اختبار صعب حيث تكون النتيجة غير مؤكدة أبدًا.
ووسع حزب “البديل من أجل ألمانيا”، اليميني المتطرف، الشهر الماضي، من قاعدته الشعبية المهيمنة في شرق المانيا، الشيوعي سابقًا، وذلك من خلال تقديم عرضين قويين في الغرب.
وقد وضعت استطلاعات الرأي الأخيرة الحزب في المركز الثاني على مستوى البلاد بدعم يبلغ حوالي 20 بالمئة، أي حوالي ضعف شعبيته، عما كانت عليه خلال الانتخابات الفيدرالية 2021.
وفي وقت سابق، كانت سلوفاكيا قد تحولت بالفعل إلى شعبوية مع فوز حزب “سمير” الذي يتزعمه، روبرت فيكو، في الانتخابات العامة وتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب قومي متطرف.
وكانت الآمال كبيرة في أن يؤدي التصويت في بولندا في أواخر أكتوبر إلى تعزيز هذا الارتفاع، لكن حزب “القانون والعدالة” المتطرف خسر السيطرة على الحكومة البولندية لصالح ائتلاف معتدل.
خروج صعب
وذكّرت وكالة أسوشيتد برس بحالة مارين لوبان في فرنسا، التي كانت تحلم بالإمساك بالسلطة لأكثر من عقد من الزمان، وأضافت “هي ترى الآن أن المثابرة يمكن أن تؤتي ثمارها. وهي سعيدة بوجود حليف قوي آخر لديه كراهية مماثلة للاتحاد الأوروبي”.
وقالت لوبان، الخميس، لراديو فرانس-إنتر، بشأن فوز فيلدرز “هذا يظهر أن المزيد والمزيد من الدول داخل الاتحاد الأوروبي تعارض الطريقة التي يعمل بها.. ونأمل أن نتمكن مرة أخرى من السيطرة على الهجرة التي يعتبرها العديد من الأوروبيين ضخمة وفوضوية”.
الخلافات بشأن الهجرة تطيح الائتلاف الحكومي في هولندا
أعلن رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، مساء الجمعة، تقديم استقالة حكومته بعد انهيار الائتلاف الحاكم منذ عام ونصف عام جراء خلافات بين أركانه على الإجراءات اللازمة للحد من الهجرة.
وباعتبارها عضوًا مؤسسًا في الاتحاد الأوروبي، ورابطًا تجاريًا حيويًا بين العديد من أقوى دوله، فقد تواجه هولندا مشكلات في الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويدعو فيلدرز إلى إجراء استفتاء على “الخروج”، و ذلك على غرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وبطبيعتها، تعتمد السياسة الهولندية على التحالفات بين عدة أحزاب، ولم يحذ أي حزب آخر حذو فيلدرز في ذلك، بحسب وكالة الأنباء الأميركية.
وفي هذا الصدد، قال البروفيسور هندريك فوس من جامعة غينت، والخبير في سياسات الاتحاد الأوروبي، عن فيلدرز: “لا يمكنه أبداً أن يحكم بمفرده، ولا أستطيع أن أتخيل أي نوع من الأغلبية الائتلافية التي قد تختار المواجهة مع أوروبا”.
وأضاف في تصريحات لأسوشيتد برس، أن “هولندا لديها الكثير على المحك في سوق الاتحاد الأوروبي. إنه أمر لا يمكن تصوره”.
ويبقى التحدي الذي سيواجه فيلدرز في قدرته على تشكيل ائتلاف مستقر مع خصومه السياسيين السابقين، حيث يتعين عليه إقناع الأحزاب الأخرى بالانضمام إليه لتشكيل ائتلاف يضمن تأييد 76 عضواً في البرلمان المؤلف من 150 مقعداً.
وعبّر فيلدرز في تصريحات صحفية، عن استعداده للتفاوض والوصول إلى تفاهمات مع الأحزاب الأخرى، لتشكيل حكومة برئاسته.